حقوق والتزامات العامل في التشريع الجزائري
: حقوق والتزامات العامل
تنشأ عن عقد العمل حقوق وإلتزامات في ذمة العامل، فهو يتمتع بمجموعة من الحقوق يقرها القانون والاتفاقيات الجماعية وحقوق أخرى ناتجة عن العقد، ويخضع في المقابل لمجموعة من التزامات قانونية وعقدية هي في الواقع حقوق يتمتع بها المستخدم، غير أن ما يهمنا في هذا المجال هو الوقوف عند بعض الإشكالات المتعلقة بهذه الحقوق والإلتزامات بالنظر إلى الطابع المؤقت الذي يتميز به نشاط العامل الذي يربطه عقد محدود المدة مع المستخدم.
أولا : حقوق العامل ::)
لقد أورد القانون ( 11-90 ) في المادة 05 مجموعة من الحقوق وأطلق عليها عبارة الحقوق الأساسية، وأورد في المادة 06 حقوق أخرى. وأطلق عليها عبارة “يحق للعمال” وهنا يثور التساؤل عن معنى الحقوق الأساسية.
لقد ذهب البعض إلى القول أن الحقوق الأساسية المنصوص عليها بالمادة 05 هي الحقوق المنصوص عليها في الدستور، لكن سرعان ما يُحجب هذا الرأي عندما نجد أن بعض الحقوق الواردة في المادة 06 منصوص عليها في الدستور، ولكـن لم يطلق عليها في القانـون ( 11-90 ) عبارة الحقوق الأساسية, ومهما يكن من أمر فإن الحقوق المنصوص عليها بالمادتين 05 و 06 هي حقوق ضرورية.
1- الحق في الأجر
لقد نص القانون ( 11-90 ) في المادة 8 منه على الحق في الأجر والتي جاءت كمايلي “للعامل الحق في أجر مقابل العمل المؤدي، ويتقاضى بموجبه مرتبا أو دخلاً يتناسب ونتائج عمله”.
فالأجر هو أهم الحقوق الأساسية للعامل، كما يعتبر أهم التزامات المستخدم الأمر الذي يجعله يحظى بالحماية القانونية المشددة في مختلف التشريعات العمالية
لكن السؤال المطروح في هذا المجال، هل هناك تمييز في الأجر في عقد العمل محدود المدة وعقد العمل غير محدود المدة ؟
ولتوضيح ذلك يمكن أن نضرب المثال التالي:
العامل الذي يتعاقد مع المستخدم بموجب عقـد محدود المـدة لاستخلاف عامـل مثبت له من الأقدمية مدة طويلة تغيب عن عمله بسبب عطلة مرضية، ففي هذا المثال هل أن تعويض الأقدمية وحوافز الكفاءة المهنية تلحق العامل الجديد؟
إننا لا نجد في القانون ما يجيب على ذلك، غير أننا نجد أنفسنا بين كفتين الكفة الأولى وهو الأجر الذي يعود إلى العامل بحكم المنصب الذي يشغله بموجب عقد محدد المدة والذي كان يدفعه المستخدم للعامل المتغيب مشتملاً على تعويض الأقدمية, وبذلك يمكن أن نقول أن العامل الجديد أصبح يشغل ذلك المنصب بجميع امتيازاته وكأنه يحل محل العامل المتغيب.
والكفة الأخـرى هي غياب شرط الأقدمية في المنصب للعامل الجديد الذي تعاقد بموجب عقد محدد المـدة فيصبح من غير المعقول أن تلحق العامل الجديد تعويض الأقدمية نظراً لعدم توفرها فيه.
غير أنه بين الكفتين السابقتين يتضح أنه ليس للعامل الذي تم تشغيله بموجب عقد محدد المدة لإستخلاف عامل دائم متغيب سوى الأجر المستحق لهذا الأخير، دون العلاوات الأخرى والمتعلقة بأقدميته خاصة.
وللإشارة أن القانون الفرنسي يشترط لإعمال المساواة في الأجر بين العامل الذي تربطه علاقة محددة المدة والعامل الدائم المستخلف، أن يكون ذلك من أجل نفس المهام لأن العامل الذي لا يستعيد جميع الصلاحيات التي كانت في يد العامل الذي استخلفه لا يمكنه المطالبة بأجر مساوٍ حتى وإن كان يتمتع بنفس التأهيل
], ومن حق العامل الذي تربطه علاقة محددة المدة أن يستفيد مـن الدفـع المنتظم للأجور كل شهـر وفقا للقانون 49/78 وكذلك وفقا للمادة 88 من القانون ( 11-90 ) والتي تنص على “يجب على المستخدم دفع الأجور لكل عامل بانتظام عند حلول استحقاقه”.
ولقد أقر القانون حماية للأجور ومن ذلك:
– امتياز الأجور عن باقي الديون المادة 89 من القانون( 11-90 ).
– عدم قابلية الأجر للحجز المادة 90 من القانون ( 11-90 ).
– عدم التنازل عن الأجر المادة 173 من الأمر المتعلق بالشروط العامة لعلاقات العمل في القطاع الخاص.
– إلزامية تسليم قسيمة أو كشف الأجر المادة 86 .
– تسليم الأجرة للعامل بصفة شخصية, ومباشرة أو بموجب وكالة المادة 02/15 من الأمر المتعلق بالشروط العامة لعلاقات العمل في القطاع الخاص.
2-الحق في التأمين والحماية والضمان الاجتماعي
لقد بسط المشرع حماية خاصة على العامل, بهدف رعايته لأداء مساهمة بصورة فعاّلة، إذ أن الحق في الحماية أصبح من أهم خصائص تشريعات العمل في الوقت الحاضر [.
وقانون العمل هو في ذاته قانون اجتماعي يسعى لحماية العامل وضمان أمنه من جميع أخطار العمل، وتشمل التأمينات الاجتماعية، التأمين على المرض، التأمين على الولادة، التأمين على العجز، التامين على الوفاة. كما تشمل أحكام الحماية والضمان الاجتماعي, حوادث العمل الأمراض المهنية, الوقاية الصحية وطب العمل.
و بصورة عامة لا يختلف العامل الذي يربطه بالمستخدم عقد محدد المدة, مع العامل الذي يربطه بالمستخدم عقد عمل غير محدد المدة, في شأن الحق في الحماية والضمان الاجتماعي غير أننا نجد المرسوم التشريعي] 94 / 11 قد خرج عن هذه القاعدة واستثنى من التأمين على البطالة العمال ذوي العقود المحددة المدة بنص صريح وذلك في المادة 5 منه والتي تنص أنه “لا يمكن أن يستفيد من خدمات التأمين على البطالة، الأجراء ذوو عقد عمل محدود المدة، والعمال الموسميون أو العاملون لحسابهم الخاص أو ذوو عدة مستخدمين ….”
ويظهر أن المشرع حرم العمال ذوي العقود المحددة المدة من التأمين على البطالة, لأن نشاطهم ينتهي بانتهاء مدة العقد, إضافة أن العقود المحددة المدة لها طابع استثنائي .
3-الحق النقابي
لقد كرس دستور 1996 وقبله دستور 1989 الحق النقابي في المادة 56 منه إذ نصت على “الحق النقابي معترف به لجميع المواطنين”.
واقتضى الأمر إصدار القانون ( 90 – 14 ) بتاريخ 02 بتاريخ 02 جوان 1990 المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي، وقد نصت المادة الأولى منه ” أن هذا القانون يطبق على مجموع العمال الأجراء وعلى المستخدمين” ونص في المادة 02 منه “أنه يحق للعمال الأجراء من جهة والمستخدمين من جهة أخرى، الذين ينتمون للمهنة الواحدة، أو الفرع الواحد، أو قطاع النشاط الواحد أن يكوّنوا منظمات نقابية للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية “.
كما تنص المادة 35 من نفس القانون على ما يلي: “تعتبر تمثيلية داخل المؤسسة المستخدمة الواحدة، المنظمات النقابية للعمال التي تضم 20 % على الأقل من العدد الكلي للعمال الأجراء التي تغطيهم القوانين الأساسية لهذه المنظمات النقابيـة و/أو المنظمات النقابية التي لها تمثيل 20 % على الأقل في لجنة المشاركة، إذا كانت موجودة داخل المؤسسة المستخدمة …”.
من خلال المادة 35 المذكور يتضح أنه كي تكتسب المنظمة الصفة التمثلية داخل المؤسسة المستخدمة, يجب أن تضم على الأقل 20 % من العدد الكلي للعمال الأجراء، غير أن هذه النسبة يكتنفها غموض، وذلك عند حسابها فهل تؤخذ من العدد الكلي للعمال بما فيهم الذين يعملون بموجب عقود محددة المدة أو أنهم مستثنون من ذلك ؟
إن المشرع استعمل عبارة “العمال” وهي عبارة عامة تشمل العمال ذوي العقود المحددة المدة وذوي العقود غير المحددة المدة، غير أنه وطالما كان التمثيل النقابي حق دستوري مكفول لكل العمال دون استثناء، ويسمح بوجود هيئة تمثلية تدافع عن حقوقهم المادية والمعنوية، فإنه ليس من المستساغ استثناء العمال الذي تربطهم علاقة محددة المدة مع المستخدم من التمثيل النقابي.
4-الحق في المشاركة
تنص المـادة 91 من القانـون ( 90 -11) على “تتم المشاركـة في الهيئة المستخدمة كما يلي:
-بواسطة مندوبي المستخدمين في مستوى مكان كل عمل متميز يحتـوي على 20 عامـلا على الأقل.
-بواسطة مشاركة تضم مندوبي المستخدمين في مستوى مقر الهيئة المستخدمة المنتخبين طبقا للمادة 93 أدناه…”.
وهذه المادة بدورها تحيلنا إلى مواد أخرى إلى المواد 92 – 97 ولكن ما يمكن استخلاصه من المادة 97 أنه يجب أن تتوفر في مندوب العمال شروط معينة -أن يكون العامل مثبتا –أن نتوفر لديه أقدمية سنة على الأقل.
-أن يكون بالغا 21 سنة على الأقل.
أنه بتحليلنا للمادة 97 نجد أنها تذكر العمال بصفة عامة، وبالتالي فلا نفهم منها هل تقصد العمال الدائمين والعمال المؤقتين الذين يربطهم عقد عمل محدد المدة مع المستخدم؟ ونلاحظ أن شرطي أن يكون العامل مثبتا، وأن يكون بالغا سن 21 سنة على الأقل هما شرطان يمكن أن يتوافر في العامل ذو العقد محدد المدة.
غير أن الشرط المتعلق بالأقدمية لمدة سنة تثير إشكالا باعتبار أن شرط مرور سنة قلما يتوافر في هذه الفئة من العمال، نظرا لأن مدة عقد العمل عمليا تكون قصيرة، ولا تتجاوز في غالب الأحيان السنة وهذا ما يجعل هذا الشرط غير متوفر ويقصيهم بذلك من حرية اختيار مندوبيهم.
5-الحق في التكوين المهني
يقصد بالتكوين المهني تأهيل العمال في المؤسسات المستخدمة، ورفع مستواهم المهني لمزاولة مهام جديدة في العمل مواكبة للتطور، وذلك عن طريق تنظيم ملتقيات وندوات دراسية وتقع مسؤولية التكوين على المستخدم, والمشرع الجزائري خول للعمال بموجب المادة 06 من القانون ( 11-90 ) هذا الحق, ويفهم من عموم النص أي المادة 06 أنه لم يتم استثناء العمال ذوي العقود المحددة المدة, غير وأنه وبالمقابل فمن غير المعقول إستفادة عامل مؤقت بفترة تكوين مهني، على أساس أن المدة التي يبرم في حدودها العقد قد لا تغطي أحيانا فترة التكوين, وحتى وأن كانت تغطي المدة, فإنه من غير المنطقي أن يوظف مستخدم عامل ويمتعه بفترة تكوين قد تأخذ جزءاً مهما من مدة العقد الذي يربطه بالعامل.
ومن هنا كان من الأفضل تنظيم هذه المسألة ولو بطريقة تجعل من حق العامل في التكوين المهني يتناسب ومدة عقد العمل.
6-الحق في الترقية
لقد جعل القانون الجزائري من الترقية إجازة للعامل على تنمية معارفه ومؤهلاته المهنية بتعيينه في منصب عمل جديد يخوله رتبة أعلى من رتبته السابقة ].
والهدف من الترقية هو تشجيع للعامل على المواصلة والتطور في حياته المهنية وعادة ما يستفيد العامل من الترقية إذا أمضى فترة زمنية معتبرة في المنصب الذي يشغله، باعتبار أن نتائج عمله ومؤهلاته تظهر مع الزمن، وهذا ما يجعل من الترقية في مجال العقود محدد المدة نادرة جدًّا بسبب أن نشاط العامل يرتبط بمنصبه فترة زمنية محدودة، ثم ينتهي بانتهاء المدة، وفي أحسن الأحوال يجدد العقد لمدة أخرى.
ومما سبق يظهر أن التفرقة بين الحقوق التي يتمتع بها العامل الذي يرتبط عقد محدد المدة والعامل الدائم هي تفرقة تظهر على أرض الواقع وهذا في ظل عدم تمييز المشرع بين الصنفين
ثانيا : واجبات العامل
نصت المادة 7 من القانون ( 11-90 ) على مجموعة من التزامات العامل، والواقع أن إلتزامات العامل, هي التزام أصلي يتمثل في تنفيذ العمل تدور حوله التزامات فرعية أو تبعية ] كما يمكن تصنيف إلتزامات العامل إلى صنفين
– التزامات العامل أثناء العمل.
– التزامات العامل خارج العمل.
1- التزامات العامل أثناء العمل
أ- الالتزام بتنفيذ العمل المحدد في العقد والامتثال لأوامر وتوجيهات المستخدم:
إن مضمون هذا الالتزام هو قيام العامل بتنفيذ ما يجب أن يتم بصفة شخصية ودون اللجوء إلى التنفيذ بمقابل [52].
وتنفيذ العمل المحدد في العقد يفرض تحديد كافة الأعمال والأشغال والنشاطات التي تشكل منصب العمل أو المهمة الموكولة للعامل, وذلك من خلال التحديد الموضوعي والمكاني والزماني.
ولأجل تحقيق ذلك وجب أن يخضع العامل لأوامر وتوجيهات المستخدم, وهذا ما نصت عليه المادة 07 من القانون ( 11-90 ) في فقرتها الثالثة على “…أن ينفذوا التعليمات التي تصدرها السلطة السلمية, التي يعينها المستخدم أثناء ممارسته العادية للسلطة الإدارية…”
ب-الالتزام بمراعاة تدابير الصحة والأمن والخضوع للرقابة الطبية :
هذا الإلتزام عبارة عن تدابير يفرضها النظام الداخلي أو اللوائح الداخلية ويكون الغرض منه حماية العامل والآخرين والممتلكات مثل: ارتداء الألبسة الواقية أو القبعات أو عدم التدخين في أماكن العمل [53].
إضافة إلى ذلك فإن العامل ملزم بالامتثال للرقابة الطبية التي تهدف إلى الوقوف على مدى قدرة العامل وأهليته على القيام بالنشاط الموكول له في الزمان والمكان.
ج – الالتزام بالمشاركة في التكوين :
إن المشاركة في التكوين هو من جهة حق للعامل ومن جهة أخرى التزام يقع عليه, ذلك أن الهدف منه هو تحسين المستوى للرفع من الإنتاج أو الخدمات.
هذا وأن هذه الالتزامات التي تقع على عاتق العامل تحددها أيضا الاتفاقيات الجماعية للعمل وكذلك المنصوص عليها في النظام الداخلي للعمل.
2-الالتزامات خارج العمل
يبقى العامل ملتزما ببعض الواجبات حتى خارج عمله, مثله في ذلك مثل الموظف في قطاع الوظيف العمومي, كالالتزام بالسر المهني, والالتزام بعدم ممارسة أي منافسة, أو أي نشاط يتعارض مع طبيعة العمل.
أ- الالتزام بالسر المهني:
إن علاقة العمل يفترض فيها أن تقوم على أساس الثقة المتبادلة, لأن المستخدم يضع كل ممتلكاته وأسراره المهنية أو جزء منها في يد العاملومن ثمة يتوجب على العامل المحافظة على أسراره المهنية وخاصة المتعلقة بالمسائل التي تعتبر من أملاك واحتكار وامتياز المستخدم, مثل الوسائل المستعملة في تركيبة المنتوج, الأسعار المرتقبة…إلخ.
وعلى أية حال كـل معلومة من شأنها أن تستغل من طرف المتنافس استغلالا يترتب عليه خسارة المستخدم ومن ذلك أيضا يمنع على العامل إخفاء ملفات الخدمة وأوراقها ووثائقها أو إتلافها أو إطلاع الغير عليها, ولا يتحرر العامل من التزام السر المهني إلا بموافقة كتابية من السلطة التي عينته ], كما فرضت المادة 24 من قانون تشغيل الأجانب عقوبات جزائية على الإخلال بالسر المهني, من بينها العقوبات الواردة في المادة 302 من قانون العقوبات, بالإضافة إلى العقوبات التي يتضمنها النظام الداخلي
ب-الانقطاع للعمل:
لقد ذهب قانون ( 11-90 ) إلى ذكر بعض حالات التنافي أو التعارض كامتلاك مصالح مالية في مشروعات أخرى
], ولقد نصت المادة 7/7 على “…أن لا تكون لهم مصالح مباشرة أو غير مباشرة في مؤسسة أو شركة منافسة أو زبونة أو مقاولة من الباطن, إلا إذا كان هناك اتفاق مع المستخدم, وأن لا تنافسه في مجال نشاطه…”.
اترك تعليقاً