الاتحاد العام للفلاحين في سورية
الاتحاد العام للفلاحين Union Gènèrale des Paysans منظمة شعبية نقابية واقتصادية تمارس نشاطها في المجالين النقابي الفلاحي والإنتاج الزراعي في الجمهورية العربية السورية.
نشأة الاتحاد
بدأت حركة تنظيم الفلاحين في سورية في العام 1943، حينما تداعى فلاحو قرية دير عطية بمحافظة ريف دمشق بدافع الحاجة إلى توفير مياه الشرب وسقاية الأراضي إلى تأسيس أول جمعية فلاحية تعاونية في سورية. ولما لم يكن هنالك تشريع أو نص قانوني يسمح بتشكيل الجمعيات في ذلك الحين، فقد أحدثت تلك الجمعية استناداً إلى قانون الشركات. وبذلك ارتبطت حركة تنظيم الفلاحين بالحركة التعاونية في سورية.
ساعدت على نجاح هذه التجربة عوامل عدة: تكاتف فلاحي «دير عطية» وعثورهم على الماء، واستثماره جماعياً، وتغلبهم على الصعوبات التي واجهت حركتهم التعاونية، فارتفع عدد أعضاء الجمعية من 60 عضواً إلى 550 عضواً، كما شجع ذلك فلاحي محافظات أخرى على الأخذ بالنهج ذاته. وفي العام 1950 صدر أول تشريع أوكل إلى وزارة الزراعة أمر الإشراف على الجمعيات الزراعية، وإلى وزارة الاقتصاد أمر الإشراف على الجمعيات التي تعمل في المجالات الأخرى.
وفي زمن الوحدة بين مصر وسورية صدرت مجموعة من التشريعات والأنظمة والقرارات وفرت الحماية للجمعيات التعاونية، ووزعت الأراضي على الفلاحين، وأزالت بعض العقبات التي اعترضت تأليف المزيد من الجمعيات الفلاحية وشجعت الإقراض من المصرف الزراعي. ولكن الحركة التعاونية واجهت لعدة سنوات بعض الصعوبات التي أعاقت تطورها. وبعد ثورة الثامن من آذار عام 1963 صدرت مجموعة من التشريعات والأنظمة أعادت الحياة إلى الحركة الفلاحية التعاونية. وشهد القطر بعد ذلك حركة تعاونية زراعية ناشطة، وبلغ عدد الجمعيات التابعة لوزارة الزراعة 475 جمعية في نيسان 1964 بالإضافة إلى 361 جمعية تابعة لوزارة الإصلاح الزراعي. وبتاريخ 14/12/1964 صدر المرسوم رقم 127 الذي قضى بتأسيس الاتحاد العام للفلاحين، ثم أصدرت الدولة المرسوم رقم 253 بتاريخ 20/10/1969 الذي تلافى الثغرات في المرسوم 127 وحدد تعريفاً واضحاً للفلاح.
أهداف الاتحاد
كان لابد للاتحاد العام للفلاحين من أن يعتمد أسساً ثابتة في مسيرته، ليستطيع أن يحدث التحول المناسب في حياة الفلاحين والزراعة على حد سواء.
وقد أخذ الاتحاد على عاتقه تحقيق ما يلي:
توحيد العاملين في الزراعة، من فلاحين وعمال زراعيين ومزارعين صغار ومزارعين شركاء أو بالبدل والملاك الصغار الذين لاتتجاوز ملكية واحدهم الحد الأعلى المقرر للتوزيع بموجب قوانين الإصلاح الزراعي،وتعميق الوعي لدى الفلاحين، وتشبثهم بحقوقهم وحمايتها، واتباع الأساليب العلمية الحديثة في الزراعة، وإيجاد الطريق الأمثل للاتصال المباشر بالفلاحين لضم صفوفهم، وتوحيد إمكاناتهم وتوظيفها في مصلحة الوطن العليا، وصولاً إلى المشاركة الفاعلة في بناء المجتمع العربي.
وعلى الصعيد القومي يسعى الاتحاد العام للفلاحين إلى تحقيق المهمات التالية: الوصول إلى الفلاحين العرب، وتوعيتهم، ودفعهم لتأليف منظمات فلاحية مماثلة، والعمل على إقامة اتحاد للفلاحين العرب، وتشجيع المنظمات الفلاحية ودعمها للتخلص من واقعها المتخلف، وتحقيق المكاسب الوطنية والقومية لما فيه مصلحة فلاحي الوطن العربي والتطور الزراعي والاقتصادي، ونشر الوعي السياسي، وإذكاء الشعور بالانتماء القومي ووحدة الطبقة الكادحة في الوطن العربي، والإسهام في تحقيق الثورة الزراعية، واستخدام الأساليب العلمية الحديثة في الزراعة وحماية العمل والإنتاج، وتطوير التعاون في قطاع الزراعة، والعمل على نشر التعاونيات في الريف، وممارسة الرقابة الشعبية على الأجهزة ذات العلاقة بالتنظيم الفلاحي والقطاع الزراعي.
اختصاصات الاتحاد
إن اختصاصات الاتحاد العام للفلاحين واسعة ومتشعبة، ويمكن أن تجمل بما يلي: الإشراف على المنظمات الفلاحية في القطر، والعمل على تحقيق أهدافها، وقيادة الفلاحين وتمثيلهم في كل المجالس واللجان والهيئات والمؤتمرات المحلية والعربية والدولية وفي كل مايتعلق بقضاياهم وزراعتهم، والمشاركة في رسم السياسة الزراعية في القطر، ووضع خطط العمل الإنتاجي والنقابي والسياسي والثقافي في القطاع الفلاحي، ومشاركة الهيئات المختصة في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والتطور الاجتماعي ولاسيما ما يتعلق بتطوير الإنتاج الزراعي وحياة الفلاحين، والمشاركة في إعداد مشاريع القوانين والأنظمة الأساسية المتعلقة بالقطاع الزراعي، والاهتمام بمصالح الفلاحين، والعمل على تحقيق وحدة نضالهم وطنياً وقومياً وتوفير التلاحم بينهم وبين العمال والمنظمات الشعبية الأخرى، وتنظيم العلاقات الخارجية بين الاتحاد وما يماثله قومياً ودولياً.
بنيته التنظيمية ومقره
تتكون البنية التنظيمية للاتحاد العام للفلاحين مما يلي:
الجمعية الفلاحية التعاونية: في مستوى القرية الواحدة أو القرى المتعددة، ولايجوز تأليف جمعية يقل عدد أعضائها عن ثلاثين عضواً، وهي إما أن تكون جمعية متعددة الأغراض، أو نوعية متخصصة، أو إنتاجية متخصصة، أو مشتركة. ويدير الجمعية مجلس إدارة تنتخبه الهيئة العامة، هي مجموع المنتسبين للجمعية، التي تعقد اجتماعاتها أو مؤتمراتها سنوياً أو استثنائياً، ويحدد النظام الداخلي كيفية انعقادها. ويتألف مجلس إدارة الجمعية من ثلاثة أعضاء على الأقل.
الرابطة الفلاحية: وتتكون من الجمعيات التعاونية الفلاحية القائمة في المنطقة الإدارية، ويدير أعمالها مكتب تنفيذي ينتخبه المؤتمر السنوي من بين أعضائه. ويراوح عدد أعضاء مكتب الرابطة بين 3 و5 أعضاء من أصل 7-19عضواً هم مجلس الرابطة. وتعقد الرابطة مؤتمرها سنوياً أو استثنائياً. ويحدد النظام الداخلي كيفية انعقاده.
اتحاد فلاحي المحافظة: ويتكون من مجموع الروابط الفلاحية في المناطق الإدارية في مستوى المحافظة ويدير أعماله مكتب تنفيذي يراوح عدده بين 5 و9 من أعضاء مجلس اتحاد المحافظة المنتخب ومن بين أعضاء مؤتمر الاتحاد. ويعقد اتحاد المحافظة مؤتمره كل سنتين دورياً أو استثنائياً وفق أحكام النظام الداخلي.
الاتحاد العام للفلاحين: ويتكون من مجموع الروابط الفلاحية في المناطق الإدارية في مستوى المحافظة ويدير أعماله مكتب تنفيذي مؤلف من 11-13 عضواً ينتخبهم مجلس الاتحاد العام المنتخب من بين الأعضاء الأصلاء في المؤتمر العام للفلاحين الذي ينعقد كل خمس سنوات دورياً أو استثنائياً وفق أحكام النظام الداخلي.
وإلى جانب مجالس إدارات الجمعيات والمكاتب التنفيذية للروابط والاتحادات الفلاحية في المحافظات والمكتب التنفيذي للاتحاد العام للفلاحين تنتخب المؤتمرات الفلاحية لجان التفتيش والمراقبة في كل منظمة فلاحية على حدة ويكون عدد أعضاء كل منها ثلاثة. والهيئة العامة في الجمعية الفلاحية، أو المؤتمر (في الرابطة أو اتحاد المحافظة أو الاتحاد العام) هما السلطة العليا في التنظيم الفلاحي، وقراراتهما ملزمة للمجلس (مجلس الإدارة -مجلس الرابطة -مجلس الاتحاد الفرعي -مجلس الاتحاد العام) ولجميع أعضائها.
ويكون اجتماع الهيئة العامة أو المؤتمر قانونياً إذا حضرته أغلبية الأعضاء، فإذا قل عددهم عن ذلك انعقد في اليوم الخامس عشر الذي يلي تاريخ الاجتماع السابق، ويكون قانونياً مهما كان عدد الأعضاء الحاضرين.
أما المقرات فلكل منظمة فلاحية مقرها الكائن في منطقة عملها. أما الاتحاد العام ففي العاصمة.
عضوية الاتحاد
حدد المرسوم رقم 253 تاريخ 20/10/1969 تعريفاً واضحاً للفلاح الذي يحق له الانتساب للتنظيم الفلاحي، لكن القانون تاريخ 20/4/1974 هو الذي عرَّف الفلاح على نحو دقيق، فقد نصّت المادة الأولى منه على أن الفلاح هو كل رجل أو امرأة ينتمي إلى إحدى الفئتين التاليتين: العمال الزراعيين، سواء كانوا عاديين أو فنيين أو وكلاء أو عمال خدمات زراعية، وكل من يعمل في الأرض بنفسه مباشرة أو بالاشتراك مع أفراد أسرته أو جمعيته الفلاحية من دون الاستعانة بجهود الآخرين سواء كان مزارعاً بالمشاركة أو بالبدل، وكذلك المالك الذي لاتتجاوز ملكيته الحد الأعلى للتوزيع المقرر للفلاحين بموجب قانون الإصلاح الزراعي وتعديلاته.
والانتساب إلى الجمعية الفلاحية اختياري إلا فيما ورد عليه نص تشريعي خاص. وقد حددت المادة 16 من القانون المشار إليه شروط العضوية بما يلي: أن يكون طالب العضوية متمتعاً بالجنسية العربية السورية أو بجنسية إحدى الدول العربية، وأن يكون قد أتم الثامنة عشرة من العمر، وأن ينطبق عليه تعريف العضو الوارد في القانون.
وتسقط العضوية عن المنتسب في حالات حددها القانون وهي: فقدان أحد شروط العضوية أو إذا فرضت بحقه إحدى العقوبات المنصوص عليها بالقانون 21 أو التلاعب بسجلات المنظمة أو أوراقها أو تعمد إتلافها أو إساءة استعمالها أو الإدلاء ببيانات غير صحيحة بقصد عرقلة الإنتاج أو عرقلة تحقيق أهداف المنظمة، أو عدم تسديد الالتزامات المستحقة الأداء أو العُهد الشخصية في المدة المحددة، أو إساءة التصرف، بعد إجراء تحقيق خطي من المنظمة الأعلى يثبت فيه إضرار العضو بمصالح المنظمة أو مخالفته للقوانين والأنظمة المرعية.
صلاحيات الاتحاد ونشاطه وبرامجه
من الصعوبة الفصل بين أهداف الاتحاد وصلاحياته ونشاطه، وقد تناولت الأهداف التي سبق ذكرها كل ما يسعى الاتحاد إلى تحقيقه. ومع ذلك فثمة صلاحيات ونشاطات يمكن تلخيصها على النحو التالي: الإشراف على المنظمات الفلاحية في القطر والسعي لتحقيق أهدافها، ورعاية مصالح الفلاحين وتمثيلهم في المجالس واللجان والهيئات المختلفة محلياً وعربياً ودولياً، والمشاركة في رسم سياسة القطر الزراعية، وتنفيذ ما يخص الاتحاد منها، ووضع الخطط العملية وتحديد مسؤوليات منظمات الاتحاد في مجالات الإنتاج والخدمة، والإسهام في إعداد مشاريع القوانين والأنظمة المتعلقة بالقطاع الزراعي،
ورعاية مصالح الفلاحين غير المنتسبين إلى الاتحاد والسعي إلى تنظيمهم، وإصدار المطبوعات التي تخدم قضايا الزراعة والفلاحين، ومن نشاط الاتحاد كذلك تنفيذ المشروعات الإنتاجية والإنمائية لمصلحة المنظمات الفلاحية، والإشراف على معاهد التثقيف الفلاحية وإعداد الأطر الفلاحية المؤهلة وعقد دورات تثقيفية فلاحية في المحافظات، والمشاركة في عقد دورات لمحو الأمية بالتعاون مع الجهات المعنية وإقامة المخازن الاستهلاكية ومراكز بيع الأدوية الزراعية ومحطات إصلاح الآلات الزراعية ومحطات المحروقات، وتزويد الجمعيات الفلاحية بالآلات الزراعية، وتسويق الحاصلات الزراعية تعاونياً، ودعم المشروعات الزراعية مادياً ومعنوياً وتوفير الرعاية الصحية للفلاحين في القطر وخارجه. ولاتحاد الفلاحين معهد تثقيفي مركزي (معهد آذار) وأحد عشر معهداً فرعياً في المحافظات ينظم كل منها عدداً من الدورات سنوياً، ويقدم الاتحاد للدارسين فيها مستلزمات الدراسة والإقامة وتعويضات مادية شهرية، كما يصدر الاتحاد جريدة أسبوعية (نضال الفلاحين).
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً