الشيك في القانون التجاري الجزائري
من بين الأوراق التجارية التي نظمها المشرع الجزائري ، و الذي نجد له دورا هاما في المجال التجاري الشيك ، فما المقصود به و ماهي طبيعته القانونية ؟ و ما هي أحكامه في القانون الجزائري ؟ هذا ما نتطرق إليه بشيئ من التفصيل في ما يلي :
أولا : تعريف الشيك و إنشاؤه
نتعرض في هذا المجال إلى تعريف الشيك و ذلك بإبراز مميزاته ثم كيفية إنشائه أي تحديد البيانات الواجب ذكرها فيه .
أ- تعريف الشيك و مميزاته :
يعرف الشيك على أنه ورقة مكتوبة أو “صك محرر” وفقا لأحكام حددها القانون يأمر فيها الساحب المسحوب عليه (الذي يكون بنكا أو مؤسسة مالية ) لدفع مبلغ مالي معين إلى شخص معين أو لإذنه أو لحامله .
فالملاحظ أن الشيك ينشئ علاقة بين ثلاثة أشخاص ، الساحب ، المسحوب عليه و المستفيد مثل السفتجة إلا أن له مميزات تميزه عن السفتجة منها :
1- الشيك يعتبر آداة وفاء فقط و ليس آداة إئتمان لأن الحق الذي يعتبر مقابل الوفاء هو رصيد موجود لدى المسحوب عليه مستحق الآداء لدى الطلب .
2- على خلاف السفتجة المسحوب عليه في الشيك يكون دوما مؤسسة مالية أو ما في حكمها بحيث حددها المشرع الجزائري بموجب المادة 474/1 قا تجاري.
3- الشيك لا يعتبر عملا تجاريا بحسب الشكل و بالتالي فهو يختلف عن السفتجة من هذا الجانب .
ب – إنشاء الشيك – العادي – :
بالإضافة إلى الشروط الموضوعية ، فالمشرع يشترط شروطا شكلية وضعها بموجب أحكام المادة 472 قا تجاري التي تقض بأنه : ” يحتوي الشيك على البيانات الاتية :
1- ذكر كلمة شيك المدرجة في نص السند نفسه باللغة التي كتب بها
2- أمر غير معلق على شرط بدفع مبلغ معين
3- إسم الشخص الذي يجب عليه الدفع – المسحوب عليه –
4- بيان المكان الذي يجب فيه الدفع
5- بيان تاريخ إنشاء الشيك و مكانه
6- توقيع من أصدر الشيك – الساحب –
و لقد نص المشرع الجزائري على الآثار المترتبة عن خلو الشيك من بيان من البيانات المذكورة أعلاه بموجب أحكام المادة 473 قا تجاري
و مما تجدر إليه الإشارة هو أنه متى نشأ الشيك مستوفيا للشروط فإنه يكون واجب الوفاء لدى الإطلاع و من ثم فإنه بخلاف السفتجة لا يمكن تقديمه للقبول و يعتبر كل شرط يقضي بذلك كأنه لم يكن و هذا ما ذهبت إليه المادة 475/1 قا تجاري
ثانيا : تداول الشيك و وفائه :
بما أن الشيك ورقة تجارية فإنه يخضع لقواعد قانون الصرف في تداوله و من ثم نتعرض بإيجاز إلى طرق تداوله ثم نتطرق إلى الوفاء بقيمة الشيك
أ- تداول الشيك
تنص المادة 485 قا تجاري على أنه ” إن الشيك المشترط دفعه إلى شخص مسمى الموجب إشتراط صريح ( لأمر) أو بدونه يكون قابلا للتداول بطريق التظهير ، أما الشيك المشترط دفعه إلى الشخص المسمى مع الشرط ليس لأمر أو شرط مماثل لا يكون قابلا للتداول إلا حسب الأوضاع المقررة لإحالة العادية و بما يترتب عليها من نتائج “
من خلال هذا النص يمكن إستخلاص أن الشيك يمكن تداوله بطريق التظهير مثله مثل السفتجة سواءا كان تظهيرا تاما – ناقلا للملكية- أو تظهيرا توكيليا أما التظهير التأميني فقليل الوقوع لأن الشك واجب الوفاء لدى الإطلاع ، و لكن يرتب التظهير أثره يجب أن يتحقق فيه الشروط الموضوعية و الشكلية بحيث يجب التوقيع على ظهر الشيك أو ورقة متصلة به بما يفيد تظهيره لشخص معين أو على بياض .
ب- الوفاء بالشيك
للوفاء بالشيك من طرف المسحوب عليه سواء كان التقديم عادي مباشر أو التقديم إلى غرفة المقاصة أو التقديم الإلكتروني .
كما يجب أن يكون التقديم خلال الآجال المحددة قانونا من تاريخ تحرير الشيك و هذا ما نصت عليه المادة 501 قا تجاري حيث أن الشيك المحرر في الجزائر و الواجب الوفاء بها يجب أن يقدم خلال عشرين يوما ، أما الشيك المحرر في أي دولة أوربية أو إحدى دول المتوسط فإنه يجب تقديمه خلال ثلاثون يوما إن كان واجب الوفاء بالجزائر ، أما الشيك المحرر في أي دولة أخرى و واجب الدفع في الجزائر فيجب أن يقدم خلال سبعون يوما .
و الملاحظ أن هذه الآجال هي لتقديم الشيك للوفاء فإن قدم خلالها و كان الرصيد موجودا فعلى المسحوب عليه تسديد (الوفاء )
لكن في حالة ضياع الشيك أو سرقته فماهي الأحكام المتعلقة بذلك ؟
لإجابة عن ذلك نصت المادة 503/2 قا تجاري ” و لاتقبل معارضة الساحب على وفاء الشيك إلا في حالة ضياعه أو تفليس حامله “
من خلال هذه الفقرة فإن المشرع الجزائري أجاز للساحب في حالة ضياع الشيك أو سرقته أن يعلن معارضة عن وفائه ، كما يجوز المعارضة في الوفاء في حالة إفلاس الحامل – المستفيد -.
مما تقدم يمكن إستخلاص أن المسحوب عليه متى توفر له الرصيد يجب عليه الوفاء حتى و لو قدم الشيك خارج الآجال المبينة سابقا ، ما لم تكن هناك معارضة في الوفاء بسبب الضياع أو السرقة أو إفلاس المستفيد ، كما أجاز المشرع الوفاء الجزئي يحيث لا تجوز للحامل رفض الوفاء الجزئي .
لكن ما إذا إنعدم الرصيد أو أنه كان غير كافي فما هي الآثار المترتبة عن ذلك ؟
إجابة عن ذلك فقد تناول المشرع الجزائري أحكام النقص أو الإنعدام في الرصيد بموجب التعديل للقانون التجاري سنة 2005 بالقانون رق 05-02 المؤرخ في 06 فيفري 2005 ، حيث ورد فيه الشيك دون رصيد أو الذي فيه نقص فإن لامسحوب عليه البنك وفق أحكام المادة 526 مكرر 1 يجب عليه القيام بالإجراءات التالية :
– تبليغ مركزية المستحقات غير المدفوعة بكل عارض دفع لعدم وجود أو عدم كفاية الرصيد خلال أربعة أيام من تارخ تقديم الشيك
– يجب على المسحوب عليه توجيه أمر للساحب لتسوية العارض بإجاد رصيد أو تكوين رصيد كافي يستجيب مع قيمة الشيك و هذا ما نصت عليه المادة 526 مكرر 2 خلال عشرة أيام من الأمر .
من خلال هذين الإجرائين يمكن اعتبار أن المشرع الجزائري أوجد إجراءات وقائية بالنسبة للشيك دون رصيد تحت تسمية عوارض الدفع التي تعتمد بعد تلك الإجراءات على التسوية و التي يقصد بها تمكين الساحب من تكوين رصيد كاف بالنسبة للشيك لدى المسحوب عليه قصد تسوية عارض الدفع خلال الآجال القانونية .
– بالنسبة للساحب يجب عليه تكوين رصيد كافي خلال عشرة أيام من تاريخ الأمر الموجه من المسحوب عليه فإن قام بذلك فلا إشكال ، أما في حالة عدم قيام الساحب بتسوية الوضعية كما هو مبين أعلاه فإنه يتعرض إلى منعه من إصدار شيكات لكنه يسترجع حقه في إصدار الشيكات إن قام يتسوية وضعه خلال عشرين يوما من الأمر بالدفع مع تحمله غرامة التيرئة المقدرة ب: 100 د ج عن كل قسط ب:1000 د ج و هذا وفقا لأحكام المادة 526 مكرر 5 .
و على هذا الأساس يمكن إعتبار إجراءات التسوية هي تفادي الوقوع تحت إجراءات مباشرة الدعوى العمومية لجريمة إصدار الشيك دون رصيد بشرط أن تتم التسوية خلال عشرون يوما من توجيه المسحوب عليه الأمر إلى الساحب لتسوية عارض الدفع و إيجاد رصيد كافي .
فإن قام بالإستجابة للأمر الموجه له من المسحوب عليه خلال العشرة أيام الأولى فإنه لا يتعرض للغرامة ، أما إذا كانت إستجابته بعد العشرة أيام الأولى فإنه إذا قام بتسوية وضعيته خلال العشرون يوما الثانية أي في اليوم الحادي عشر إلى غاية اليوم الثلاثون الأمر فإنه يتحمل غرامة التبرئة .
و في حالة العود لنفس المخالفة خلال الإثني عشرة شهرا من عارض الدفع الأول ف‘ن الساحب يتعرض إلى المنع من إصدار الشيكات حتى و إن قام بالتسوية ، مع مضاعفة الغرامة المادة 526 مكرر5 .
أما في حالة عدم التسوية فإن الساحب يتعرض إلى المنع من سحب الشيكات خلال خمسة سنوات من تاريخ الأمر المادة 526 مكرر 8
مع الملاحظة أن في حالة عدم التسوية خلال العشرين يوما من الأمر بالدفع فإنه تباشر الدعوى العمومية و المتابعة الجزائية وفقا لأحكام قانون اغجراءات الجزائة من أجل تطبيق قانون العقوبات على أساس جريمة إصدار الشيك دون رصيد المادة 374 و 375 قا عقوبات .
ثالثا: أنواع الشيكات
أ – الشيك المسطر – المخطط –
نص المشرع الجزائري في المادة 512 و ما بعدها من القانون التجاري على أن الشيك المسطر أو المخطط في الأصل شيك عادي يقوم ساحبه أو حامله بتسطيره مما يترتب عليه آثار خاصة حددتها المادة 513 قا تجاري ، و التسطير يتم بوضع خطين متوازيين على وجه الشيك و من ثم قد يكون التسطير عاما أو خاصا .
فالتسطير العام هو الذي لا يتضمن كتابة مصرف معين بين الخطين و ذلك بذكر إسم أحد المصارف ، بحيث يترتب على التسطير عدم جواز دفع المقابل إلا للمصرف أو المكتب من مكاتب الصكوك البريدية هذا إذا كان التسطير عاما ، أما إذا كان التسطير خاصا فلا يجوز للمسحوب عليه دفع المقابل إلا للمصرف المعين بين الخطي و إذا أهمل المسحوب عليه مراعاة هذه الشروط يكون مسؤولا عن الضرر بما يعادل قيمة الشيك ، و يستعمل الشيك المسطر للتقليل من مخاطر السرقة حيث أن سارق الشيك المسطر لا يستطيع تقديمه مباشرة للوفاء للمسحوب عليه و لكن يستطيع فقط تظهيره للبنك المتعامل معه و بهذه الطريقة يسهل التعرف عليه .
و يعتبر المشرع الجزائري الشيكات المعدة للقيد في الحساب شيكات مسطرة حيث نصت المادة 514 على أنه يجب أن تكون هذه الشيكات مسحوبة في الخارج وواجبة الدفع في الجزائر و يتم الوفاء بها إلى مصرف معين أو مركز الصكوك البريدية
ب – الشيك المعتمد و الشيك المؤشر :
يتم الإعتماد بكتابة كلمة معتمد على وجه الشيك مع إمضاء البنك و تاريخ الإعتماد و مبلغ الشيك و يدل الإعتماد على أن مقابل الوفاء مجسد لفائدة الحامل طوال مدة التقديم و على مسؤولية المسحوب عليه ، فالإعتماد إذن هو إلتزام المسحوب عليه إلتزاما صرفيا خاليا من كل الدفوع اتجاه الحامل ، و الإعتماد إلزامي إذ لا يستطيع المسحوب عليه رفضه إلا في حالة النقص أو عدم كفاية الرصيد و هذا ما نصت عليه المادة 483 قا تجاري .
مما يترتب عن الإعتماد بقاء الشيك المعتمد تحت مسؤولية البنك المسحوب عليه لمصلحة الحامل إلى غاية نهاية أجل التقديم المحدد قانونا .
بالإضافة إلى الشيك المعتمد يوجد نوع آخر و هو الشيك المؤشر و الذي عبارة عن التأكد من وجود الحساب و ذلك بأن يضع البنك عبارة مؤشر و لكن في هذه الحالة البنك غير مسؤول عن المبلغ في حالة سحبه عكس ماهو معمول به في الشيك المعتمد
ج – شيكات السفر – السياحة – :
هو شيك مسحوب من طرف بنك أو مصرف على أحد فروعه في الخارج لفائدة زبون البنك حتى يتمكن هذا اللأخير من الحصول على المقابل في بلد آخر و بعملة أجنبية[/size]
اترك تعليقاً