انعقاد المعاهدات
تمر المعاهدات قبل انعقادها بالمراحل التالية:
أولاً- مرحلة الاتصالات:
وهي اتصال الدولتين للاتفاق مبدئياً على موضوع المعاهدة والإجراءات اللازمة لانعقادها.
ثانياً- مرحلة المفاوضات:
وهي المرحلة التي يتم فيها تبادل وجهات النظر بين الدول المشتركة في المعاهدة بقصد التوصل إلى عقد اتفاق دولي بينهما، وليس للمفاوضات نطاق معين فقط تتناول تنظيم العلاقات السياسية أو الاقتصادية وقد يكون موضوعها تبادل وجهات النظر بشأن موضوع معين.
وقد يتم التفاوض شفاهة أو عن طريق تبادل المذكرات أو عن طريق مقابلات شخصية أو في اجتماعات رسمية، وتتم المفاوضات عادة بالنسبة للمعاهدات الثنائية عن طريق اجتماع ممثلي الدول صاحبة الشأن، أمات فيما يتعلق بالمعاهدات الجماعية أو العامة فتتم غالباً عن طريق مؤتمر عام تدعى إليه الدول المهتمة بموضوع المعاهدة.
على أنه يجب أن يكون التفاوض مزوداً بأوراق تفويض فيما عدا رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية أو رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى الدول التي يتم التفاوض بها مع ممثليها، فهؤلاء تكفي صفتهم المعتمدة في إجراء المفاوضات دون حاجة إلى أوراق تفويض من قبل دولتهم.
ثالثاً- تحرير المعاهدات:
من المستقر عليه أن المعاهدة يجب إبرامها كتابة، غير أنه ليس هناك قانون ما يمنع من إبرام المعاهدة شفاهة حيث تكون ملزمة ما دامت صدرت من ممثلي الدول الذين لهم سلطة إبرام المعاهدات، ونادراً ما تلجأ الدول إلى ذلك نظراً لما تحتويه المعاهدة الشفهية من صعوبات في التنفيذ وفي الإثبات.
واعترفت اتفاقية فيينا بالقوة الإلزامية للمعاهدات غير المحررة، ولكن تحرير المعاهدة في شكل وثيقة كتابية أصبح من الأمور الضرورية لتحقيق الاستقرار في العلاقات الدولية.
ولا يشترط شكلاً خاصاً للكتابة ولا لغة معينة أو واحدة فإذا كانت هناك لغة سائدة بين الدول المتعاقدة حررت المعاهدة بهذه اللغة، أما إذا كانت لغة الدول المتعاقدة مختلفة فيمكن في هذه الحالة تحرير المعاهدة من عدة صور تكتب كل منها بلغة كل دولة من دول الأطراف مع النص صراحة على تساوي جميع الصور في القوة من حيث التفسير والقوة الملزمة، وأن هذه القوة ثابتة لإحداها فقط في حالة اختلاف التفسير بسبب اختلاف اللغة.
وهناك إجراءات شكلية قبل تحرير المعاهدة بصيغتها النهائية مثل تبادل التفويضات للتأكد من أن المعاهدة ضمن حدودها ولكي لا تتعرض لعدم التصديق عليها.
وعلى الرغم من أنه ليس هناك قاعدة محددة في كيفية تحرير المعاهدة فقد جرى العمل على أن تتخذ المعاهدة فيما يتعلق بكيفية صياغتها الشكل التالي:
1- الديباجة: وهي المقدمة حيث يذكر فيها أسباب المعاهدة وأسماء الدول الأطراف.
2- الأحكام: ويطلق عليها طلب المعاهدة ويتضمن موضوع المعاهدة وتاريخ نفاذها وكيفية الانضمام إليها من الدول التي لم تشترك في إعدادها أو إبرامها.
وغالباً ما تصحب الصيغة النهائية للمعاهدة ملاحق يطلق عليها عدة مسميات كتصريح أو بروتوكول يكون غرضها تفسير بعض نصوص المعاهدة أو إبداء تحفظات بعض الدول على نصوص معينة من المعاهدة وتخضع هذه الملاحق لنفس شروط المعاهدة ويكون لها نفس القيمة القانونية والقوة الملزمة وتعد جزءاً لا يتجزأ من المعاهدة الأصلية.
3- الخاتمة: وتشتمل على توقيعات الدول المشتركة في إبرام المعاهدة ويكون التوقيع عادة بأسماء المندوبين كاملة، ولكن أحياناً يكون بالأحرف الأولى من أسمائهم يكون الغرض منه التشاور مع حكوماتهم بشأن ما تم الاتفاق عليه في المعاهدة فإذا وافقت حكوماتهم يتم التوقيع الكامل أما إذا رفضت لا يتم التوقيع النهائي عليها، وبالتالي لا يعتبر التوقيع بالأحرف الأولى ملزماً تجاه الدولة ولا يلزم المندوبين بالتوقيع النهائي على المعاهدة ولكن اتفاقية فيينا جعلته كالتوقيع النهائي إذا اتفقت الدول المتعاقدة على ذلك أو إذا أجازت الدولة التي يتبعها المندوب ذلك وذكرت اتفاقية فيينا عدة حالات يعتبر توقيع ممثل الدولة على المعاهدة تعبيراً عن رضاها بالالتزام بأحكام المعاهدة وهي:
أ- إذا نصت المعاهدة على أن يكون للتوقيع هذا الأثر.
ب- إذا ثبت بطريقة أخرى أن الدول المتفاوضة كانت قد اتفقت على أن يترتب على التوقيع هذا الأثر.
ج- إذا تضمنت وثيقة التفويض التي يحملها ممثل الدول إعطاء التوقيع هذا الأثر أو عبرت الدولة عن ذلك أثناء المفاوضات.
رابعاً- التصديق على المعاهدة:
لا يكفي للالتزام الدولة بالمعاهدة مجرد التوقيع بل لابد من قبولها النهائي للالتزامات الواردة في المعاهدة ويتخذ التعبير عن القبول عدة صور منها الموافقة أو بتبادل الوثائق المكونة لها ولكن الوسيلة الشائعة للتعبير عن القبول هي التصديق وهو إجراء يقصد به الحصول على إقرار السلطات المختصة داخل الدولة للمعاهدة التي تم التوقيع عليها وهو إجراء جوهري بدونه لا تتقيد الدولة أساساً بالمعاهدة التي وقعها ممثلها بل تسقط المعاهدة إذا كانت ثنائية بعدم تصديق الدولتين الطرف عليها أو إذا كانت جماعية واشترطت لنفاذها عدد معين من التصديقات ولم يتوفر ذلك، والتصديق هو الذي يحدد اللحظة التي تصبح عندها المعادلة ملزمة، فهو الإعلان الحقيقي لإرادة الدولة في الالتزام، والأصل أن كل معاهدة لابد أن يتم التصديق عليها إلا إذا تنازلت الدولة عن حقها في التصديق صراحة أو ضمناً.
وسلطة التصديق على المعاهدة إما أن تكون لرئيس الدولة منفرداً وإما تكون لرئيس الدولة بالاشتراك مع الهيئات السياسية لدولته حسب اختلاف الدول والنظم التي الدستورية التي تسودها.
وتنص اتفاقية فيينا أن الدولة تعبر عن ارتضائها الالتزام بمعاهدة ما بالتصديق عليها وذلك في الحالات التالية:
1- إذا نصت المعاهدة على أن يكون التصديق هو وسيلة التعبير على الارتضاء.
2- إذا ثبت بطريقة أخرى أن الدول المتفاوضة كانت قد اتفقت على اشتراط التصديق.
3- إذا عبرت نية الدولة المعنية في أن يكون التوقيع بشرط التصديق اللاحق من وثيقة تفويض ممثلها أو عبرت عن ذلك أثناء المفاوضة.
* وقد يكون التصديق صريحاً وقد يكون ضمنياً كأن تبدأ الدولة في تنفيذ المعاهدة التي تم التوقيع عليها، ولكن العرف والعمل الدولي جرى على أن يثبت التصديق في وثيقة مكتوبة تحوي نص المعاهدة أو الإشارة إليها وتوقع من رئيس الدولة ومن وزير خارجيتها وليحدث التصديق أثره لابد من علم الدول الأخرى الأطراف به ويكون ذلك عبر تبادل التصديقات.
والتصديق إجراء دولي يثبت بتمامه التزام الدولة بأحكام المعاهدة قبل الدول الأخرى الموقعة ليها وهو ما يختلف عن الإصدار الذي يعتبر إجراءاً داخلياً الغرض منه إضفاء صفة القانون على المعاهدة التي تم التصديق عليها حتى تتقيد بها سلطات الدولة المختلفة وأفرادها وتصبح نافذة في النطاق الداخلي للدولة.
خامساً- تسجيل المعاهدات ونشرها:
نصت على هذا الإجراء كل من عهد عصبة الأمم وميثاق الأمم المتحدة واتفاقية فيينا، وجزاء عدم التسجيل وفقاً لميثاق الأمم المتحدة هو عدم جواز التمسك بها أمام الأمم المتحدة أو أي من فروعها ولكن ذلك لا يؤثر على صحة ونفاذ المعاهدة غير المسجلة.
* والغرض المباشر من التسجيل يرجع إلى إنكار الاتفاقيات السرية التي تتضمن مؤامرات ضد سلامة وأمن دولة ما مما يهدد السلم والأمن الدوليين ومن جهة أخرى يهدف التسجيل إلى تحقيق فني وهو تدوين المعاهدات الدولية في مجموعة كاملة يسهل الرجوع غليها عند اللزوم، ويتم التسجيل لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة في سجل خاص يحرر باللغات الرسمية للأمم المتحدة، ومن ثم يحصل نشر المعاهدة في أقرب وقت ممكن في مجموعة واحدة باللغة أو اللغات التي حررت بها المعاهدة مع ترجمتها إلى الفرنسية أو الإنجليزية.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً