المبادئ والأُسس المهمة للمحامي المُتميز
محمد الأسمري محامون ومستشارون قانونيون
مهنة المحاماة مهنة حُرَّة تُشارك القضاء في تحقيق العدالة؛ لذا فإن المحاماة رسالة سامية تقوم على مبادئ وقيم عالية تُعدُّ ثوابت ينبغي للمحامي المتميز أن يتخلَّق بها حتى تتهيَّأ له بيئة مناسبة لأداء عمله على أكمل وجه وبكل حيادية وتمده بالقوة في مواجهة التحديات حتى يكون قادرًا على تحقيق مجرى العدالة وإعادة الحق لأصحابه.
إذن، ما الذي يتطلبه الأمر حتى يكون المحامي ناجحًا ومحترفًا في مهنته؟
القوَّة في العلم والإلمام بالقانون:
أهم عوامل النجاح والتميُّز لدى المحامي هو الإلمام بأنظمة وقوانين الدولة التي يعمل بها والإلمام بإجراءات التقاضي والأخذ في الاعتبار جميع المستجدات والثغرات التي تطرأ على الساحة القانونية.
التعلُّم المستمر:
القوانين والأنظمة في تغيُّر مُستمر؛ لذا ينبغي أن يكون المحامي المتميز على اطلاع دائم بكل ما هو جديد في مجال القانون، وأن يمتلك سعة الأفق العلمي والثقافي، إضافة إلى أن يكون دائم البحث وواسع الاطلاع في مجاله، وأن يتقن مهارات البحث القانوني وتحديد الصلاحيات القانونية، سواء بين المراجع والمؤلفات القانونية أو في المواقع الإلكترونية الموثقة والمتخصصة في هذا المجال.
مهارات التعامل مع الآخرين:
تحتاج مهنة المحاماة إلى مهارات التواصل مع الآخرين؛ فالتعامل يكون مع أكثر من شخص، سواء المُوكِّل، أو العميل، أو القاضي، أو الموظف في المحكمة، أو الخصم، أو الشهود، وغيرهم؛ لذا لا بد من اللباقة في التعامل مع مختلف الشخصيات وحسن التصرُّف في مختلف المواقف التي قد يتعرض لها أثناء أداء عمله.
أن يكون شخصًا اجتماعيًا:
يستطيع تكوين وخلق العلاقات الناجحة مع الأفراد المحيطين به لأنه سوف يحتاج في مجال عمله إلى تلك العلاقات.
السرية:
مكتب المحاماة مليء بأسرار العملاء والمُوكِّلين، ومن مبادئ هذه المهنة وقيمها السامية الحفاظ على أسرار العملاء وعدم إظهارها لأي شخص كان، سواء كان ذلك أثناء سريان القضايا أو بعد الحسم فيها.
الصراحة والوضوح:
عند تقديم الاستشارات القانونية أو تقديم أي خدمات متعلقة بالقضايا وخلافه ينبغي أن يتحلى المحامي بالصراحة والوضوح عند حديثه مع مُوكِّليه فيما يتعلق بحقوقه والتزاماته وإظهار جميع الحقائق، وبعد دراسة القضايا دراسة وافية لمختلف جوانبها عليه أن يواجه مُوكِّله بالحقائق بأسلوب سهل مُقنع بحيث يضع المُوكِّل في صورة واضحة لموقفه.
المنطقية في التفكير:
القانونيون المحترفون لديهم خبرات مُتراكمة من خلال القدرة على مراجعة الوثائق والمستندات العقدة ذات الأحداث المتشابكة واستنتاج ما يحتاج إليه منها، والقدرة على التفكير المنطقي والقدرة على حل المشكلات واستحضار الأدلة والبراهين وتقييمها وترتيبها بأسلوب منطقي.
القُدرة على التحليل:
من الصفات المهمة التي تُميِّز مدى قدرة المحامي على الاضطلاع بمهنته وهي أن تكون لديه القدرة على تحليل الوقائع والأحداث والقدرة على فهمها بما يسهل له الوصول إلى القوانين التي يمكن تطبيقها على هذه الأحداث بصورة صحيحة.
تحمُّل الضغوط:
مهنة المحاماة من المهن الصعبة التي يواجه أصحابها كثيرًا من الضغوط والتحديات والتي تضطره للعمل لساعات طويلة وتسبب له الإرهاق الجسدي، ناهيك عن الإرهاق الذهني، لذا ينبغي أن يُهيِّئ نفسه للتعامل مع هذه الضغوط بحكمة وصبر.
الحيادية:
تقتضي مهنة المحاماة أن يكون صاحبها ملتزمًا بمبادئ الحيادية والأمانة والشرف والمصداقية، وأن يتعامل مع جميع زملائه ومُوكِّليه وفقًا للأنظمة والقوانين وتقاليد المهنة ومبادئ الاحترام في العلاقات تذكر أن المحاماة مهنة تُسهم في تحقيق العدالة وليست سلعة تصلح للمتاجرة.
المتابعة والتنظيم:
النظام مطلوب في كل أمور الإنسان، ومهنة المحاماة تتطلب أن يكون صاحبها منظمًا دقيقًا في أموره، يستطيع ترتيب قضاياه وتنظيم مواعيدها، ومباشرة القضايا بنفسه ومتابعة سيرها حتى البتِّ فيها، ويكون الاهتمام كبيرًا بترتيب كل ما يحيط به من أوراق وملفات وغيره في المكتب الخاص به، ووضع الآليات والسبل التي من خلالها يستطيع إنجاز مهامه بأسرع وقت، ومن ذلك القدرة على تنظيم الوثائق والبيانات والأدلة.
القُدرة على الإقناع:
المحامي الناجح هو من يمتلك القُدرة على مهارة إقناع الآخرين والقدرة على إيصال الفكرة والمعلومة بشكل موجز وإتقان المصطلحات القانونية للمُوكِّلين أو للطرف الآخر بصفة عامة، سواء كان القاضي أو غيره ممَّن يقتضي الحال التعامل معهم، كذلك فإن من المهم امتلاك القُدرة على تدعيم وجهة النظر بالأدلة والبراهين.
مهارات الكتابة والصياغة:
من الطبيعي أن يكون المحامي لديه القدرة على تطويع الكلمات وصياغتها، وأن يمتلك أدوات تطوير لغته وأن يتميز بقوة الأسلوب والمعاني والبعد تمامًا عن الأخطاء اللغوية والإملائية في المُرافعات، وفي كتابة لوائح الدعاوى واللوائح الاعتراضية والعقود والوثائق القانونية على حد سواء.
توظيف التكنولوجيا:
أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزَّأ من حياتنا اليومية، لذلك فالمحامي المُحترف ينبغي أن يكون مُلمًّا بالعديد من البرامج التي تُسهم بفعالية في أداء مهامه مثل برامج مُعالجة النصوص والبرامج التي تساعد في تنظيف الملفات والقضايا هذا فضلاً عن إجادة برامج التواصل الاجتماعي والبرامج التي من شأنها دعم القضايا وتوثيقها.
مهارات إدارة الوقت:
وهي عامل مهم، فإدارة الوقت باحترافية أمر يُسهم في سرعة الإنجاز وعدم التعرُّض للضغوط وتراكم الأعمال، وتتمثل مهارات إدارة الوقت في الموازنة بين ساعات العمل والأجر، وإدارة المهام المتعددة، وتحديد الأولويات.
الوفاء بالالتزامات:
المحامي الناجح هو الذي يكون وفيًا بالتزاماته التي تعهَّد بها أمام مُوكِّله، والتي تجعل منه محاميًا مُحافظًا على شرف المهنة ومؤديا للواجب المنوط به والذي يتمثل في مساهمته في تحقيق العدالة وسيادة القانون.
سرعة الحسم في القضايا:
من مبادئ مهنة المحاماة الاهتمام بسرعة حسم القضايا وعدم تأجيلها لأسباب شخصية، وهذا يتنافى مع تحقيق العدالة وإيصال الحق لأصحابه، فإحدى وظائف مكتب المحاماة تتمثل في تمكين السلطات القضائية من سرعة الحسم في القضايا وفقًا للقانون.
الصورة المُشرِّفة:
المحامي المتميز الناجح صورة مُشرِّفة لمهنة المحاماة حيث يراعي أصول اللياقة الأدبية في رحلته المهنية في أي مكان تقتضيه ظروف العمل سواء في مكتب المحاماة الخاص به أو في المحاكم أو في أي جهة مختصة.
وفي النهاية، لا يسعنا إلا أن نذكر أن مهنة المحاماة رسالةٌ تهدف إلى نصرة الحق وتحقيق العدالة، وفي ذات الوقت لا يتعارض هذا المفهوم مع كون المحاماة مهنة حُرَّة مستقلة لها مكانتها الراقية إذا ما كان ممتهنها يعمل وفقًا للمبادئ والثوابت التي تجعل منه محاميًا ناجحًا متميزًا في مجاله يُسهم في وضع حد للباطل، وفي رجوع الحق لمستحقيه، كذلك يتعيَّن على المحامي أن يلتزم بواجباته تلقاء مُوكِّله وخصمه على حد سواء فلا محل ولا مجال للخصومات الشخصية.
إن كثيرًا من المواطنين لا يعرفون سلوك السبل القانونية في استرداد حقوقهم؛ لذا يبحثون عن مكتب محاماة يتَّسم بالمصداقية والثقة، ولا يتأتَّى هذا إلا بتسلُّح المحامي بالمعرفة القانونية والثقافية بوجه عام، والتسلُّح بالمبادئ والأخلاق السامية حتى يكون عونًا للناس في حصولهم على حقوقهم وتحقيق مجرى العدالة وسيادة القانون.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً