بناء الشريك على جزء مفرز من الشيء الشائع
الأستاذ الدكتور طارق كاظم عجيل
أستاذ القانون المدني/ عميد كلية القانون جامعة سومر
لعل من أهم المشاكل التي تثيرها الملكية الشائعة في الحياة العملية مشكلة انتفاع الشركاء في المال الشائع، فقل ما يكون المال الشائع صالحا للاستعمال المشترك، لذلك يتطلب الأمر للانتفاع به أن يتفق الشركاء على طريقة لإدارة المال الشائع، ولكن قد لا يتحقق هذا الاتفاق بسبب اختلاف وجهات النظر بين الشركاء في أدارة واستغلال المال الشائع، مما يضطر معه بعض الشركاء في الاستئثار بجزء من المال الشائع يتفق بمقداره مع حصته ويحدد بنفسه دون الرجوع إلى سائر الشركاء طريقة الانتفاع بهذا الجزء من المال الشائع، فيبني على هذا الجزء بناءا يستغله بمفرده، فيثير بهذا التصرف حفيظة بقيت الشركاء ويدفعهم إلى المطالبة بحقوقهم في إزالة هذا البناء الذي أقيم دون موافقتهم، أو المطالبة بالاشتراك مع هذا الشريك بملكية هذا البناء والاستفادة من ريعه.
ورغم أن القانون المدني العراقي قد أفرد نصوصا خاصة عالج فيها إدارة المال الشائع، إلا أن هذه النصوص أثارت في تفسيرها خلافا واسعا حول حكم تصرف أحد الشركاء بالبناء على جزء من الشيء الشائع يعادل حصته الشائعة، وخاصة أثناء قيام حالة الشيوع وقبل إجراء القسمة.
ويقتضي بحث المشكلة التطرق – ولو بشكل موجز – إلى القواعد التي تحكم صحة التصرفات التي تصدر من الشريك للانتفاع من المال الشائع.
نصت الفقرة الثانية من المادة 1061 من القانون المدني على أنه: (وكل شريك في الشيوع يملك حصته الشائعة ملكا تاما، وله حق الانتفاع بها واستغلالها بحيث لا يضر بشركائه).
والظاهر من هذا النص أن لكل شريك في الشيوع حق ملكية حقيقي على حصته الشائعة، فالملكية الشائعة مثل الملكية المفرزة تعطي المالك حق الاستعمال والاستغلال والتصرف، ولكنها في حدود الاستعمال والاستغلال مقيدة بقيد مفاده أن لا يترتب على استعمال الشريك لحصته الشائعة أو استغلالها إلحاق الضرر بسائر الشركاء.
ويلاحظ على نص الفقرة الثانية من المادة 1061 أنها أعطت للشريك حق الانتفاع بحصته الشائعة واستغلالها، وهذا منتقد، لأن حق الانتفاع والاستغلال يرد على الشيء الشائع ذاته وليس على الحصة الشائعة التي هي أمرا تصوريا، لذلك يجب تعديل صياغة هذا النص بما يفيد إعطاء الشريك الحق في استعمال الشيء الشائع بقدر حصته الشائعة، فأن كان المال الشائع تقبل طبيعته الاستعمال المشترك كان بها ولا تثريب عليه، ومثل ذلك أن يكون المال الشائع طريقا فإن لسائر الشركاء حق المرور فيه، ولا يكون لأحدهم الخروج في الاستعمال عن الغرض المعد له كأن يبني فيه، وإن كان بركة للصيد استعملها الجميع في ذلك، وإن كان بئرا أخذ كل الشركاء منه مياه الشرب وهكذا.
أما اذا لم تكن طبيعة المال الشائع تقبل الاستعمال المشترك، فأن استعمال الشريك للشيء الشائع لابد وأن يتخذ إحدى صورتين: الأولى أن يستقل باستعمال الشيء الشائع كله، والثانية أن يستقل باستعمال جزء معين منه يعادل حصته الشائعة. وفي الصورتين يشكل استعماله اعتداء على حقوق سائر الشركاء الآخرين. إذ استعماله وحده للشيء الشائع كله أو لجزء منه فيه منع لبقية الشركاء من استعمال الكل أو الجزء. وبالتبعية فيه تعطيل لحقوقهم.
وتطبيقا لذلك، أجمع الفقه([1])، على عدم جواز قيام الشريك بزراعة كل الأرض الشائعة أو البناء عليها.
وكذلك أجمع الفقه([2])، على عدم جواز قيام الشريك بزراعة جزء من الأرض الشائعة أو البناء عليها حتى ولو كان هذا الجزء معادلا لحصته الشائعة، إذ أن حقوق سائر الشركاء ترد بدورها على هذا الجزء، واستئثار أحدهم فيه تعطيل لبقية الحقوق.
وتطبيـقا لمـا تقدم قضـت محكمة التمييز الموقــرة فـي توجه قديم لها بأن: ( المميز عليه تصرف بحصة المميز بدون وجه حق فمن حق المميز أن يطلب منعه من التعرض له بالتصرف فـي أرضـه، وحيث أنه أنشأ فـي الأرض التي يعود جزء منها للمميز مضخة وحفر فيها بئرا بلا موافقة المميز المالك فيجب الحكم برفع المضخة وردم البئر وعليه قرر نقض الحكم المميز) ([3]).
كما قضت أيضا: (المدعية المميزة معترفة بأن الدار موضوعة البحث تعود لزوجها المتوفى وتدعى أنها أنشأت عليها أبنية أخرى من مالها وتطلب منع معارضة بقية ورثة زوجها لها بالتصرف بنصف الدار باعتبار أنها اقتطعت نصفها وعمرتها وحيث أن الشريك يعتبر أجنبيا في حصة شريكه الآخر وليس له الحق بالتصرف بالمال المشترك بدون رضاء بقية شركائه فاقتطاع المدعية جزء من الدار والبناء عليه من مالها أن صح لا يمنع بقية الشركاء من التصرف بجميع الدار المشتركة لذلك يكون الحكم المميز القاضي برد دعوى المدعية المميزة موافقا للقانون من حيث النتيجة قرر تصديقه، على أن يكون لها الحق بأن تطلب قلع المنشآت التي تدعي إنشاءها من مالها اذا كان لها وجه حق بذلك) ([4]).
كما قضت أيضا بأنه: (اذا احدث الشريك بناء على الملك المشترك بموافقة الشركاء، رجع عليهم بما صرفه بنسبة حصة كل واحد منهم أما اذا لم يستحصل إذنا بالبناء فيكون بحكم الأجنبي المتجاوز ويحق للشركاء طلب قلع البناء أو تملكه مستحقا للقلع اذا كان مضرا بالأرض فأن أزيل شيوع العقار بيعا تملك الشركاء قيمة البناء قائما فيكونون بذلك قد رضوا ببقاء الأبنية وعليهم في هذه الحالة إن يردوا للشريك قيمة البناء الذي أحدثه باعتباره مستحقا للقلع) ([5]).
كما قضت أيضا في قرار لها صدر في 15/5/2011 بتأييد حكم محكمة الاستئناف الذي أيد حكم محكمة البداءة القاضي بإلزام المدعى عليه بإزالة التجاوز الحاصل على العقار الشائع المتمثل بالمحل التجاري المشيد على العقار الشائع من قبل الشريك بدون موافقة الشريك الآخر، وجاء في قرارها ما نصه: (وجد أن الحكم المميز صحيح وموافق للقانون للأسباب التي استند إليها وذلك لثبوت عائدية العقار موضوع الدعوى للطرفين على وجه الشيوع بموجب سند الملكية والقسام الشرعي المبرزين في الدعوى وقيام المميز المدعى عليه بأحداث منشآت على المال الشائع عبارة عن محل، كما هو ثابت من خلال الكشف الجاري بمعرفة مساح التسجيل العقاري والمرتسم المنظم من قبله بالإضافة إلى أقرار المميز المدعى عليه دون موافقة الشركاء، وحيث أن كل واحد من الشركاء أجنبي في حصة الآخر وليس له أن يتصرف فيها تصرفا مضرا بأي وجه كان بغير رضاه م 1062/1 مدني، وأن البناء على الملك الشائع دون موافقة الشركاء من الأعمال الضارة التي تلحق به ضرر، عليه قرر تصديق الحكم المميز) ([6]).
على أن محكمة التمييز الاتحادية، بحكم مسهب في أسبابه، قضت في 28/2/2012 بترك التوجه المشار اليه في القرارات السابقة والحكم بعدم إلزام الشريك الذي يبني في الشيء الشائع بدون أذن شركائه بإزالة البناء والاقتصار على إلزامه بدفع أجر المثل لسائر الشركاء.
وجاء في القرار ما نصه: ( لدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة العامة في محكمة التمييز الاتحادية وجد أن الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية قرر قبوله شكلا، ولدى عطف النظر على الحكم ألاستئنافي المطعون فيه وجد أن موضوع الدعوى انصب على طلب المدعي (المميز) قلع المحدثات التي شيدها شريكه في العقار موضوع الدعوى المملوك على وجه الشيوع وأن محكمة الاستئناف قضت بحكمها المميز المؤرخ في 4/10/2010 بتأييد الحكم البدائي المتضمن رد الدعوى عن المدعى عليه الذي حصرت الدعوى به من حيث النتيجة معللة ذلك بأن الأذن بالبناء كما يكون تحريريا يكون شفويا. ولدى أمعان النظر بالحكم المذكور وبالأحكام القانونية التي تعالج موضوع الملكية الشائعة فأن المواد من 1061 إلى 1063 من القانون المدني قد نظمت حقوق الملاك على الشيوع وواجباتهم في أدارة المال الشائع، فكل شريك على الشيوع يملك حصته الشائعة ملكا تاما وله حق الانتفاع بها واستغلالها بحيث لا يضر بشركائه. وكل شريك أجنبي في حصة الآخر ولا يستطيع القيام بالتصرف الضار بشريكه إلا برضاه، وهذه هي القاعدة العامة في الملكية الشائعة والتي أوردها المشرع بالمادتين 1061 و1062 من القانون المدني. ولكن هذه القاعدة العامة ليست مطلقة بل أنها مقيدة بحكم المادة التالية لها رقم 1063 من القانون المدني فبمقتضى أحكام الفقرة الأولى منها أجازت للشركاء الانتفاع بالعين الشائعة مجتمعين ولكن الفقرة الثانية منها أجازت أيضا لكل واحد من الشركاء حق الانتفاع بحصته منفردا ولكن اذا انتفع هذا الشريك بالعين كلها في سكنى أو مزارعة أو إيجار أو غير ذلك من وجوه الانتفاع وبطبيعة الحال فأن أقامة المشيدات يدخل ضمن تلك الوجوه من الانتفاع لأنها جاءت على الإطلاق ولم تأت على سبيل الحصر بنوع معين من وجوه الانتفاع فأن كان هذا الانتفاع الذي انفرد به الشريك قد حصل بدون أذن الشركاء وجب عليه اجر المثل، ولما كان القانون قد رسم الطريق في حالة استحواذ احد الشركاء بالانتفاع بالملك الشائع كلا أو جزءا إن يكون هذا الشريك ملزم قانونا بأجر مثل حصة باقي الشركاء فلا يبقى موجب لبحث ما اذا كان الأذن الصادر إلى الشريك شفويا أم تحريريا، لأن للملكية الشائعة طبيعة قانونية خاصة بها تميزها عن الملكية الفردية. إذ إن الملكية الفردية اذا حصل التجاوز عليها من قبل الغير فهنا للمالك الحق برفع التجاوز وإزالة المحدثات اضافة إلى استحقاقه لأجر المثل باعتباره ريع مستحق في ذمة الحائز سيء النية، إما في الملكية الشائعة فإذا حصل فيها الاستغلال أو الانتفاع ليس من الاغيار بل من أحد الشركاء بدون أذن شركاءه فلا يصح للشركاء الآخرين قلع المحدثات بل يكون لهم الحق بالمطالبة بأجر المثل كتعويض لهم جراء حرمانهم من الانتفاع بحصصهم من قبل الشركاء الآخرين وإذا كان ذلك التعويض غير مجزي لهم فلهم حق بطلب إزالة شيوع الملك وفق القانون، وحيث أن محكمة الاستئناف انتهت إلى تأييد الحكم البدائي المتضمن رد دعوى المدعي (المميز) لسبب آخر فيكون حكمها موافقا للقانون من حيث النتيجة لذا قرر تصديقه ورد الطعون التمييزية وتحميل المميز رسم التمييز وصدر القرار بالأكثرية بتاريخ 7/ربيع الثاني/1433 الموافق 28/2/2012) ([7]).
وليس لهذا التوجه الجديد للقضاء العراقي الموقر ما يبرره من صحيح القانون حسب وجهة نظرنا، فهو اجتهاد قائم على تفسير لا يتفق مع المبادئ القانونية التي أقام المشرع عليها تنظيم الانتفاع بالمال الشائع بل لا يتفق مع التنظيم القانوني لحق الملكية برمته وللدعاوى التي تحمي هذا الحق؛ فالشريك في المال الشائع لا يستطيع أن يخصص لنفسه جزءا من العين ليقيم عليها بناء دون رضاء سائر الشركاء، حيث يكون لسائر الشركاء الحق في مقاضاته بالتعويض (أجر المثل) استنادا إلى أن يد الشريك الباني على الجزء الذي افرزه كانت بغير حق، فهي إذا يد غاصب، والغصب من صور الخطأ تترتب عليه المسؤولية التقصيرية، لذلك يجب تفسير عبارة (وجب عليه لهم اجر المثل) الواردة في الفقرة الثانية من المادة 1063 بمعنى أجر المثل عن مدة التجاوز التي سبقت رفع الدعوى والى حين صدور الحكم ورد المال الشائع إلى حالته قبل التجاوز عليه بالبناء، فأجر المثل الوارد في الفقرة الثانية من المادة 1063 هو تعويض عن تجاوز تم على أقدس الحقوق المعترف بها قانونا وهو حق الملكية الثابت لسائر الشركاء على المال الشائع، لذلك يقتضي القانون أولا رفع التجاوز لا الاعتراف به وإضفاء الشرعية عليه ثم يأتي الحكم بأجر المثل كتعويض عن المدة التي حرم فيها الشركاء من الانتفاع بحقهم في الشيء الشائع. كما يجوز أيضا لسائر الشركاء رفع دعاوى الحيازة على الشريك الذي استئثار أو يحاول الاستئثار بالبناء في العين الشائعة أو في جزء منها.
وإذا كان صحيحا أن للشريك الذي استأثر فعلا بوضع اليد عن طريق البناء في العين الشائعة أن يلجأ إلى دعاوى الحيازة لحماية وضع يده ضد الشركاء الآخرين إذا توافرت في وضع يده شروط الحيازة القانونية عموما، والشروط التي يتطلبها القانون بالنسبة لكل دعوى من دعاوى الحيازة الثلاث؛ فذلك لأن دعاوى الحيازة ترمي إلى حماية الحيازة في ذاتها دون بحث في أصل الحق، لذلك لا تستطيع محكمة التمييز الاتحادية الموقرة على فرض الاستناد إلى أحكام الحيازة للقول بأن لا سبيل لسائر الشركاء سوى طلب القسمة أو الرجوع على الشريك الباني بما يقابل انتفاعه بالجزء الذي انفرد بحيازته. لأن في هذا القول تجاهل لحقوق الشركاء الآخرين وهي حقوق معادلة لحق الشريك الباني في ورودها جميعا على العين الشائعة كلها. والصحيح كما تقدم في تفسير منح دعاوى الحيازة لمن استأثر بالبناء من الشركاء في العين الشائعة، أن هذه الدعاوى لا ينظر فيها إلى أحقية الحائز وإنما هي ترمي إلى حماية الحيازة في ذاتها.
ثم أن توجه محكمة التمييز الاتحادية الجديد ينسف ما أقامه المشرع من تنظيم دقيق لإدارة المال الشائع وحسن الانتفاع به، فهو في الوقت الذي لا يسمح فيه للأغلبية بدون أذن مسبق من المحكمة أن يباشروا بأعمال الإدارة غير المعتادة ومن ضمن هذه الأعمال أقامة البناء في العين الشائعة، يسمح القضاء لشريك واحد لا يملك حتى أغلبية الحصص وبدون حاجة إلى مراجعة القضاء للحصول على أذن أن يستأثر بالبناء في العين الشائعة لا لسبب قانوني، الا لأنه سبق غيره من الشركاء في الانتفاع بالعين الشائعة، رغم أن المشرع أوضح في الفقرة الثانية من المادة 1064 مدني بأن من حق الشريك الذي يريد الانتفاع بالعين الشائعة أن يطلب من المحكمة أن تتخذ من الإجراءات ما تقتضيه الضرورة، هذا على فرض عدم تحقق الأغلبية المطلوبة وقيام نزاع بين الشركاء على طريقة إدارة المال الشائع والانتفاع به، فلم يقل المشرع أن للشريك في حالة عدم تحقق الأغلبية سواء حصل نزاع بين الشركاء أم لم يحصل حول إدارة المال الشائع والانتفاع به أن يستأثر الشريك دون سائر الشركاء في البناء في العين الشائعة فيضمن حقه، ويلتزم فقط بدفع أجر المثل لسائر شركائه، ولا يكون أمام هؤلاء الشركاء المتقاعسين اذا لم يقبلوا بأجر المثل الا طلب إزالة شيوع العين المشتركة.
أن ما سبق طرحه ومناقشته يبقى كله في نطاق القواعد العامة التي تحكم أدارة المال الشائع أي المواد 1061 إلى 1063 من القانون المدني والتي استندت إليها محكمة التمييز الاتحادية الموقرة، كما أن ما تم طرحه ينصرف إلى كل فعل مادي يصدر من جهة الشريك بدون أذن سائر الشركاء، كأن يزرع الشريك في الأرض المشتركة أو يغرس فيها أشجارا أو يحفر فيها بئرا … الخ.
ولكن ما فات محكمة التمييز الموقرة أن المشرع العراقي عالج فرضية بناء الشريك على جزء مفرز من المال الشائع يعادل حصته الشائعة في المادة 1123 التي تنص على انه: (إذا بنى أحد أصحاب الحصص لنفسه في الملك المشترك القابل للقسمة، بدون إذن الآخرين ثم طلب الآخرون القسمة، فأن أصاب ذلك البناء حصة بانيه ملكه، وإن أصاب حصة الآخر فله إن يكلف الباني بالهدم).
ويشترط هذا النص لمنع الشركاء من المطالبة بإزالة البناء قبل القسمة والاقتصار على حقهم في المطالبة بأجر المثل توفر الشروط الآتية:
1- إن يقيم الشريك بناء في الملك المشترك، وبالتالي لا يطبق النص اذا قام الشريك بزراعة الأرض المشتركة أو غرس الأشجار أو حفر بئر أو نصب مضخة …الخ.
2- إن يكون الملك المشترك قابلا للقسمة، ويعتبر المشاع قابلا للقسمة إذا أمكنت قسمته من غير إن تفوت على أحد الشركاء المنفعة المقصودة منه قبل القسمة (م 1072/ 2 مدني عراقي)، وبالتالي لا يطبق النص اذا كانت الأرض غير قابلة للقسمة مقدما.
3- إن لا يطالب الشركاء بقسمة المال الشائع.
إما اذا طالب الشركاء بقسمة المال الشائع، فأن مصير البناء يتوقف على نتيجة القسمة، فأن أصاب ذلك البناء حصة بانيه ملكه، وان أصاب حصة شريك آخر، فلهذا الأخير أن يكلف الباني بالهدم اذا لم يرغب بتملك البناء بقيمته مستحقا للقلع.
أن ما نستفيده من هذا النص أيضا أن المشرع عامل الشريك الباني بلا أذن باقي الشركاء معاملة الباني سيء النية، ولكنه حفاظا على البناء لما له من أهمية اقتصادية من جهة وتشجيعا للشركاء على طلب قسمة المال الشائع كون الملكية الشائعة ملكية شاذة تثير كثيرا من الإشكاليات من جهة أخرى، نص على هذا الحكم الخاص نقلا عن مجلة الأحكام العدلية([8])، وهذا يعني أن القاعدة العامة أن البناء بدون أذن سائر الشركاء في الأرض غير القابلة للقسمة لا يجوز ويفتح الباب أمام سائر الشركاء بالمطالبة بإزالة البناء مع المطالبة بأجر المثل عن المدة التي بقي فيها البناء قائما دون أن يكونوا مضطرين إلى انتظار نتيجة القسمة للمطالبة بهدم البناء.
لذلك نتمنى على قضائنا المدني متمثلا بمحكمة التمييز الاتحادية الموقرة العدول عن توجهها الجديد وعدم إعماله إلا في نطاقه القانوني السليم أي في نطاق المادة 1123 من القانون المدني، والرجوع إلى توجهها السابق – كقاعدة عامة – لاتفاقه مع صحيح القانون والله من وراء القصد.
[1]- انظر: حسن كيرة، الموجز في أحكام القانون المدني، الحقوق العينية الأصلية أحكامها ومصادرها، 1998، ص166-167 فقرة 80، السنهوري، الوسيط، ج8، 1967، ص834 فقرة 502، عبد المنعم فرج الصده، الحقوق العينية الأصلية، 1982، 2169 فقرة 116، إسماعيل غانم، الحقوق العينية الأصلية، 1962، ص152- 153 فقرة 69، احمد سلامة، الملكية الفردية في القانون المصري، 1975، ص264 فقرة 86، محمود جمال الدين زكي، الوجيز في الحقوق العينية الأصلية، 1978، ص120 فقرة 69، منصور مصطفى منصور، حق الملكية، 1965، ص143-144 فقرة 59، عبد المنعم البدراوي، شرح القانون المدني في الحقوق العينية الأصلية، ص148 فقرة 119، جميل الشرقاوي، دروس في الحقوق العينية الأصلية، 1970، ص140، توفيق حسن فرج، الحقوق العينية الأصلية، 1991، ص224 فقرة 109.
[2]- انظر: الفقه المشار اليه في الهامش السابق.
[3]- رقم القرار 2080/حقوقية/56 الرمادي في 11/6/956، سلمان بيات، القضاء المدني العراقي، 1962، ج2، ص460.
[4]- رقم القرار 128/حقوقية/56 الموصل في 26/2/956، سلمان بيات، ج2، ص463.
[5]- رقم القرار 183/م2 عقار/1973 في 26/6/1973، النشرة القضائية، العدد الثاني، السنة الرابعة، ص3.
[6]- رقم القرار 1998/الهيئة الاستئنافية/2011 في 18/5/2011، مجلة التشريع والقضاء، العدد الرابع، السنة الثالثة، ص231، وانظر أيضا: القرار المرقم 376/الهيئة الاستئنافية العقار/2009 في 29/1/2009، مجلة التشريع والقضاء، العدد الثالث، 2009، ص137، والقرار المرقم 1927/الهيئة الاستئنافية العقار/2008 في 10/3/2008، مدونة القضاء المدني العراقي، هادي عزيز علي، 2015، ص174.
[7]- رقم القرار 404/الهيئة العامة/2011 في 28/2/2012، مجلة التشريع والقضاء، العدد الرابع-تشرين الثاني،2012، ص178، وانظر أيضا: القرار المرقم 584/الهيئة الاستئنافية العقار/2012 في 12/3/2012، مجلة التشريع والقضاء، السنة الخامسة، العدد الأول، 2013، ص252، والقرار المرقم 1453/هيئة مدنية عقار/2012 في 28/5/2012، مجلة التشريع والقضاء، السنة الخامسة، العدد الثاني، 2013، ص211، والقرار المرقم 13/الهيئة الموسعة العامة/2012 في 24/6/2012، مجلة التشريع والقضاء، السنة الخامسة، العدد الأول، 2013، ص229، القرار المرقم 3476/الهيأة الاستئنافية العقار/2013 في 7/7/2013، مدونة القضاء المدني العراقي، هادي عزيز علي، ص195-197.
[8]- أنظر: المادة1173 من المجلة.
اترك تعليقاً