دعوى رجوع الضامن على الآمر
الفصل الثاني / تنفيذ خطاب الضمان ودعوى الرجوع
المبحث الثاني: دعوى الرجوع
يترتب على وضع الضمانة موضع التنفيذ ودفع قيمة خطاب الضمان قيام عدة حالات للرجوع، تسمح للبنك الضامن باسترداد كل المبالغ التي تحملها في سبيل الوفاء بالتزاماته (المطلب الاول) كما تسمح للأمر بالرجوع على المستفيد بدعوى استرداد غير المستحق المعروفة في إطار النظرية العاعة للالتزام (المطلب الثاني).
المطلب الأول: رجوع الضامن على الآمر
إذا كان الضامن يتحمل بصورة أصلية وبصفة مستقلة بالالتزام بالوفاء بمبلغ الضمان لفائدة المستفيد إلا أنه مع ذلك لا يعد سوى مجرد مدين احتياطي وضامن للمدين الأصلي أي الآمر الذي يتحمل مبلغ الضمان فضلا عن النفقات التي يكون قد تحملها البنك.
لهذا يمكن لهذا الأخير الرجوع على الأمر بالدعوى الشخصية بناء على عقد فتح الاعتماد بالضمان (الفقرة الاولى) على أن رجوع البنك على الامر بدعوى الحلول قد آثار جدلا واسعا وسط الساحة الفقهية (الفقرة الثانية).
الفقرة الاولى: الرجوع بالدعوى الشخصية
يعد حق الضامن في الرجوع على الأمر بالدعوى الشخصية بعد الوفاء بصورة لا تخالف مقتضيات خطاب الضمان من مقتضيات الضمانة ذاتها.
فمتى قام البنك بالوفاء بقيمة الضمان سواء على المكشوف أو كان هناك غطاء أيا كان نوعه يصبح عندئذ دائنا للعميل ويكون من حقه استرداد هذه المبالغ من هذا الأخير.
كما يمكن للبنك الرجوع على العميل بكل المصاريف المترتبة عن تنفيذ خطاب الضمان، ما لم يكن هذا الضامن قد خالف مقتضيات العقد المبرم بينه وبين الآمر، كأن يدفع المبلغ المحدد في خطاب الضمان بناء على طلب المستفيد حالة أن الأمر قد استصدر حكما قضائيا برفض هذه المطالبة القائمة على أساس الغش أو التعسف الظاهر ( ).
فبمجرد ما يقوم الضامن بتنفيذ التزامه بصورة فعلية ونظامية تستجيب لشروط صحة المطالبة فإن الأمر يكون ملزما بصورة مباشرة وتلقائية بتسديد قيمة الضمان.
ومن الناحية العملية نجد بأن البنك يمارس في الغالب حقه في الرجوع عن طريق الخصم التلقائي من حساب الأمر مبلغ الضمان تأسيسا على مقتضيات التنازل الصريح والمسبق من الزبون للبنك بإجراء هذا الخصم.
فعادة ما تتضمن نماذج طلبات إصدار خطاب الضمان التي يضعها البنك رهن إشارة زبونه، تعهدا يتنازل بموجبه هذا الأخير للبنك بالحق في خصم المبلغ بصورة تلقائية من حسابه دون أن يكون ملزما بإبداء الأسباب التي قد تكون دفعته إلى ذلك ودون الحصول على الموافقة المسبقة للأمر قبل إجراء ذلك ( ).
الفقرة الثانية: الرجوع بدعوى الحلول
لقد ثار الخلاف بصدد دعوى الرجوع عما إذا كان يحق للبنك الذي أدى مبلغ الضمان للمستفيد أن يمارس الرجوع عن طريق الحلول محل المستفيد في جميع ماله من حقوق ضد الآمر.
وفي هذا الصدد انتقد الفقه الهولاندي فكرة الحلول للخلاف البين والواضح بين حق البنك في الرجوع على العميل وحق المناب في الرجوع على المنيب، فالضامن يتعهد باسمه الخاص ولحسابه وليس وكيلا عن العميل.
بخلاف ذلك نجد التقنين الأمريكي الموحد في المادة 5/117 من مراجعة 1995 قد عبر عن الانابة كأساس لهذا الرجوع، كما سلم القضاء النمساوي بذات الأمر في أحد الأحكام بتاريخ 25/07/1990 حيث قضت “إذا أمن المصرف للمستفيد المبلغ المتفق عليه في خطاب الضمان حل محله في الرجوع على الآمر بمقدار المبلغ” ( ).
المطلب الثاني: حالات رجوع الطرف الآمر
قد يؤدي البنك الضامن مبلغ خطاب الضمان إلى المستفيد فيتضح أن هذا الدفع لم يكن مستحقا، لذلك يحق للامر الرجوع في هذه الحالة على المستفيد من الضمان (الفقرة الاولى). لكن إذا تبين أن الضامن أو الضامن المقابل هو الذي يتحمل مسؤولية الوفاء في هذه الحالة يمكن للامر الرجوع على الضامن لإخلاله بمقتضيات خطاب الضمان (الفقرة الثانية).
الفقرة الاولى: رجوع الآمر على المستفيد من الضمان
إذا نفد الطرف الآمر التزاماته التعاقدية ومع ذلك قام البنك بالوفاء بقيمة الضمان فإنه يحق له الرجوع على المستفيد.
ويستهدف من ممارسة هذا الرجوع أساسا استراد كلا أو جزءا من مبلغ الضمان الذي قد يكون أداه البنك (الضامن) للمستفيد بصورة غير مستحقة، ويشبه هذا الإجراء كما ذهب إلى ذلك –Stoufflet- دعوى الاسترداد الغير المستحق.
لا يمكن هنا للآمر استرداد هذا المبلغ بصورة كلية أو جزئية إلا تبعا لمدى إخلاله بالتزاماته التعاقدية، وتبعا كذلك لما إذا كان عدم تنفيد هذه الالتزامات يعود للمستفيد ام لا ( ).
الفقرة الثانية: رجوع الآمر على الضامن أو الضامن بالمقابل
قد تتحقق مسؤولية الضامن أو الضامن بالمقابل نتيجة إخلال أحدهما أو هما معا بمقتضيات تنفيد خطاب الضمان أو خطاب الضمان المقابل، وفي هذه الحالة يثبت للآمر الحق في الرجوع عليهما معا او على أحدهما.
ويمكن القول بأن مسؤولية البنك الضامن قد تقوم عندما يكون هذا الأخير قد خالف التعليمات الصادرة من الآمر كأن يصدر خطاب الضمان لدى أول طلب حالة أن التعليمات التي تلقاها من الآمر كانت تشير وبشكل واضح بأن الضمان يجب أن يكون مقيدا بمستندات محددة.
وكذلك الوضع في الحالة التي يتم فيها تقديم الضمان بشروط تضر بمصلحة الأمر كأن تقدم الضمانة لمدة أطول من تلك التي تم الاتفاق عليها أو في الحالة التي يتم فيها تجديد صلاحية الضمانة دون موافقة الآمر ( ).
كما يمكن للآمر الرجوع على الضامن أو الضامن المقابل إذا قام بالوفاء والحال أن المطالبة بالوفاء قائمة بشكل ظاهر على غش أو تعسف ظاهر “يفقأ العين”.
اترك تعليقاً