الدفاع الشرعي في القانون المغربي
تعريف
يمكن تعريف الدفاع الشرعي بأنه: (حق يتمكن الإنسان من خلاله الدفاع عن نفسه، أو ماله، أو عرضه بنفسه حين يتعذر عليه اللجوء إلى القانون الذي من شأنه حماية حقه).
طبيعة حق الدفاع الشرعي
هناك أمر مهم يجب أن يعرف وهو طبيعة هذا الحق فهل هو حق طبيعي للإنسان يوجد مع وجود الإنسان وليس للقانون دور في الأمر سوى حماية هذا الحق، أم هو حق مكتسب أي أن القوانين هي التي أعطت الإنسان هذا الحق.
إن القول بالأمر الثاني ـ كون الدفاع الشرعي حقاً مكتسباً ـ يعني أن الفرد يتمتع بهذا الحق ما دام القانون يخوله ذلك، أما حين يسلب منه القانون ذلك الحق فانه سيفتقد له، ولكن هل أن هذا القول مطابق للعقل أم انه مما يخالف العقل والوجدان؟
إن التدقيق والتأمل من قبل الإنسان ـ وبغض النظر عن مستواه العلمي والثقافي ـ سيقوده إلى حتمية خطأ هذا القول. كما أن الواقع يقول بغير هذا تماما.
فالكل يدرك بالوجدان بان الإنسان وبمجرد إحساسه بوجود خطر ـ عليه أو على عرضه أو ماله ـ يتحرك بتأثير دافع داخلي نحو الوقوف بوجه ذلك الخطر وصده، وهذا الأمر لا يختص به الإنسان الذي يعيش في كنف القانون، بل حتى ذلك الإعرابي الذي يقطن في بطن الصحراء، أو الذي يعيش في ظلمات الغابات.
بل يجد الإنسان أن هذا الذي يعيش بعيداً عن ظل القوانين أميل إلى ذلك، ولو كان هذا الحق ـ حق الدفاع الشرعي ـ حقاً منح للإنسان من قبل القوانين لكان الذي لا يخضع لسلطان القانون فاقداً لهذا الحق، بل ولا يعرف شيئاً عنه.
ثم أن هذا الأمر مما جبلت عليه الطبيعة الإنسانية من لدن أول مخلوق ولا يمكن سلب هذا الأمر عن النفوس.
إذن فالدفاع الشرعي حق طبيعي وجد مع الإنسان وليس للقوانين دور فيه سوى حماية هذا الحق.
أقسام الدفاع الشرعي
1ـ الدفاع الشرعي بالنسبة للأفراد: وهو الحق الذي يملكه كل فرد ـ على حدة ـ في الدفاع عن نفسه أو ماله أو عرضه وهذا الحق حق شخصي.
2ـ الدفاع الشرعي بالنسبة للدول: كما أن المجتمع يتكون من أفراد يمتلك كل فرد حقه في الدفاع عن ما يخصه من النفس أو العرض أو المال، فان المجتمع الدولي يتكون بدوره من أفراد، وأفراد هذا المجتمع هي الدول، وهذه الدول تمتلك بدورها حقاً في الدفاع عن كيانها، ورعاياها حين يتعذر اللجوء إلى القانون الدولي لصد الأخطار التي تداهمها.
شروط الدفاع الشرعي
1ـ أن يكون الخطر حقيقياً: فلا يكفي لاستخدام حق الدفاع الشرعي مجرد احتمال الخطر كأن يسحب الطرف المقابل سكيناً أو آلة حادة أو مسدساً فان مجرد سحب هذه الأمور لا يكفي في التيقن بكون هذا الطرف ينوي الاعتداء على النفس أو غيرها فهناك احتمالات كثيرة يمكن أن يفسر بها عمل كهذا.
2ـ أن يكون الخطر حالاً: أي انه بعد التيقن بحقيقة الخطر المقابل، يكون قد شرع بذلك المتيقن.
3ـ أن يستحيل اللجوء إلى حماية السلطات لدفع الخطر: فلو كان هناك إمكانية للالتجاء إلى السلطات والاحتماء بها لم يكن للإنسان الذي يقابل الخطر أن يلجأ إلى استخدام حقه في الدفاع الشرعي.
4ـ أن يتناسب الدفاع مع الخطر المواجه: فلا يمكن القول بان الإنسان الذي يقتل بالمسدس آخر يريد سرقة بعض المال منه قد استعمل حقه في الدفاع الشرعي وذلك لعدم تناسب وسيلة الدفاع مع الخطر المحدق.
التدرج في استعمال الدفاع الشرعي
إن الدفاع الشرعي ـ بحسب القانون ـ لم يقر إلا بمقدار كونه سلطة وقائية للإنسان يتمكن من خلالها اتقاء الخطر ودفعه حفظاً للمعصوم من نفس أو عرض أو مال، بناءاً على ذلك ـ كون الدفاع للدفع حسب ـ هل يحق للمدافع أن يقصد القتل.
لا يوجد قائل بان للمدافع الحق في أن يقصد القتل عند ممارسته حقه في الدفاع الشرعي، وذلك أن الدفاع الشرعي إنما هو سلطة وقائية لا غير كما تقدم ذكره، ولذلك يجب على المدافع مراعاة التدرج عند استخدامه لهذا الحق.
(فقد اتفق الفقهاء من الامامية، والشافعية، والمالكية، والحنابلة، والظاهرية، والزيدية على أن الدفاع يقصد لمنع العدوان ودرء الأذى، ولو أدى إلى القتل. ولهذا ليس للمدافع أن يباشر القتل، أو يـــقصده ابتداءاً بحجــــة الدفاع، لأنه ملزم بمراعات التدرج، ولكنـــه يملك حق الــــدفاع، ولـــــو أدى إلى قتل المعتدي إذا توقف الدفاع عليه)(1).
(ولابد من التأكيد على أن الجميع متفقون على وجوب مراعاة الترتيب في مقام الدفاع، بحيث لو كان في الإمكان دفع المعتدي باليد أو العصا لا يسوغ دفعه بالسلاح القاتل المؤدي إلى جرحه أو قتله، ولو تجاوز فكسر عضواً من اعضائه، أو جنى على حياته يكون ضامناً ومسؤولا عن جنايته، كما أن المعتدي إذا فر فليس لمن كان هدفاً لعدوانه أن يتبعه، وإذا ضربه فقطع يمينه وولى مدبراً، فضربه وقطع رجله أو أحد أعضائه يكون مسؤولاً وضامناً لجنايته، لأنه قد تجاوز حقه)(2).
الدفاع الشرعي بالنسبة للأشخاص الدوليين
كان ما تقدم من البحث هو حول الدفاع الشرعي بالنسبة للأفراد، وهنا نخوض في موضوع الدفاع الشرعي من القسم الثاني ـ الدفاع بالنسبة للدول ـ هو موضوع على قدر كبير من الأهمية، وذلك أن الخطر الذي يتهدد الدول اكبر بكثير من ذلك الذي يتهدد الفرد، ولذا يجب أن يعطى موضوع الدفاع الشرعي بالنسبة للدول أهمية
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً