عقد عمل الإطار المسير
إن النظام القانوني لمركز المسير الأجير الرئيسى مزدوج، فهو يجمع بين وظيفته كأجير و وظيفته كمسير فى الشركة، اٍزدواجية تخضع العلاقة بين المسير و المؤسسة اٍلى ثنائية المعالجة القانونية من أحكام قانون العمل وأحكام القانون التجارى.
حيث أن هذا الجمع خلق تداخل بين القانونين وهذا ما قد يفرض على أحدهما أن يتبع الثانى ولا يمكن دراسة قانون دون الأخر(1)
فالمادة 08 من المرسوم 90/290 وضعت قاعدة أساسية الا وهى حرية التفاوض حول عقد العمل ولكن فى المقابل فاٍن العقد فى بعض أحكامه يجب أن يأخد بعين الاعتبار هذا التميز، فالمدير العام يحدد سلطاته من طرف مجلس الاٍدارة بالاٍتفاق مع رئيسه (المادة 639 من القانون التجارى) و بالتالى تفاوضه مع مجلس الاٍدارة لا يكون اٍلا فى حدود الاٍتفاق المسبق بين المجلس و رئيسه مما يجعل عقد المسير كاٍتفاق ملحق أو تابع للوكالة، فحرية التفاوض حول مضمونه محددة بعلاقته بها، أما بالنسبة لعقد إطارات المديرية فالتفاوض يقع بين المسير الأجير الرئيسى وجهاز الاٍدارة لتوظيفهم، فيتم الاٍتفاق المسبق حول بعض عناصر عقدهم مثل أجرهم، مبلغه، طرق تحديده و كيفيات دفعه و مدته.
هذا ما يحد من سلطة التفاوض بين المسير الأجير الرئيسي وإطارات المديرية المرتبطين به باعتبارهم يشكلون فريق عمل متكامل.
حيث أنه من خصائص عقد المسير أنه يحتوى على بنود غير مألوفة فى عقود العمل تتناسب و حجم السلطات و المسؤوليات المخولة له.
فمن أهم العناصر التى يتفاوض حولها الأطراف شكل العقد ومدته باعتباره متعلق بنشاط المؤسسة و أهدافها سعيا لتحقيقها.
_ اٍن قانون العمل يترك للأطراف حرية تحديد شكل العقد محدد أو غير محدد المدة، خلافا للقانون التجارى الذى تدخل وحدد فى بعض الحالات مدة وظائف المسير باعتبارها
1- انظر حامد نصر الدين قريش، المرجع السابق، صفحة 102.
وكالة مرتبطة بتحقيق أهداف المؤسسة الأمر الذى يدعنا نتساءل هل عقد المسير محدد المدة بقوة القانون؟
وهل عقده يخضع لأحكام خاصة غير مألوفة فى قانون العمل كما يخضع إلى شروط خاصة من حيث إبرامه أي شكله ومضمونه أي محتواه هذا ما سنحاول الاٍجابة عليه من خلال المطلبين التاليين:
المطلب الاول: شكل عقدعمل الاٍطار المسير:
حسب المادة 08 من المرسوم التنفيذى 90/290 يبرم العقد الذي يربط المسير الرئيسى بالمؤسسة على اٍتر تفاوض حر، معنى ذلك أن بنود العقد من حيث الحقوق و الواجبات و المحل و السبب لا تخضع إلا لسلطات إرادة الطرفين، اٍذ تنص هذه المادة على أن العقد يحدد بناءا على التفاوض، أسس المرتب ومختلف العناصر التى تشكله و المنافع العينية وسلطات المسير الأجير لتوظيف اٍطارات المديرية و أهداف و نتائج الاٍلتزامات ومدة مراجعة العقد و تكييفه أثناء التنفيذ، غير أن مبدأ حرية التفاوض لم يعمر طويلا على الأقل فيما يتعلق بالأجور ذلك أنها تحدد إلى غاية الساعة بموجب مناشير وزارية احدثت حدا أدنى للأجور خاص يعتمد عليه لحساب أجر هؤلاء المسيرين.
أما فيما يخص اٍطارات الاٍدارة فاٍن المرسوم المذكورلم يحدد كيفيات اٍبرام عقودهم على الأقل من حيث حرية التفاوض.(1)
القرار رقم192345 المؤرخ في 16/05/2000 الصادر على اٍثر الطعن بالنقض في الحكم القاضي برجوع العامل إلى منصبه.حيث يتبين من خلال القرار المبين أعلاه أن علاقة الإطار المسير بالهيئة المستخدمة لا تثبت إلا بعقد بين الطرفين وفقا لما نصت عليه المادتين6-7 من المرسوم 90/290 و يخضع لمعاير التي حددتها المادة 08 من نفس المرسوم وكان على القاضي أن يتأكد من وجود العقد و إلا فاٍن العامل يخضع لقانون 90/11.(2)
1_ عبد السلام ذيب: قانون العمل الجزائري والتحولات الاٍقتصادية2003 صفحة 143/144.
2- قرار الغرفة الاٍجتماعية بالمحكمة العليا بتاريخ 16/05/2000 رقم 192345.
وتوضح المادة 07 من المرسوم 90/290 أنه يمكن أن عقد عمل مسيري المؤسسات ذا مدة محددة أو غير محددة.
و إذا كان عقد العامل ذا مدة محددة يمكن تجديده بتقدير من الأطراف كلما اٍقتضت الحاجة ذلك.
لكن القانون التجاري سميا في مواده 640/646 يوجب إبرام العقد لمدة محدودة (1)
الجدير بالملاحظة أن هذا التناقض لا يبدو محدثا لأي إشكال إذ أن كلا من النصين:
القانون التجاري و المرسوم ينص على إمكانية تسريح المسير في أي وقت دون التميز بين حالة التعاقد لمدة محدودة أو لمدة غير محدودة.
و بما أن عقد المسير عقد ملحق و تابع للوكالة فاٍن مدة عقد المدير العام القائم بالإدارة لا يمكن أن تتجاوز 6 سنوات، و مدة عقد عمل أعضاء مجلس المديرين تتراوح من 2 اٍلى6 سنوات، فهل نطبق على عقد المسير في هذه الحالات أحكام قانون العمل في هذا المجال؟
نحاول قبل كل شيء التطرق إلى أحكام المادة 12 من القانون 90/11 المتممة بالمادة 02 من الأمر 96/21 و التي تنص صراحة على أنه يمكن إبرام عقد العمل لمدة محددة بالتوقيت الكامل أو التوقيت الجزئي في الحالات الآتية:
الحالة الأولى:عندما يوظف العامل لتنفيذ عمل مرتبط بعقود إشغال أو خدمات غير متجددة
أي أن الأعمال غير مستمرة وعرضية كما سماها المشرع الفرنسي فهي أعمال لا تتدخل في نشاط المؤسسة و لكن ترتبط بأعمال مؤقتة تحتاجها هذه الأخيرة.
الحالة الثانية: عندما يتعلق الأمر باستخلاف عامل مثبت في منصب تغيب عنه مؤقت، ويجب على المستخدم أن يحتفظ بمنصب العمل لصاحبه، فالعقد في هذه الحالة تكون مدته محددة و مرتبطة بمدة غياب العامل الأصلي فتكون معروفة مسبقا بدقة من تاريخ إلى تاريخ.
1/ أنظر المادتين 640،646 من المرسوم التشريعى 93/08/.
الحالة الثالثة: عندما يتطلب الأمر من الهيئة المستخدمة إجراء أشغال دورية ذات طابع
متقطع مثل أشغال الصيانة، الترميم تبرز خاصة في مجال البناء و الأشغال العمومية،
فالمؤسسة لا تحتاج اٍلى خدمات العمال اٍلا فى فترات متباعدة.
الحالة الرابعة : عندما يبرر ذلك زيادة العمل و نعنى به الاٍرتفاع الاٍسثتنائى لنشاط المؤسسة أو لأسباب موسمية تؤدى لوجود أعمال اٍضافية تظهر خلال مدة زمنية محددة يمكن تحديدها و معرفتها بدقة.(1)
الحالة الخامسة: أضافهاالأمر96/21 المعدل و المتمم للقانون90/11 التىتممت المادة 12 وذلك بنصها”عندما يتعلق الأمر بنشاطات أو أشغال ذات مدة محدودة أومؤقتة بحكم طبيعتها “.
إن المشرع ومن خلال المادة قد أضاف حالة عامة دون أن يقدم أى توضيحات ولم يضع أى حدود عليها فاعتبرها معيار يمكن اٍدراج حالات أخرى ضمنها، اٍلا أن المحكمة العليا اٍستقرت في اٍجتهادها على أنها واردة على سبيل الحصر.
لكن بالرجوع إلى القانون التجاري نجده حدد بدقة مدة وظائف وكالة بعض المسيرين ففي شركات المساهمة ذات مجلس إدارة:
حددت مدة مهام المدير العام لمدة الوكالة أي لا تتجاوز مدة 6 سنوات وذلك بنص المادة611 من القانون التجاري، فإذا كان المدير العام قائما بالإدارة، مدة عقده لا يمكن أن تتجاوز مدة عقده لا يمكن أن تتجاوز مدة وكالته في المجلس و هذا ما أكدته المادة 641 من القانون التجاري، حين ربطت مدة وكالة المدير العام بمدة عضويته في المجلس.
في هاته الحالات حدد القانون التجاري مدة وكالة هذه الوظائف مسبقا و إن ترك للأطراف
حرية تحديدها ولكن تبقى في حدود 6 سنوات لا يمكن تجاوزها، فلا يمكن للمدير العام أن يتمتع من عقد عمل لمدة أطول، فهذا العقد يرتبط وجودا أو عدما مع الوكالة التي تجده.
1/ أنظر المادة الثانية من الأمر 96/21 المؤرخ في 09/07/1996
أما شركة المساهمة ذات مجلس المديرين:
فمدة عضوية أعضاء هذا المجلس حددها القانون بين سنتين ست سنوات لا يمكن للأطراف تجاوزها في حالة تحديدها من طرف القانون الأساسي للشركة طبقا لما جاءت
به المادة 646 من القانون التجاري (1)
هذا ما يجعل عقد عمل أعضاء مجلس المديرين محدد بحكم القانون التجارى تتراوح مدتها بين سنتين و ست سنوات، فلا يمكن للعضو في هذا المجلس أن يتمتع بعقد عمل لمدة أطول من المدة المحددة تجعله بعد اٍنتهاء الوكالة لا حق له فيه لاٍنتفاء الوظائف التى تبرره.
ففي هذه الحالات إذا أبرم عقد تسيير و نص أنه لمدة غير محدودة فطبقا للمبدأ الخاص يقيد العام و نظرا للطابع التبعي للعقد بالنظر الى الوكالة يمكن تحديده و هذا ما يؤكده الأستاذ ذيب عبد السلام رئيس الغرفة الإجتماعية بالمحكمة العليا(2).
لكن السؤال الذي يتبادر الى ذهننا هل يمكن إعتبار عقد المسير ضمن إحدى الحالات الواردة في المادة 12 من القانون 90/11.
إذا رجعنا إلى المادة 07 من المرسوم التنفيذي 90/290 السالفة الذكر و التي تؤكد على أن عقد المسير يمكن تجديد بتقدير من الأطراف كلما إقتضت الحاجة ذلك و عليه لا يمكن تطبيق الأحكام الواردة في المادة 12 من القانون 90/11 كما أن المبدأ تؤكده المادة 106 من القانون المدني فعقد المسير خاضع لحرية التفاوض بإعتباره يلتزم بالنتائج و التي تعد الغاية من إبرام العقد.
فحسب رأينا الخاص فإن عقد المسير لا يمكن أن يخضع للشروط الموضوعية المحددة بالمادة 12 من القانون 90/ 11 فالأصل في هته المادة أن العقد المحدد المدة يكون له
1/ أنظر: M LANANI flexibilité ou précarité de l emploi problématique du contrat de travail a durée détermine, Revue – Algérienne n° 23 Institut National de travail P – 65 –
2/ أنظر: ذيب عبد السلام: علاقة العمل في التشريع الجديد مجلة غرفة الاجتماعية للمحكمة العليا عدد خاص ص 28.
تبريره المحصور بالحالات الواردة بها و هذا ما نستخلص ضمنيا من هذا المادة 04 من القانون 90/11 أين جعلت النظام النوعي لعلاقات العمل التي تعني مسيري المؤسسات خاضعة لأحكام خاصة.
المطلب الثاني: مضمون عقد عمل الإطار المسير:
تنص المادة 106 من القانون المدني الجزائري ” العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقض و تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون “.
هذا يدفعنا بصفة عامة للقول أن ما كتب في العقد قرر بجدية من الطرفين شرط عدم مخالفة قواعد النظام العام و حرية التقرير هته ينتج عنها إلزامية التنفيذ.
فالقاعدة العامة في قانون العمل أن عقد العمل أين يكون الأجير طرفا فيه ليست له كل الحرية في مناقشة كل البنوذ و لكن البعض منها فقط، فعليه الخضوع للشروط المطبقة في المؤسسة و المحددة مسبقا من طرفها أو من طرف التشريع و التنظيم فلا يبقى للعامل سوى قبول أو رفض شروط منصب العمل أما المسيرين تخضع عقودهم لأحكام خاصة غير مألوفة في قانون العمل، فنرى أن المشرع و في هذا الإطار قد فتح المجال واسعا لإمكانية التفاوض حول الشروط التعاقدية بشرط إحترام حدود معنية، لهذا يجب أن يكون هذا العقد مكتوبا و شاملا لكل الشروط الممكنة.
يتضمن عقد المسير تلك الشروط المنصوص عليها في المادة 08 من المرسوم 90/290 التي تنص ” يكون عقد عمل المسير الأجير الرئيسي موضع تفاوض مع جهاز إدارة شركة رؤوس الأموال و محدد على الخصوص ما يلي:
1/ أسس المرتب و مختلف العناصر التي يتشكل منه و المتكونة من الأجر الأساسي و التعويضات الثابتة و المتغيرة و العلاوات المرتبطة بنتائج المؤسسة.
2/ المنافع العينية.
3/ سلطات المسير الأجير الرئيسي لتوظيف إطارات المديرية المذكورة في المادتين 02 و 05 أعلاه.
4/ الأهداف و النتائج.
5/ مدة مراجعة العقد و تكييفه أثناء التنفيذ.
إن مجالات التفاوض المحددة في المادة السابقة ليست على سبيل الحصر و لكن يمكن للأطراف التفاوض على كل المجالات التي تهمهم كتحديد المسؤولية الناتجة عن العمل و تحديد الأجر و توابعه.
و لأن المسيرين لا يخضعون لا للنظام الداخلي للمؤسسـة المادة 16 مـن المـرسوم 90/290 و لا تخضع حقوقهـم و التزاماتهم للتفــاوض الجماعي المادة 09 من نفس المرسوم، فإن عقود عملهم يجب أن تكون كاملة و شاملة يتضمـن كل الأحكـــام العامــة و الخاصة و الضروية لنشاطهم في المؤسسة و عليه فإن البنود التي يمكن أن ترد:
– المجالات التي يعود تنظيمها للنظام الداخلي للمؤسسة خاصة مما يتعلق بالمجال التأذيبي.
– المجالات التي يترك المشرع تنظيمها للإتفاقيات الجماعية التي أوردتها المادة 120 من القانون 90/11 والتي تتناسب مع وضعية المسير بالإضافة الى كل المجالات التي يحيل القانون تنظيمها للعقود للعمل.
كل هذه العناصر و غيرها يجب على الأطراف أو يولوها اثناء التفاوض أهمية قصوى على الخصوص عنصري العمل و الأجر الذين يشكلان ركني عقد العمل الذي لا يقوم بدونها و تقوم عليها كل الشروط الأخرى التي يمكن أن ترد به.
– هذا و إن كان للمسير نفس حقوق العمال إلا ما تعارض منها مع صفته تلك طبقا لنص المادة 06 من المرسوم 90/290 ” تكون لمسير المؤسسة المذكور في المادة 02 أعلاه نفس الحقوق و الإلتزامات المعترف بها للعمال الأجراء بمقتضى التشريع المعمول به ماعدا الأحكام الخاصة المرتبطة بالنظام النوعي لعلاقات عمله”.
و هذا ما سنحاول دراسته في الفرعين التاليين:
الفرع الأول: البنود غير المألوفة في عقد التسير.
المسير شخص يحافظ دائما على ديمومة و توازن المؤسسة، يخطط، يقرر، يراقب و ينسق، كما يقوم بالأعمال اليومية المتكررة فهو يلعب دور إستراتيجي ومتحكم في العمل حيث أن صلاحياته تجد أساسها ليس فقط في إنجاز الأعمال و بذل الجهد و لكن تحقيق الأهداف التي تبرر وجوده في المؤسسة فهو ملزم بتحقيق النتائج و الأهداف المرجوة منه مما يجعل للمسير الحق في شروط تعاقدية و مكافآت أحسن نظر للضغوط الممارسة عليه.
أولا: إلتزامات النتائج في عقد المسير:
إن تنفيذ العمل إلتزام يرتبط مباشرة بالمهام التي يتضمنها منصب العمل، و في هذا الإطار يجب على الآجير أداء عمله وفق ما يقدمه صاحب العمل من أوامر و توجيهات طبقا للمادة 07 فقرة 1، 3 من قانون 90/11 التي تنص “أن يؤدوا بأقصى ما لديهم من قدرات و الواجبات المرتبطة بمنصب عملهم و يعملوا بعناية و مواظبة في إطار تنظيم العمل الذي يضعه المستخدم”.
– أن ينفذوا تعليمات التي تصدرها السلطة السلمية التي يعينها المستخدم أثناء ممارسته العادية لسلطاته في الإدارة.
– إن المرسوم التنفيذي 90/290 خروجا عن القواعد العامة لقانون العمل التي تلزم العامل بذل عناية الرجل العادي، أخضع المسير إلتزام النتائج، فأصبح ملزما بالنتائج النهائية فهي لب و أساس الإلتزام.
فتقييم المسيرين لم يعد يتم على اساس كيفية القيام بالعمل و لكن على اساس النتائج.
عند قراءتنا للمادة 8 من المرسوم 90/290 في فقرتها الرابعة نجدها تنص أن المسير الأجير الرئيسي يتفاوض بكل حرية مع الجهاز الإداري للمؤسسة خاصة فيما يخص أهداف النتائج و إلتزماتها التي يمكن نقلها و تطبيقها بسهولة على العلاقة بين المسير الأجير الرئيسي و مساعديه الذين تختلف الأهداف المطلوبة من كل واحد منهم تبعا لطبيعة نشاطه حتى و إن كانت تصب كلها في تحقيق الأهداف المحددة في عقد المسير
الأجير الرئيسي أي أهداف الشركة، و عليه أن يحدد شرط النتائج في العقد بشكل دقيق وواضح، فالمرجع الأساسي لمعالجة الدعوى القضائية يتجسد فى عقد العمل المحدد لاٍلتزامات المسير و هذا ما أقرته المحكمة العليا من خلال القرار الصادر بتاريخ17/11/2001 رقم 211.271 حيث جاء في حيثياته أن المربع الأساسي لمعالجة الدعوى يتجسد فى عقد العمل المحدد لاٍلتزامات الاٍطارالمسير غير أن هذا العقد لا اٍشارة له اٍطلاقا و عدم مناقشته في نص القرار مما يتعين القول أن قضاة الموضوع قد أغفلوا فى قضائهم على ما كان يجب الاٍعتماد عليه فى العقد المبرم بين الطرفين مما يعرض قرارهم للنقض (1).
ثانيا : الأجر:
يعتبر الاٍلتزام الحقيقي الذي يقع على عاتق المستخدم هو دفع مقابل العمل المقدم من طرف العامل، باعتبار عقد العمل من عقود المعاوضة، فلا وجود لعقد عمل فى غياب الأجر، هذا ما نصت عليه المادة 80 من القانون 90/11 “للعامل الحق في أجر مقابلا لعمل المؤدى و يتقاضى بموجبه راتبا أو دخلا يتناسب مع نتائج العمل”.
الأجر هو ذلك المقابل المالى الذى يدفع للعامل عن العمل الذى قدمه لصاحب العمل(2).
لكن كيف يتم تحديد أجر المسير و ما هى مكوناته؟.
إن تحديد الأجر يخضع مبدئيا للحرية التعاقدية أثناء اٍبرام العقد لكن هذه الحرية تعرف حدودا، سواء تلك المتعلقة بالنظام العام الاجتماعي التي تضمن عدم تجريد العامل من الاٍمتيازات كالأجر الأدنى المضمون. إن المسيرون لا يخضعون للنظام الخاص لمدة العمل خاصة فيما يسمى بالساعات الاٍضافية، فهم يتمتعون بحرية كبيرة فى تنظيم مواقيت عملهم و لايخضعون للرقابة عن ساعات حضورهم.
1_ قرار الغرفة الاٍجتماعية بالمحكمة العليا بتاريخ 17/01/2001 تحت رقم 211271.
2_ أنظر أحمية سليمان: التنظيم القانوني لعلاقات العمل و التشريع الجزائري (الجزء الثاني) ديوان المطبوعات الجامعية سنة 1996 ص 212.
تبقى الوسيلة الأساسية لتحديد أجر المسير هو عقد العمل باعتبار الأجر أحد أهم عناصره فيتم تحديده بالتفاوض بين الطرفين بكل حرية فيحددان الأجر الأساسي و مختلف الملاحقات التابعة له مثل: التعويضات، المكافآت و العلاوات مع الأخذ بعين الاٍعتبار الأحكام القانونية كالحد الأدنى للأجر.
فتحديد الأجور يتطلب قدرة كبيرة على التفاوض: تنص المادة 05 الفقرة2 من المرسوم90/290 “يحدد قائمة المناصب المعينة لاٍطارات المديرية و كذلك كيفيات دفع مرتباتهم باتفاق بين المسير الأجير الرئيسى و جهاز الاٍدارة التابع للشركة ذات رؤوس الأموال”.
وتنص المادة 08 من نفس المرسوم فى فقرتها الأولى و الثانية “يكون عقد عمل المسير الأجير الرئيسي موضع تفاوض مع جهاز اٍدارة شركة رؤوس الأموال ويحدد على الخصوص ما يلي:
1/ أسس المرتب و مختلف العناصر التى يتشكل منه و المتكونة من الأجر الأساسى و التعويضات الثابتة و المتغيرة و العلاوات المرتبطة بنتائج المؤسسة.
2/ المنافع العينية.
فالمشرع من خلال هذه المادة أخضع تحديد أجر المسير لمعيار المردودية و الأهداف المحققة كما أخذ أيضا بمعيار الوقت ضمانا للمسير لحد أدنى من المدخول و تمتعه بالحماية المقدمة لباقى العمال.
وحسب بعض عقود المسيرين (الواردة بالملحق) نجد أن أجورهم تعتمد أساسا على:
أ/المكونات الثابة: تدفع شهريا مشكلة من الأجر الأساسى و مجموع العلاوات و التعوبضات المدفوعة المرتبطة بالمنصب مجموعها يكون بين 6 اٍلى10 مرات من الأجر الوطنى المضمون.
ب/المكونات المتغيرة وهى مرتبطة بالأهداف و النتائج.
ج/ الاٍمتيازات العينية(1).
الفرع الثاني:حقوق و واجبات المسير:
أولا: الحقوق:
على الرغم من كون عقدالمسير هو المصدر الاساسى لعلاقاته بالشركة نظرا لاستبعاد تطبيق النظام الداخلي طبقا للفقرة الاولى من المادة 16 من المرسوم التنفيذى 90/290 و التىتنص “لا يخضع مسيرو المؤسسات للنظام الداخلي الخاص بشركة رؤوس الأموال”
واٍستبعاد المادة 09 منه لحقوق و اٍلتزامات المسيرين من التفاوض الجماعى، يجعل عقدهم شاملا لمختلف عناصر تلك العلاقة، هذا لايمنع من اٍستفادة المسير من الحقوق الأساسية التى يتمتع بها كل عامل أجير و التي تعتبر حدودا دنيا لايمكن التفاوض حولها ما عدا تلك المستبعدة من طرف المشرع أو تلك التى تتناقض مع صفته كمسير.
تنص المادة 04 من القانون 90/11 “تحدد، عند غياب الاٍقتضاء أحكام خاصة، تتخذ عن طريق التنظيم، النظام النوعي لعلاقات العمل التى تعنى مسيرى المؤساسات…. و ذلك بغض النظر عن أحكام هذا القانون وفى اٍطار التشريع المعمول به ”
_ لأول وهلة يوحى النص أن المسيرين سيكون لهم نظام خاص مستقل يجعلهم لا يخضعون بتاثا لقانون 90/11 المتعلق بعلاقات العمل و لكن تأتى المادة 06 من المرسوم
90/290 لتفند هذا الاٍعتقاد بنصها “تكون لمسير المؤسسة الذكور فى المادة02 أعلاه نفس الحقوق و الاٍلتزامات المعترف بها للعمال الأجراء بمقتضى التشريع المعمول به، ما عدا الأحكام الخاصة المرتبطة بالنظام النوعى لعلاقات عمله”.
باعتبار المسير أجير يتمتع بمجموع حقوق العمال المنصوص عليها فى المادتين 06، 05 على التوالى من قانون 90/11 المتعلق بعلاقات العمل.
تنص المادة 05:يتمتع العمال بالحقوق الأساسية التالية:
1-انظر الملحق (وثيقة متعلقة بتحديد اجر المسير الأجير الرئيسي)
_ ممارسة الحق النقابي، التفاوض الجماعي، المشاركة في الهيئة المستخدمة، الضمان الاٍجتماعى، التقاعد، الوقاية الصحية، و الأمن وطب العمل، الراحة المساهمة في الوقاية من نزاعات العمل و تسويتها، اللجوء اٍلى الاٍظراب.
وتنص المادة06:يحق للعمل أيضا فىاٍطار علاقة العمل ما يأتى:
التشغيل الفعلى، اٍحترام السلامة البدنية والمعنوية وكرامتهم، الحماية من أى تميز لشغل منصب عمل، التكوين المهنى و الترقية، الدفع المنتظم للأجر، الخدمات الاٍجتماعية وكل المنافع المرتبطة بعقد العمل اٍرتباط نوعيا.
كل هذه الحقوق يستفيد منها العمال فهل يستفيد المسير منها كلها لأن البعض منها يظهر و كأنه يتناقض مع صفته هذه؟
بعد ما نص المشرع في المادة 06 من المرسوم التنفيذى 90/290 أن المسيرين يستفيدون من جميع حقوق العمال جاء باستثناء على هذا المبدأ فى المادة 17 منه و التى تنص “لا يجوز لمسيري المؤسسات أن يكونوا ناخبين أو منتخبين فى أجهزة مشاركة العمال المقررة في المواد 91 إلى 93 من قانون 90/11 “.
جاءت هذه المادة تذكيرا و تأكيدا للفقرة الثانية من المادة 97 من القانون 90/11 المتعلقة بإنتخاب و تشكيل أجهزة المشاركة و تنص “و يعتبر غير قابل للإنتخاب عليهم الإطارات القيادية في الهيئة المستخدمة و أصول المستخدمة و فروعه……………”.
يمنع قانون العمل على المسيرين المستفدين من عقود العمل طبـقا للمرسوم التنفيذي 90/290 من المشاركة في إنتخابات لجنة المشاركة، ذلك أنهم يمارسون صلاحياتهم عن طريق تفويض السلطات تسمح لمساوتهم بالمستخدمين، فالمسير الأجير الرئيسي يعتبر رئيسا للمؤسسة و مستخدما إتجاه العمال.
موقعهم و صلاحيتهم تجاههم يمثلون مصلحة متناقضة مع مصلحة الأجراء و مصلحة المستخدم من خلال ممارسة صلاحياتهم إتجاه العمال.
تنص الفقرة 02 من المادة 103 من قانون 90/11 ” و يكن للمستخدم أو يفوض واحدا أو أكثر من مساعديه لحضور هذه الإجتماعيات “. و تنص المادة 104 من نفس القانون «يجتمع مكتب لجنة المشاركة أيضا تحت رئاسة المستخدم أو ممثله المخول قانونا…”
فدفاع المسير عن مصلحة المستخدم تمنعه من الدفاع عن مصلحة الأفراد، حيث لا يمكنه الدفاع عن مصلحتين متناقضتين، فاٍذا جمعهما ضاعت حقوق العمال، فتفويض السلطات التي يتمتع بها المسير يتجاوز الممارسة البسيطة للسلطة السلمية ويعطى له الحق فى التصرف باسم المؤسسة.
وطبقا للمادة 95 من القانون 90/11 تعين لجنة المشاركة قائمين بالاٍدارة لمراقبة التسير فيستعدالمسير من عملية الرقابة حتى ولو كان أجير.
“تضم الهيئة المستخدمة أكثر من مئة وخمسون عاملا وعندما يوجد داخلها مجلس اٍدارة أو مراقبة تعين لجنة المشاركة من بين أعضائها أو من غير أعضائها قائمين بالاٍدارة يتولون تمثيل العمال فى هذا المجلس طبقا للتشريع المعمول به”.
هذا النص جعل من الأجراء مشاركين فعلين فى صنع القرار و الاٍشراف الفعلى على التيسير الاٍقتصادى و المالى و التنظيمى للمؤسسة من خلال هؤلاء الممثلين العمالين الذين لا يمكن أن يكون المسير واحد منهم.
ثانيا: الواجبات:
إن خضوع المسير لالتزام النتائج لا ينف عنه اٍلتزامه باٍحترام قانون العمل مما يتعلق باٍلتزام تنفيذ العمل كأى عامل بسيط والذى يتضمن:
1- الاٍلتزام بالعمل خلال المواقيت وفى الأماكن المحددة من طرف المستخدم.
2- عدم القيام بأي عمل أخر منافس له حتى و لو كان غير مرتبط مع المستخدم بشرط التفرغ لخدمته حتى لايضر المؤسسة اٍقتصاديا.
3- الاٍلتزام بالمحافظة على وسائل الاٍنتاج، ذلك أن هلاكها أو تلفها يؤدى إلى قيام المسؤولية التقصيدية (1).
4- الالتزام بعدم إفشاء الأسرار و يقصدها الأسرار المهنية و كل المعلومات التي تتصل بالصناعة أو التجارة و تلك التي جرى العرف على كتمانها و على العموم كل المعلومات و الوثائق التي نص عليها القانون أو عقد العمل.
5- الالتزام بالتحفظ.
6- نقد سياسة المؤسسة أمام الغير و هذا سبب من أسباب التسريح هذا ما نصت عليه المادة 7 في فقرتها 8 من القانون 90/11 ” لا يفشوا المعلومات المهنية المتعلقة بالتقنيات التكنولوجيا و أساليب الصنع و طرق التنظيم و بصفة عامة أو يكشفوا مضمون الوثائق الداخلية الخاصة بالهيئة المستخدمة إلا إذا فرضها القانون أو طلبتها سلطتهم السلمية”. (2)
وأخيرا يمكننا أن نشير إلى أن العقد هو المرجع الأساسي في إثبات صفة الإطار المسير من عدمها، وهذا ما أكده اجتهاد المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 03/04/2002 تحت رقم 234986 الذي جاء في حيثياته: حيث انه بالرجوع إلى المرسوم 90/290 ولاسيما المادة الثانية منه فان صفة مسير المؤسسة قد حددتها تلك الأحكام من هذا المرسوم، وان هؤلاء المسيرين تربطهم عقود عمل خاص تتميز عن ما هو منصوص عليه في القانون العام، في حين أن المطعون ضده لم يثبت انه من ضمن الفئة التي نصت عليها المادة 2 من المرسوم المذكور، كما أن قضاة الموضوع لم يعاينوا من جهتهم أن المطعون ضده يربطه عقد عمل خاص بمفهوم أحكام المرسوم 90/290 المذكور بالمؤسسة المستخدمة.(3)
1- أنظر إلى جلال مصطفة القريشي – شرح قانون الجزائري ، علاقات العمل الفردية الجزء الأول – ديوان المطبوعات الجامعية سنة 1984 ص 160.
2- أنظر المادة 07 من قانون 90/11 .
3- انظر: قرار الغرفة الاجتماعية بالمحكمة العليا بتاريخ 03/04/2002 تحت رقم 234986
إذ أننا نخلص أن إثبات صفة الإطار المسير تكون بالعقد المبرم بينه وبين المؤسسة المستخدمة وهذا خلافا للقانون الذي لا يشترط ذلك، وبالتالي نستنتج أن العقد هو ركن للانعقاد وليس للإثبات في عقود العمل الخاصة بمسيري المؤسسات.
اترك تعليقاً