عقوبة القتل العمد
عقوبة الفاعل والشريك :
تسري القواعد العامة في تعريف الفاعل والشريك ، وكذلك في تحديد مسئولية الشريك عن جريمة القتل وفقا للمادة 41 عقوبات والتي تنص على أن ” من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها .. “. ومع ذلك فإن هناك استثناء بخصوص عقوبة الإعدام على ما سيلي .
العقوبة المشددة والعقوبة غير المشددة :
تختلف عقوبة القتل العمد بحسب ما إذا توافر سبب من أسباب التشديد أم لا . ففي حالة عدم توافر سبب من ذلك فإن القتل يكون من النوع غير المشدد . وإذا توافر سبب للتشديد فإن القتل هو من النوع المشدد .
عقوبة القتل العمد غير المشدد
تقرر المادة 234 عقوبات عقوبة السجن المؤبد أو المشدد للقتل العمد إذا لم يقترن بظرف من الظروف المشددة ، وذلك بقولها : ” من قتل نفسا من غير سبق إصرار ولا ترصد يُعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد ” .
وعلى هذا فإن عقوبة القتل غير المشدد هي السجن المؤبد أو السجن المشدد. وللمحكمة أن تحكم بالسجن المؤبد أو السجن المشدد عن جريمة القتل . وهذا ما يُطلق عليه السلطة التقديرية للمحكمة الجنائية . والمحكمة تستعمل هذه السلطة بحسب ظروف كل متهم وظروف القضية نفسها .
عقوبة القتل العمد المشدد
المقصود بالقتل العمد المشدد :
يٌقصد به القتل الذي ترتفع فيه العقوبة من السجن المؤبد أو المشدد إلى الإعدام في عدة حالات ، أهمها : سبق الإصرار ، الترصد ، القتل باسم ، اقتران القتل بجناية ، ارتباط القتل بجنحة .
أولاً- سبق الإصرار
المقصود بسبق الإصرار :
عرفت المادة 231 عقوبات سبق الإصرار بأنه ” القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين أو أي شخص غير معين وجده أو صادفه ، سواء كان ذلك القصد معلقا على حدوث أمر أو موقوفا على شرط ” .
علة التشديد :
قدر المشرع أن المتهم الذي يقتل بعد تفكير وروية أكثر خطورة من المتهم الذي يرتكب القتل تحت تأثير غضب وانفعال يؤثران بالضرورة على قدرته على الاختيار .
سبق الإصرار ظرف ذو طابع شخصي :
سبق الإصرار ظرف شخصي . يترتب على ذلك أنه يمكن تواجده لدى بعض المتهمين دون البعض الآخر . ويُسأ ل كل متهم بحسب قصده : مشددا كان أو غير مشدد .
عناصر سبق الإصرار :
يلزم لتوافر سبق الإصرار توافر عنصرين : أولهما عنصر زمني والثاني عنصر نفسي .
أولاً- العنصر الزمني :
يظهر من التعريف الذي وضعته المادة 231 عقوبات لسبق الإصرار أنه يلزم أن يكون الجاني قد فكر في ارتكاب الجريمة وصمم عليها فترة معينة قبل أن ينتقل من التفكير إلى التنفيذ . ولكن لا يشترط أن يكون ذلك قد سبق القتل بمدة كبيرة .
ثانيا – العنصر النفسي :
لا يكفي توافر العنصر الزمني وحده لتواجد سبق الإصرار ، بل يلزم أن يكون الجاني قد قام ” بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيدا عن سورة الانفعال مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابها ، لا أن تكون وليده الدفعة الأولى في نفس جاشت بالاضطراب وجمح بها الغضب حتى خرج صاحبها عن طوره “.
إثبات سبق الإصرار :
سبق الإصرار مسألة موضوع . ومعنى هذا أنه أمر موكول إلى محكمة الموضوع تستخلصه من الوقائع دون رقابة عليها من محكمة النقض ، مادام هذا الاستخلاص سائغا ينتقل من المقدمات إلى النتائج ، فلا يعتوره التناقض .
ثانياً- ظرف الترصــــــد
بينما يعتبر سبق الإصرار ظرفا شخصيا ، فإن الترصد ظرف عيني ، لتعلقه بالركن المادي للجريمة. غير أن الاثنين يتفقان في أنهما ظرفان مشددان للعقوبة يرتفعان بها من السجن المؤبد إلى الإعدام .
مفهوم الترصد :
الترصد هو ” تربص الإنسان لشخص في جهة أو جهات كثيرة مدة من الزمن ، طويلة كانت أو قصيرة ، للتوصل إلى قتل ذلك الشخص أو إيذائه بالضرب ونحوه ” . والعلة من التشديد في حالة ا لترصد هي أن القتل يحدث غدرا وغيلة ، فيؤ خذ المجني عليه على غرة دون أن يتمكن من الدفاع عن نفسه . ولذلك كان هذا الغدر سببا لتشديد العقوبة في القتل .
ما لا يؤثر في الترصــد :
لا يحول دون توافر ظرف الترصد الاعتبارات المتعلقة بالآتي :
مدة الترصد :
لم تحدد المادة 230 عقوبات مدة معينة للترصد . فيتوافر الظرف المشدد ولو انتظر المتهم المجني عليه في مكان معين فترة قصيرة من الزمن .
الاختفاء :
الترصد ليس معناه الاختفاء . فيتوافر الشرط المشدد ولو انتظر المتهم المجني عليه على قارعة الطريق . فإذا تحققت المباغتة بأن كان المجني عليه غير عالم بالخطر ، فإن ظرف الترصد يتوافر .
الانتظار في مكان واحد أو أكثر :
لا يلزم أن يكون انتظار المتهم لمجني عليه في مكان واحد ، فيمكن أن ينتقل المتهم إلى أكثر من مكان يتوقع فيها مرور المجني عليه .
إثبات الترصـــد :
يتفق ظرف الترصد مع ظرف سبق الإصرار في أنه يخضع لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من الوقائع وظروف القضية . ولما كان الأمر يتعلق بالتشديد ، فإن على المحكمة إذا نطقت بالعقوبة المشددة أن تبين سبب التشديد .
ثالثاً- القتل بالســـم
المقصود بالقتل بالسم :
عرفت المادة 233 عقوبات القتل بالسم بأنه القتل بجواهر يتسبب عنها الموت عاجلا أو آجلا ، بقولها ” من قتل أحدا عمدا بجواهر يتسبب عنها الموت عاجلا أو آجلا يُعد قاتلا بالسم ، أيا كانت كيفية استعمال تلك الجواهر ويعاقب الإعدام ” .
العلة من التشديد :
قصد المشرع من وراء تشديد العقوبة إلى الإعدام في حالة القتل بالسم مواجهة الظروف الخاصة التي يتميز بها هذا النوع من القتل . فهناك سهولة ارتكاب القتل بالسم ، كما أن الفاعل يتميز بجبنه وخسته ، حيث يُعد طعاما للمجني عليه وهو في الحقيقة يقدم له الموت . هذا بالإضافة إلى أن الفاعل عادة ما يتوافر لديه سبق الإصرار حيث قام بإعداد السم وتقديمه.
المقصود بالمادة السامة :
لا يشترط أن تكون المادة السامة التي يؤدي استخدامها إلى تشديد العقوبة ، سامة بطبيعتها مثل الزرنيخ وغيرها من المواد التي يصفها الخبراء بأنها سامة ، بل يكفي أن تكون المادة سامة بحسب ظروف استخدامها . من ذلك مادة الزئبق التي إن وضعت على جرح تسربت إلى الدم وأحدثت التسمم . كما أن من المواد ما يصبح ساما، إذا أخذه المجني عليه بكميات كبيرة مثال ذلك مادة سلفات النحاس .
رابعاً- اقتران القتل بجناية
مفهوم الاقتران :
تشدد عقوبة القتل العمد من السجن المؤبد أو المشدد إلى الإعدام إذا ارتكب الفاعل جناية أخرى بجانب جناية القتل في فترة زمنية قريبة .
وقد تكون الجناية الأخرى هي جناية قتل آخر ، فيكون الفاعل قد ارتكب جنايتين للقتل لشخصين مختلفين ، وقد تكون الجناية الأخرى مع القتل هي جناية اغتصاب ، كمن يغتصب فتاة وبعد ذلك يقتلها ، أو كمن يحاول أن يغتصب تلك الفتاة ولكنها تقاومه فيقوم بقتلها ، إذ نكون عندئذ بصدد جناية القتل وجناية الشروع في اغتصاب . كما يتوافر ظرف الاقتران في حق من يغتصب فتاة ويقتل فتاة أخرى أو شخصا آخر حاول التعرض له . فالمهم إذن هو توافر تعدد حقيقي للجنايتين .
ويستند التشديد إلى نص المادة 234 في فقرتها الثانية التي تنص على أن : ” ومع ذلك يُحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى “.
خامساً- ارتباط القتل بجنحة
التفرقة بين الارتباط والاقتران :
ارتباط القتل بجنحة ظرف مشدد لجناية القتل شأنه في ذلك شأن اقترانه بجناية . غير أن هناك عدة فروق بينهما :
1 – يلزم أن يرتكب الفاعل جناية في حالة الاقتران بينما يُكتفى بارتكابه لجنحة في حالة الارتباط.
2 – يشترط علاقة سببية في حالة الارتباط ، هو أن يكون القتل بغرض تسهيل ارتكاب جنحة أو الهروب منها أو قتل شاهد في جنحة بينما لا يشترط علاقة سببية بين الجريمتين في حالة الاقتران، فيكفي الاقتران الزمني.
3 – يترتب على الاقتران تشديد عقوبة القتل العمد من السجن المؤبد أو المشدد إلى الإعدام ، بينما ارتباط القتل بجنحة يؤدي إلى تشديد العقوبة إلى الإعدام أو السجن المؤبد .
مفهوم الارتباط السببي :
على عكس الاقتران الزمني بين جناية وأخرى، الأمر هنا يتعلق بالارتباط السببي بين جناية القتل وجنحة أخرى. هذا وتوضح المادة 234 عقوبات معنى الارتباط السببي بقولها “وأما إذا كان القصد منه التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة”.
وعلى هذا فإن الارتباط السببي يعني أن القتل لم يكن إلاّ وسيلة استعان بها الجاني، إما لارتكاب جريمة أخرى أو للهرب بعد ارتكابها أو الشروع فيها أو قتل الشاهد للتهرب من العقاب عن جنحة سبق أن ارتكبها.
العلة من التشديد :
يرجع تشديد العقوبة من السجن المؤبد أو المشدد إلى الإعدام أو السجن المؤبد إلى خطورة الجاني الذي لا يتورع أن يريق الدماء للوصول إلى ارتكاب جريمة أخرى . وينطوي ذلك على استخفاف واستهانة بأرواح الآخرين جعلت المشرع يسمح للمحكمة بالحكم عليه بالإعدام أو على الأقل بالسجن المؤبد . وقد كان هذا سببا لخروج المشرع على القواعد العامة في تعدد الجرائم عندما ترتبط هذه الجرائم بوحدة الغرض . فالمحكمة لا تنطق في هذه الحالة إلاّ بعقوبة الجريمة الأشد فقط .
الارتباط ظرف شخصي :
يشتمل ظرف الارتباط على عنصر شخصي وهو الغرض الذي ارتكب من أجله القتل . وهذا يتوقف على قصد المتهم . ومن ثمّ فإن لهذا الظرف طابعا شخصيا بحيث يمكن أن يسري على بعض المتهمين دون البعض الآخر ، كلُ بحسب قصده
اترك تعليقاً