إجراءات متابعة الجريمة الصرف
علق المشرع المتابعة الجزائية لجرائم الصرف على شرط تقديم شكوى ممن له الإختصاص قانونا كما مكن نفس الأشخاص بحق سحبها بالتالي وضع حد للمتابعة ما لم يصدر حكم نهائي أما مباشرة الدعوى فأبقاها من اختصاص النيابة بما تملك في ذلك من سلطة الملائمة.
هكذا طبق المشرع في مجال متابعة جرائم الصرف القواعد العامة مبدئيا كما هي مطبقة على بعض جرائم القانون العام مثل الزنا وترك الأسرة وتعديلا لها جاء بجديد فيما يخص الأشخاص المؤهلين لتقديم الشكوى التي لم يسبق أن نص عليها قانون العقوبات.
أولا: تحريك الدعوى العمومية
لقد أوقفت م 9 من الأمر رقم 96-22 المتابعة الجزائية في جرائم الصرف على وجوب تقديم شكوى من طرف وزير المالية أو أحد ممثليه المؤهلين بذلك إلا أنها عدلت بمقتضى م 12 من الأمر 03-01 لكي يشمل هذا الاختصاص كل من وزير المالية ومحافظ بنك الجزائر أو أحد ممثليهما المؤهلين لهذا الغرض. وكان هذا التعديل في سياق مسعى يهدف إلى رد الاعتبار لبنك الجزائر باعتباره سلطة نقدية تصدر أنظمة وترعى تنفيذها في مجال المراقبة وتنظيم سوقه[1] ونرى أنه من الناحية العملية إن هذا التعديل أصاب فإن بنك الجزائر -وعلى العموم فيما يخص التجارة الخارجية- يملك الأجهزة والصلاحيات الكافية والملائمة في رقابة عمليات الصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وكشف كل خرق للقانون أو عمليات تكتنفها غموض وتستوجب التحري فيها، ولم يضع المشرع هنا أيضا شكلا محددا يجب أن تفرغ فيه الشكوى[2]
فإذا كان الأمر واضحا فيما يخص الشكوى التي ينبغي أن يقدمها وزير المالية شخصيا أو محافظ بنك الجزائر فإن المشرع لم يأتي بتوضيحات عن طريقة تأهيل ممثليها في تقديم الشكوى كما لم يحيلنا إلى التنظيم. نجد أن وزير المالية في هذا الصدد قد أصدر بتاريخ 09/08/1998 منشور تحت رقم 624 حدد فيه قائمة ممثليه المؤهلين لتقديم شكوى من أجل جرائم الصرف وتم توزيع الاختصاص حسب قيمة محل الجريمة على أعوان الجمارك، موظفي المفتشية العامة للمالية ومديري الخزينة الجهويين والمديرية العامة للخزينة. لكن لابد أن نشير إلى أن هذه القائمة وضعت في ظل الأمر رقم 96-22 ولذلك فهي مرشحة للتعديل فيما يتماشى مع صدور الأمر رقم 03-01.
أما بالنسبة لممثلي محافظ بنك الجزائر فإن هذا الأخير يؤهلهم بموجب مقرر يتضمن تاهيل إطار من بنك الجزائر بصفته ممثل لمحافظ بنك الجزائر أمام المحاكم وهو حسب ما تم معاينته في ميدان التربص المدير العام للمفتشية العامة لبنك الجزائر[3].
ويرى الدكتور أحسن بوسقيعة أنه نظرا لما يترتب على الشكوى وعدمها من نتائج على سير الإجراءات وعلى حقوق الأفراد وحرياتهم يرى أنه من الضروري تحديد قائمة ممثلي وزير المالية ومحافظ بنك الجزائر بنص أسمى من المنشور بحيث يكون محل نشر في الجريدة الرسمية ونحن نشاطره الرأي.
تبعا لما سبق إذا اتخذت إجراءات المتابعة القضائية لجريمة من جرائم الصرف بمبادرة من النيابة مباشرة دون شكوى مقدمة من الجهات المختصة أو بناءا على شكوى من أحد موظفي وزارة المالية أو بنك الجزائر الغير مؤهلين لهذا الغرض تكون باطلة.
* سحب الشكوى وأثرها على الدعوى العمومية
تقضي م 6/3 ق.إ.ج أن الدعوى العمومية تنقضي بمجرد سحب الشكوى إذا كانت هذه الأخيرة شرطا لازما للمتابعة. وطالما أن الأمرين 96-22 و03-01 الخاصين بجرائم الصرف لم يتضمنا أي نص مخالف لذلك. كانت م 6 ق.إ.ج واجبة التطبيق على جرائم الصرف، وبالتالي إذا تم سحب الشكوى في أية مرحلة وصلت إليها الإجراءات – ما لم يصدر حكم قضائي نهائي – فإن ذلك يضع حدا للمتابعة.
ثانيا: مباشرة الدعوى العمومية
إذا قيد المشرع تحريك الدعوى العمومية بشرط تقديم شكوى من وزير المالية أو محافظ بنك الجزائر أو احد ممثليهما المؤهلين لذلك، فإنه لم يغير شيئا للقواعد العامة التي تجعل سلطة مباشرة الدعوى العمومية من اختصاص النيابة لوحدها بما لديها من سلطة تقدير ملائمة المتابعة باختيار الطرق المناسب لمتابعة المخالف أو في حفظ الشكوى.
* مركز الوزير المكلف بالمالية ومحافظ بنك الجزائر في الخصومة
إن القوانين المنظمة لجرائم الصرف لم تولي لا لوزير المالية ولا لمحافظ بنك الجزائر أي دور في الخصومة، إذ يتوقف دورها في تحريك الدعوى بتقديم شكوى لا غير، وذلك خلافا لما خولته نصوص قانون الجمارك من صلاحيات لإدارة الجمارك إذ جعلت هذه الأخيرة صاحبة دعوى أصلية التي هي الدعوى الجبائية ولها حق مباشرتها أمام الجهات القضائية المختصة.
وإذا قارننا مع القانون التونسي فهو انحاز أكثر لأحكام التشريع الجمركي حيث نص م 30 من القانون التونسي المتضمن قانون الصرف والتجارة الخارجية على حق وزير المالية في عرض الدعوى أمام المحكمة وكذا إبداء ملاحظاته أمامها وتدعيمها شفويا.
[1] – د. أحسن بوسقيعة، المرجع السابق ص 184.
– انظر نموذج للشكوى المقدمة من طرف إدارة الجمارك و أخرى من طرف بنك الجزائر الملحقين رقم 10 ورقم 08. [2]
[3] – أنظر نسخة من المقرر الملحق رقم 07.
اترك تعليقاً