تغيير شخص المرخص له كسبب لانتهاء عقد الترخيص التجاري
إذا كان عقد الترخيص التجاري من العقود القائمة على الاعتبار الشخصي من جانب المرخص له، فهذا يعني أن أي تغيير يطرأ على شخص المرخص له يؤدي إلى انتهاء عقد الترخيص التجاري، ومن ذلك حالة وفاة أو حالة خضوع المرخص له لمسطرة صعوبة المقاولة أو في حالة التنازل عن الأصل التجاري الممنوح بصدده ترخيص تجاري.
أ- الوفاة كسبب لانتهاء عقد الترخيص التجاري
تكوين عقد الترخيص التجاري يقوم على الاعتبار الشخصي للمرخص له، بذلك فالتزام المرخص له ذو طابع أصلي، ومقتضى ذلك أن الوفاء بهذا الالتزام يجب أن يكون من نفس المدين به وهو المرخص له، ولذلك يحرص المرخصون عادة على التنصيص عليه صراحة في عقودهم . ومن آثار الطابع الشخصي لالتزام المرخص له أن عقد الترخيص التجاري شأنه شأن باقي العقود المبنية على الاعتبار الشخصي ينتهي عادة بوفاة الملتزم أي المرخص له، ومن تم لا يملك ورثته أن يحلوا محله في استئناف بنود العقد، إلا بعد موافقة المرخص وذلك بناءا على عقد جديد يجمع بينهم، كما أن المرخص ليس له إلزام المرخص له بتنفيذ شروط العقد المبرم مع مورثهم .
أما شخصية المرخص فليست محل اعتبار في الأصل بذلك لا ينفسخ العقد أو ينتهي في الأصل بوفاته إلا إذا كانت شخصيته قد روعيت عند إبرام العقد .
هذا عن مصير عقد الترخيص في حالة وفاة المرخص له، فماذا عنه في حالة تعرض مقاولة الترخيص التجاري لبعض الصعوبات؟
ب- صعوبات المقاولة كسبب لانتهاء عقد الترخيص التجاري
تنتشر في عصرنا الحالي الأزمات المالية التي تخنق المقاولات والشركات التجارية والمدنية، نتيجة للديون وارتفاع الفوائد واشتداد حدة المنافسة القاتلة، وكذا تقلبات الأوضاع الاقتصادية الداخلية والعالمية وغيرها، والتي تؤثر بشكل كبير على سير هذه المؤسسات بل والأكثر من ذلك قد تدفعها في بعض الأحيان إلى دوامة الصعوبات والتصفية القضائية التي تعتبر مرض الاقتصاد العضال .
وبرجوعنا إلى نظام صعوبات المقاولة الذي يستند على العديد من الميكانيزمات القانونية الهادفة إلى وقاية المقاولة من الصعوبات من أجل تأمين استمراريتها في أداء عملها خاصة في المرحلة السابقة للتوقف عن الدفع، هذا من جهة ومن جهة ثانية معالجة صعوبات المقاولة خلال الفترة اللاحقة .
فنظام الترخيص التجاري وسيلة لتكرار النجاح الذي حققه المرخص في ميدانه وفي هذا الصدد ذهبت استئنافية باريس إلى منح المرخص لهم صلاحية متابعة أو وقف التعامل بمقتضيات عقد الترخيص التجاري بعد الحكم على المرخص بالتسوية القضائية.
ويطرح التساؤل حول مصير عقد الترخيص التجاري في حالة اختيار المحكمة لتفويت المقاولة المرخص لها كحل للمعالجة.
كما أنه بالرجوع إلى مقتضيات المادة 606 من م.ت يطرح إشكال مدى تطبيق مقتضياته على عقد الترخيص التجاري؟
أيضا مدى اعتباره من عقود التزويد بالسلع أو الخدمات؟
وإذا كان كذلك هل هو ضروري للحفاظ على نشاط مقاولة المرخص له؟
في هذا الصدد أجمع الفقهاء ، على كون عقد الترخيص التجاري من عقود التزويد بالسلع أو الخدمات وذلك عند معالجتهم للمادة 86 من قانون 25 دجنبر 1985 الفرنسي والمطابقة في مقتضياتها للمادة 606 من مدونة التجارة المشار إليها، ونحن نتفق مع الفقه الفرنسي على هذا الموقف لكون عقد الترخيص التجاري من العقود المركبة التي تتضمن مجموعة من العقود تحت اسم عقد واحد، لذلك فمن الممكن اعتبار عقد الترخيص التجاري من عقود التزويد بالسلع أو الخدمات مادام أن هذا العقد يتضمن شرطا مهما وهو شرط التوريد.
وبما أن التفويت يهدف الإبقاء على استمرارية نشاط المرخص له الذي يرغب في المحافظة على بعض أو كل مناصب الشغل الخاصة بذلك النشاط وإبراء ذمة المقاولة من الخصوم، م 603/1 من مدونة التجارة فإن المرخص يكون من الصعب عليه فسخ عقد الترخيص التجاري المبرم مع المرخص له قبل فتح المسطرة، وذلك لأنه إذا فسخ العقد في هذه الفترة يكون قد حكم على المقاولة بالنهاية مادام أن نشاط المقاولة أساسه هو تنفيذ مقتضيات عقد الترخيص التجاري وسيؤدي ذلك الإنهاء إلى تصفيتها م 619 من مدونة التجارة. وهذا موقف يتنافى والفرض الذي من أجله سنت قوانين صعوبة المقاولة وخاصة مسطرة التسوية القضائية، ثم إن المرخص باعتباره يمتلك سلطات واسعة لمراقبة ومتابعة وضعية جميع المقاولات المنتمية إلى شبكته، فهو يعد مسؤولا عن الوضعية التي ستؤول إليها هذه المقاولات خاصة إذا أصيبت إحداها بخلل، فمن واجبه البحث عن جميع الوسائل الكفيلة بتقويم وضعيتها بمجرد اكتشافه للخلل أو إخطاره به باعتباره السلطة الأعلى في الشبكة ، وفي هذا الصدد نجد استئنافية Aix enprovence قضت بمسؤولية المرخص وذلك لعدم اتخاذه للإجراءات اللازمة لتعديل وتقويم الخلل الذي كان يصيب مقاولة المرخص له، وترك هذا الأخير يستمر في مزاولة نشاطه بالرغم من العيب أو المرض الذي يصيب المقاولة، بل والأكثر من ذلك فنجد المحكمة التجارية Valenciennes قد اعتبرت المرخص المسير الفعلي للمقاولة المرخص لها مادام أن له صلاحيات واسعة في مسك المحاسبة وتدبير المستخدمين وأداء أجور مسيري المقاولات المرخص لها، وأداء المبالغ المستحقة على المرخص لهم، في حين أن هؤلاء لا يتمتعون بصلاحيات محددة، وبالتالي ألزمته بالمسؤولية الكاملة عن الديون والخسائر التي تقع على عاتق المقاولة المرخص لها، هذا بخصوص تفويت مقاولة المرخص له فماذا عن حالة تفويت مقاولة المرخص؟ في هذه الحالة يكون المرخص لهم أحرار إذ أن مقررات الحكم بالتفويت لا تشملهم إلا بعد موافقتهم، على اعتبار أن أحكام المادة 606 من م.ت لا تتلاءم ووضعية المرخص لهم، وفي هذا الصدد ألغت استئنافية باريس حكم المحكمة التجارية وذلك حينما قررت تفويت الأصل التجاري للشبكة الفندقية Corextel في إطار التسوية القضائية لشركة Confortel، بالإضافة إلى عقود الترخيص التجاري.
ج- تفويت الأصل التجاري كسبب لانتهاء عقد الترخيص التجاري
إن تفويت المرخص له لأصله التجاري للغير لا يرتب عليه استمرار علاقة الترخيص التجاري مع المفوت إليه، بل العكس من ذلك فهذا التفويت يكون سببا في انتهاء عقد الترخيص التجاري ولا تستمر هذه العلاقة إلا إذا علم بها المرخص وقبلها، لكون عقد الترخيص التجاري يقوم على الاعتبار الشخصي، كما أن المرخص لا يقبل منح ترخيصه التجاري إلى المرخص له إلا بعد اختيار دقيق .
لكن، وتفاديا لأي نزاع محتمل بخصوص ذلك نجد المرخصين من الناحية العملية ، يضمنون بنودا بالعقد تفيد بأفضلية المرخص على الغير بامتلاك الأصل التجاري، وإذا لم يلتزم المرخص له بهذا البند تقع مسؤوليته تجاه المرخص .
اترك تعليقاً