الطعنين 13313 ، 13460 لسنة 80 ق جلسة 12 / 5 / 2015
باسم الشعب
محكمــة النقــض
الدائرة التجارية والاقتصادية
ـــ
برئاسة السيـد القاضـى / عبد المنعم دسوقى نائـب رئيس المحكمة
وعضوية السـادة القضاة/ محمــــــد القاضـى ، صـــــلاح عصمـــــت
شحاتــــه إبراهيــــــم نواب رئيس المحكمة
وأحمد العزب .
وبحضور السيد رئيس النيابة / عمر زايط .
والسيد أمين السر/ عبد الحكيم عامر عبد الخالق .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بالقاهرة .
فى يوم الثلاثاء 23 من رجب سنة 1436هـ الموافق 12 من مايو سنة 2015م .
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعنين المقيدين فى جدول المحكمة برقمى 13313 ، 13460 لسنة 80 قضائية .
أولاً : الطعن رقم 13313 لسنة 80 ق :ــــــ
المرفوع من :
ــــــ الممثل القانونى لشركة ناشيونال جاس . ومقرها 16 شارع نهرو – مصر الجديدة بالقاهرة .
حضر عنها الأستاذان / ……. المحاميان عن الأستاذ / د . …… المحامى .
ضـــد
ــــــ الممثل القانونى للهيئة المصرية العامة للبترول . والكائن مركز إدارتها بشارع فلسطين – المعادى الجديدة بالقاهرة .
لم يحضر عنها أحد .
الـوقــائـع
بتاريخ 20/7/2010 طُعن بطريـق النقـض فـى حكـم محكمة استئنــــاف القاهرة الصادر بتاريخ 27/5/2010 فـى الاستئنـاف رقم 111 لسنة 126 ق ، وذلك بصحيفـة طلـبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضـــوع بنقـض الحكم المطعون فيه ، وفى نفس اليــوم أودعت الطاعنة مذكرة شارحة وحافظة بمستنداتها .
وفى 25/3/2015 أعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن .
وفى 5/4/2015 أودعت المطعون ضدها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطاعن .
ثم أودعت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
وفى 28/4/ 2015 عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 12/5/2015 وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة . حيث صمم محامى الطاعنة والنيابة العامة كل علــــــــى ما جـــــــــاء بمذكـرتـه ، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى آخر الجلسة .
ثانياً : الطعن رقم 13460 لسنة 80 ق :ــــــ
المرفوع من :
ــــــ الممثل القانونى لشركة ناشيونال جاس . ومقرها 16 شارع نهرو – مصر الجديدة بالقاهرة .
حضر عنها الأستاذ / ….. المحامى عن الأستاذ / د . …….المحامى .
ضـــد
ــــــ الممثل القانونى للهيئة المصرية العامة للبترول . ومقرها بشارع فلسطين – المعادى الجديدة بالقاهرة . لم يحضر عنها أحد .
الـوقــائـع
بتاريخ 22/7/2010 طُعن بطريـق النقـض فـى حكـم محكمة استئنــــاف القاهرة الصادر بتاريخ 27/5/2010 فـى الاستئنـاف رقم 111 لسنة 126 ق ، وذلك بصحيفـة طلـبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضـــوع بنقـض الحكم المطعون فيه ، وفى نفس اليــوم أودعت الطاعنة مذكرة شارحة وحافظة بمستنداتها .
وفى 25/3/2015 أعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن .
وفى 5/4/2015 أودعت المطعون ضدها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطاعن .
ثم أودعت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
وفى 28/4/ 2015 عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 12/5/2015 وبها قررت المحكمة ضم هذا الطعن للطعن رقم 13313 لسنة 80 ق ليصدر فيهما حكم واحد.
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقريـر الـذى تـلاه السيـد القاضى المقــرر / …….. ، والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعـون فيه وسائـر الأوراق – تتحصل فى أن الهيئة المطعون ضدها في الطعنين أقامت أمام محكمة استئناف القاهرة الدعوى رقم 111 لسنة 126 ق على الشركة الطاعنة فيهما بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ حكم التحكيم رقم 567 لسنة 2008 الصادر من مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى بتاريخ 12 من سبتمبر سنة 2009 لحين الفصل في الموضوع ، وفى الموضوع ببطلان حكم التحكيم سالف البيان . وقالت بياناً لذلك أن الطاعنة لجأت إلى التحكيم بناء على شرط التحكيم المنصوص عليه في العقد المبرم بينهما بتاريخ 6 من يناير سنة 1999 والذى التزمت الأخيرة بموجبه بتوصيل الغاز الطبيعى إلى بعض المناطق بمحافظة الشرقية ، فأصدرت هيئة التحكيم حكمها ، وإذ شاب هذا الحكم البطلان لعدم موافقة وزير البترول على شرط التحكيم قبل اللجوء للتحكيم فقد أقامت الدعوى ببطلانه . وبتاريخ 27 من مايو سنة 2010 قضت المحكمة ببطلان حكم التحكيم الصادر في الدعوى التحكيمية رقم 567 لسنة 2008 تحكيم مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى الصادر بتاريخ 12 من سبتمبر سنة 2009 . طعنت الشركة الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمى 13313 ، 13460 لسنة 80 ق ، وقدمت النيابة مذكرة في كل طعن أبدت فيهما الرأى برفض الطعن ، وإذ عُرِض الطعنان على هذه المحكمة فى غرفة مشورة ، حددت جلسة لنظرهما ، وفيها ضمت الطعن الثانى إلى الأول ، والتزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعنين قد أقيم كل منهما على سببين من عدة وجوه ، تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول منها في الطعن الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ، إذ قضى ببطلان حكم التحكيم موضوع النزاع لبطلان شرط التحكيم الوارد في الاتفاقية الأصلية المبرمة بين طرفى التداعى بتاريخ 6 من يناير سنة 1999 لعدم موافقة وزير البترول عليه ، في حين أنه وافق على هذه الاتفاقية وفقاً للإضافة رقم (2) المدونة بها وكذا الإضافة رقم (1) الموقعة في 29 من إبريل سنة 2001 باعتماده للتنازل عن الاتفاقية بما تضمنته من بنود ومنها شرط التحكيم من الهيئة المطعون ضدها إلى الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية ، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ، ذلك بأن الشارع ـــــ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ــــ عدَّ من الإجراءات الجوهرية فى الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن فى المواعيد التى حددها القانون . وإذ لم تقدم الطاعنة رفق طعنها الاتفاقية المبرمة بينها وبين الهيئة المطعون ضدها بتاريخ 6 من يناير سنة 1999 حتى يمكن التحقق من تضمنها إضافتين مثبت بهما موافقة وزير البترول واعتماده شرط التحكيم ، إعمالاً لحكم المادة 255 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المعدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007 ، فإن النعى على الحكم المطعون بهذا الوجه يكون مفتقراً لدليله ومن ثم غير مقبول .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من السبب الأول من سببى الطعن الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ، إذ أهدر حجية الأمر المقضى لحكم التحكيم رقم 567 لسنة 2008 الصادر من مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى مخالفاً بذلك نص المادة 55 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ، وقضى ببطلانه ، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك بأن التحكيم طريق استثنائى لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضى العادية ، ولئن كان فى الأصل وليد إرادة الخصوم إلا أن أحكام المحكمين – شأن أحكام القضاء – تحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدورها وتبقى هذه الحجيـة طالما بقى الحكم قائماً ولم يقض ببطلانه – وهو ما أكدته المادة 55 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية ، وكانت المادة 53 من ذات القانون تقضى ببطلان حكم التحكيم وقبول الدعوى بذلك في الحالات التى عددتها ومن بينها ما أوردته في الفقرة (ز) منها من وقوع بطلان في حكم التحكيم أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثر في الحكم . لما كان ذلك ، وكانت الهيئة المطعون ضدها قد أقامت الدعوى المطروحة بطلب بطلان حكم التحكيم موضوع النزاع لأسباب عددتها في صحيفة دعواها ومنها بطلان شرط التحكيم لعدم موافقة الوزير المختص عليه وهو ما يندرج في مفهوم الفقرة (ز) من المادة 53 سالفة البيان التى تجيز الالتجاء إلى دعوى بطلان حكم المحكمين ، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى بطلان شرط التحكيم لهذا السبب ورتب على ذلك قضاءه ببطلان حكم التحكيم فإنه لا يكون قد أهدر حجيته وإنما قضى بالبطلان لتحقق إحدى الحالات التى تستوجب القضاء ببطلانه ، ويضحى النعى على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الأول من سببى الطعن الأول والسبب الأول من سببى الطعن الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ، وفى بيان ذلك تقول إن إبرام الرئيس التنفيذى للهيئة المطعون ضدها للعقد موضوع النزاع معها متضمناً شرط التحكيم لا يوجب موافقة وزير البترول على هذا الشرط ، كما أن استيفاء تلك الموافقة هى مسئولية المطعون ضدها وحدها ومن ثم يجب إعمال آثار شرط التحكيم واعتباره صحيحاً مراعاة لحسن نيتها وإعمالاً لنظرية الوضع الظاهر ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان حكم التحكيم موضوع النزاع تأسيساً على بطلان شرط التحكيم الوارد في العقد لعدم موافقة وزير البترول عليه ، مفسراً نص الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون التحكيم على نحو مخالف للقواعد القانونية لتفسير النصوص التشريعية ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك بأن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن تفسير النصوص القانونية المراد تطبيقها على واقعة الدعوى المطروحة على المحكمة هو من صميم عملها وأولى واجباتها للوصول إلى معرفة حكم القانون فيما هو معروض عليها ، وأن إعمال التفسير اللغوى أو اللفظى للنص باستنباط المعنى الذى أراده الشارع من الألفاظ والعبارات التى يتكون منها النص سواءً من عبارته أو إشارته أو دلالته فإذا تعذر على القاضى الوقوف على قصد المشرع عن طريق التفسير اللغوى فقد تعينه على الكشف عن هذا القصد عناصر خارجية أى غير مستمدة من الدلالات المختلفة للنص كالأعمال التحضيرية والمصادر التاريخية والحكمة من النص والجمع بين النصوص ، وأن العبرة في تفسير النصوص هى بالمقاصد والمعانى لا بالألفاظ والمبانى ، فإن التعرف على الحكم الصحيح في النص يقتضى تقصى الغرض الذى رمى إليه والقصد الذى أملاه ، فالأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها ومن ثم لا يجوز إهدار العلة ، وهى الوصف الظاهر المنضبط المناسب للحكم للأخذ بحكمة النص وهو ما شرع الحكم لأجله من مصلحة أريد تحقيقها أو مفسدة أريد رفعها ، ومن المقرر أنه وإن خلا التقنين المدنى من تحديد المقصود بالنظام العام ، إلا أن المتفق عليه أنه يشمل القواعد التى ترمى إلى تحقيق المصلحة العامة للبلاد سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية والتى تتعلق بالوضع الطبيعى المادى والمعنوى لمجتمع منظم وتعلو فيه على مصالح الأفراد – فيجب على الجميع مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها ولا يجوز لهم أن يناهضوها باتفاقات فيما بينهم حتى لو حققت هذه الاتفاقات لهم مصالح فردية باعتبار أن المصلحة الفردية لا تقوم أمام المصلحة العامة وسواء ورد في القانون نص يحرمها أو لم يرد – وهى فكرة نسبية فالقاضى فى تحديد مضمونها مقيد بالتيار العام السائد بشأنها فى بلده وزمانه ، مما تعتبر معه مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض وفى ذلك ضمانة كبرى لإقامة هذا التحديد على أسس موضوعية ، وكان قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 قد خوَّل بنص الفقرة الثانية من المادة 53 منه للمحكمة التى تنظر دعوى البطلان سلطة القضاء ببطلان حكم التحكيم من تلقاء ذاتها ، إذا تضمن الحكم ما يخالف النظام العام فى مصر، وقد تحدث المخالفة بسبب ما ينص عليه القانون بالنسبة للعملية التحكيمية ، وقد تكون المخالفة هى فقط القضاء بما يخالف النظام العام فى مصر، فلا يكفى مخالفة الحكم لقاعدة آمرة فى القانون المصرى .
لما كان ذلك ، وكان النص في الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 المضافة بالقانون رقم 9 لسنة 1997 على أنه ” وبالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة ، ولا يجوز التفويض في ذلك ” يدل – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع تعديل بعض أحكام قانون التحكيم وتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن هذا التعديل – أنه رغبة في حسم الخلاف حول مدى جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية بنص فاصل لا تتوزع الآراء معه وتلتقى عنده وتستقر كل الاجتهادات جاء التعديل بالإضافة على المادة الأولى من قانون التحكيم سالف الذكر بنص يقرر صراحة جواز الاتفاق على التحكيم في منازعات العقود الإدارية ، ويحدد السلطة الإدارية التى يرخص لها بإجازة مثل هذا الاتفاق واعتماده ، ضبطاً لاستعمالها وضماناً لوفاء اتفاق التحكيم عندئذٍ باعتبارات الصالح العام ، وبحيث يكون المرد في هذا الشأن للوزير المختص أو من يمارس اختصاصاته في الأشخاص الاعتبارية العامة التى لا تتبع وزيراً كالجهاز المركزى للمحاسبات ، وإحكاماً لضوابط الالتجاء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية حظر مشروع القانون التفويض في ذلك الاختصاص فلا يباشره إلا من أوكل له القانون هذه المهمة ، إعلاءً لشأنها وتقديراً لخطورتها ولاعتبارات الصالح العام وباعتبار أن الوزير يمثل الدولة في وزارته . ومفاد ذلك هو وجوب موافقة الوزير المختص على الاتفاق على التحكيم في منازعات العقود الإدارية أو موافقة من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة وليست الهيئات العامة التى تتبع الوزير ويحظر التفويض في ذلك الاختصاص ، وترتيباً على ذلك فإن صحة أو بطلان شرط التحكيم القائم على مدى حصول موافقة الوزير المختص دون غيره عليه هى من القواعد المتعلقة بالنظام العام باعتبارها قد شرعت لمصلحة عامة بما يحق معه التمسك بالبطلان لطرفى التعاقد حال تخلفها .
لما كان ذلك ، وكان الواقع في الدعوى – حسبما حصله الحكم المطعون فيه – أن الهيئة المطعون ضدها تعاقدت مع الشركة الطاعنة بتاريخ 6 من يناير سنة 1999 على توصيل الغاز الطبيعى إلى المناطق السكنية والتجارية والصناعية ومحطات القوى بمحافظة الشرقية وقد تضمن هذا العقد من الشروط وتوافر له مقومات تكييفه بأنه عقد إدارى – بلا خلاف بين طرفيه – واتُفِق فيه على حسم المنازعات التى تنشأ بينهما عن تطبيقه عن طريق التحكيم ، وإذ كانت الهيئة المطعون ضدها وفقاً لقانون إنشائها رقم 20 لسنة 1976 وقرار رئيس الجمهورية رقم 164 لسنة 2007 بتشكيل مجلس إدارتها تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة إلا أنها تمارس اختصاصات محددة لا تملك فيها سلطة وزير البترول إذ أن قرارتها خاضعة لإشرافه ورقابته ومن ثم فلا يتمتع الرئيس التنفيذى للهيئة بسلطات الوزير بالمعنى المقصود بالفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون التحكيم ، وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على موافقة وزير البترول على شرط التحكيم الوارد بالعقد أو اعتماده وإجازته فإن هذا الشرط يكون قد وقع باطلاً . وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان حكم التحكيم المستند إلى شرط التحكيم الوارد بالعقد المبرم بين طرفى التداعى تأسيساً على بطلان الاتفاق على التحكيم لعدم موافقة وزير البترول عليه فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى النعى عليه على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى من سببى الطعنين على الحكم المطعون فيه البطلان للقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، وفى بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أن الموافقة على شرط التحكيم الوارد في اتفاقية توصيل الغاز المبرمة مع الهيئة المطعون ضدها تُستفاد ضمناً من حضور وزير البترول لمراسم توقيع العقد ، وكذا صدور حكمين لصالحها في التحكيمين رقمى 400 لسنة 2004 و 490 لسنة 2006 من مركز القاهرة الإقليمى بشأن نزاعين آخرين عن ذات العقد وقامت الهيئة بتنفيذهما دون أن تتمسك ببطلانهما لعدم موافقة وزير البترول على شرط التحكيم ، فضلاً عن استمرار الهيئة المطعون ضدها في تنفيذ الاتفاقية حتى الآن ، وهو ما يعد قبولاً ضمنياً منها لشرط التحكيم وملزماً لها ويمنعها من التمسك ببطلانه ، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع الجوهرى المؤيد بالمستندات فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك بأن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن استخلاص الإجازة الضمنية للعقد والقبول الضمنى وعدمها من المسائل الموضوعية التى تستقل بها محكمة الموضوع بشرط أن يكون بيانها سائغاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعنة الوارد بسببى الطعنين وخلص إلى عدم صدور إجازة ضمنية أو قبول ضمنى من جانب وزير البترول لشرط التحكيم الوارد فى العقد المبرم بين طرفى التداعى واللذين يقع على عاتقهما إبرامه وفق صحيح القانون لكون الخطاب التشريعى بوجوب موافقة الوزير المختص على شرط التحكيم فى منازعات العقود الإدارية موجه إلى طرفى التعاقد وأن تنفيذ الاتفاق تم من جانب الهيئة المطعون ضدها وليس الوزير المختص والذى لا يصح هذا الشرط إلا بموافقته ، وكان هذا الاستخلاص سائغاً له مأخذه الصحيح من الأوراق بما يكفى لحمله ، فلا يعيب الحكم إغفاله لبعض مستندات الطاعنة أو عدم رده عليها ما دام أنها غير مؤثرة فى الدعوى ، ومن ثم يكون النعى بهذين السببين جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى غير مقبول .
لـذلك
رفضت المحكمة الطعنين ، وألزمت الطاعنة المصروفات ، مع مصادرة الكفالة .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً