التعـــويـض عـــــن الحبــــس المـــؤقت غيـــر المبـــــرر
التعـــويـض عـــــن الحبــــس المـــؤقت غيـــر المبـــــرر
مما شك فيه أن عدم إلزام قضاة التحقيق بإصدار أمر مسبب بالوضع في الحبس المؤقت في مواد الجنح والجنايات وكذلك السهولة التي كانت تحاط بتقرير الحبس المؤقت وبساطة هذا الإجراء الخطير في بعض التشريعات، من الأسباب التي شجعت اللجوء إليه مما أدي بالمشرع الجزائري إلى إقرار مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية ،وذلك من خلال المادة 49 من القانون الدستور والذي كرسه فيما بعد القانون رقم 01 / 08 المؤرخ في 26 يونيو 2001 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية في القسم السابع مكرر تحت عنوان في تعويض عن الحبس المؤقت بالمواد 137 مكرر إلى 137 مكرر 14
وعليه سوف نتعرض لدراسة هذا المبحث من خلال مطلبين، نخصص المطلب الأول لشروط الحصول على التعويض والمطلب الثاني نخصصه في كيفية الحصول على هذا التعويض
المطلب الأول : شـــروط الحصــول علـى التعـويــض
إن التعويض عن الحبس المؤقت غير المبرر ليس تلقائيا ولا أكيدا في كل الحالات، بل قيده المشرع الجزائري بشروط منصوص عليها بالمادة 137 مكرر من ق. إ. ج ،ويجب على طالب التعويض استفاءها وذلك إذا كان محل حبس مؤقت غير مبرر انتهى بقرار نهائي قضى بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة وألحق به ضررا ثابتا ومتميزا
( 1 ) وهذه الشروط تتمثل في التالي :
01 ) أن يكون طالب التعويض محل حبس مؤقت غير مبرر انتهى في حقه بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة
ويقصد به ما عبرت عنه المادة 137 مكرر بأنه كل حبس أمر به خلال متابعة جزائية وانتهت في حقه بصدور قرار نهائي قضى بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة
والقرار النهائي هو عدم قابليته لأي طريق من طرق الطعن ( 2) أي حائز لقوة الشيء المقضي فيه
02 ) أن يكون الحبس المؤقت قد ألحق بالشخص ضررا ثابتا ومتميزا والمقصود بهذا الشرط هو تقييد نطاق التعويض من خلال اشتراط المشرع أن يكون الضرر ثابتا ومتميزا
وما يزيد من صعوبة تطبيق هذا الشرط أن المشرع الجزائري لم يحدد مفهوما لهذا الضرر الثابت والمتميز وعليه وجب الرجوع إلى تطبيقات للجنة التعويض الفرنسية وكيف عبرت عن أوصاف هذا الضرر ( 3) فالضرر غير العادي هو ذلك الضرر الذي توجب قواعد العدالة التعويض عنه أما الضرر المتميز ذي الخطورة الخاصة فيقصد به أن تقييم الضرر يكون حسب كل حالة بالنسبة لنتائج الحبس المؤقت غير المبرر سواء منها المادية أو المعنوية التي تلحق بالشخص
وبتوافر هذين الشرطين فإنه يحق للمضرور من حبسه أن يقدم طلب إلى الجهة المختصة بالتعويض في أجل ستة
( 06 ) أشهر من صيرورة القرار القاضي بألا وجه للمتابعة أو البراءة نهائيا
————————-
1 / مجلة المحاماة – منظمة الجزائر ناحية الجزائر – العدد 1 – ص 16
( 2) د / الأخضر بوكحيل – مرجع سابق – ص 350
( 3 ) ) د / الأخضر بوكحيل – مرجع سابق – ص 352 وما بعدها
المطلب الثاني : كـيفيــة الحصـول علـى التعـويـض
أن تحديد الحصول على التعويض يتم عن طريق جهة مختصة تسمى لجنة التعويضات المنشأة ،على مستوى المحكمة العليا حسب ما نصت عليه المادة 137 مكرر 1 وهي جهة قضائية ذات طابع مدني وتشكل من
– الرئيس الأول للمحكمة العليا رئيسا
– قاضين حكم لدى نفس المحكمة أعضاء يتم تعينهما سنويا من طرف مكتب المحكمة العليا الذي يعين كذلك الأعضاء الاحتياطيين
– النائب العام لدى المحكمة العليا
– أمين ضبط اللجنة يعين من طرف الرئيس الأول للمحكمة العليا
ويتم تقديم طلب التعويض من طرف طالبه أو محاميه بموجب عريضة موقعة في اجل لا يتعدى ستة أشهر من صيرورة القرار القاضي بألا وجه للمتابعة أو البراءة نهائيا
ويجب أن تتضمن العريضة وقائع القضية وبعض البيانات المحددة بالمادة 137 مكرر 4 بصفة إلزامية وهي :
1- تاريخ وطبيعة القرار الذي أمر بالحبس وكذا المؤسسة العقابية التي نفذ فيها
2 – الجهة القضائية التي أصدرت قرار بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة وتاريخ القرار
3 – طبيعة الإضرار وقيمة التعويض المطالب به
4 – عنوان المدعى الذي يتلقى فيه التبليغات
وتودع العريضة مقابل إيصال لدى أمين اللجنة الذي يتولى إرسال نسخة منها إلى العون القضائي للخزينة باعتباره مدعى عليه في هذه الدعوى في أجل 20 يوما من تاريخ استلام العريضة ويطلب أمين اللجنة الملف الجزائي من أمانة ضبط الجهة القضائية التي أصدرت قرار بألا وجه للمتابعة أو البراءة
ويتم إخطار الإطراف بالمذكرات التي يودعونها حسب ما نصت عليه المادة 137 مكرر 6 ليتمكن المدعى من الرد على مذكرة العون القضائي للخزينة في أجل أقصاه 30 يوما من تاريخ تبليغه بهذه المذكرة وبانقضاء الأجل يحول الملف إلى النائب العام لإيداع مذكراته في شهر الموالي ويعين مقرر من بين الأعضاء اللجنة من طرف رئيس اللجنة والذي يحدد تاريخ الجلسة بعد استشارة النائب العام يتم تبليغ هذا التاريخ من طرف أمين اللجنة برسالة موصى عليها مع إشعار بالاستلام إلى المدعى والعون القضائي للخزينة في أجل شهرين قبل تاريخ الجلسة طبق للمادة 137 مكرر 10
وبعد تلاوة التقرير من المستشار المقرر يمكن الاستماع إلى المدعى والعون القضائي للخزينة ويقدم التائب العام بتقديم ملاحظاته
وتصدر الغرفة المشورة قرارها في جلسة علنية وتكون هذه القرارات باتة لا تقبل أي طريق من طرق الطعن ولها القوة التنفيذية
وإذا قررت اللجنة منح التعويض فإنها لها مطلق الحرية في تقدير التعويض ويتم دفع مبلغ التعويض وفق التشريع المعمول به من طرف أمين خزينة ولاية الجزائر وبعد استعراضنا لأهم الإجراءات في طلب التعويض عن الحبس
المؤقت غير المبرر فإنه تجدر بنا الإشارة إلى أنه هناك ملفات كثير جدا على مستوى المحكمة العليا لم يتم الفصل فيهم إلى حد الساعة ولم نرى أي تطبيقات عن ذلك ويبقى السؤال مطروح هل هذه المواد عن الحبس المؤقت غير المبرر هي مواد مطبقة في الواقع أم هي حبر على ورق فقط ؟
اترك تعليقاً