الوظائــــف العامـــــة
تمارس السلطة الإدارية وظائفها واختصاصاتها عن طريق الأشخاص الذين تستخدمهم لهذه الغاية، وهؤلاء الأشخاص هم أداة الدولة في القيام بجميع أوجه نشاطاتها ويشغلون الوظائف التي يتم إنشاؤها لتحقيق هذه الأغراض ، ولهذا وفي ضوء هذا البيان رأينا أن نتعرض في هذا الفصل لما يشتمل عليه من موضوعات، وهي تعريف الوظيفة العامة، وتقسيم الوظائف العامة، تعريف الجهة الحكومية، وأخيراً تعريف الموظف.
أولاً : تعريف الوظيفة العامة:
عرفت الفقرة الأولى من المادة (26) من الدستور الوظائف العامة بأنها “خدمة تناط بالقائمين بها، ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة” .
واستثنت الفقـرة الثانية الأجانب من شـرط المواطنة بقـولها ” ولا يتولى الأجانب الوظائف العامة إلا في الأحوال التي بينها القانون”، ومن ثم فقد أحال الدستور إلى القانون العادي في تنظيم قواعد وأحكام تولي الأجانب لهذه الوظائف.
وقد رددت المادة (11) من قانون الخدمة المدنية نفس التعريف الوارد بالفقرة الأولى من المادة (26) من الدستور السابق الإشارة إليها.
ثانياً : تقسيم الوظائف العامة:
تقسم الوظائف إلى وظائف دائمة ووظائف مؤقتة ، وذلك وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة (12) من قانون الخدمة المدنية، والوظائف الدائمة هي الوظائف المخصصة للموظفين الكويتيين الذين يستمرون في أعمالهم الوظيفية حتى يتم بلوغهم السن المقررة لانتهاء الخدمة، وذلك باستثناء الوظائف القيادية التي تم تأقيتها بمدة أربع سنوات قابلة للتجديد. وباستثناء بعض الوظائف التي يشغلها عدد من الكويتيين بموجب عقود خاصة مثل عقد عمل ” ممرض متدرب” الصادر بموجب قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 1 لسنة 1998 وعقد عمل تعيين موظفين كويتيين بالإدارة العامة للطيران المدني والصادر بموجب قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 8 لسنة 2000 بالإضافة إلى عقود أخرى تضمنتها بعض اللوائح في الجهات ذات الكوادر الخاصة ، غير أن الدولة قد تلجأ إلى استخدام موظفين مؤقتين لأسباب متعددة كعدم وجود العدد الكافي الذي تتوافر فيه شروط شغل بعض الوظائف الدائمة أو للرغبة في الاستفادة من الخبرات الأجنبية أو استجابة للتعاون الدولي … الخ، ويتم إلحاق هؤلاء بالخدمة بموجب عقود مؤقتة سوف نتحدث عنها في مكانها.
أما الفقرة الثانية من المادة المشار إليها فقد قسمت الوظائف الدائمة إلى مجموعات رئيسية ذات نشاط متشابه وهي :
1. مجموعة الوظائف القيادية.
2. مجموعة الوظائف العامة.
3. مجموعة الوظائف الفنية المساعدة.
4. مجموعة الوظائف المعاونة.
وهكذا تعتبر كل مجموعة من هذه المجموعات الرئيسية وحدة مستقلة قائمة بذاتها بينما توجد علاقه بين وظائف المجموعة الواحدة ، تتم عن طريق الترقية بين درجات كل مجموعة ما عدا مجموعة الوظائف القيادية التي يتم شغل الدرجة الأعلى فيها عن طريق التعيين وليس الترقية.
ونتناول كل مجموعة من المجموعات الرئيسية السابقة بشيء من التفصيل:
1. مجموعة الوظائف القيادية:
وهذه المجموعة يكون شاغلوها في قمة الجهاز الإداري بعد الوزير مباشرة ومن ثم تكون مسئوليتهم الرئيسية مسايرة الشئون الإدارية بالجهات القائمين عليها للسياسة العامة للحكومة، ولهذا يمارس شاغلوها ثلاثة أنواع من السلطة هي:
أ. سلطة إصدار القرارات الإدارية.
ب. سلطة رئاسية على الموظفين الأقل درجة.
جـ . سلطة تنظيم العمل الإداري.
وتتكون هذه المجموعة من ثلاث درجات هي الدرجة الممتازة – وكيل الوزارة – وكيل الوزارة المساعد.
2. مجموعة الوظائف العامة:
وتضم هذه المجموعة وظائف الإشراف والتوجيه والتنفيذ معاً ومن أمثلة مجموعة الوظائف العامة، الوظائف الهندسية، ووظائف الطب العلاجي، ووظائف التدريس ، والوظائف الإدارية … الخ.
وهي تتكون من عشر درجات أقلها الدرجة الثامنة وأعـلاها الدرجة ( أ ) .
3. مجموعة الوظائف الفنية المساعدة:
وتضم الوظائف التي يقوم شاغلوها بمختلف الحرف كالنجار والحداد والميكانيكي … الخ وتتكون من ست درجات أدناها الدرجة السادسة وأعلاها الدرجة الأولى.
4. مجموعة الوظائف المعاونة:
وهي التي تضم الوظائف البسيطة مثل المراسل، السائق الفراش …. الخ .
وتتكون من ثلاث درجات تبدأ بالدرجة الثالثة وتنتهي بالدرجة الأولى .
ثالثاً : تعريف الجهة الحكومية :
نصت المادة الثانية من قانون الخدمة المدنية على أنه ” في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد : بالجهة الحكومية كل وزارة أو إدارة أو وحدة إدارية تكون ميزانيتها ضمن الميزانية العامة للدولة أو ملحقة بها” .
من النص السالف الذكر يتضح لنا جلياً أن تحديد ما إذا كانت جهة ما تعتبر جهة حكومية في نطاق تطبيق قانون الخدمة المدنية أم لا يتوقف على تحقيق أمرين أولهما الاسم الذي يطلق على الجهة وثانيهما نوع الميزانية .
الأمر الأول :
عضوي أي المنظمة أو الجهاز الذي يراد معرفة ماهيته وكنهه، وما إذا كان وزارة أم إدارة أو وحدة إدارية.
الأمر الثاني :
مالي أي الميزانية ، ذلك لان التعريف لم يكتف بتحديد الجهة الحكومية بالرجوع إلى اسم المنظمة الإدارية – كما نوهنا – وإنما اشترط فوق ذلك أن تكون ميزانيتها ضمن الميزانية العامة للدولة أو ملحقة بها.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الميزانية العامة للدولة كأصل تتضمن جميع نفقات وإيرادات الوحدات الإدارية التي يتكون منها الجهاز الإداري للدولة، أياً كانت تسمية هذه الوحدات، إلا أن هذا الأصل يتم الخروج عليه باستثناءات متعددة منها:
1. الميزانيات الملحقة:
وهي الميزانيات المنفصلة عن ميزانية الدولة وتشمل مصروفات وإيرادات بعض الإدارات العامة التي لا تعد من الناحية القانونية منفصلة عن الدولة ، وفي نفس الوقت لا تعد من المؤسسات العامة.
وهذه الإدارات هي التي غالباً ما تدخل تحت مسمى الهيئات العامة وهي التي تقوم عادة بخدمة عامة ولا تقوم بنشاط مالي أو تجاري أو صناعي كما لا تهدف إلى الربح .
2. الميزانيات المستقلة :
ويقصد بالميزانية المستقلة ميزانية الإدارات والهيئات والمؤسسات العامة المتمتعة بالشخصية المعنوية المستقلة عن شخصية الدولة، وهي التي تتمتع بها المؤسسات العامة التي تمارس نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو زراعياً … الخ، وتحتاج إلى المرونة في الإدارة بعيداً عن الروتين الجامد الذي تخضع له الجهات الحكومية، لأنها غالباً ما تهدف إلى الربح بجانب الخدمة العامة.
ومما لا ريب فيه إن ميزانية الوزارات المختلفة تدخل ضمن الميزانية العامة للدولة ، ولهذا يمكن القول بأن تسمية “وزارة” وحدها تغني عن البحث في نوع ميزانيتها، وبالتالي تعتبر الوزارة جهة حكومية بالمعنى المقصود بالتعريف دون حاجة للخوص في ميزانيتها.
إلا أن الأمر على العكس من ذلك تماماً بالنسبة لغير الوزارة من وحدات إدارية أو ما أطلق عليه نص المادة (2) سالفة الذكر تسمية “الإدارة” أو “الوحدة الإدارية” فيلزم للقول بأن الإدارة أو الوحدة الإدارية محل البحث تعتبر جهة حكومية في نطاق قانون الخدمة المدنية التحقق من ميزانية هذه “الإدارة” أو تلك “الوحدة الإدارية” ، وما إذا كانت من ضمن الميزانية العامة للدولة أو ملحقة بها ، ولهذا تستبعد الإدارات والوحدات الإدارية ذات الميزانيات المستقلة من التعريف الذي يقتصر على الجهات التي تدخل ميزانيتها ضمن الميزانية العامة أو الجهات ذات الميزانية الملحقة، مع ملاحظة أن ميزانية الجهة الواحدة تكون عرضة للتبديل من ملحقة إلى مستقلة والعكس، وبهذا يكون تطبيق التعريف بالكيفية التي أرادها المشرع مرناً بحيث تخرج بعض الإدارات والوحدات الإدارية الأخرى من نطاق القانون أو تدخل فيه بحسب الأحوال ، وهكذا تضيق الجهات الحكومية أو تتسع طبقاً لميزانيتها .
ومن أمثلة الهيئات ذات الميزانية الملحقة مجلس الأمة، بلدية الكويت، جامعة الكويت.
ومن الأمثلة على الهيئات ذات الميزانية المستقلة والتي تخرج من نطاق تطبيق القانون بطبيعة الحال مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية ، المؤسسة العام للتأمينات الاجتماعية، البنك المركزي ، الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، معهد الكويت للأبحاث العلمية، وكالة الأنباء الكويتية.
هذا بالنسبة لتعريف الجهة الحكومية في مجال أعمال قانون ونظام الخدمة المدنية ، وهو ما يعرف بالتعريف الضيق، أما بالنسبة للتعريف الواسع فقد قضت المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 2000 في شأن دعم العمالة الوطنية وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية بأن الجهات الحكومية هي الوزارات والإدارات الحكومية والجهات ذات الميزانيات الملحقة والمستقلة ، وفي رأينا أن هذا التعريف يعمل به فقط في مجال تطبيق قانون دعم العمالة.
وجدير بالذكر أن أهمية هذا التعريف تكمن في مدى سريان قانون الخدمة المدنية على أجهزة الدولة المختلفة حيث حددت المادة الثالثة من هذا القانون مجال سريانه وقصرته على الجهات الحكومية والجهات التي تنظم شئون الخدمة المدنية فيها قوانين خاصة ، فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذه القوانين، ولا تسري أحكامه على العسكريين من جال الجيش والشرطة والحرس الوطني.
رابعاً : : تعـــريف الموظــــف :
الوظيفة هي الخلية الأولى في كل تنظيم إداري داخل الوحدة الإدارية أياً كانت التسمية التي تطلق عليها وزارة أو إدارة أو غيره، وهذه الوظيفة يتم شغلها بشخص طبيعي هو الموظف.
وقد تناول المشرع تعريف الموظف في المادة (2) من قانون الخدمة المدنية بنصه على ما يلي ” في تطبيق أحكام هذا القانون ، يقصد بالموظف كل من يشغل وظيفة مدنية من وظائف الجهات الحكومية أياً كانت طبيعة عمله أو مسمى وظيفته”.
والملاحظ على هذا التعريف أنه تعريف ضيق ، إلا أن هناك تعريفات واسعة منها أن ” الموظف العام هو الشخص الذي يعهد إليه بوظيفة دائمة داخلة ضمن كادر الوظائف الخاص بمرفق عام ” ، ومنها أن “الموظف العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق ” * .
* أنظر مبادئ وأحكام القانون الإداري – الدكتور/ محمد فؤاد المهنا – ص 567 وهامش (1) وهذا التعريف للقضاء الفرنسي .
وطبقاً لتعريف قانون الخدمة المدنية يعتبر الشخص موظفاً بتوافر شرطان :
الشرط الأول :
أن يشغل وظيفة مدنية بصرف النظر عن كونها من الوظائف الدائمة أو المؤقتة وأياً كانت المجموعة الرئيسية التي تشتمل عليها، وأياً كانت جنسية شاغلها كويتي أو غير كويتي، وأياً كانت أداة شغله هذه الوظيفة بقرار أياً كانت سلطة إصداره أو بعقد أياً كان نوعه، وسواء أكان التعيين تحت التجربة أم بدونها، وسواء استحق بعد انتهاء خدمته معاشاً تقاعدياً أو مكافأة أم لم يستحق شيئاً منها..وأياً كانت طبيعة عمله أو مسمى وظيفتة.
الشرط الثاني :
أن تكون الوظيفة من وظائف إحدى الجهات الحكومية ، بالمعنى الذي حدده المشرع عند تعريفه الجهة الحكومية في ذات المادة (2) المشار إليها.
وهكذا يكون توفر هذا الشرط بالرجوع إلى وظائف الجهات الحكومية المختلفة أياً كانت التسمية التي تطلق عليها سواء أكانت وزارة أم إدارة عامة أم هيئة عامة أم غيرها ممن تكون ميزانيتها ضمن الميزانية العامة للدولة أو ملحقة بها.
ومن استقراء الشرطين سالفي الذكر يتضح لنا الآتي:
1. استبعاد الوظائف العسكرية، ومن ثم يكون شاغلوها من غير الموظفين بالمفهوم الذي حدده النص.
2. استبعاد الجهات غير الحكومية، بالمفهوم الوارد بتعريف القانون للجهة الحكومية، ومن ثم يكون موظفو هذه الجهات من غير الموظفين المعنيين بالنص.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً