تسبيب قرار توجيه الاتهام وأمر الإحالة الصادر عن النيابة العامة هل يلزم قانونا؟
تمت إعادة النشر بواسطة محاماه نت
يعتبر التصرف في التحقيق أحد الإجراءات الضرورية الهامة الواجب اتخاذها من قبل وكيل النيابة في القضية محل التحقيق وهو بهذا أي التصرف في التحقيق يعني أن كافة الإجراءات التحقيقية التي يتطلبها التحقيق الابتدائي وفق ظروف القضية قد انتهت في الدعوى الجزائية .
والتصرف في التحقيق من جانب وكيل النيابة لا يخرج عن إحدى الصورتين .
الأولى :
أن يقرر وكيل النيابة وبعد إنهائه التحقيق وعلى ضوء وقائع الدعوى حفظها إما لأسباب قانونية أو لأسباب موضوعية وفقا لما نصت عليه المادة (149) فقرة (1) من قانون الإجراءات الجزائية حيث نصت على أنه ( متى انتهى التحقيق ورأى وكيل النيابة أن الفعل لا يعاقب عليه القانون أو أن الدعوى انقضت بالتقادم أو بالوفاة أو العفو العام أو لسبق محاكمة المتهم عن ذات الجريمة أو لأنه غير مسؤول جزائيا لصغر سنه أو بسبب عاهة في عقله أو أن ظروف الدعوى وملابساتها تستوجب حفظها لعدم الأهمية يبدي رأيه بمذكرة ويرسلها للنائب العام للتصرف) .
الثانية :
أن يقرر وكيل النيابة توجيه التهمة للمتهم وإحالته إلى المحكمة المختصة بمحاكمته مع ملاحظة أن آليات إحالة المتهم للمحكمة المختصة تختلف باختلاف طبيعة التهمة المسندة للمتهم وذلك على النحو التالي:
1-إذا كانت التهمة من نوع المخالفة يقرر وكيل النيابة إحالة المتهم إلى المحكمة المختصة لمحاكمته وهذا ما نصت عليه المادة (150) من قانون الإجراءات الجزائية بقولها (إذا تبين لوكيل النيابة أن الفعل يشكل مخالفة عليه إحالة ملف الدعوى إلى المحكمة المختصة لمحاكمة المتهم) .
2-إذا كانت التهمة من نوع الجنحة يقرر وكيل النيابة توجيه الاتهام للمتهم ومن ثم إحالته إلى المحكمة المختصة وهذا ما قررته المادة (151) من ذات القانون إذ نصت على أنه ( إذا تبين لوكيل النيابة أن الفعل يشكل جنحة يقرر توجيه الاتهام إلى المتهم وإحالة ملف الدعوى إلى المحكمة المختصة لمحاكمته ) .
3- إذا كانت التهمة من نوع الجناية فعلى وكيل النيابة وبعد إنهائه التحقيق توجيه الاتهام للمتهم وإرسال ملف الدعوى إلى النائب العام أو أحد مساعديه وذلك لمراقبة سير التحقيقات التي أجراها وكيل النيابة وبسط الرقابة على هذه التحقيقات وهذا ما نصت عليه المادة (152) فقرة (1) بقولها ( إذا تبين لوكيل النيابة أن الفعل يشكل جناية فإنه يقرر توجيه الاتهام إلى المتهم ويرسل ملف الدعوى إلى النائب العام أو أحد مساعديه) بعد مطالعة النائب العام أو مساعده لملف الدعوى ومراقبة التحقيقات التي اتخذها وكيل النيابة يصدر النائب العام أو مساعده قراره إما بالمصادقة على قرار توجيه الاتهام الصادر عن وكيل النيابة والأمر بإحالة المتهم إلى المحكمة المختصة بمحاكمته وهذا ما نصت عليه المادة (152) فقرة (3) من قانون الإجراءات الجزائية حيث نصت ( إذا وجد النائب العام أو أحد مساعديه أن قرار الاتهام صائب بأمر بإحالة المتهم إلى المحكمة المختصة لمحاكمته ) وإما الأمر باعادة ملف الدعوى الى وكيل النيابة لاستكمال التحقيقات في حال كان هناك نقص في التحقيقات التي اجراها وكيل النيابة ومن ثم يتم اعادة الملف مرة اخرى الى النائب العام او مساعده لإصدار قرار بإحالة المتهم للمحكمة المختصة وهذا ما أوضحته الفقرة (2) من المادة (152) من ذات القانون ( إذا رأى النائب العام أو أحد مساعديه وجوب إجراء تحقيقات أخرى يعيد ملف الدعوى إلى وكيل النيابة لاستيفاء هذه التحقيقات ) .
وبالعودة إلى التساؤل المثار ومن خلال قراءة المواد الباحثة في كيفية التصرف في التحقيق وخاصة في حال توجيه الاتهام للمتهم في الجنايات والتي تم إيرادها آنفا فإنه يتبين أن المشرع الفلسطيني لم يشترط على وكيل النيابة وجوب تسبيب قراره بتوجيه الاتهام ولا حتى قرار الإحالة ( إحالة المتهم للمحكمة المختصة) الصادر عن النائب العام أو مساعده كما هو الحال عند المشرع الأردني الذي اشترط على المدعي العام وجوب تسبيب قراره في حال توجيه الاتهام للمتهم وهذا ما نصت عليه المادة 135 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني المعدل رقم 15 لسنة 2006 والتي جاءت تحت ” باب قرارات النيابة العامة بعد انتهاء التحقيق ” حيث نصت على أنه ( يجب أن تشتمل قرارات المدعي العام أو النائب العام المذكورة في هذا الفصل ( حيثما تقتضي الضرورة بذلك ) على اسم المشتكي واسم المشتكي عليه وشهرته وعمره ومحل ولادته وموطنه وإذا كان موقوفاً بيان تاريخ توقيفه مع بيان موجز للفعل المسند إليه وتاريخ وقوعه ونوعه ووضعه القانوني والمادة القانونية التي استند إليها والأدلة على ارتكاب ذلك الجرم والأسباب التي دعت لإعطاء هذا القرار) وهذا النهج الذي انتهجه المشرع الفلسطيني من حيث عدم اشتراط تسبيب قرار الاتهام الصادر عن وكيل النيابة وامر الاحالة الصادر عن النائب العام او مساعده جاء متسقا مع نهج المشرع المصري في القانون رقم (17) لسنة 1981 اجراءات جنائية والذي صدر بديلا عن القانون رقم 107 لسنة 1962 والتي كانت فيه المادة 173 منه تنص قبل إلغائها على وجوب اشتمال أوامر مستشار الإحالة على الأسباب التي بنيت عليها سواء كانت صادرة باحالة واقعة الجناية على محكمة الجنايات أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى .
وعلى الرغم من أن القانون عندنا وعلى ضوء ما تم بيانه لم يشترط على وكيل النيابة تسبيب قراره حال توجيه الاتهام للمتهم في الجنايات الا ان الواقع العملي يظهر ان قرارات توجيه الاتهام الصادرة عن وكيل النيابة في الجنايات تكون مسببة وهو أمر كما ذكرت غير منصوص عليه قانونا وأن المشرع لو أراد وجوب تسبيب قرار توجيه الاتهام للمتهم لنص على ذلك صراحة كما هو الحال بالنسبة لقرار حفظ الدعوى الجزائية فالمشرع وكما هو معروف إذا أراد قال وإذا آثر السكوت سكت ولعل الحالة الوحيدة التي اشترط فيها المشرع على وكيل النيابة تسبيب قراره بعد إنهائه التحقيق الابتدائي هي حالة واحدة فقط وهي حالة ما إذا قرر وكيل النيابة حفظ الدعوى الجزائية عن المتهم وهذا التسبيب ملزم بصريح النص القانوني وفق المادة (149) فقرة (1) والتي نصت على أنه ( متى انتهى التحقيق ورأى وكيل النيابة أن الفعل لا يعاقب عليه القانون أو أن الدعوى انقضت بالتقادم أو بالوفاة أو العفو العام أو لسبق محاكمة المتهم عن ذات الجريمة أو لأنه غير مسؤول جزائيا لصغر سنه أو بسبب عاهة في عقله أو أن ظروف الدعوى وملابساتها تستوجب حفظها لعدم الأهمية يبدى رأيه بمذكرة ويرسلها للنائب العام للتصرف ) كما نصت الفقرة (2) من ذات المادة (149) على أنه ( إذا وجد النائب العام أو أحد مساعديه أن رأي وكيل النيابة في محله يصدر قرارا مسببا بحفظ الدعوى ويأمر بإطلاق سراح المتهم إذا كان موقوفا ) .
والغاية من وراء لزوم تسبيب قرار حفظ الدعوى خلاف قرار توجيه الاتهام وأمر الإحالة يكمن في أن قرار حفظ الدعوى يأخذ صبغة الحكم القضائي ويعطي الحق للمدعي بالحق المدني التظلم من هذا القرار والطعن فيه وهذا ما اشترطته المادة (153) من قانون الإجراءات الجزائية إذ نصت على أنه :
1- يجوز للمدعي بالحق المدني التظلم من القرار الصادر بحفظ الدعوى بطلب يقدم منه إلى النائب العام .
2- يفصل النائب العام في طلب التظلم خلال شهر من تاريخ تقديمه بموجب قرار نهائي منه .
3- يجوز للمدعي بالحق المدني استئناف قرار النائب العام أمام المحكمة المختصة بنظر الدعوى ويكون قرارها نهائيا فإذا ألغت المحكمة القرار تعين نظر موضوع الدعوى أمام هيئة أخرى .
في حين أن قرار توجيه الاتهام وأمر الإحالة ليس له صبغة الحكم القضائي وبالتالي يكون غير خاضع للطعن فيه ولا يترتب عليه البطلان في حال شابه عيب لأن القول خلاف ذلك أي إمكانية الطعن في قرار توجيه الاتهام وأمر الإحالة يعني إعادة الدعوى الجزائية إلى سلطة التحقيق مرة ثانية بعد دخولها في حوزة المحكمة وهو أمر يتعارض مع قاعدة خروج الدعوى الجزائية من سلطة النيابة العامة ودخولها في حوزة القضاء .
7 أكتوبر، 2017 at 1:02 م
ممكن بحث عن كشف الدلالة