القرار عدد 3562
الصادر بتاريخ 14 أكتوبر 2009
في الملف المدني عدد 1273/1/5/2008
وعد بالبيع – عقار- عدم أداء الثمن داخل الأجل – فسخ العقد.
بما أنه ثبت أن عقد الوعد ببيع العقار نص على التزامات متقابلة بين المتعاقدين وحدد أجلا للوفاء بها، وأنه إذا لم يتحقق البيع خلال هذا الأجل ولأي سبب كان فإن الواعد بالبيع يرجع إلى الموعود له مبلغ التسبيق، ويسترد حقه في التصرف في ملكه، فإن المحكمة لما قضت بفسخ عقد الوعد بالبيع بعد أن ثبت لها أن الموعود له بالبيع لم يؤد المتبقي من الثمن خلال الأجل المتفق عليه، كما لم يعرضه على الواعد طبقا للكيفية المنصوص عليها قانونا، معتبرة أن عرضه أداء الثمن خارج الأجل المتفق عليه غير منتج لأي أثر تكون قد طبقت مبدأ ” أن العقد شريعة المتعاقدين”.
رفض الطلب
باسم جلالة الملك
حيث يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه رقم 154 الصادر بتاريخ 13/12/2007 في الملف 75/7/13 عن محكمة الاستئناف بالرباط أن الطالب رفع بتاريخ 2/8/2006 دعوى أمام المحكمة الابتدائية بتمارة عرض فيها أن المطلوبين وعداه ببيعهما له قطعة أرضية توجد بإقليم الصخيرات موضوع الرسم العقاري عدد 23261/38 وأدى لهما تسبيقا من ثمن البيع والباقي التزم بأدائه عندما يحصل الواعدان على وثائق البيع،
إلا أنهما امتنعا من إتمام الإجراءات رغم مطالبتهما بذلك حبيا ملتمسا الحكم عليهما بإتمام البيع معه في شأن الرسم العقاري المذكور وفي حالة امتناعهما اعتبار الحكم المنتظر صدوره بمثابة عقد بيع نهائي، وأجاب المطلوب الأول بمقال معارض مؤدى عنه بتاريخ 8/11/2006 عرض فيه أنه بمقتضى عقد موثق بتاريخ 6/6/2006 بمعرفة الأستاذ عبد اللطيف التازي تعهد إلى جانب شريكه المطلوب الثاني بتفويت جميع حقوقهما في الرسم العقاري المدعى بشأنه إلى الطالب بثمن إجمالي مبلغه 10.000.000 درهم أدى منه تسبيقا مبلغه 500.000 درهم على أن يتمم الطرفان إجراءات البيع خلال أجل أقصاه 7/8/2006 تحت طائلة فسخ العقد، وأن الطالب عجز عن أداء باقي الثمن خلال الأجل المذكور وإلى تاريخ رفع مقاله الافتتاحي مما يعتبر معه متماطلا،
ملتمسا أساسا التصريح بعدم قبول الدعوى الافتتاحية واحتياطيا برفضها وبالنسبة للدعوى المضادة الحكم بفسخ عقد الوعد بالبيع المذكور وبتعويض مؤقت مبلغه 100.000 درهم، وبعد انتهاء الردود قضت المحكمة بتاريخ 22/2/2007 بعدم قبول الدعوى الأصلية وبقبول المقال المضاد وفسخ عقد الوعد بالبيع المؤرخ في 6/6/2006 وبرفض باقي الطلبات، بحكم استأنفه الطالب بمقال أصلي، كما استأنفه المطلوبان فرعيا وأيدته محكمة الاستئناف بقرارها المطعون فيه.
حيث ينعى الطالب على القرار في الوسيلة الوحيدة بفروعها الستة خرقه الفصول 230 و270 و271 و478 و489 و577 و580 من قانون الالتزامات والعقود والفصل 345 من قانون المسطرة المدنية وانعدام التعليل والأساس، ذلك أن المحكمة اكتفت بالقول بأن الطالب لم يثبت أنه أدى أو عرض أداء المتبقي من الثمن قبل انقضاء الأجل المحدد في 7/8/2006 مما يبرر فسخ عقد الوعد بالبيع والحالة أن هذا التاريخ قد حدد في الاتفاق المبرم بين الطرفين، لا لأداء المتبقي من ثمن البيع وإنما لتحرير العقد النهائي للبيع،
مما يستوجب مشاركة البائع في إنجاز العملية التي يتبعها الأداء ،مع العلم أن التزام المشتري بالأداء يكون قانونا تابعا لالتزام البائع بتسليم المبيع أو في القليل يجعله قابلا للتسليم حرا من كل تقييد وحجز وما يماثل ذلك من التصرفات والتقييدات التي تحول دون نقل الحيازة والملكية، وأن العقد المبرم بين الطرفين وإن لم يحدد بدقة المكان الذي يجب أن يلتقي فيه الطرفان لتحديد العقد النهائي والتوقيع عليه إلا أنه كان مفروضا أن ينجز بمكتب الموثق الذي حرر عقد الوعد بالبيع وأن يحضر لديه الطرفان قبل 7/8/2006،
وهو ما أوفى به الطالب ولم يعن به المطلوبان اللذان لم يقوما بأي عمل إيجابي بوصفهما بائعين ملزمين بالإدلاء بالوثائق التي تثبت عدم مديونيتها تجاه إدارة الضرائب والتشطيب من الرسم العقاري على ما كان مدونا به من رهون متعددة لفائدة القرض الفلاحي، والحالة من جهة أخرى كما هو مستقر عليه قضاء أن المشتري لا يلزم بدفع الثمن إلا بعد تحرير عقد البيع وتسليم المبيع، وأن البائع لحق عيني محفظ يكون ملزما بنقل ملكية المبيع إلى المشتري باتخاذ الإجراءات الضرورية لإشهار عقد البيع وتقييده بالرسم العقاري، وأن التصرفات بشأن الحقوق العينية المتعلقة بالعقارات المحفظة لا تنشأ ولا تنتقل ولا تزول،
لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير، إلا بإشهارها عن طريق تدوينها بالرسوم العقارية الخاصة بها، مما يترتب عنه أن البائع لا يستحق تسلم ثمن البيع إلا بعدما يصبح حق المشتري مسجلا بالرسم العقاري، مما يستوجب مسبقا تحرير العقد وإمضاؤه من لدن الطرفين، مما تعذر توافره في النازلة بسبب عدم حضور المطلوبين لدى الموثق داخل الأجل المحدد في الاتفاق، والحالة من جهة ثالثة أن سكوت الدائن أو غيابه عندما تكون مشاركته ضرورية لتنفيذ الالتزام يعتبران رفضا منه ولا ضرورة عندئذ لإجراء العرض العيني من جانب المدين طبقا للفصلين 270 و271 من قانون الالتزامات والعقود،
وأن المشتري لا يلزم قانونا بدفع الثمن إلا في نفس الوقت الذي يسلم إليه فيه المبيع، وبعد أن ينفذ البائع أولا نصيبه من الالتزام وذلك بتحرير الرسم العقاري المبيع مما كان مثقلا به من رهون ومانعا من نقل الحيازة أو الملكية إلى الطالب ملتمسا لذلك نقض القرار المطعون فيه.
لكن، وكما ثبت للمحكمة فإن عقد الوعد بالبيع الذي هو شريعة عاقديه نص على التزامات متقابلة بينهما وحدد أجلا للوفاء بها أقصاه 7/8/2006، وإذا لم يتحقق البيع خلال هذا الأجل ولأي سبب كان فإن الواعدين بالبيع يرجعان إلى الموعود له مبلغ التسبيق وفي المقابل يستردان حقهما في التصرف في عقارهما،
والمحكمة لما ثبت لها أن الموعود له بالبيع الطالب لم يؤد المتبقي من الثمن خلال الأجل المتفق عليه، كما لم يعرضه على المطلوبين كما تقتضيه المسطرة المنصوص عليها في الفصل 177 وما يليه من قانون المسطرة المدنية، مستبعدة شهادة الموثق المؤرخة في 7/12/2006 باعتبار من جهة أنها لا تتضمن بيانات حول الإيداع الفعلي لباقي الثمن، ولأنها من جهة أخرى لا تغني عن شهادة الإيداع المنظمة في الفصل 26 من ظهير 24/5/1925 المعدل بظهير 15/7/1946 معتبرة العرض الذي تقدم به الطالب في 22/12/2006 أي خارج الأجل غير منتج لأي أثر قضت بفسخ عقد البيع الذي تستلزمه بنوده لأي سبب مانع من إتمامه،
وقد تحقق هذا السبب حينما لم يعرض المشتري باقي الثمن خلال الأجل المحدد وذلك كاف في فسخ العقد فجاء قرارها مطابقا للفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود وغير خارق للفصول المحتج بها والوسيلة بدون أساس.
لـهـذه الأسـبـاب
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب.
الرئيس: السيد إبراهيم بولحيان– المقرر: السيد محمد بنزهة – المحامي العام: السيد جمال النور.
تعليق: الوعد ببيع العقار على ضوء الاجتهاد القضائي
ذ. العربي الشادلي
دكتور في الحقوق
يعالج قرار المجلس الأعلى عدد 3562 الصادر بتاريخ14 أكتوبر 2009 في الملف المدني عدد 1273/1/5/2008 موضوع الوعد ببيع العقار، وهو موضوع اختلفت الآراء الفقهية والقضائية بشأنه من عدة جوانب قانونية سنحاول الإشارة إلى بعضها في هذا التعليق.
يعد عقد البيع من أهم وأقدم العقود المسماة وأوسعها انتشارا على الإطلاق، ولم يسبقه في القدم إلا عقد المقايضة، وقد عرفه المشرع المغربي في الفصل 478 من قانون الالتزامات والعقود بأنه: “عقد يلتزم بمقتضاه أن ينقل أحد المتعاقدين للآخر ملكية شيء أو حق مقابل ثمن يلتزم هذا الأخير بدفعه له”.
وهو يعتبر عقدا رضائيا،لا تتطلب فيه شكلية معينة ، وقد أشار إلى ذلك الفصل 488 من قانون الالتزامات والعقود بنصه على أنه: “يكون البيع تاما بمجرد تراضي عاقديه، أحدهما بالبيع والآخر بالشراء، وباتفاقهما على المبيع والثمن وشروط العقد الأخرى”، غير أنه إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا وجب أن يجرى البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ، ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون (الفصل 489 من ق.ل.ع).
فإذا كانت القواعد العامة الواردة في قانون الالتزامات والعقود واضحة في تنظيم أركان عقد البيع عموما، إلا أنها تعتبر قاصرة عن معالجة بعض الإشكاليات التي يطرحها الوعد ببيع العقار تحديدا، الأمر الذي يحيلنا إلى التطرق إلى ما سار عليه الاجتهاد القضائي المغربي بهذا الخصوص على مستوى محاكم الموضوع ومحكمة النقض.
أولا: إشكاليات الوعد ببيع العقار على ضوء أحكام محاكم الموضوع.
غالبا ما يمر بيع العقار بمرحلة تمهيدية متدرجة قد تكون مجرد وعد بالبيع، وقد تصل إلى أبعد من ذلك فتكون بيعا ابتدائيا.
وقد عرضت على بعض محاكم الموضوع عدة قضايا عالجت نزاعات تتعلق بالوعد ببيع العقار وحددت موقفها منه كالقرار الصادر عن محكمة الاستئناف بتازة عدد 996/86 بتاريخ 24/12/1986 في الملف المدني عدد 251/85 اعتبر: “أن الوعد بالتعاقد هو عقد تمهيدي لا ينعقد صحيحا، إلا إذا توافرت فيه جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه”، مضيفا في تعليله “أنه إذا اختل ركن من أركان العقد فإن الواعد يبقى مالكا للشيء، وله أن يتصرف فيه إلى وقت التعاقد النهائي، ولا يكون للموعود له في حالة تفويته للغير إلا حق شخصي في ذمة الواعد”.
وقد أتى هذا القرار مسايرا لقرار سابق لمحكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 20/2/1951 اعتبر فيه: “أن المستفيد من وعد انفرادي بالبيع لا يملك سوى حقا شخصيا منقولا رغم أن موضوعه يكون عقارا”[1].
وقد اعتبرت المحكمة الابتدائية بمراكش[2] في حكمها الصادر بتاريخ 20/3/1995 عدد 631/94 : “أن الوعد بالبيع هو وليد مرحلة تمهيدية تسبق مرحلة التعاقد النهائي، وتؤدي على وجه محقق أو غير محقق إلى المرحلة النهائية، وأن أبرز صوره هو الوعد بالبيع من جانب واحد، والصورة الثانية هي الوعد بالشراء من جانب واحد، والصورة الثالثة والأخيرة هي صورة الوعد المتبادل بالبيع والشراء”.
وقد كان اجتهاد محكمة الاستئناف بالرباط[3] بتاريخ 4/2/1957 يحصر صور الوعد بالبيع في الوعد الانفرادي الملزم بالبيع أو الشراء، مكيفا بذلك الوعد المتبادل بوصف البيع التام.
ولعل مرد إشكالية التمييز بين ما يعتبر وعدا خصوصا إذا كان ملزما للجانبين والبيع النهائي هو وحدة الأركان والشروط التي يقوم عليها كلا العقدين، باستثناء إعلان الموعود له عن ارتضائه إبرام العقد بمناسبة ممارسته لحق الخيار.
وقد أوضح حكم المحكمة الابتدائية بالرباط عدد 228 بتاريخ 5/7/1995 أهمية تحديد الثمن في عقد الوعد بالبيع بقوله: “أنه بالرجوع إلى الوعد بالبيع يتبين أنه لم يتضمن تحديد الثمن مما يكون معه البيع غير تام، وفق مفهوم المخالفة لمقتضيات الفصل 488 من قانون الالتزامات والعقود، مما يتعين معه رفض طلب إتمام إجراءات البيع”[4].
يظهر من هذا أن الوعد ببيع العقار والبيع النهائي له يختلفان اختلافا بينا من حيث إنشائه وفسخه، ففي قرار لمحكمة الإستئناف بالرباط[5] عدد 1558 بتاريخ 20/3/1999 في الملف المدني رقم 729-89-6 جاء فيه: “أنه إذا تم إنشاء عقد الوعد بالبيع، واتفق فيه كل من الطرفين على حقه في عدم إتمام البيع، فإن هذا الاتفاق يبقى صحيحا ويكون من حق الطرفين إنهاؤه بناء على البند الذي تضمنه، مخولا لهما حق فسخه”.
ونرى أن عقد الوعد ببيع العقار، ليس له أثر ناقل للملكية، إذ أنه لا يخول الموعود له أي حق عيني، ذلك أن انتقال الملكية للمستفيد لا يتم إلا بمقتضى تحرير عقد البيع النهائي، والذي يتم بعد أن يعبر الموعود له عن إرادته بالشراء داخل الأجل المحدد.
ومن أجل الحفاظ على حقوق الموعود له تثار إشكالية تسجيل عقد الوعد بالبيع في الرسم العقاري، فهناك رأي فقهي[6] يرى قابلية تقييد الموعود له حقه في السجل العقاري استنادا إلى الفقرة الخامسة من الفصل 69 من ظهير 12 غشت 1913 بشأن التحفيظ العقاري التي تنص على إمكانية تسجيل أي: “قيد على الحق في التصرف”، وذلك باعتبار أن الوعد بالبيع يشكل قيدا واردا على حق تصرف الواعد في الشيء أو الحق الموعود ببيعه، غير أن بعض الفقه وإن وافق على الرأي المذكور إلا أنه اشترط الحصول مسبقا على قبول البائع إجراء هذا القيد الاتفاقي.
ونشير بهذا الصدد أن المجلس الأعلى في قراره الصادر تحت عدد 1237 بتاريخ 29/5/1985 في الملف عدد 9537 اعتبر: “أن التوجه إلى المحافظ لتسجيل حق عيني على عقار قبل رفع الدعوى يستلزم وجود سند تام مثبت للحق العيني المراد تسجيله، لا أن يكون مجرد وعد بإبرام عقد في المستقبل”.
كما يرى البعض[7] أنه بإمكان الموعود له ببيع العقار إجراء تقييد احتياطي بالرسم العقاري، ويكون ذلك من أجل المحافظة المؤقتة إما على حق موجود لكنه منازع فيه، وينتظر من القضاء أن يعطي كلمته فيه، وإما على حق تعذر استكماله لتأخر توفره على شكلية من الشكليات، وقد ذهب قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 17/4/1929 تحت عدد 810 في اتجاه: “أنه لا يجوز للمحافظ على الملكية العقارية أن يخضع إلى التسجيل العقاري وعدا بالبيع لم ينفذ بعد، وعلى المستفيد من الوعد أن يطلب بعد وضع الرسم تقييدا احتياطيا حفاظا على الحقوق العينية التي قد تنتج لصالحه من قرار قضائي مدعم لطالب الوعد”.
ثانيا: الوعد ببيع العقار على ضوء قضاء محكمة النقض.
من بين الإشكاليات التي تصدى لها المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) بخصوص الوعد ببيع العقار:
– في ما يتعلق بنوع الحق الذي يترتب عن الوعد بالبيع اعتبر المجلس الأعلى في قراره الصادر بتاريخ 4/5/2010 تحت عدد 1989 في الملف عدد 1763/1/5/2008 أن “الوعد ببيع العقار لا يرتب سوى حقوق شخصية لفائدة الموعود له”.
– وفي ما يتعلق بطلب إبطال الوعد بالبيع من طرف الواعد لعدم تحقق تملكه المبيع، أصدر المجلس الأعلى قرارا بتاريخ 4/5/2010 تحت عدد 1982 في الملف المدني عدد 4252/2008 جاء فيه أن “محكمة الاستئناف لما قضت على الطاعن بإتمام البيع بخصوص المحل موضوع النزاع رغم منازعته بكون المبيع لا زال لم يدخل في ملكه تكون قد عللت قرارها تعليلا كافيا”.
– وفي ما يتعلق بالتمييز بين الوعد بالبيع والبيع النهائي انطلاقا من اتفاق المتعاقدين على ثمن المبيع، ففي قرار حديث للمجلس الأعلى صادر بتاريخ 22/3/2011 في الملف المدني عدد 2432/1/5/2007 اعتبر: “أن عقد بيع العقار تشترط فيه الكتابة ويجب لانعقاده أن يشتمل على كافة أركان التعاقد اللازمة لتمامه من أهلية ومحل وسبب وتراض، وأن العقد غير المحرر كتابة الذي أهمل فيه طرفاه تراضيهما على الثمن وتحديده هو عقد غير موجود أصلا”.
وقد اعتبر في قرار سابق له صادر بتاريخ 20/3/1981 في الملف المدني عدد 6427“أن العقد المتضمن لتراضي الطرفين على بيع قطعة أرضية معينة، وإن تم تحديد ثمنها بالمتر المربع، وإشهاد البائع على تسلمه من المشتري مبلغا من الثمن كتسبيق، على أن يدفع الباقي عند تحرير العقد النهائي يعتبر مجرد وعد بالبيع”.
كما اعتبر أيضا في قرار آخر له تحت عدد 2608 صادر بتاريخ 8/6/2010 ملف مدني عدد 2805/2008: “أن الوثيقة الرابطة بين الطرفين بإقرارهما الممضاة من البائع لا تعد مجرد وعد بالبيع، والحال أنها تضمنت تراضي الطرفين بالبيع والشراء ونصت على الثمن والمثمن مما يجعلها بيعا تاما وفقا للفصل 488 من قانون الالتزامات والعقود”.
– وفي ما يتعلق بدعوى إتمام بيع العقار استنادا لعقد الوعد بالبيع، نجد نازلة قرار المجلس الأعلى عدد 3562 الصادر بتاريخ14 أكتوبر 2009، موضوع هذا التعليق،فالبائع يدفع بعدم سداد المشتري بقية الثمن داخل الأجل المتفق عليه،
بينما يدفع المشتري بأن البائع يحاول التنصل من التزامه بإتمام البيع، وأنه عبر عن رغبته في إتمام البيع وعرض باقي الثمن عن طريق الموثق المكلف بتحرير العقد النهائي، وقد اعتبر المجلس الأعلى في هذا القرار أن الوعد بالبيع هو وعد يحتكم فيه لمبدأ “العقد شريعة المتعاقدين” طبقا لمقتضيات الفصل 230 قانون الالتزامات والعقود، وأن هذا العقد قد تضمن التزامات ملزمة للجانبين معا، وأن إرادة الطرفين التقت في تقرير جزاء فسخ العقد عند عدم أداء المشتري لباقي ثمن البيع، وأن هذا الفسخ يقع بقوة القانون بمجرد عدم الوفاء مشيرا أن محكمة الموضوع قد ثبت لها مطل المشتري في غياب إثباته أداء بقية الثمن أو عرضه على الواعد بالبيع عرضا صحيحا، يتقيد فيه بالمسطرة المقررة بهذا الشأن في الفصل 177 وما يليه من قانون المسطرة المدنية، والفصل 26 من ظهير 24/5/1925 المنظم لمهنة التوثيق العصري.
وإن ما تواتر عليه المجلس الأعلى بخصوص عقد الوعد ببيع العقار يتبين أنه كرسه في قرار حاسم صادر عن مجموع غرفه تحت عدد 404 الصادر بتاريخ 31/1/2011في ملف مدني عدد 1895/2007 – منشور في هذا العدد – جاء فيه: “أن عقد البيع يشترط في انعقاده إذا ما أبدى الموعود له رغبته في إتمام البيع مطابقة إرادته لإرادة الواعد التي عبر عنها في وعده مطابقة تامة في كل المسائل الجوهرية التي تناولها العقد، والذي يجب أن يتم فيه هذا التوافق كتابة في بيع العقارات وما يمكن رهنه رهنا رسميا، ومحكمة الموضوع حين استخلصت أن إرادة طرفي العقد لم تتطابق بشأن ركن الثمن،
الذي لم يعين في العقد، فإن قضاءها الذي انتهى إلى أن البيع لم ينعقد لفقده ركنا جوهريا من أركان العقد الذي هو الثمن، وصرحت من تلقاء نفسها ببطلان عقد الوعد بالبيع بطلانا قانونيا دون حاجة منها إلى إجراء تحقيق في خلاف الطرفين حول مقدار الثمن يكون قرارها معللا تعليلا سليما”.
[1]- منشور بالمجلة المغربية للقانون، 1958، ص.422.
[2]-منشور بمجلة المحامي، عدد28، ص.333.
[3]- مجموعة قرارات محكمة الاستئناف بالرباط، ج 19، ص 167.
[4]- خالف المجلس الأعلى هذا الرأي في قراره عدد 1036 بتاريخ 25/5/1983 في الملف عدد 2441 معتبرا أن عدم تحديد الثمن لا ينال من صحة الوعد بالبيع مستندا في ذلك إلى الفصل 577 من ق.ل.ع.
[5]- منشور بمجلة الإشعاع، عدد 6 ص 136.
[6]- عبد الحق الصافي: عقد البيع، ص 74.
[7]- أصدرت محكمة النقض الفرنسية قرارا بتاريخ 2/2/1954يستخلص منه أنه يمكن أن يكون موضوع تقييد احتياطي الوعد بالبيع، إذا ما اكتسى ظاهريا صيغة الحق العيني، أي حقا عينيا في طور النشوء. محمد بن الحاج السلمي: التقيد الاحتياطي في التشريع العقاري. ص.44.
اترك تعليقاً