أنواع التدابير الوقائية الشخصية
أنواع التدابير الوقائية
تنقسم التدابير الوقائية إلى عدة أقسام على ضوء الأساس الذي يستند إليه التقسيم، وقد اعتمد الفقه عدة تقسيمات فمن حيث موضوعها تنقسم إلى تدابير شخصية وتدابير موضوعية، ومن حيث أهدافها تنقسم إلى تدابير تهذيبية وتدابير علاجية. وتدابير وقائية للحيلولة دون عودة المجرم إلى ارتكاب الجرائم مستقبلا، أما من حيث فئة المجرمين التي تطبق عليهم تنقسم إلى تدابير علاجية أو تهذيبية للإصلاح وتدابير استئصالية للمجرمين غير القابلين للإصلاح، وأخيرا فيما يخص تقسيم التدابير من حيث سلطة القاضي إزاءها تنقسم إلى تدابير وجوبية وجوازية، فالتدابير الوجوبية هي التي يلتزم القاضي بتوقيعها، أما التدابير الجوازية فهي التي يكون للقاضي سلطة تقديرية في إنزالها من عدمه.
من خلال هذه التقسيمات يتضح أن أكثر التقسيمات وضوحا وأكثرها شمولا والذي أخذ به المشرع المغربي هو التقسيم الذي ميز بين التدابير الوقائية الشخصية التي تنقسم بدورها إلى تدابير شخصية سالبة للحرية، وتدابير شخصية سالبة للحقوق ثم التدابير العينية، من ثم سوف نقسم دراستنا لأنواع التدابير الوقائية على النحو التالي :
المبحث الأول : التدابير الوقائية الشخصية
لقد حدد المشرع المغربي التدابير الوقائية الشخصية في تسعة أصناف جاء النص عليها في الفصل 61 من القانون الجنائي وكما سبقت الإشارة إلى ذلك تنقسم التدابير الوقائية إلى تدابير وقائية شخصية سالبة للحرية، وتدابير وقائية شخصية سالبة للحقوق لذلك سنقسم دراسة التدابير الوقائية الشخصية إلى نقطتين نشير في أولاها للتدابير الوقائية السالبة للحرية ثم في نقطة ثانية للتدابير الوقائية السالبة للحقوق.
المطلب الأول : التدابير الوقائية الشخصية السالبة للحرية
نجمل هذه التدابير في الإقصاء، الإجبار على الإقامة بمكان معين، المنع من الإقامة، الإيداع القضائي داخل مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية، الوضع القضائي داخل مؤسسة للعلاج، الوضع القضائي في مؤسسة فلاحية.
أولا : الإقصاء
الإقصاء هو وسيلة لإيداع المجرمين العائدين الذين تتوفر فيهم الشروط المبينة في الفصلين 65 و66 من القانون الجنائي، داخل مؤسسة للشغل ذات نظام ملائم لتقويم الانحراف الاجتماعي، وتجدر الإشارة إلى أن الحكم بالإقصاء، الذي تحدد مدته بين خمس وعشر سنوات، يخضع لقواعد مسطرية خاصة يجب احترامها: فالإقصاء لا تحكم به إلا المحاكم العادية، فلا يجوز للمحكمة العسكرية، ولغيرها من المحاكم الاستثنائية أن تحكم بتدبير الإقصاء. كما أن بداية تنفيذه لا تكون إلا انطلاقا من يوم انتهاء المحكوم عليه من تنفيذ العقوبة السالبة للحرية. بالإضافة إلى ذلك يجب التذكير بأن الحكم الصادر بالإقصاء يجب أن يتم التنصيص عليه في الحكم الصادر بالإدانة مع وجوب تعليل ذلك من طرف المحكمة التي يكون عليها دوما أن تتحقق من هوية المحكوم عليه ومن سوابقه الجنائية( ).
والإقصاء نوعان : فهو إما أن يكون إلزاميا أو اختياريا.
ـ الإقصاء الإلزامي : يتعين على المحكمة أن تحكم بالإقصاء في حالتين :
الحالة الأولى : إذا صدر الحكم على الجاني بالسجن ثم عاد إلى ارتكاب جناية داخل عشر سنوات استوجبت الحكم عليه بالسجن أيضا، ولا يدخل في حساب العشر سنوات المدة التي قضاها في السجن تنفيذا للحكم الأول، أي أن العشر سنوات تبتدئ من تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة الأولى إلى تاريخ ارتكاب الجناية الثانية، فإذا عاقبته المحكمة على هذه الجناية الثانية بالسجن فإنه يتعين عليها أن تحكم عليه بالإقصاء كتدبير وقائي.
الحالة الثانية : إذا كان الجاني قد سبق الحكم بإقصائه ثم ارتكب داخل العشر سنوات الموالية ليوم الإفراج عنه جناية كيفما كان نوعها أو جنحة من الجنح التالية: السرقة، النصب، خيانة الأمانة، إخفاء أشياء متحصلة في جناية أو جنحة، الإخلال العلني بالحياء، تحريض القاصرين على الفساد، استغلال البغاء، الإجهاض، الاتجار في المخدرات.
إذا ارتكب إحدى هذه الجرائم داخل العشر سنوات التالية ليوم الإفراج عنه وحكمت عليه المحكمة بالحبس لمدة تزيد عن سنة فإنه يتعين عليها أن تحكم عليه أيضا بالإقصاء في حده الأقصى وهو عشر سنوات( ).
ـ الإقصاء الاختياري : يجوز في بعض الحالات التي جاءت على سبيل الحصر أن تأمر المحكمة بالإقصاء كتدبير وقائي في حق بعض فئات المجرمين، وذلك طبقا لما جاء النص عليه في الفصل 66 من القانون الجنائي الذي يقضي بإقصاء العائدين الذين صدر عليهم في ظرف عشر سنوات خالصة من مدة العقوبة التي تم تنفيذها فعلا، الأحكام المتعلقة بجرائم ضد الأموال أو بجرائم مخلة بالآداب والأخلاق، وقد جاءت حالات الإقصاء الاختياري في ثلاث صور :
صدور ثلاثة أحكام أحدها بالسجن من أجل جناية (أيا كانت هذه الجناية) وإثنان إما بالحبس من أجل أفعال تعتبر جنايات أو بالحبس لمدة تفوق ستة أشهر من أجل الجرائم المحددة في الفصل 66 من القانون الجنائي.
صدور أربعة أحكام بالحبس من أجل أفعال تعتبر جنايات أو أربعة أحكام كل منها بالحبس لمدة تزيد على ستة أشهر عن الجنح المنصوص عليها في الفقرة 1 من الفصل 66.
صدور سبعة أحكام يكون إثنان منها على الأقل من نوع الأحكام المنصوص عليها في الفقرتين الأخيرتين من الفصل 66 من القانون الجنائي.
ثانيا : الإجبار على الإقامة بمكان معين
يجوز للمحكمة أن تلجأ إلى الإجبار على الإقامة بمكان معين كتدبير وقائي ضد المحكوم عليه إذا تبين لها من الأحداث أنه متابع بإحدى الجرائم المتعلقة بالمس بسلامة الدولة وأن له نشاطا اعتياديا يمثل خطرا على النظام الاجتماعي. وتكون مدة الإجبار على الإقامة بمكان معين محددة في أجل لا يمكن أن يتجاوز خمس سنوات. أما بداية هذا التدبير الوقائي فلا تتم إلا عند انتهاء المحكوم عليه من تنفيذ العقوبة الأصلية. وتجدر الإشارة إلى أن المحكوم عليه بالإجبار على الإقامة بمكان معين لا يجوز له الابتعاد عن هذا المكان، الذي تحدده له المحكمة، أو الخروج عن دائرته إلا برخصة تمنح له من طرف الإدارة العامة للأمن الوطني التي تكون مسؤولة عن مراقبة هذا التدبير الوقائي، وفي حالة عدم احترام المحكوم عليه لهذه الواجبات فإنه يعرض نفسه لعقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنتين.
ثالثا : المنع من الإقـــامــــة
يقصد بالمنع من الإقامة منع المحكوم عليه من أن يحل بأماكن معينة ولمدة محددة إذا اعتبرت المحكمة نظرا لطبيعة الفعل المرتكب أو لشخصية فاعله أو لظروف أخرى، أن إقامة المحكوم عليه بالأماكن المشار إليها يكون خطرا على النظام العام أو على أمن الأشخاص.
وتجدر الإشارة إلى أن المنع من الإقامة يجوز دائما الحكم به في حالة إصدار عقوبة من أجل فعل يعده القانون جناية، وتكون مدته، في هذه الحالة، محددة بين خمس سنوات وعشرين سنة. أما في مادة الجنح فلا يجوز للمحكمة الحكم بالمنع من الإقامة إلا إذا كان مقررا في النص الذي يعاقب على تلك الجنح، وتتراوح مدته في هذه الحالة بين سنتين وعشر سنوات.
ولا يبدأ مفعول المنع من الإقامة إلا من يوم إطلاق سراح المحكوم عليه وتبليغه قرار هذا التدبير. وخلال مدة المنع من الإقامة، يبقى المحكوم عليه خاضعا لمراقبة الإدارة العامة للأمن الوطني التي تستطيع منحه رخصا مؤقتة بالإقامة في الأماكن الممنوعة عليه. وإذا لم يحترم المحكوم عليه هذا التدبير الوقائي فإنه سيعرض نفسه للعقوبة التي ينص عليها الفصل 319 من القانون الجنائي، وهي الحبس من ستة أشهر إلى سنتين.
رابعا : الإيداع القضائي داخل مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية
بموجب هذا التدبير الوقائي يتم وضع المحكوم عليه داخل مؤسسة تكون مختصة في علاج الأمراض العقلية، وتلجأ المحكمة إلى هذا التدبير في ثلاث حالات، وهي( ) :
ـ حالة وجود خلل عقلي لدى الفاعل : ينص الفصل 76 من القانون الجنائي على أنه إذا تبين للمحكمة بعد إجراء خبرة طبية، أن الشخص المتابع أمامها بجناية أو بجنحة، كان عديم المسؤولية تماما وقت ارتكاب الفعل بسبب اختلال عقلي، فإنه يجب عليها أن تثبت أن المتهم كان وقت الفعل في حالة خلل عقلي يمنعه تماما من الإدراك أو الإرادة، وأن تصرح بانعدام مسؤوليته، وأن تحكم بإعفائه ولكنها تأمر في حالة استمرار الخلل الفعلي، بإيداعه في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية، ويخضع الشخص خلال وجوده بهذه المؤسسة للعلاج والملاحظة الطبية، كما يجب فحصه كل ستة أشهر للتأكد من حالته العقلية.
ـ حالة وجود ضعف القوة العقلية لدى الفاعل : ينص الفصل 78 من القانون الجنائي على هذه الحالة. وهكذا إذا قررت المحكمة، بعد إجرائه خبرة طبية على المجرم، أنه رغم كونه قادرا على الدفاع عن نفسه في الدعوى، إلا أنه كان مصابا بضعف في قواه العقلية وقت ارتكاب جناية أو جنحة يترتب عليه نقص مسؤوليته، فإنه يجب عليها أن تثبت أن الأفعال المتابعة من أجلها منسوبة فعلا للمتهم. وأن تصرح بأن مسؤوليته ناقصة بسبب ضعف في قواه العقلية وقت ارتكاب الجريمة. بعد ذلك، يمكنها إصدار الحكم بالعقوبة، كما يمكنها أن تأمر بإدخال المحكوم عليه في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية وذلك قبل خضوعه لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية. ولكن مدة البقاء في المؤسسة العلاجية يجب أن تخصم من مدة العقوبة المحكوم بها عليه.
ـ حالة حدوث الخلل العقلي بعد ارتكاب الجريمة طبقا للفصل 79 من القانون الجنائي، إذا قررت المحكمة بعد إجراء الخبرة الطبية أن الشخص المتابع لديها بجناية كامل المسؤولية أو ناقص المسؤولية بالنسبة للوقائع المنسوبة إليه، ولكنه أصبح غير قادر على الدفاع عن نفسه في الدعوى، بسبب خلل في قواه العقلية طرأ عليه أو اشتد أثره بعد ارتكاب الفعل، فإنه يجب عليها أن تقرر بأن المتهم عاجز عن إبداء دفاعه بسبب خلل في قواه العقلية، وأن تأمر بوقف النظر في الدعوى وذلك لضرورة إدخاله في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية. ويبقى المتهم خاضعا للعلاج إلى أن يصدر الطبيب قراره بشفاء المتهم من خلله العقلي. وفي هذه الحالة يجب إخبار النيابة العامة بهذا القرار عشرة أيام على الأقل قبل تنفيذ أمر الخروج من المؤسسة العلاجية، وفي حالة صدور حكم على المتهم بعقوبة سالبة للحرية، فإن المدة التي قضاها بالمؤسسة تخصم من مدة تلك العقوبة.
خامسا : الوضع القضائي في مؤسسة العلاج
تقضي المادة 80 بأن الوضع القضائي في مؤسسة للعلاج هو أن يجعل تحت المراقبة بمؤسسة ملائمة بمقتضى حكم قضائي. شخص ارتكب أو ساهم أو شارك في جناية أو جنحة تأديبية أو ضبطية وكان مصابا بتسمم مزمن ترتب عن تعاطي الكحول أو المخدرات، إذا ظهر أن لإجرامه علاقة بذلك التسمم، فهذا التدبير يخضع له بالخصوص المجرمون تحت تأثير الكحول أو المخدرات، وقد تكون هذه الجريمة هي تناول الكحول أو المخدرات ذاتها، ولا يجوز الحكم به إلا إذا توافر الشرطان الآتيان :
1. أن يكون المتهم مدمنا على تناول الكحول أو المخدرات، لأن الإدمان هو الذي يولد التسمم المزمن.
2. إذا ثبتت المحكمة في حكمها أن إدمان المتهم هو الدافع له على ارتكاب الجريمة موضوع المتابعة سواء كانت هذه الجريمة هي تناول الكحول أو المخدرات كما سبق القول أو أية جريمة أخرى اندفع المتهم إليها تحت تأثير اعتياده لتعاطي هذه المواد.
وتقضي المادة 81 بأن الوضع داخل مؤسسة للعلاج لا يمكن أن تتجاوز مدة سنتين. وينفذ تدبير الوضع داخل مؤسسة للعلاج قبل تنفيذ العقوبة المحكوم بها ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك.
وينتهي الوضع في مؤسسة للعلاج بشفاء المحكوم عليه من التسمم الذي كان يشكو منه وذلك بقرار من الطبيب المعالج، يبلغ للنيابة العامة طبقا للمسطرة المتبعة بالنسبة للمصاب بالخلل العقلي.
وفي حالة تهرب المحكوم عليه من تنفيذ هذا التدبير تعرض للعقوبة المقررة في المادة 321 من القانون الجنائي، وهي الحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من 200 درهم إلى 500 درهم( ).
سادسا : الوضع القضائي في مؤسسة فلاحية
يقصد بهذا التدبير الوقائي إلزام المحكوم عليه من أجل جناية أو جنحة عقابها الحبس بأن يقيم في مركز مختص يكلف فيه بإنجاز أشغال فلاحية، وذلك إذا ظهر أن إجرامه مرتبط بتعوده على البطالة أو تبين أنه يتعيش عادة من أعمال غير مشروعة، ويشترط القانون للأمر بهذا التدبير الوقائي أن تصرح المحكمة بأن الفعل المتابع من أجله صدر عن المتهم وأنه مرتبط بتعوده على البطالة أو أنه يتعيش عادة من أعمال غير مشروعة بعد ذلك تقوم المحكمة بإصدار حكمها بالإضافة إلى إعطاء الأمر بوضع المحكوم عليه في مؤسسة فلاحية لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تتجاوز سنتين. ويبدأ تنفيذ هذا التدبير بمجرد انتهاء العقوبة الأصلية. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التدبير الوقائي يمكن وضع حد له وإلغاؤه، كلما ثبت تحسن سلوك المحكوم عليه وصلاح حاله. ويصدر قرار الإلغاء من طرف المحكمة بناء على اقتراح مدير المؤسسة الفلاحية( ).
المطلب الثاني : التدابير الوقائية الشخصية السالبة للحقوق
بعد استعراضنا للتدابير الشخصية السالبة للحرية يأتي دور التدابير الوقائية السالبة للحقوق والتي نجملها في التدابير التالية :
ـ عدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو الخدمات العمومية.
ـ المنع من مزاولة مهنة أو نشاط أو فن سواء كان ذلك خاضعا لترخيص إداري أم لا ؟
ـ سقوط الحق في الولاية الشرعية على الأبناء.
أولا : عدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو الخدمات العمومية
يتخذ هذا التدبير الوقائي شكلين : فهو إما أن يكون إلزاميا أو اختياريا.
تكون المحكمة ملزمة بأن تصرح بعدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف والخدمات العمومية في الأحوال التي ينص فيه القانون على ذلك( ). ومثال هذه الحالة جريمة إنكار العدالة، وكل الجنح المقررة في الفصول 241 إلى 247 من القانون الجنائي والمتعلقة بالاختلاسات التي قد يرتكبها الموظفون العموميون، ولاشك في أن لجوء القضاء إلى هذا التدبير الوقائي يفسر بوجود علاقة مباشرة بين الجريمة وممارسة وظيفة أو خدمة عمومية.
ـ في غير الأحوال المنصوص عليها قانونيا، فإنه تجوز للمحكمة أن تصرح بمقتضى قرار معلل بأن الجريمة المرتكبة لها علاقة مباشرة بمزاولة الوظيفة أو الخدمة وأنها تكشف عن وجود فساد في خلق مرتكبها لا يتلاءم ومزاولة الوظيفة أو الخدمة على الوجه المرضي.
وسواء كان هذا التدبير إلزاميا أو اختياريا، فإن مدته لا يمكن أن تفوق عشر سنوات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ويبدأ سريان هذا التدبير انطلاقا من اليوم الذي ينتهي فيه المحكوم عليه من تنفيذ العقوبة.
ثانيا : المنع من مزاولة مهنة أو نشاط أو فن
طبقا لمقتضيات الفصل 87 من القانون الجنائي يتعين الحكم بالمنع من مزاولة مهنة أو نشاط أو فن في حق المحكوم عليه من أجل جناية أو جنحة عندما يتبين للمحكمة أن الجريمة المرتكبة لها علاقة مباشرة بمزاولة المهنة أو النشاط أو الفن، وأنه توجد قرائن قوية يخشى معها أن يصبح المحكوم عليه، إن هو تمادى على مزاولة ذلك، خطرا على أمن الناس أو صحتهم أو أخلاقهم أو على مدخراتهم( ). ويحكم بهذا المنع لمدة لا يمكن أن تفوق عشر سنوات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. وتحسب هذه المدة من اليوم الذي ينتهي فيه المحكوم عليه من تنفيذ العقوبة الأصلية، وينص المشرع، بصفة خاصة، على أن هذا التدبير يمكن إعطاء الأمر بتنفيذه مؤقتا على الرغم من استعمال أية طريق من طرق الطعن عادية كانت أو غير عادية.
ثالثا : سقوط الحق في الولاية الشرعية على الأبناء
حسب مقتضيات الفصل 88 من القانون الجنائي يمكن للمحكمة أن تلجأ إلى الحكم بسقوط الولاية الشرعية على الأولاد. عندما تصدر حكمها من أجل جناية أو جنحة معاقب عليها قانونا بالحبس ارتكبها أحد الأصول على شخص أحد أطفاله القاصرين إذا ثبت لها أن السلوك العادي للمحكوم عليه يعرض أولاده القاصرين لخطر بدني أو خلقي والحكم بسقوط الولاية الشرعية على الأولاد يمكن أن يشمل جميع حقوق الولاية أو بعضها كما يسوغ أن يكون مقصورا على بعض الأولاد أو على واحد فقط. كما يجوز إعطاء الأمر بتنفيذه مؤقتا على الرغم من استعمال أية طريق من طرق الطعن عادية كانت أو غير عادية ولا غرو في أن الهدف الأسمى من هذا التدبير الوقائي يتجلى في حماية الأطفال القاصرين ضد أصولهم الذين قد يمثلون خطرا عليهم عن طريق ارتكاب جرائم مثل العنف أو هتك العرض. ويكون سقوط الولاية الشرعية على الأبناء إما تماما أو جزئيا.
فهو يكون تاما أو كاملا عندما يفقد الأصل كل حقوقه على أطفاله مثل الحق في حضانتهم وتربيتهم وإدارة أموالهم. ويكون السقوط جزئيا عندما ينحصر مفعوله في طفل واحد من الأبناء القاصرين الذي كان ضحية الجريمة، كما قد ينصرف فقط إلى بعض الحقوق دون الأخرى.
والتشريع الجنائي المغربي كما سبقت الإشارة إلى ذلك يأخذ بالتقسيم الثنائي للتدابير الوقائية، التدابير الوقائية الشخصية والتدابير الوقائية العينية، وبعد أن استعرضنا التدابير الوقائية الشخصية فماذا عن التدابير الوقائية العينية ؟
_________________
( ) د. محمد بن جلون : شرح القانون الجنائي العام، المرجع السابق، ص. 245.
( ) الخمليشي : شرح القانون الجنائي، القسم العام، المرجع السابق، ص. 335.
( ) أحمد الخمليشي : شرح القانون الجنائي، القسم العام، المرجع السابق، ص. 342.
( ) الخمليشي : المرجع السابق، ص. 348.
( ) الفصل 85 من القانون الجنائي.
( ) الفقرة الأولى من الفصل 86 من القانون الجنائي.
( ) الفقرة الأولى من الفصل 87 من القانون الجنائي
اترك تعليقاً