تنازع الموطن
المؤلف : ريا سامي سعيد الصفار
الكتاب أو المصدر : دور الموطن في الجنسية
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
تختلف التشريعات في تنظيم أحكام الموطن من حيث اكتسابه وفقده ، وكذلك إن إستقلال الدول في تشريعها لفكرة الموطن أسوة باستقلالها في تشريعها لمادة الجنسية واختلاف الأسس التي يمكن أن تعتمدها الدول ، أدى هذا إلى إمكان تحقق حالتين :
الحالة الأولى : تعدد الموطن بالنسبة للشخص الواحد .
الحالة الثانية : انعدام الموطن بالنسبة للشخص الواحد .
الحالة الأولى : تعدد الموطن أو التنازع الايجابي في المــــوطن :
يحدث هذا التنازع عندما يعتبر الشخص متوطنا في أكثر من دولة وفقا لقانون كل منها ، ولا بد من الإشارة إلى أن تعدد الموطن بالنسبة للشخص داخل الدولة الواحدة لا يثير أية مشكلة ولكن في حالة تعدد الموطن بالنسبة للشخص في أكثر من دولة ، فإذا كانت الأحوال الشخصية محكومة بقانون الموطن ، فأي قانون يطبق من بين القوانين التي تعددت بتعدد موطن هذا الشخص ؟ وفي هذه الحالة نفرق بين فرضين (كما في حالة تعدد الجنسيات).
الفرض الأول : إذا كان النزاع معروضا أمام محكمة إحدى الدول التي تتنازع قوانينها فالحل المتبع هنا هو أن يعتد القاضي بتوطن الشخص في دولته ويطبق قانونه ،دون الاعتداد بقوانين الدول الأخرى .
الفرض الثاني : فاذا كان النزاع معروضاً أمام محكمة دولة ثالثة لا علاقة لها بالنزاع او امام محكمة دولية ، فان القاضي يكون مجرد حكم ولا يستطيع ان يطبق قانونه الوطني كما لا يمكنه ان يرجح قانونا اخر اعتباطا لانه اذا فعل ذلك يكون متعديا على سيادة الدولة التي يهمل قانونها والراجح (1). انه :
أولاً : إذا كان التنازع بين موطن قانوني وموطن اختياري يجب تفضيل الموطن القانوني وأساس التفضيل هو أن تقرير هذا الموطن يدخل في نطاق حماية ناقص الأهلية(2) .
ثانياً : إذا كان التنازع بين موطنين قانونيين في دولتين مختلفتين ، فإذا عرض النزاع أمام محكمة دولة ثالثة فإنها تعتبر الشخص متوطنا في الدولة التي يقيم فيها إقامة فعلية . أما إذا كان التنازع بين موطنين اختياريين ففي هذه الحالة يتم حل النزاع على أساس الإقامة الفعلية أي يفضل الموطن الثابت في الدولة التي يعيش فيها الشخص فعلاً ، وقد يدق الأمر فيما لو كان الشخص لا يقيم إقامة فعلية في أي من الدولتين وإنما يقيم في دولة ثالثة فيتجه البعض إلى تفضيل القانون الأقرب إلى فكرة الموطن في قانون القاضي(3) .
وقد أجاز المشرع العراقي تعدد الموطن في نص المادة 42 فقرة 2 في القانون المدني بالقول (يجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن واحد) ، وفي القانوني المصري نص على إمكانية تعدد الموطن في نص المادة 40 فقرة 2 (يجوز أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن كما يجوز ألا يكون له موطن) .
الحالة الثانية : انعدام المــوطــن أو التنازع السلبي في المــوطــن :
كما هو الشأن في حالة (تعدد الجنسية) تثير مشكلة كون الأحوال الشخصية محكومة بقانون الموطن ، فأين هو هذا الموطن ؟ وذهب د. عزالدين عبد الله الى إحلال الإقامة محل الموطن (4). وهو ما أخذت به بعض التشريعات كالتشريع العراقي الذي نص في الماد 42 على الموطن وادمج معناه في محل الاقامة ، وقد يتضح للقاضي انه لا يوجد للشخص عديم الموطن محل إقامة محدد فما هو الحل في هذه الحالة ؟ يبدو أن الحل الواجب الإتباع هنا هو تطبيق قانون القاضي على النزاع المعروض عليه بشرط أن يكون قانون القاضي على صلة بالعلاقة محل النزاع ، أما إذا كان هناك قانون آخر أكثر ملاءمة لطبيعة العلاقة فان هذا القانون هو الذي يتعين تطبيقه.
_____________________
1- د. غالب علي الداؤدي ، د. حسن الهدواي ، مصدر سابق ، ص229 .
2- د.غالب علي الداؤدي ، مصدر السابق ، ص229 .
3- د.هشام علي صادق ، دراسات في القانون الدولي الخاص ، ط1 ، الدار الجامعية للطباعة والنشر، 1981، ص167 وما بعدها .
4- د. عز الدين عبد الله ، مصدر سابق ص569 .
اترك تعليقاً