تعليق قانوني على قرارات محكمة العدل العليا
لاستحالة المادية للقرار الإداري… تعليقا على قرارات محكمة العدل العليا / المحامي عبد الرحمن البريشي
ان التصرف القانوني بصفته قرار اداري لا بد ان يصدر عن جهة ادارية ، وهذه الجهة هي السلطة الادارية على اختلاف مستوياتها وانواعها المختلفة .
فقد يصدر القرار الاداري عن السلطة المركزية وقد يصدر عن الهيئات اللامركزية مرفقيه كانت او اقليمية . كما اعطى القانون صفة القرار الاداري للقرارات الصادرة عن النقابات المهنية وقد يكون هذا التصرف او القرار فرديا او تنظيميا وبذلك فلا بد ان يترتب على هذا العمل القانوني اثر قانوني فقد يؤدي هذا القرار الى انشاء مركز قانوني وبذلك يوجد حالة قانونية جدية بفعل الادارة لم تكن موجودة بالسابق .
كما قد تعدل بمركز قانوني قائم بحيث تتدخل الادارة في وضع قانوني معين يخص فردا او جماعة من الافراد بالاضافة الى انه قد يترتب نتيجة اخرى لهذا القرار وهي حالة الغاء مركز قانوني قائم حيث يمس القرار مصالح الافراد ويؤثر في اوضاعهم القائمة .
من حيث القانون،،،
لم يتم ايجاد معنى دقيق للقرار الاداري كما ان اغلب المشرعين لم يضعوا تعريف ، الا ان اجتهادات المحاكم والقضاء ادى الى ايجاد معنى لذلك حيث قامت محكمة العدل العليا بتعريف للقرار الاداري على انه افصاح الادارة عن ادارتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين والانظمة وذلك بقصد احداث مركز قانوني معين متى كان ذلك ممكنا او جائزا او قانونيا بحسب القرار رقم (60/85) نقابة محامين عدد (8،7) سنة 1967 .
كما ان القرار الاداري كاي تصرف قانوني لا بد ان يقوم على اركان تتوافر فيه ومن اركان القرار الاداري السبب فلا بد ان يكون له سبب فتلتزم الادارة بضرورة وجود سبب لاعمالها وهذا الالزام قد يكون مصدره القوانين او الانظمة .
بالاضافة الى ركن الشكل حيث ان للادارة مظهر في حالة تحركها ولا بد لهذه الادارة ان تظهر بشكل معين حتى نقول اننا امام قرار اداري . والمحل ركن للقرار الاداري فلا بد ان يكون للقرار الاداري موضوع يرد عليه ويكون مجالا له كما ان الباعث او الغاية حيث انه لا بد من ان تكون هناك مصلحة عامة لاصدار مثل هذا القرار وهذه المصلحة هي الهدف الذي تنشده الادارة وهو ما يطلق عليه الغاية .
واما ما يعنيني هنا حول تعليقنا على احكام محكمة العدل الاردنية هو ركن الاختصاص وركن المحل فحتى يكون القرار الاداري سليما لا بد ان يصدر عن جهة مختصة فكما ان التصرف القانوني في القانون الخاص يجب ان يصدر عن شخص يتوافر فيه الاهلية لصدور التصرف عنه فان هذه الاهلية يكون التصرف معينا وكذلك الحال في صدور القرار الاداري عن جهة غير مختصة باصداره وحتى يكون القرار الاداري سليما وصادرا عن جهة ادارية مختصة ولا يطعن فيه بعيب عدم الاختصاص فلا بد لمتخذ القرار ان يكون مختصا من حيث المكان حيث ان القانون يعطي لجهة معينة سلطة اصدار قرارات ادارية ملزمة بحدود مكانية والزمان بحيث يتوجب على السلطة الادارية اصدار ذلك القرار خلال المدة التي صدرها القانون اي اثناء ولايتها وقيامها بوظيفتها . كما انه لا بد ان تختص تلك السلطات المصدر للقرار بموضوع جعله القانون مجالا لنشاط جهة معينة كما ان من البديهي ان يصدر القرار من الجهة التي خولها القانون سلطة اصدار سواء كانت تلك الجهة فرد او هيئة متوافرة بها الشروط التي صدرها القانون.
من حيث التطبيق ،،،
يعتبر القرار الاداري واجب الاحترام والتنفيذ من جانب المخاطبين به حتى وان كان معيبا ومجرد صدوره يعد قرينة على سلامته الا ان هذه القرينة يمكن اثبات عكسها ولمن يشك في مشروعيته ان يلجأ الى القضاء اما لطلب وقف تنفيذه او للطعن فيه بعد التنفيذ وباستثناء القرار الاداري المعدوم فان كل قرار اداري تفترض سلامته حتى يثبت العكس .
كما لا بد مراعاة القواعد القانونية التي تحكم صدور القرار الاداري وحيث الشكل فيجب ان يراعي الاجراءات التي اوجب القانون مراعاتها قبل اصدار القرار .
بل لا بد من ان يكون صادرا عن الجهة الادارية التي منحها القانون حق اصداره واختصاص الجهات الادارية لمستوياتها المتعددة يكون محددا قانونا .
في الاستحالة ،،،
رأينا انه حتى يعتبر القرار الاداري قرارا سليما وممكن التنفيذ فانه محله لا بد ان يكون جائزا او ممكنا فالجواز والامكانية وصفان يلحقان بتعريف القرار الاداري حسبما استقر عليه الفقه والقضاء وهذا يعني ان القرار الاداري الذي لا يكون ممكنا تنفيذه او غير جائز اصداره هو ليس بقرار انما هو من قبيل الاعمال المادية المنعدمة التي تصدر عن الادارة ولا يجوز ان يترتب عليها اية اثار قانونية . فتخلف المحل في القرار الاداري نظرا لاستحالة تنفيذه يكون سببا في نهاية هذا القرار بل ان قبل هذا القرار لا يعدو ان يكون مجرد حبر على ورق ولا وجود له في عالم الحقيقة والواقع .
استحالة قانونية ،،،
عندما يصدر القرار الاداري لا بد ان يضاف محلا يرد عليه هذا القرار فاذا ما لحق بهذا القرار عيب جسيم كان يرد هذا القرار على محل غير مسموح به من الناحية القانونية فان هذا يعني ان هذا القرار منعدم ومنذ صدوره اذا ما صاحب هذا العيب الجسيم القرار منذ صدور وينتهي في وقت لا حق على صدور اذا كان الانعدام القانوني لاحقا على صدور القرار حيث انه من المعروف لا يلتزم الافراد باحترام القرارات الادارية المعدومة بل لهم كامل الحق في تجاهلها وترتيب تصرفاتهم كما لو كانت تلك القرارات غير موجودة.
كما ان القرار الاداري الذي يصدر استنادا الى قرار اداري منعدم لاي سبب من الاسباب فان القرار الثاني يكون منعدما ايضا ومنتهيا من الناحية القانونية لانه بني على قرار منعدم من الناحية القانونية ولا وجود له في نظر القانون وذلك كما ورد في قرار محكمة العدل الاردنية رقم (55/86 ) المنشور على الصفحة (887) العدديين (5 ، 6) لسنة 1987 :-
( يعتبر القرار الاداري منعدما بالتبعية اذا استند الى قرار منعدم وبالتالي يتعين الغاؤه وعليه فان قرار وزير التربية والتعليم بحجب الزيادة السنوية لمدة سنة عن المدرسة والمستند الى قرار مدير التربية والتعليم غير المختص بتقدير كفاية الوظيفين يعتبر مخالفا للقانون ).
استحالة مادية ،،،
يصدر القرار الاداري في هذه الحالة بشكل سليم من الناحية القانونية ولكنه ليس بذي وجود على الواقع حيث يكون المحل موضوع القرار الاداري منعدما منذ صدوره او ينعدم هذا القرار في فترة لاحقة على صدوره فقد تصدر الادارة ترخيصا لشخص ما بناء على طلب منه للحصول على هذا الترخيص وعند صدور القرار الاداري الذي يقضي بمنح صاحب الطلب هذا الترخيص تبين ان هذا الشخص قد توفي منذ مدة فالقرار الاداري الذي صدر على هذا النحو يعتبر منعدما نظرا لان المركز القانوني للشخص الذي يجب ان يؤثر فيه القرار الاداري لم يعد موجودا وقد يكون انعدام المحل تاليا على صدور القرار الاداري كأن يصدر ترخيصا بمزاولة مهنة في محل ما . الا ان هذا المحل ينهدم بعد فترة فالقرار الاداري الذي اعطي لصاحب المحل الترخيص ينتهي كذلك لانه اعطي مقترنا بالمحل الذي انهدم ومثال ذلك صدور قرار بنزع ملكية منزل وانهيار هذا المنزل قبل تنفيذ القرار وقد قررت محكمة العدل الاردنية في قرارها رقم (31/64 ) صفحة النشر (134) عدد (1) لسنة 1965 ان القرار الاداري الصادر بمنح الشركة تصريحا قبل ان توجد هو قرار منعدم .
كذلك الحكم الصادر عن محكمة العدل الاردنية رقم (59/63) مجلة نقابة المحاميين صفحة النشر (963) العدد (11) لسنة 1964.
اترك تعليقاً