في ذكرى الاستفتاء على الدستور / القاضي سالم روضان الموسوي
قبل ايام قليلة مرت علينا ذكرى الاستفتاء على دستور العراق المصادف يوم 15/10/2005 ولم نلحظ اي اهتمام لهذه الذكرى التي اسست للنظام الجديد في العراق وشكلت الانطلاقة الحقيقية لعراقٍ جديد، وكنا نأمل من السلطة التشريعية التي تعنى به بشكل اكثر من اي جهة اخرى الاحتفاء بالدستور في ذكراه وعقد الندوات وورش العمل من اجل تقييم الاداء لسلطات الدولة تجاه الدستور
ومدى ملائمته للواقع العراقي الجديد وما هي ابرز المعوقات تجاه تحقيق ما ورد فيه من مبادئ وملاحظة نقاط الضعف في الصياغة عند كتابته وتشخيص مناطق الفراغ الدستوري تجاه ما ظهر عند التطبيق والواقع العملي، حيث نجد ان اغلب السياسيين يعلقون المشاكل والفشل السياسي على شماعة غموض النصوص الدستورية او انعدام النص والمراقب للشأن العراقي سيجد الكثير من هذه الاوضاع العالقة والتي توفر المناخ للاختلاف الذي ادى الى ضعف الجانب الامني وانعدام الاستقرار السياسي والاجتماعي في العراق والمهتم بالشأن الدستوري سيجد ان الدستور كان اكثر صراحة من الاخرين اذ عد نفسه ناقصا حينما ذكر في البند (اولا) من المادة (142) على تشكيل لجنة دستورية لمعالجة النقص فيه على وفق النص الاتي ( يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنةً من أعضائه تكون ممثلةً للمكونات الرئيسة في المجتمع العراقي ،
مهمتها تقديم تقريرٍ الى مجلس النواب،خلال مدةٍ لاتتجاوز أربعة أشهر، يتضمن توصيةً بالتعديلات الضرورية التي يمكن إجراؤها على الدستور، وتُحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها ) ورغم تشكيلها إلا انها لم تقدم اي طرح او معالجة تجاه القضايا العالقة والتي اطلق عليها (القضايا الخلافية) كما لم نلحظ الاهتمام بالدستور من الاصوات التي كانت تعلوا تجاه الجهة التي تولت حراسته من خلال تقديم الاحكام والقرارات تجاه ما اشكل على خصوم العمل السياسي في مواد الدستور، حيث ساد صمتها ولم تذكر او تستذكر الدستور في يوم ولادته التي كانت ولادة عسيرة شابها النقص الذي لابد وان نتداركه حتى يكتمل البناء الديمقراطي للعراق كما وجدنا ان ذلك الصمت يؤشر على عدم فهم وادراك تلك الاصوات، الى ان الدستور هو ملك الامة ونتاج فكرها ومعبرا عنها وعن فلسفتها،
وليس ملك الاحزاب والكتل السياسية التي كانت تعتقد وما زالت ان الدستور وضع لها وليس للأمة فتراها تتحكم به على هواها لولا وجود الجهة الحارسة المتمثلة بالمحكمة الاتحادية العليا التي سعت الى استخلاص روح الدستور تجاه غموض النص او بيان حكمه للمختلف فيه على الرغم من وضوح نصوصه إلا انه لا يرى فيها إلا ما يخدم مصالحه السياسية او الفئوية قاصدا التحول عنها تجاه ما ينسجم وهواه وكان لأحكام هذه المحكمة على حداثة عمرها الاثر في حماية النظام الديمقراطي الجديد في العراق، وان كان البعض رفع صوته تجاه احكامها متناسياً او جاهلا بأنها هي المختصة وما تقوله هو النافذ وسواه العدم، والبعض يؤاخذ الاحكام التي تصدر وهو يعلم ان نصوص الدستور الواضحة هي التي اعطت فكرة الحكم وبناء عقيدة المحكمة، فأذا كان النص الذي كتبه كاتب الدستور لم يعبر عن فكرته في حينه فلا يلوم احد لأنه لم يحسن الصياغة عند الكتابة اما لأنه كان متفردا او لم يوفر اهل الاختصاص في الصياغة الدستورية
وكان لهؤلاء من الفسحة ما تعدل به هذا النصوص من خلال اللجنة الدستورية التي تشكلت بموجب المادة (124) من الدستور، وعند استذكار هذه المناسبة اكبر واحيي الشعب العراقي الذي كان اشجع من السياسيين القائمين على شؤونه السياسية والتنظيمية عندما خرج متحديا الارهاب وأعلن قبوله للدستور وقدم في سبيله القرابين من الشهداء والجرحى وكانت لدمائهم فضل ولادته ونموه ورعايته وأتمنى ان يكون كل من تقلد المسؤولية بمستوى دماء الشهداء والجرحى وان يرتقي بذاته الى خدمة الشعب ويبتعد عن التسافل في اعتلاء السلطة .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً