القانون الأصلح للمتهم
لم تعتمد القوانين العقابية التي تاخذ بالقانون الاصلح للمتهم على تعريف معين لكنها اكتفت بايراد احكامه وتركت التعريف للفقه الجنائي .
اما بالنسبة لمعنى هذا الاصطلاح في القضاء فقد وضعت محكمة النقض المصرية تعريفا له القانون الأصلح في احد إحكامها بقولها : انه القانون الذي ينشىء للمتهم مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم ، وفي حكم اخر لذات المحكمة تقول : ) يعد القانون أصلح للمتهم إذا انشأ مركزاً قانونياً أصلح بما اشتملت عليه إحكامه) اما في القضاء العراقي فلا يوجد تعريف للقانون الأصلح للمتهم .
ومن الناحية الفقهية فان هناك عدة تعريفات لهذا المصطلح فهناك من يعرف القانون الأصلح للمتهم بأنه القانون الذي يطبق على الأفعال التي ارتكبت قبل نفاذه ويعني ذلك استبعاد النص الذي كان معمولاً به وقت ارتكابها واستفادة المدعى عليه من النص الأصلح له ، كما عرف بأنه ” القانون الذي يوجد من حيث التجريم والعقاب مركزاً أو وضعاً أصلح للمتهم على وجه من الوجوه .
ومن الجدير بالإشارة إن المشرع لا يصرح في تشريعاتها ألعقابية بأن هذا القانون أصلح للمتهم من عدمه ولكن العبرة بحقيقة المركز القانوني الذي كان عليه المتهم وقت ارتكابه الفعل المسند إليه وبما يضيفه عليه القانون الجديد ، فان تبين للقضاء إن مركز المتهم القانوني سوف يتحسن بتطبيق القانون الجديد عليه وبعد توافر شروط تطبيقه ، طبق القضاء القانون الجديد بوصفه أصلح للمتهم .
إما إذا تبين للقضاء إن مركز المتهم سوف يصبح أسوأ مما هو عليه عند تطبيق القانون الجديد فحينئذ يمتنع القضاء عن تطبيق القانون الجديد على الواقعة المنسوبة للمتهم ، وبذلك فأن الأمر بالنسبة للقواعد العقابية هو تطبيق القانون المعمول به وقت ارتكاب الجريمة إذا كان القانون الجديد أسوأ بالنسبة للمتهم ، وتطبيق القانون الجديد إذا كان أصلح للمتهم .
ويستند القانون الأصلح للمتهم على اسس معينة يستمد منها مصدره ، الذي يستقل عن الأساس القانوني للقواعد القانونية الأخرى ، فيجد القانون الأصلح للمتهم أساسه الدولي في نص الفقرة الأولى من المادة (15 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حيث نصت هذه الفقرة على : (ان لا يدان أي فرد بأية جريمة بسبب فعل أو امتناع عن فعل لم يكن وقت ارتكابه يشكل جريمة بمقتضى القانون الوطني أو الدولي ، كما لا يجوز فرض أية عقوبة تكون اشد من تلك التي كانت سارية المفعول في الوقت الذي ارتكبت فيه الجريمة ، وإذا حدث بعد ارتكاب الجريمة إن صدر قانون ينص على عقوبة اخف .
وجب إن يستفيد مرتكب الجريمة من هذا التخفيف ) واستنادا لذلك فان من الواجب استفادة مرتكب الجريمة من التخفيف العقابي الذي يتضمنه القانون الصادر بعد ارتكاب الجريمة يحمل في ذاته مضمون قاعدة القانون الأصلح للمتهم بكل ما تحمله من معان وتؤدي إليه من نتائج ، وبذلك فإذا كانت استفادة مرتكب الجريمة من التخفيف العقابي الذي جاء به القانون الصادر بعد ارتكاب الجريمة وجوبياً فمن باب أولى تكون استفادته من الإعفاء العقابي عند زوال صفة التجريم من نهائياً عن ذلك الفعل وجوبياً ايضاً .
اما بالنسبة للقواعد الدستورية فقد ورد النص على قاعدة القانون الأصلح للمتهم في الفقرة العاشرة من المادة (19 ) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 حيث نصت هذه الفقرة على إن : لا يسري القانون الجزائي بأثر رجعي إلا إذا كان أصلح للمتهم.
كما تعد المادة (34 ) من الدستور المصري التي كفلت صون الحرية الشخصية للإنسان هي الأساس الدستوري للقانون الأصلح للمتهم والتي تنص على ان : الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس. اما بالنسبة للقوانين العقابية فيتمثل أساس القانون الأصلح للمتهم في الفقرة ( 2 ) و (3 ) و (4 ) من المادة ( 2 ) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، إذ تنص الفقرة (2 ) من هذه المادة على إنه : (إذا صدر قانون أو أكثر بعد ارتكاب الجريمة وقبل إن يصبح الحكم الصادر فيها نهائياً فيطبق القانون الأصلح للمتهم) ، إما الفقرة (3 ) من ذات المادة فقد بينت حالة صدور قانون جديد أصلح للمتهم بعد الحكم النهائي عن الفعل المسند إلى المحكوم عليه ، يجعل الفعل أو الامتناع عن الفعل الذي حكم على المتهم من اجله غير معاقب عليه .
في حين بينت الفقرة (4 ) من ذات المادة حالة إذا جاء بتخفيف العقوبة المنصوص عليها في القانون السابق . إما في القانون المصري فتعد المادة ( 5 ) من قانون العقوبات المصري هي أساس القانون الأصلح للمتهم حيث نصت على إنه : ( إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع من دون غيره وإذا صدر قانون بعد حكم نهائي يجعل الفعل الذي حكم على المجرم من اجله غير معاقب عليه بوقف تنفيذ الحكم وتنتهي أثاره الجنائية غير انه في حالة قيام إجراءات الدعوى أو صدور حكم بالإدانة فيها وكان ذلك فعل وقع مخالفاً لقانون ينهي عن ارتكابه في فترة محددة فان انتهاء هذه الفترة لا يحول دون السير في الدعوى أو تنفيذ العقوبات المحكوم بها ) .
المحامية: ورود فخري
اترك تعليقاً