جريمة استغلال النفوذ
تنص المادة 32 من القانون 06-01 على أنه:” يعد مستغلا للنفوذ كل موظف عمومي أو أي شخص آخر يقوم بشكل مباشر أو غير مباشر بطلب أو قبول أية مزية غير مستحقة لصالح شخص آخر لكي يستغل ذلك الموظف العمومي أو الشخص نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من إدارة أو سلطة عمومية على منافع غير مستحقة”.
من النص المتقدم يتضح أن هناك فرق بين جريمتي الرشوة واستغلال النفوذ فتشترك جريمة استغلال النفوذ مع جريمة الرشوة في أنها تمس بسمعة الوظيفة العامة ونزاهتها ولذلك فليس من شروطها أن يفي مستغل النفوذ بما التزم به ،كما أن هذه الجريمة مثل الرشوة تقتضي وجود شخصين أحدهما المستغل أي صاحب النفوذ الحقيقي أو المزعوم والآخر هو الذي يقدم العطية أو الوعد بها مقابل قيام المرتشي باستخدام نفوذه.
وتختلف جريمة الرشوة عن جريمة استغلال النفوذ ،في أن العمل الوظيفي الذي يطلب من المرتشي في الرشوة يدخل في اختصاص حقيقة أو زعما أو توهما، أما في استغلال النفوذ فإن العمل المطلوب من المستغل لنفوذه لا يدخل في دائرة أعماله وهو ما يسلم به و إن كان يتذرع بنفوذه لدى السلطة العامة لتنفيذ المطلوب فهو وسيط بنفوذه لصاحب الحاجة لدى السلطة العامة.
كذلك لايشترط في المستغل لنفوذه أن يكون موظفا عاما وذلك بخلاف الرشوة،فإذا كانت في محيط الأعمال العامة فيجب أن يكون المرتشي موظفا عاما أو من في حكمه،وإن كانت في نطاق المشروعات الخاصة فيتعين أن يكون المرتشي مستخدما في المشروع الخاص.
صفة الفاعل :
لا يشترط المشرع أن يكون الفاعل موظفا عاما إلا كظرف مشدد في هذه الجريمة، ولكن يشترط فقط أن يكون شخصا ذا نفوذ حقيقي أو مزعوم لدى سلطة عامة،وهذا النفوذ قد يكون مرجعه إلى وظيفته أو علاقاته الخاصة ببعض موظفي الدولة أو لمركزه السياسي أو الاجتماعي الذي يسمح له بطلب مزية خاصة من أولى الأمر . وكما حددت المادة قد يكون هذا النفوذ حقيقيا، كما قد يكون مزعوما، أي يدعي الجاني بوجوده معتقدا في ذلك أو كذبا.
ولكن المهم ألا يدعم هذا الاعتقاد بوسيلة من وسائل النصب وإلا سئل عن هذه الجريمة إلى جانب جريمة النصب وكما هو مقرر طبقا للقواعد العامة، تطبق عقوبة الجريمة الأشد، أي عقوبة استغلال النفوذ.
الركن المادي:
يتكون الركن المادي لجريمة استغلال النفوذ من عناصر مركبة ومتنوعة تقوم على فعل الأخذ أو القبول أو الطلب وموضوعه هو الوعد أو العطية وله سنده من النفوذ الحقيقي أو المزعوم وهدفه الإيهام بإمكان الحصول على إحدى المزايا المنصوص عليه قانونا. فيجب لقيام الركن المادي أن يكون الغرض من الاتفاق على استغلال النفوذ الحصول على بعض المزايا أو محاولة الحصول عليها لصاحب الحاجة ومن تم يوجد ارتباط بين ما يحصل عليه المتهم من عطية أو ووعد بها وبين ما يعد به فلا تقوم الجريمة إذا كان الجاني قد أخد العطية مقابل حث موظف على إنهاء موضوع صاحب الحاجة دون أن يتذرع بنفوذ حقيقي او مزعوم.
وهناك مزايا يسعى المستغل لتحقيقها بنفوذه نذكر منها :التزام أو ترخيص أو اتفاق على وظيفة أو خدمة أو أية مزية من أي نوع ومن تم يشمل ذلك كل ما يمكن الحصول عليه من سلطة عامة لمصلحة صاحب الحاجة مثل: حفظ تحقيق ,إصدار حكم ببراءة متهم،استخراج رخصة لصاحب الحاجة.
وكذلك من قبيل الإدانة على هذه الجريمة أنه حكم بتوافرها في حق متهم استغل نفوذه للحصول لآخر على إعفاء من الخدمة العسكرية وفي الحصول عن السلطة الإدارية على قرار بمنح شخص الجنسية.
وقد تطلب القانون أن تكون الميزة المطلوب الحصول عليها لصاحب الحاجة تتطلب التذرع بالنفوذ لدى سلطة عامة أو أحد الجهات الخاضعة لإشرافها والمقصود بالسلطة العامة السلطة الوطنية.
فلا تقوم الجريمة لو تذرع بنفوذه لدى جهة خاصة أو سلطة أجنبية، ويستوي لتحقق هذه الجريمة أن يكون الفاعل قاصدا استخدام نفوذه أو منتويا منذ البداية عدم استخدامه وذلك لأن المشرع يساوي بين النفوذ الحقيقي والنفوذ المزعوم. كذلك يتعين لقيام هذه الجريمة أن يكون تحقيق المصلحة التي هي غاية النفوذ المزعوم ممكنا وعلى ذلك لو أن شخص أوهم آخر بقدرته على تعيينه في وظيفة لا وجود لها.
الركن المعنوي :
تعد جريمة استغلال النفوذ جريمة عمدية يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي ويتطلب هذا لتوافره العلم والإرادة ويتوافر العلم إذا كان المتهم يعلم بوجود النفوذ الحقيقي أو كذب الادعاء بالنفوذ ويعلم بنوع المصلحة التي يطلبها وأنها من سلطة عامة وطنية ويجب أن تتجه إرادته إلى أخذ العطية أو قبول الوعد بها وأن يعلم بأنها مقابل لاستغلال نفوذه.
ولكن ليس من عناصر القصد اتجاه نية المتهم منذ البداية إلى الوفاء بما وعد به فبتوافر القصد ولو كان منتويا منذ البداية عدم بذل مساعيه والاستئثار بالعطية منذ البداية.
(( القانون رقم 06-01 المؤرخ في 20 فبراير 2006 المتعلق بمكافحة الفساد ))
اترك تعليقاً