النواحي القانونية في عقد التأجير التمويلي
إن لعقد التأجير التمويلي أهمية كبيرة كأداة تمويل في مجال التجارة والاستثمار في بلدان شتىّ، خاصة مع تزايد حاجة المشروعات إلى مصادر تمويلية أكثر مرونه واستجابة لمتطلبات نموها وتوسعها، في ظل ما يشهده العالم من تطورات سريعة في تكنولوجيا الانتاج والتسويق، وارتفاع تكلفة الحصول على الأصول الرأسمالية وحقوق المعرفة، مما يشكل عقبة في وجه المشاريع التي لا تتوافر لديها الموارد المالية الكافية للحصول على المعدات الانتاجية اللازمة، ومن هنا يبرز دور هذا العقد في التغلب على هذه العقبات، إذ يمكّن هذه المشاريع من الحصول على المعدات اللازمة عن طريق استئجارها من الممول الذي يقوم بشرائها من المورد خصيصا لهذا الهدف ووفقاً لشروط ومواصفات المستأجر والذي يقوم بالانتفاع بها مقابل أقساط أجرة محددة يدفعها للمؤجر طيلة مدة العقد التي تكون مرتبطة بالعمر الافتراضي لهذه المعدات، وفي نهاية العقد للمستأجر الحق في ثلاثة خيارات وهي، إما شراء المعدات بسعر رمزي، أو تجديد العقد، أو رد المعدات وإنهاء العقد.
ونظراً لأهمية هذا الموضوع الحديث على الصعيدين القانوني والعملي، فقد أرتأت الباحثة البحث فيه للدور الهام الذي قد يلعبه هذا النشاط في اقتصادنا الوطني الناشيء للنهوض به، وذلك ضمن دراسة قانونية مقارنة مكونة من ثلاثة فصول.
وقد تعرضت الدارسة في الفصل الأول منها إلى النشأة التاريخية لهذا العقد وتطوره وانتشاره على مستوى العالم، ثم كان لابد من تعريف العقد لإعطاء صورة واضحة عنه وذلك ضمن الاتجاهات القانونية المختلفة واجراء مقارنة بينها للوصول إلى تعريف جامع لكل عناصره، وليتضح عقد التأجير التمويلي بشكل أدق استعرضت هذه الدراسة صوره في التطبيق العملي، ثم تناولت أهميته ومزاياه بالنسبة لأطرافة وعلى المستوى الاقتصادي.
أما الفصل الثاني من هذه الدراسة فقد تناول الطبيعة القانونية للعقد وآثاره، بمحاولة لتفسير طبيعة هذا العقد للوصول إلى تحديد الأحكام واجبة التطبيق عليه، وفي سبيل اعطاء التكييف القانوني الصحيح لهذا العقد فقد قامت الدراسة بالتمييز بينه وبين العقود التي قد تشتبه به، مثل عقد الايجار وعقد القرض وعقد البيع الايجاري والبيع بالتقسيط وبيع الوفاء وعقد فتح الاعتماد المصرفي، ثم تعرضتْ للاتجاه القائل باعتبار عقد التأجير التمويلي نظاما مركبا من عدة عقود تقليدية، وبعد ذلك تناولتْ الاتجاه القائل باعتبار العقد عقدا قائما بذاته، وهو الرأي الذي تميل إليه الباحثه، حيث توصلت الدراسة إلى أن العقد عبارة عن نظام جديد له كيانه المستقل والمتميز عن غيره من العقود والتصرفات المشابهه له، بحيث يجمع بين طياته خصائص العديد من العقود والتصرفات، لكنه يستقل عنها ولا يمكن اضفاء طابع أي منها على هذا العقد، فهو يتمتع بخصائص معينة تساهم في إبراز طبيعته الخاصة وتوجب تمتعه بقواعد وأحكام خاصة،
سواء على صعيد العلاقة بين أطراف العقد من حيث حقوق والتزامات المؤجر والمستأجر، وكذلك في علاقة المستأجر بالمورد، فللمستأجر حق الرجوع المباشر على المورد بجميع الحقوق الناشئة عن عقد البيع للمؤجر ما عدا دعوى الفسخ، وسواء فيما يتعلق بالجوانب الضريبية لهذا العقد، لذلك تناول الفصل الثالث من هذه الدراسة التنظيم الضريبي لعقد التأجير التمويلي في بيان لمدى الأهمية الضريبية في هذا العقد وضرورة تقرير معاملة ضريبية ملائمة بمنح الاعفاءات والحوافز الضريبية لتشجيع المشاريع الجادة والفعالة في هذا المجال، كما تناولت الدراسة أهم الأحكام الضريبية المتعلقة بهذا العقد وقواعد تحديد الدخل الناتج عنه.
وخلصت الدراسة بتوصية مفادها، أنه على المشرع الفلسطيني، أن يقوم بسن تشريع خاص بعقد التأجير التمويلي مستقلا عن أي قانون آخر وشاملاً للمنقول والعقار، وتوصية أخرى للمشرع الضريبي الفلسطيني بتضمين قانون الضريبة نصوص خاصة لمعالجة أحكام عقد التأجير التمويلي بما يلائم هذا العقد الحديث ويساعد على تطويره وتشجيع التعامل به.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً