تأملات في توصيات ميثاق العدالة حول مهنة المحاماة

توصيات ميثاق العدالة حول مهنة المحاماة

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

بقلم ذ النقيب إدريس شاطر

الرئيس الفخري للإتحاد الدولي للمحامين

لاشك أن إنشاء الهيأة العليا للحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة هو عمل غير مسبوق كما أن المجهودات المبذولة من قبل رئيسها وأعضائها وكذلك المساهمين في الندوات الوطنية التي انعقدت في مختلف المدن المغربية لا يمكن بخسها أو التقليل من شأنهــــــا، بل لابد من التنويه بها وشكر كل من ساهم فيها على الجهد المبذول والعمل الجاد

لذلك ينبغي تعديل هذه التوصية بما يضمن ارتفاع حالة التنافـــــــــــي بين العضو في المجلس التأديبي لهيأة المحامين والعضو في الهيأة القضائية والمهنية المختلطة التحديــــــــــــــــــــــــث: إن التقدم التكنولوجي واستعمال الوسائل الحديثة في الاتصال أصبحت تفرض نفسها على جميـــــع القطاعات بما فيها قطاع المحاماة : لذلك أصبح من الضروري أن يواكب التشريع هذا التقدم المعلوماتي وأن تعمل الهيآت على تأهيل المحامين المنتمين لها باستعمال وسائل الاتصال الحديثة بالوثيرة نفسها التي تعمل بها المحاكم، ويصبح المحامي مؤهلا للتعامل مع مختلف المحاكم عن طريق وسائل الاتصـــــــــــــــــــال الحديث . كما ينبغي في مجال التحديث تشجيع المحامين على إنشاء الشركات المدنية في ما بينهم وإعفاء هذه الشركات من بداية تكوينها من الضرائب لمدة معينة حتى يكون هذا الإعفاء حافزا لتشجيع المحامين على التجمع داخل الشركات المدنية التي مع الأسف لم تعرف نجاحا رغم أن القانون المتعلق بهـــا بدأ العمل به منذ مدة ليست باليسيرة.
وإضافة إلى كل ما ذكر فإن تعلم اللغات الأجنبية أصبح ضرورة ملحة ومفروضة على جميـــــع المحامين الذين يريدون مواكبة العولمة ومنافسة المكاتب الأجنبية التي تستأثر بأهم القضايا ذات المنفعة الماديــــــــــــــــــــــة الهامــــــــــــــــــة.

وقد جاءت التوصيات المتعلقة بتحديث خدمات الإدارة القضائية وكذا خدمات المهن القانونيـــــة والقضائية وانفتاحها على المواطن لتصب في الاتجاه نفسه:
وهكذا نصت التوصية 171 على انخراط كل المهن القضائية والقانونية في جهود التحديث واستعمال التكنولوجيا الحديثة في تقديم خدماتها، كما نصت التوصية 173 على تسهيل ولوج الاشخاص الى المعلومة المرتبطة بقضاياهم لدى ممارسي المهن القضائية والقانونية المعنية، كما نصت التوصية 189على اعتماد التوقيع الالكتروني على صعيد التعامل بين مختلف مكونـــــــــــــات الادارة القضائية، كما نصت التوصية 190 على اعتماد الأداء الالكتروني لاستيفاء الرسوم والمصاريف القضائيـة والغرامات، كما نصت التوصية 191 على تمكين المتقاضين من تتبع مسار إجراءات قضاياهم عن بعد مجانــــــــــــــا في احترام تام للمعطيات الشخصية للأفراد.

كما نصت التوصية 193 على تمكين المتقاضين من الاطلاع على مآل تنفيذ الاحكام المتعلقة بهم عن طريق الأنترنت دعما للشفافية، كما نصت التوصية 194 على توفير الاعلام القانوني والقضائي للمواطنات والمواطنين وتسهيل ولوجهم مجانا الى المعلومة القانونية والقضائية.

إن مجموع هذه التوصيات لا يمكن إلا أن نصفق لها ونرجو ان تتوفر الإمكانيات المادية والبشرية لإدخالها حيز التنفيذ.

مهام المحامي وحقوقه والتزاماته :
تظهر قوة أي قانون ينظم مهنة معينة عندما يستطيع ان يضع توازنا وهو يتحدث عن مهام ممارس هذه المهنة بين حقوقه والتزاماته وبالتالي فكلما تساوت الحقوق والواجبات كان هناك توازن وعندما تغلب أحداهما على الآخر اختل هذا التوازن.
ولذلك فإننا سنحاول من خلال استعراض بعض التوصيات الصادرة في هذا المجال أن نرى مدى احترام هذه التوصيات للمبادئ المذكـورة
لاشك أن هذه التوصيات قد أعطت لأخلاقيات المهنة والقواعد التي تنظم سلوك المحامي المكانة التي تستحقها من حيث ضرورة احترامها وعدم الخروج على قواعد المهنة وأخلاقها وتقاليدها مع ضرورة

تذكير المحامي بالسلوك المثالي الذي ينبغي عليه أن يلتزمه ليس أثناء ممارسته لهذه المهنة فقط، بل حتى أثناء حياته الخاصة وسلوكه العادي،
وإذا كانت التوصيات أثقلت كاهل المحامي من حيث الالتزامات القانونية المفروضة عليــــــه والواجبات التي ينبغي عليه احترامها فإنها حاولت أن تنتزع منه حقا مكتسبا ناضل من أجل المحافظة عليه سنين عديدة، وهكذا فقد نصت التوصية 175 على ضرورة اعتماد عقد مكتوب بخصوص توكيل المحامي يستدل به عند المنازعة مخالفة بذلك مقتضيات المادة 30 من القانون الحالي التي تعطي الحق

للمحامي لممارسة مهامه من غير الإدلاء بوكالة.
إن المهتم يتساءل عن الأسباب والدوافع التي جعلت الهيأة توصي بما ذكر مع انه ما ثبت أن وقع نزاع بين المحامي وموكله فيما يتعلق بمبدأ التوكيل اللهم في حالة مسطرة تحديد الاتعاب التي جـاء القانون المذكور ونص في المادة نفسها الفقرة الثامنة على انه يتعين على المحامي أن يحتفظ بملفـه بما يفيد توكيله للإدلاء به عند المنازعة في التوكيل أمام النقيب أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.
كما أن المشرع نفسه ألزم المحامي بالإدلاء بتوكيل كلما تعلق الأمر باستخلاص مبالغ مالية من محاسبين عموميين لفائدة موكله في قضايا لم يكن ينوب فيها .

وهكذا يتضح مما ذكر ان القانون الحالي قد وضع ضوابط للإدلاء بما يفيد التوكيل وبالتالــــي فلا حاجة إلى تعميم هذه القاعدة ما دام النزاع في مجال التوكيل هو نزاع في نطاق محدود وهو مسطــرة تحديد الأتعاب، وبالتالي فان هذه التوصية تدخل في مجال لزوم ما لا يلزم
وحيث إنه وفي نطاق خلق توازن بين حقوق المحامي والتزاماته كان بالأحرى التوصية بتوسيــــــــــع مجال عمل المحامي وتعميم ثقافة الاستعانة بالمحامي من قبلالمتقاضين بما فيهم الدولة والمؤسسات العموميـــــــــــــــــة مع مد يد المساعدة للمحامين المبتدئين على وجه الخصوص وتمتعيهم بإعفاءات ضريبية مع تحمل الدولة لمسؤوليتها لمساعدة المحامين وهيآتهم في المجال الاجتماعي .

الدعوة إلى الحـوار :
لقد سبق لي أن أشرت في بداية هذا المقال الى ضرورة فتح حوار جاد بين مختلف مكونات العدالـــة، خصوصا أنه لم يتم عقد الندوة الوطنية حتى يمكن الاستماع في الختام لجميع الأطراف، ولكن الفرصـــــــــــــــة ما زالت مواتية أثناء المخطط الإجرائي لتنفيذ ميثاق إصلاح منظومة العدالة .

وعليه فان المطلوب في ما يخص المحاماة على وجه الخصوص أن تجلس الأطراف المعنية إلى مائدة الحوار واستماع كل طرف للأخر واحترام الرأي والرأي الآخر ولا أظن وأنا أعرف النوايا الحسنة للطرفين وغيرة كل واحد منهما على هذه المهنة أن تكون هناك خلافات جوهرية حول المبادئ الساميـــــــــة لهذه المهنة والكل سيعمل على الرفع من مستواها وإرجاع الهيبة والكرامة لأصحابها.
إن سياسة البيانات والبيانات المضادة لا يمكن لأي حال من الأحوال أن توصلنا إلى ما نسعى إليه جميعا من إرجاع هذه المهنة بريقهــا وإعطائها المكانة التي تستحقها في المجتمع.

إن مناسبة مناقشة ميثاق إصلاح منظومة العدالة هي فرصة تاريخية لا يمكن أن تعوض خصوصا أنه يوجد على رأس وزارة العدل زميل لنا عرفنا فيه دفاعه المستميت عن استقلال المحاماة وحصانة الدفاع واحترام حقوق الإنسان والى جانبه ثلة من قضاة محترمين يعتبرون المحامـــــاة جزءا من أسرة القضـــــــاء ، كما أن مكتب جمعية هيآت المحامين بالمغرب يضم نقباء وحكمـــــــــــاء لهم تجربة واسعة وحب للمهنة وغيرة عليها، وبالتالي فان جلوس جميع الأطراف إلى طاولة الحـــــــــــــــــــــــــوار سيغني ولا شك تلك التوصيات

بقلم ذ النقيب إدريس شاطر
الرئيس الفخري للإتحاد الدولي للمحامين

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.