فسخ اتفاق التسوية الودية
يعتبر عدم تنفيذ الالتزامات الناشئة عن اتفاق التسوية الودية من طرف رئيس المقاولة المدين، أو مسيريها في حالة اتخاذ المقاولة شكل شركة ، هو إخلال خطير يمس بالتسوية الودية وضربا لأهدافها التي تقوم على إنقاد المقاولة، وإنقاد مصالح المدين ودائنيه .
وقد نصت ( الفقرة الثانية من المادة 558 من م ت ) على أثرين هامين إلى جانب أخرى على عدم تنفيذ
وهذين الأثرين هما:
أ-فسخ الاتفاق
ب – سقوط كل أجال الأداء الممنوحة بمقتضاه
وتخضع دعوى الفسخ للقواعد العامة في القانون ( ق ل ع ) ولمسطرتين التجارية والمدنية تختص بنظرها المحكمة التجارية م 558 م ت التابعة لها مؤسسة التاجر الرئيسة أو المقر الاجتماعي للشركة ( م 11 من القانون رقم 95 . 53 القاضي بإحداث المحاكم التجارية ) ويظاف إلى هذين الأترين أثر أكثر شدة ينقل المقاولة من مساطر الوقاية إلى مساطر المعالجة، وهو عدم قدرة المقاولة عن سداد الديون الناجمة عن الالتزامات المبرمة في الاتفاق الودي إلى جانب عجزها عن سداد الديون الاخرى المستحقة عند الحلول.
ويتبين من تحليل م 560 م ت أن فتح مساطر المعالجة يقع في حالتين
أ-إذا كانت المقاولة التجارية غير قادرة على سداد الديون التي لم تكن موضوع الاتفاق الودي المستحقة عليها عند الحلول
ب-إذا عجزت عن اداء الديون الناجمة عن الالتزامات المبرمة في إطار الاتفاق الودي أي تلك التي كانت موضوع هذا الاتفاق.
وتعد مساطر المعالجة هاته من النظام العام، يمكن للمحكمة ان تضع يدها عليها تلقائيا أو بناء على طلب من النيابة العامة أو بمكان افتتاحي للدعوى لأخد الدائنين كيفما كانت طبيعة دينهم ( م 563م ت ) سواء تعلق الأمر بالتوقف عن دفع ديون لم تكن موضوع الاتفاق او الديون التي كانت موضوع إتفاق التسوية الودية وهو ما اكدت عليه ( م 563 م ت ) ” يمكن فتح المسطرة بمقال افتتاحي للدعوى لأخد الدائنين كيفما كانت طبيعة دينه يمكن للمحكمة أيضا أن تضم يدها على المسطرة تلقائيا او بطلب من النيابة العامة لا سيما في حالة عدم تنفيذ الالتزامات المالية المبرمة في إطار الاتفاق الودي المنصوص عليه في م 556 م ت “.
ونشير هناك نوعين من الالتزامات المتقل عليها :
الإخلال او عدم تنفيذ الالتزام بأداء الديون المستحق في أجالها الجديدة المحددة في الاتفاق يترتب عليه فتح مساطر المعالجة والإخلال أو عدم تنفيذ الشروط الأخرى، كعدم تنفيذ الالتزام بتسريح او عدم تسريح العمال أو إغلاق بعض الفروع والوكالات ، او إعادة الهيكلة او عدم الزيادة في رأس المال أو الإخلال بترشيد الموازنة او تخفيض المصاريف وهذا النوع من الإخلال أو عدم التنفيذ وإن كان يؤدي إلى فسخ الاتفاق الودي مع التعويض عن الأضرار إن كل له محل ( م 254 – 259 و 263 – 264 وغيرها م ق ل ع ) فلا يؤدي نهائيا إلى فتح مسطرة من مساطر المعالجة ، التسوية أو التصفية القضائية لكن إشكالية اخرى حول سقوط او اندثار التخفيضات المتفق عليها نتيجة لفسخ الاتفاق أم لا ؟
ويعود سبب هذه الإشكالية إلى كون المشرع المغربي ( م 588 ف : 2) تكلم عن الفسخ وسقوط كل أجال الديون المستحقة ، وسكت عن سقوط التخفيضات المتفق عليها ولعدم وضوح النصوص ، هناك موقفين متعارضين
أ-الموقف الاول :هو اعتبار التخفيضات والآجال الجديدة المتفق عليها لاغية وكأن لم تكن عند الفسخ للإخلال أو عدم تنفيذ الالتزامات الناشئة عن الاتفاق الودي وينسجم هذا الموقف مع قواعد القانون المادي ( ق ل ع ) المنظمة للفسخ والتعويض عن الضرر ( م 253 – 263 ق ل ع م )
ويعد هذا الموقف منصفا وعادل بالنسبة للدائنين الموقعين على اتفاق التسوية الودية
ب-الموقف الثاني: وإن كان يضر بمصالح الدائنين الموقعين على الاتفاق أي أن فسخ الاتفاق والتسوية الودية يرتب سقوط كل الآجال الاداء الممنوحة دون سقوط التخفيضات ( م 558 ف 2) وان الديون الناجمة عن الالتزامات المبرمة في إطار الاتفاق الودي، التي قد تكون التخفيضات قد طالتها وحدها يترتب عن عدم سدادها فتح مسطرة المعالجة، وبها يدخل الدائن في الاتفاق في ناتج التصفية ( م 560 م ت ) إلى أن يجد المشرع حل آخر .
ويجوز لرئيس المقاولة تجنبا لفسخ اتفاق التسوية الودية وتوابعه السابقة بيانها أن يسعى إلى إبرام اتفاقا ودي عادي خارج التسوية الودية المنظمة في إطار الوقاية الخارجية ( م 550 إلى 559 م ت ) ويخضع هذا الاتفاق العادي المجرد القواعد العامة القانون المدني ولقاعدة العقد شريعة المتعاقدين وبين الدائنين الموقعين على اتفاق التسوية سواء أكانوا رئيسيين او غير رئيسيين شريطة أن تكون المقاولة متوقفة عن دفع ديونها ولا يخضع هذا النوع العادي من التسوية الودية لتصديق رئيس المحكمة التجارية ولا لتعيين المصالح ولا للإجراءات التسوية الودية للوقاية من الصعوبات ويكون الهدف من الاتفاق الذي بمثابة الصلح تفاديا لفسخ الاتفاق الودي للتسوية الذي أبرم بحضور المصالح
ويتساءل الفقه أيضا حول ما إذا كان يجوز للمدين المقاول المستفيد من التسوية الودية ان يطالب بتعديل الاتفاق إذا لم يقدر على تنفيد الالتزامات المبرمة أم لا ؟
فإنه لا يوجد ما يمنع من إجراء تعديل على الاتفاق في تسوية ودية اخرى تجري طبقا للقانون العادي والعقد شريعة المتعاقدين التي تكون بمثابة صلح بشرط ألا تكون المقاولة التجارية متوقفة عن اداء ديونها .
وتساءل الفقه كذلك حول ما إذا كانت من حق المدين المقاول إجراء تسوية وحية قضائية ثانية ثالثة ورابعة وغيرها كلما طال الفشل مسطرة من المساطر أو مع دائنيها آخرين سواء أكانوا رئيسين او غير رئيسيين لم يكونوا أطراف في الاتفاق الأول، او الثاني او الثالث أو الرابع أو غيره.
وللإجابة عن هذا التساؤل فليس هناك مانع قانوني يحول دون ذلك مادام رئيس المحكمة التجارية يملك السلطة التقديرية لفتح مسطرة التسوية الودية من عدمه ( م 553 م ت ) شرط أن لا تكون المقاولة متوقفة عن الدفع بالمعنى القانوني لفتح مساطر المعالجة
كما نشير إلى أن التسوية الودية في مدونة التجارة الجديدة تختلف عن كل انواع الصلح في قانون الإفلاس سواء العلاج الودي أو الصلح الواقي الذي كانت تتطلب فيه موافقة جميع الدائنين ولكنه لا يخضع لتصديق المحكمة باعتباره مجرد عقد رضائي يخضع لقواعد العامة في القانون العادي ( ق ل ع ) .
كما تختلف التسوية الودية عن الصلح القضائي او صلح الاغلبية الذي يخضع لتصديق المحكمة حيث يشترط في هذا الصلح موافقة الاغلبية العددية للدائنين الحاضرين في حلبة التصويت إما شخصيا او بواسطة وكيل وأن تكون هذه الاغلبية حائزة لتلثي الديون ( م 259 و 261 من قانون الإفلاس المنسوخ ) ولا يقع إلا بعد الحكم بالإفلاس نتيجة توقف المقاولة عن دفع ديونها وان المصادقة عليه تنهي حالة الإفلاس .
اترك تعليقاً