بطلان القرار الإداري وانعدامه:
من المقرر في قضاء هذا المحكمة أن القرار الإداري باعتباره إفصاح الجهة الإدارية المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون من إرادة ملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث اثر قانوني معين يكون ممكنا وجائزاً قانوناً أبتغاء مصلحة عامة، وهو بهذه المثابة متى استكمل جميع المراحل التي تلزم قانوناً في هذا الصدد فإنه يولد أثره القانوني حالاً ومباشرة ولا يجوز لذي الشأن أن يتحلل من قوته الملزمة إلا عن طريق طلب إلغائه بالإجراءات وفي المواعيد المقررة قانوناً، وكان القرار الإداري المعدوم هو مالحقه عيب مفرط في الجسامة بحيث يجرده من صفته كقرار إداري وينحدر به إلى مرتبه العمل المادي البحث، أما إذا كان العيب الذي يشوب القرار مجرد مخالفة القانون فإنه لا يصمه بالبطلان ولا ينحدر به إلى الانعدام طالما أنه ليس منعدم المحل.
(الطعن 241/2001 إداري جلسة 25/3/2002)
إذ كان المشرع لم يستلزم إتباع إجراءات محددة أو شكل معين في التحقيق الذي تجريه جهة الإدارة، إلا أنه يشترط أن تتوافر كافة المقومات الأساسية للتحقيق القانوني السليم باعتباره من أهم الضمانات في مجال التأديب، فإذا افتقدها أضحى الأمر وكأنه لم يتم ذلك التحقيق ما يؤثر على القرار أو القرارات التأديبية الصادرة بناء عليه ويصمها بالبطلان لصدورها غير مستخلصة استخلاصا سائغاً من الأوراق، فالتحقيق بصفة عامة يعنى الفحص والبحث والتقصي الموضوعي والمحايد والنزيه لاستبيانه وجه الحقيقة واستجلائها فيما يتعلق بصحة حدوث وقائع محددة ونسبتها إلى أشخاص محددين وذلك لوجه الحق والصدق والعدالة، واستظهار وجه الحقيقة في أمر اتهام موجه إلى إنسان لا يتسنى إلا لمن تجرد من أية ميول شخصية إزاء من يجرى التحقيق معهم سواء كانت هذه الميول لجانبهم أو كانت في مواجهتهم، إذ أن هذا التجرد هو الذي يحقق الحيدة والنزاهة والموضوعية التي تقود مسار التحقيق في مجرى غايته الحق والحقيقة والصالح العام الذي لا يتحقق إلا إذا ثبت لكل من يميل للحقيقة أنه تجرد لوجه الحق والعدل والقانون في حماية ضمير يحكم سلوك المحقق بأن يكون موجها في اتجاه استظهار الحقيقة أياً كان موقعها، فإذا ما أفتقد التحقيق أياً من تلك القواعد والضمانات الأساسية الواجب توافرها فيمن يقوم بإجرائه، بات التحقيق باطلاً وغير منتج لآثاره القانونية، وتضحي جميع التصرفات والقرارات التأديبية الصادرة بناء عليه باطلة كذلك.
(الطعن 623/2001 إداري جلسة 8/4/2002)
من المقرر أنه إذا ناط التشريع بسلطة من السلطات الإدارية اختصاصا معيناً بنص صريح فلا يجوز لغيرها أن تتصدى لهذا الاختصاص وتحل فيه محل صاحبة الاختصاص إلا بناء على حكم القانون أحالة أو تفويضا وإلا كان المتصدي مغتصباً للسلطة، ذلك أن الأصل أن يباشر صاحب الاختصاص المهام المخولة له قانوناً ما لم يبح له القانون لاعتبارات معينة أن يفوض غيره في مباشرتها، وفي هذه الحالة فإن التفويض- وهو استثناء من الأصل العام- يجب أن يكون صريحا واضحا ولا يجوز افتراضه ضمناً. لما كان ذلك، وكان النص في المادة 56 من المرسوم في شأن نظام الخدمة المدنية على أن ” تكون إحالة الموظفين من شاغلي مجموعة الوظائف القيادية والعامة إلى التحقيق بقرار من الوزير….” والمادة الخامسة من المرسوم بالقانون رقم 116 لسنة 1992 في شأن التنظيم الإداري وتحديد الاختصاصات والتفويض فيها على أن ” للوزير أن يعهد ببعض اختصاصاته المخولة له بمقتضى القوانين واللوائح إلى المحافظين…..كما يجوز للوزير أن يعهد ببعض هذه الاختصاصات إلى: أ- وكيل الوزارة أو وكيل الوزارة المساعد..: والمادة السابعة منه على أن ” يجوز لوكيل الوزارة أن يعهد ببعض اختصاصاته إلى وكيل الوزارة المساعد وللوكيل المساعد أن يفوض بعض اختصاصاته المخولة له بالقوانين واللوائح إلى مديري الإدارات ” والمادة الثامنة من ذات القانون على أن ” يكون للجهة التي فوض إليها الاختصاص وفقاً للبندين أ و ب من المادة 5 أو المادة 7 من هذا القانون أن تفوض الجهة الأدنى منها في مباشرته إذا أذنت لها الجهة التي فوضتها في ذلك وعلى أن يكون هذا التفويض في الحدود التي يقررها الوزير المختص وفقاً لمقتضيات مصلحة العمل ” والمادة التاسعة من القانون على أن ” يصدر التفويض ويلغى بقرار كتابي من الجهة المفوضة…..” يدل على أن إحالة شاغل مجموعة الوظائف العامة- كشأن المطعون ضدها- لا يكون في الأصل إلا بقرار من الوزير المختص ولا يجوز أن يضطلع بهذا الاختصاص أي من وكيل الوزارة أو وكيل الوزارة المساعد أو مديري الإدارات أو من في حكمهم إلا إذا صدر بذلك قرار كتابي صريح من الجهة المفوضة وفي الحدود التي يقررها الوزير وفقاً لمقتضيات مصلحة العمل، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد تفويض مدير مستشفى الصباح أو نائبه في اختصاص إحالة الموظفين شاغلي مجموعة الوظائف العامة إلى التحقيق من الجهة التي تملك التفويض قانوناً، لا يغير من ذلك النص في البند سابعا من الهيكل التنظيمي لمستشفى المنطقة الصادر بقرار وزير الصحة رقم 146 لسنة 1980 على اختصاص مدير المستشفى ومساعده في حالة غيابه بإحالة العاملين بالمستشفى للتحقيق في المخالفات الفنية والإدارية التي قد تقع منهم أثناء العمل واقتراح الجزاء الذي يراه مناسبا، ذلك أن البين من صريح نص المادة الأولى من هذا القرار أنه يسرى على مستشفيات معينة هى مستشفيات الفروانية والعدان والجهراء فحسب ولم يشمل القرار مستشفى الصباح فتكون خارجة عن نطاق سريانه ومن ثم فإن قرار إحالة المطعون ضدها إلى التحقيق من مدير مستشفى الصباح أو نائبه يكون قد صدر ممن لا يملك إصداره فيلحقه عيب عدم الاختصاص مما يترتب عليه بطلانه وبطلان كل الإجراءات التي صدرت بناء عليه بما فيها قرار مجازاتها المطعون عليه، لأن ما بنى على باطل فهو باطل، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإنه يكون بمنجاة من البطلان.
(الطعن 238/2001 إداري جلسة 29/4/2002)
من المقرر أن القرار الإداري كما يبطل لعيب في الشكل إذا نص القانون على البطلان صراحة عند إغفال الإدارة اتخاذ إجراء ألزمها به قبل إصداره، فإنه يبطل كذلك في حالة عدم النص على البطلان إذا ما كان الإجراء الذي لم تتخذه الإدارة هو إجراء جوهري في ذاته، بأن كان يترتب على إغفاله تفويت مصلحة عنىَّ المشرع بتأمينها، سواء للمصلحة العامة أو لصالح الأفراد، ومن المقرر في هذا الصدد أنه إذا كان هذا الإجراء مقرراً للصالح العام فإنه لا يصححه قبول الأفراد ذوي الشأن أو عدم إثارتهم إياه. لما كان ذلك، وكان النص في المادة 13 من لائحة نظام المقررات الصادرة بقرار وزير التربية والتعليم العالي رقم 21 لسنة 1986 والمعدلة بقراره الصادر في 16/5/2000- والواردة تحت عنوان الإنـذارات الجامعيـة- على أن (1- ينبه خطياً الطالب… الحاصل على معدل عام يقل عن 1.5 نقطة في نهاية الفصل الدراسي الأول من التحاقه بالجامعة. 2- تبدأ إنذارات الطالب في نهاية الفصل الدراسي الثاني من التحاقه بالجامعة. 3- يوضع الطالب على قائمة الإنذار إذا كان معدله العام يقل عن الحد الأدنى المطلوب… وتقوم الكلية بإبلاغ الطالب كتابة بوضعه على قائمة الإنذار في المعدل العام، ويدون في كشف درجات الطالب إنذار معدل التخصص إذا كان….)- ومفاد ذلك أن المشرع أوجب قيام الكلية بإخطار الطالب كتابة عند إخفاقه في الحصول على المعدل المطلوب بوضعه على قائمة الإنذار في المعدل العام حتى يسعى لرفع هذا المعدل إلى المعدل المطلوب خلال الفصلين الدراسيين التاليين وإلاّ تم فصله، ومن ثم يكون هذا الإخطار الكتابي إجراء جوهرياً في ذاته يترتب على إغفال الكلية اتخاذه- بالشكل الذي نصت عليه اللائحة- تفويت مصلحة جوهرية استهدفها المشرع ورغب في تأمينها لمثل ذلك الطالب، هي التأكد من أنه قد استُحث فعلاً بذلك الإنذار الكتابي ليصل إلى المعدل المطلوب، وهو ما يتصل بمصلحة عليا في المجتمع ومرفقاً هاماً فيه هو مرفق التعليم، فضلاً عن مصالح خاصة تتعلق بطلاب الجامعة، وبما لازمه عدّه إجراء جوهرياً وأساسياً يترتب على إغفال اتخاذ الإدارة له بهذا الشكل بطلان قرار الفصل التالي له، وبما لا يجوز معه الاكتفاء بتوجيهه شفاهة أو التعويل على علم الطالب بمستواه حكماً بطريق الاستنتاج. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء القرار الصادر في 24/9/2001 من كلية الهندسة والبترول جامعة الكويت بفصل نجل المطعون ضده- الطالب بالكلية- لفشله في رفع معدله العام إلى المعدل المطلوب بعد أن تم وضعه على قائمة الإنذار ثلاث مرات، وذلك استناداً من الحكم إلى عدم قيام الكلية بتوجيه الإخطار كتابة للطالب وفق ما قضى به البندان 1، 3 من المادة 13 من اللائحة المشار إليها، فإنه يكون قد وافق التطبيق الصحيح للقانون، ويكون النعي بما ورد في هذا الشأن بالوجه الأول على غير أساس. ولما كان تخلف الإخطار على النحو المشار إليه من شأنه- فضلاً عن الإخلال بالمصلحة العامة- أن يؤثر في المصلحة الخاصة للطلاب اللتين استهدفهما المشرع، وتمثلتا في ضرورة إعلام الطالب حتى يكون على بينة من أمره وليسلك طريق الجد في دراسته ويرفع معدله العام إلى المعدل المطلوب، وهو ما يتصل بموضوع القرار دون الوقوف عند حد الشكلية المجردة منه، ويرتب بالتالي الحق في التعويض عما نشأ عنه من ضرر، وبما يضحى النعي بالوجه الثاني بدوره غير صحيح.
(الطعن 227/2003 إداري جلسة 1/3/2004)
من المقرر أن القرار الإداري لا يبطل لعيب في الشكل إلا إذا نص القانون على البطلان عند إغفال الإجراء إذ لا بطلان إلا بنص، أو إذا كان الإجراء جوهرياً بحيث يترتب على إغفاله تفويت مصلحة عنى المشرع بتحقيقها. أما إذا تحققت الغاية من الإجراء فلا يجوز التمسك بالبطلان، كما أنه من المقرر أن للجهة الإدارية أن تصحح قرارها المعيب بعيب في الشكل مادام أن ذلك ليس له تأثير على مضمون القرار، وأن موجبات إصداره ما تزال قائمة، وأنه إذا كان الأصل أن تصدر قرارات المجالس واللجان، ولو كان رأيها استشارياً في اجتماع بعد المناقشة والتمحيص في جلسة يتكامل فيها نصاب الاجتماع القانوني، إلا أنه من المقرر كذلك جواز إتباع طريق الحصول على موافقتها بطريق التمرير على الأعضاء منفردين في حالات الاستعجال ويصدر القرار إذا كان مضمونه مجمعاً عليه من جميع الأعضاء. لما كان ذلك، وكان مؤدى نصوص الفقرات ج من كل من المواد 4 و 7 و 8 والفقرتان أ و ب من المادة 15 والمواد 30 و31 و32 من لائحة تنظيم الإيفاد في بعثات معيدي الجامعة الصادرة بالقرار الوزاري رقم 14 بتاريخ 2/5/1998 أن مدة البعثة للحصول على الماجستير والدكتوراه خمس سنوات إذا كان المرشح حاصلاً على درجة الإجازة الجامعية أو ما يعادلها ويجوز أن تكون المدة ست سنوات بقرار من اللجنة العامة للبعثات بناء على توصية لجنة البعثات بالكلية وتكون المدة ثلاث سنوات للحصول على درجة الدكتوراه إذا كان المرشح من الحاصلين على درجة الماجستير، وأنه وفقاً لأحكام تلك اللائحة فإنه لما كان الهدف من البعثة الحصول على درجة الدكتوراه فعلى المبعوث أن يحصل على قبول لها أثناء دراسة الماجستير، ويمنح الحاصل على هذه الدرجة مهلة 3 شهور مدفوعة الراتب والمخصصات تمدد تلقائياً إلى 3 شهور إضافية براتب فقط دون مخصصات للحصول على قبول للدكتوراه، وفى حالة حصوله على هذا القبول تنظر اللجنة العامة للبعثات في أمر استمرارية البعثة، وأن هذه اللجنة هى المختصة بمد البعثات لمدد استثنائية وهى التي تقرر فصل المبعوثين من دراستهم بناء على توصية لجنة البعثات بالكلية المختصة، وأن التمديد يجوز بحد أقصى سنة واحدة برواتب ومخصصات بعد موافقة لجنة البعثات بالكلية شريطة أن يكون المبعوث مسجلاً لدرجة الدكتوراه، وتوقف البعثة بعد انتهاء ست سنوات ولا تصرف للمبعوث أية مخصصات أو رواتب أو مصاريف دراسية، ولمدير الجامعة بناء على توصية إدارة العلاقات الثقافية متضمنة توصية لجنة البعثات بالقسم العلمي واعتماد لجنة البعثات في الكلية الحق في سحب البعثة مع إبداء الأسباب التي دعت إلى ذلك، ويتم وقف صرف المخصصات من تاريخ بداية وقف البعثة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، وعلى ما استخلصه من وقائع الدعوى أثبت أن الطاعن كان قد التحق بالبعثة بتاريخ 11/5/1995 ومدتها خمس سنوات للحصول على الدكتوراه وأنه حصل على الماجستير في 2/12/1997 وتم إيقاف البعثة لمدة ستة شهور بالقرار رقم 52/1998 ثم لمدة ستة شهور أخرى بالقرار رقم 1084/1998 ومنح بعدها مهلة لمدة ستة أشهر للحصول على قبول للدكتوراه انتهت في 2/6/1999 إلا أنه لم يتمكن من ذلك، مما حد بالكلية إلى إرسال كتابها إلى الجامعة بتاريخ 20/6/1999 بالتوصية بسحب البعثة وتم إعداد مذكرة بالعرض على مديرة الجامعة بطلب سحب البعثة اعتباراً من 13/9/1999 وتأشر عليها بتاريخ 14/9/1999 بالموافقة، وإذ كان البين من المذكرة المعروضة على اللجنة العامة للبعثات بطريق التمرير في 20/6/2001 أنها تضمنت في صدرها أن موضوعها سحب بعثة الطاعن وأوردت بيان حالته والإجراءات المتخذة في شأنه وانتهت إلى عرض الأمر على اللجنة لاعتماد توصية القسم العلمي والكلية بسحب البعثة وفقاً للمادتين 31 و 32 من اللائحة، وتم توقيع جميع أعضاء اللجنة عليها مع اقتران هذا التوقيع بكلمة “لا مانع “عدا كل من الدكتور/…. والدكتور/ …. اللذين لم يصاحب توقيعهما هذه العبارة، إلا أن ذلك لا يعنى عدم الموافقة، كما يدعى الطاعن، إذ أن مفاد التوقيع من جميع الأعضاء على ما انتهت إليه المذكرة من توصية بسحب البعثة ليس لها سوى مدلول واحد هو الموافقة بالإجماع، وإذ رتب الحكم المطعون فيه على ما تقدم زوال العيب الذي لحق بالقرار المطعون فيه بسبب عدم عرضه سابقاً على اللجنة، واستوائه صحيحاً مبرءاً من عيوب عدم المشروعية، وقائماً على أسبابه وفقاً لنصوص المادتين 31 و32 من اللائحة، فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه وصادف صحيح حكم القانون، ولا يقدح في ذلك ما أثاره الطاعن من قصور الحكم على ذريعة من أنه لم يتعرض لما ورد بحافظة مستنداته المقدمة بجلسة 19/4/2003 وتضمنت صورة القرار الإداري بتعيين الدكتور/…. رغم حصوله على شهادة الدكتوراه من بريطانيا وهى حالة مشابهة لحالته، ذلك لأن حالة الطاعن تتعلق بقرار صادر بسحب البعثة، ومن ثم فلا تماثل ولا تشابه من قريب أو من بعيد بتلك الحالة، فلا على الحكم المطعون فيه إن أغفل الرد على هذا الدفاع.
(الطعن 415/2004 إداري جلسة 7/3/2005)
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً