الإلتزامات المترتبة عن طبيعة العقد
نص المرسوم الرئاسي 02-250 على أن موضوع الصفقات العمومية هو إما اقتناء لوازم، أو إنجاز أشغال ، أو تقديم خدمات أو إنجاز دراسات [1]، وبما أن المحل في صفقات الخدمات وصفقات إنجاز الدراسات لا يمكن تحديده إلا من خلال الإطلاع على الصفقة ذاتها، في حين أن صفقة التوريدات وإنجاز الأشغال تعتبر من العقود المسماة في القانون المدني، ذلك أن عقود التوريد هي في حقيقة الأمر عقود بيع [2]، بينما عقود الأشغال العامة هي مقاولة بحسب المفهوم الوارد في القانون المدني، وعليه نشير إلى أهم الإلتزامات التي تترتب على هذين العقدين فقط، لعدم المعرفة المسبقة للمحل في باقي أنواع الصفقات، وذلك فيما يلي:
– الإلتزامات المترتبة على صفقة التوريد: صفقات اقتناء اللوازم هي عقود تمس أصل الملكية، وهي في الحقيقة عقد بيع أو شراء، بحسب الزاوية التي ننظر إليها.
ولذا فإن الإلتزامات التي تترتب عليها هي تلك المترتبة على عقد بيع المنقول، ذلك أن المحل في صفقات إقتناء اللوازم هي المنقولات [3] وليس العقارات، وأنه بمناسبة هذا العقد تقوم المؤسسة العمومية ذات الطابع الإقتصادي والتجاري بشراء المنقولات وليس ببيعها [4]، ” وفئة التوريدات تجمع التوريدات الجارية العادية، المنتجات الموجودة أصلا التي لم يتم تصنيعها وفق معايير تقنية خاصة، وأيضا المنتجات الصناعية التي ترمي إلى شراء مواد غير موجودة في السوق والتي تتطلب من المقاول إنجازها بناء على طلب المشتري” [5].
ولتحديد هذه الإلتزامات لا بد من الرجوع إلى أحكام القانون المدني لتحديدها، وتتمثل أهمها في:
– نقل ملكية المنقول محل الصفقة للمصلحة المتعاقدة حسب ما تقتضيه المادة 351 من القانون المدني [6]، لأن نقل الملكية ركن في العقد ذاته [7].
– نقل المبيع إلى المصلحة المتعاقدة والإمتناع عن كل عمل من شأنه جعل نقل الحق عسيرا أو مستحيلا [8]، وهو الإلتزام بتسليم المبيع، الذي يكون في مكان وزمان محددين، إما تسليما ماديا أو حكميا.
– الإلتزام بضمان عدم التعرض الشخصي وعدم التعرض الصادر من الغير [9].
– الإلتزام بضمان عدم الإستحقاق [10].
– الإلتزام بضمان العيوب الخفية [11].
الإلتزامات المترتبة على صفقة الأشغال: صفقات الأشغال هي عقـود ، يتعهد بموجبه المتعاقد مع المصلحة المتعاقدة بأن يصنع شيئا أو يؤدي عملا مقابل أجر تلتزم هي بأدائه له [12]، والمقصود بالأشغال ” كل الأعمال الواقعة على المباني وكل أعمال الهندسة المدنية ” [13]، وبهذا المفهوم فإنها تنطبق تماما على مفهوم عقد المقاولة [14] كما هو منظم في المواد 549 وما يليها من القانون المدني، والذي يرتب مجموعة من الإلتزامات على عاتق المقاول أهمها ما يلي:
– الإلتزام بتقديم العمل بتشييد عقار أو ترميمه أو تهديمه أو إصلاحه، ويستوي أن يتم تنفيذ الشغل بمواد تقدمها المصلحة المتعاقدة أو يتعهد المقاول بتقديمها [15] مع تحمل المسؤولية عن جودتها وضمانها[16].
– الإلتزام بالضمان العشري، المقصود به التزام المقاول بالتضامن مع المهندس المعماري [17] بالضمان لمدة 10 سنوات، تسري من وقت التسليم النهائي للعمل، ،عن أي تهدم كلي أو جزئي عما شيده من بناء أو أقامه من منشآت ثابتة، ولو كان التهدم ناشئا عن عيب في الأرض [18]، وهذا الموقف قد عمل به وكرسه اجتهاد القضاء الفرنسي فيما يتعلق بصفقات الأشغال [19].
هذا الإلتزام من الإلتزامات التي رتبها القانون التي لا يمكن للمقاول التملص منها أو الإتفاق مع المصلحة المتعاقدة على إعفائه منها أو الحد منها [20]، ولذا فلا يمكن التملص منه إلا بسبب القوة القاهرة أو إثبات خطأ المصلحة المتعاقدة في إلحاق الضرر بالبناية أو المنشأة.
ومن خصائص العيوب التي يجب على المقاول ضمانها [21] أن:
– تكون خفية عند التسليم النهائي للعمل، أو على الأقل أن يكون أسبابها غير ظاهرة.
– تصل حدا من الخطورة تمس بصلابة البناء أو المنشأة، أو تجعلها غير صالحة للإستعمال المخصصة له.
[1] حسب المادة 11 من المرسوم الرئاسي 02-250.
[2] Dr Mohamed Kobtan, introduction à l’étude du droit des marchés publics, Revue du conseil d’Etat, N° 3, Année 2003, P 30
[3] د/ سامي جمال الدين، أصول القانون الإداري، توزيع دار الكتاب الحديث، 1993، ص338.
[4] Dr Bennadji Chérif, Op cit, p 580.
[5] M.ALFONSI Jean, Op cit, P56.
[6] حسب ما هو مقرر بالمادة 351 من القانون المدني.
[7] راجع قرارا المحكمة العليا المؤرخ في 04/05/1994 ملف رقم 110189، غير منشور.
أورده الأستاذ عمر بن سعيد، في مؤلفه الإجتهاد القضائي وفقا لأحكام القانون المدني، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر.
[8] حسب ما هو مقرر بالمادة 361 من القانون المدني.
[9] حسب ما هو مقرر بالمادة 371 من القانون المدني.
[10] حسب ما هو مقرر بالمادة 372 من القانون المدني.
[11] حسب ما هو مقرر بالمادة 379 من القانون المدني.
[12] راجع في ذلك نص المادة 549 من القانون المدني.
[13] M.ALFONSI Jean, Op cit. P55.
[14] د/ سامي جمال الدين، المرجع السابق، ص 337.
[15] حسب ما هو مقرر بالمادة 550 من القانون المدني.
[16] حسب ما هو مقرر بالمادة 551 من القانون المدني.
[17] راجع في ذلك قرار المحكمة العليا المؤرخ في 23/01/1991، ملف رقم 64.748، المجلة القضائية رقم 4 لسنة 1992، الصفحة 31.
[18] حسب ما هو مقرر بالمادة 554 من القانون المدني.
[19] René Chapus, Op Cit., P1072.
[20] حسب المادة 556 من القانون المدني.
[21] René Chapus, Op Cit., P1072.
اترك تعليقاً