الشيك أو تظهيره.
الوفاء للشيك الذي حرر لمصلحة المستفيد.
يعتبر مقابل الوفاء أمراً أساسياً في الأوراق التجارية ثلاثية الأطراف الكمبيالة والشيك فكل منهما يقتضي وجود ساحب يصدر أمراً إلى المسحوب عليه بأن يدفع مبلغاً من النقود إلى المستفيد وبذلك يكون الساحب مدينا للمستفيد وفي الوقت نفسه يكون دائناً للمسحوب عليه (وهو ما يطلق عليه مقابل الوفاء)، فالساحب يأمر المسحوب عليه بأن يدفع الدين المستحق في ذمته للساحب إلى المستفيد بدلاً من أن يدفعه للساحب وبذلك يبدو اصطلاح ”مقابل الوفاء” واضحاً وهو أنه لكي يقوم المسحوب عليه بوفاء الدَّين يجب أن تكون لديه نقود مملوكة للساحب يقوم بالوفاء منها. ويسمى مقابل الوفاء في عُرف البنوك بمسمى ”الرصيد” وبالتالي فالقاعدة أن المسحوب عليه في الكمبيالة لا يلتزم بدفع قيمتها إلا إذا قبلها أو أثبت الساحب أن المسحوب عليه كانت لديه نقود تكفي للوفاء بقيمتها.
أما بالنسبة للشيك، فلا يعمل بقواعد القبول فيه، فيلتزم البنك بدفع قيمة الشيك فوراً متى كان رصيد الساحب يكفي لذلك حتى لو كان تاريخ الشيك لم يحل بعد. وقد أورد نظام الأوراق التجارية السعودي ثلاثة أنواع من الأوراق التجارية: الكمبيالة والسند لأمر والشيك ولم يورد النظام تعريفاً لكل ورقة من هذه الأوراق، شأنه في ذلك شأن معظم القوانين الأجنبية تاركاً هذه المهمة لفقهاء القانون وأحكام القضاء.
1- الكمبيالة: تتضمن أمراً صادراً من الساحب وموجهاً إلى المسحوب عليه بدفع مبلغ معين من النقود لصالح شخص ثالث، فأطراف الكمبيالة ثلاثة هم: الساحب والمسحوب عليه والمستفيد، والكمبيالة ترد بصيغة الأمر بالدفع.
2- السند لأمر: صك محرر وفق شكل معين حدده النظام يتضمن تعهدا من محرر السند بدفع مبلغ معين من النقود لصالح شخص يسمى المستفيد، فالسند له طرفان فقط هما محرر السند وهو المسحوب عليه، والمستفيد. ويترتب على هذا أن السند لأمر لا يقدم للقبول، لأن محرره هو الذي يلتزم بالوفاء، كما أنه لا وجود لمقابل الوفاء في السند لأمر ويرد السند لأمر بصيغة التعهد بالوفاء.
3- الشيك: صك محرر وفق شكل معين حدده النظام يتضمن أمراً من شخص يسمى الساحب إلى المسحوب عليه (وهو بنك) بأن يدفع بمجرد الاطلاع مبلغاً معيناً من النقود للساحب نفسه أو لشخص معين أو لأمره أو للحامل ويسمى كل منهم ”المستفيد”.
فمقابل الوفاء هو دين من النقود مساو على الأقل لمبلغ الورقة التجارية يكون للساحب لدى المسحوب عليه في تاريخ استحقاقها، نتيجة علاقة بينهما خارجة عن الورقة التجارية وسابقة عليها والذي على أساسه يصدر الساحب أمره للمسحوب عليه بدفع قيمتها.
سقوط الحق في سماع الدعوى الصرفية
نصت المادة (116) من نظام الأوراق التجارية على ”ألا تسمع دعاوى رجوع الحامل على المسحوب عليه والمظهرين وغيرهم من الملتزمين، بعد مضي ستة أشهر من انقضاء ميعاد تقديم الشيك، ولا تُسمع دعاوى رجوع الملتزمين بوفاء الشيك على بعضهم البعض بعد مضي ستة أشهر من اليوم الذي وفى فيه الملتزم، أو من يوم إقامة الدعوى عليه”.
ويجب التنبيه إلى أن المقصود بالنص هو عدم سماع الدعاوى الصرفية المنبثقة من الشيك، دون المساس بالدعاوى الخاصة بالالتزامات الأصلية بين الموقعين على الشيك بعضهم والبعض والتي كانت سبباً في إنشاء
الشيك أو تظهيره. جدير بالذكر خطأ البعض في فهم نص المادة (116) فقد اعتقدوا أن الدعوى الصرفية لا تسمع بعد انقضاء ستة أشهر من تاريخ إصدار الشيك والصحيح هو أن ميعاد عدم سماع الدعوى يبدأ من تاريخ انتهاء ميعاد تقديم الشيك وهو شهر من تاريخ إصداره بالنسبة للشيكات المحلية وثلاثة أشهر من تاريخ إصدار الشيكات المسحوبة في الخارج وتستحق السداد بالمملكة، وبالتالي فإن ميعاد عدم سماع الدعوى الصرفية ينقضي بانتهاء مدة سبعة أشهر من تاريخ إصدار الشيكات من النوع الأول وبانقضاء تسعة أشهر بالنسبة للشيكات من النوع الثاني.
جدير بالذكر أن المادة (115) تحمل حكماً غاية في الأهمية حيث أوجب نظام الأوراق التجارية على حامل الشيك تقديمه للوفاء في مواعيد محددة (شهر من تاريخ تحريره)، وعند تقديم الشيك للوفاء ولم تدفع قيمته يجب على حامله إثبات الامتناع باحتجاج أو ما يقوم مقامه (المادة 108) ورتب على إهمال حامل الشيك في مضي المواعيد المقررة لتقديمه للوفاء أو عمل الاحتجاج سقوط حقه قبل الساحب إلا أنه لا يفيد الساحب من هذا السقوط إلا إذا كان قدم مقابل الوفاء وظل هذا المقابل موجوداً عند المسحوب عليه حتى انقضاء ميعاد تقديم الشيك ثم زال هذا المقابل بفعل غير منسوب للساحب (مادة 115).
وما ينبغي التأكيد عليه في هذا الصدد أن حق حامل الشيك يسقط في الرجوع على الساحب، إذا كان الأخير قد وفر مقابل الوفاء عند إصدار الشيك لدى المسحوب عليه، ولم يسحبه أو جزءا منه خلال المدة المحددة لتقديمه للوفاء، أما إذا كان مقابل الوفاء غير موجود عند إنشاء الشيك، أو أن الساحب استرده كلاً أو جزءًا خلال المدة المحددة لتقديمه للوفاء، فعندئذ لا يسقط حق الحامل المهمل، الذي لم يتقيد بالمواعيد المقررة نظاماً، لأنه لا يحق للساحب أن يثري بلا سبب (المادة 115).
وهذا الدفع يجد سنده في النظام وفي المبادئ التي استقر عليها قضاء مكتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية رقم 25 لسنة 1404هـ جلسة 13/4/1404هـ، ورقم 42 لسنة 1404هـ جلسة 10/6/1404هـ الذي جاء فيه: ‘‘ومن حيث إنه بالنسبة للسببين الثاني والثالث اللذين يستند إليهما المتظلم في تظلمه فإنه حتى بفرض قيام المستفيد بتقديم الشيكات موضوع الدعوى إلى البنك المسحوبة عليه بعد انقضاء المدة المحددة لتقديمها وفقا لحكم المادة 103 من نظام الأوراق التجارية (شهر من تاريخ الإصدار)، فإن ذلك لا يؤدى إلى انقضاء الالتزام الصرفي وسقوط حق الحامل في الرجوع على الساحب إلا إذا كان الساحب قد قدم مقابل الوفاء وظل هذا المقابل موجوداً لدى البنك المسحوب عليه الشيكات حتى انقضاء ميعاد تقديم الشيك ثم زال هذا المقابل بفعل غير منسوب إلى الساحب (المادة 115/2 من النظام المشار إليه)، إذ يستطيع الساحب في هذه الحالة أن يحتج على الحامل بسقوط حقه لإهماله، أما إذا لم يكن الساحب قد قدم مقابل الوفاء أصلاً إلى البنك أو كان قد قدمه ثم سحبه قبل نهاية المدة المشار إليها، أو زال هذا المقابل بعد انقضاء تلك المدة بفعل منسوب إلى الساحب، ففي هذه الحالات لا يفيد الساحب من حكم الفقرة الأولى من المادة 115 من نظام الأوراق التجارية لعدم توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرة الثانية من تلك المادة”.
ويستفاد من نص المادتين (115، 116) ما يلي:
1- يشترط لتمسك الساحب بسقوط الدعوى الصرفية بسبب إهمال المستفيد وعدم تقدمه خلال شهر من تاريخ تحرير الشيك للمسحوب عليه أن يكون قد وفر مقابل وفاء له خلال هذه المدة.
2- يجوز للمستفيد المهمل أن يقيم الدعوى الصرفية على الساحب بعد مرور 7 أشهر المنصوص عليها في المادة (116) بسبب عدم وجود مقابل وفاء للشيك خلال شهر من تاريخ تحريره.
3- لا تبدأ مدة التقادم المنصوص عليها في المادة (116) من نظام الأوراق التجارية إلا في حالة توافر مقابل الوفاء بحيث إنه إذا كرر المستفيد عرض الشيك على المسحوب عليه أكثر من مرة وأكد الأخير عدم وجود مقابل وفاء للشيك واستغرقت مدة تقديمه الشيك 7 أشهر من تاريخ تحريره، فإن مدة تقادم الدعوى الصرفية لا تبدأ في السريان.
وبذلك يكون نظام الأوراق التجارية قد وضع ضمانة قوية للمستفيد المهمل وفوت الفرصة على الساحب سيئ النية من التمسك بفوات الميعاد النظامي لرفع الدعوى الصرفية طالما أنه لم يوفر مقابل الوفاء للشيك الذي حرر لمصلحة المستفيد.
المستشار عمر بن عبدالله الجهني
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً