عوآرض الأهلية شرعآ
أولاً : تعريف عوارض الأهلية :
في اللغة : العوارض جمع عارض والعارض بالفتح ما يعرض للإنسان من مرض ويقال اعترض الشيء دون الشيء أي حال دونه.
وفي الاصطلاح : العوارض هي أمور تطرأ على الانسان فتؤثر في أهليته بالزوال أو بالنقصان,وهي ليست من الصفات الذاتية له.
وهي قسمان : قسم يؤثر على الأهلية بنوعيها ( الوجوب والأداء ). فيزيلها كالموت فإنه يقضي على خاصية الإنسان,أي يقضي على أهليته. وقسم لا تأثير له على أهلية الوجوب,وإنما يؤثر على أهلية الأداء بالعدم أو بالنقصان مثل الجنون والسكر,وكل من المجنون والسكران معدوم أهلية الأداء,وقد يؤدي العارض الى نقص أهلية الأداء كما في الصبي المميز والسفيه.
فالعوارض هي الأمور المنافية للأهلية,وهي ليست من لوازم الإنسان,ولا يتسنى لنا الوقوف على طبيعة عوارض الأهلية إلا على أساس معرفة الأهلية ذاتها,ولما كانت الأهلية صفة يتصف بها الشخص تجعله صالحاً لأن يباشر تصرفاته على وجه يعتد بها شرعاً نظراً لاكتمال تمييزه عن عقل ورشد لذلك يلزم أن يكون العارض مؤثراً في هذه الصلاحية ولذلك يلحق بالشخص وصف انعدام الأهلية أو نقصها بسبب هذا الأمر الذي أثر في تمييزه ورشده.
فالعارض أمر طارىء غيرعادي يعتري الأهلية فيؤثر فيها بالإزالة كما في الموت,والجنون.أو يؤثر فيها بالنقصان كما في العته والصبي المميز,ويؤثر هذا العارض في أهلية الإنسان سواء في التزام الحقوق أو تحمل الالتزامات,ويأخذ في الغالب صفة الدوام وإن لم يغلب عليه طابع الاستمرار.
ثانياً : طبيعة عوارض الأهلية :
فقهاء الشريعة الإسلامية محل اتفاق حول بعض العوارض . فالعوارض التي محل اتفاق هي : صغر السن,والجنون والعته والسفه والغفلة والنوم والإغماء والسكر والموت.وذلك لتأثير هذه العوارض على مناط أهلية الأداء ( التمييز ) فبعض العوارض يزيل الأهلية بنوعيها ( الوجوب والأداء ) كما في الموت وبقية العوارض تؤثر على أهلية الأداء دون الوجوب بالعدم كما في الجنون أو بالنقصان كما في السفيه والصبي المميز.
أما عوارض الأهلية التي هي محل اختلاف بين فقهاء الشريعة الإسلامية فهي :
الإكراه : (حيث يرى بعض الفقهاء : أن الإكراه من عوارض الأهلية لتأثيره على الأهلية لأن المكره ينتفي به رضاه ويفسد اختياره وكذلك يعد النسيان من عوارض الأهلية لأنه المكره يعد عذراً في حق الله سبحانه وتعالى كأكل الصائم في رمضان ناسياً فلا شيء عليه.)
ويرى بعض الفقهاء :أن الحيض والنفاس من عوارض الأهلية لأن كلا منهما إذا حل بصاحبه يؤثر في المطالبة بالعبادة الى انتهائهما,ويرى بعض الفقهاء: أن الجهل والخطأ والهزل من عوارض الأهلية فكل منها يرفع الإثم في حق الله.
ويرى بعض الفقهاء أن مرض الموت من عوارض الأهلية يبيح للمريض أن يصلي جالساً,ويفطر في رمضان ويحجر عليه. بينما يرى جانب آخر من الفقهاء,أن الأمور المتقدمة لا تعد من عوارض الأهلية فلا يعد الإكراه من عوارض الأهلية لأنه لا ينافي الأهلية بنوعيها.
فالأهلية ثابتة في المكره بالذمة والبلوغ والإكراه لا يخل بشيء منهما فهو لا يعدم الأهلية وإن أثر على رضا الشخص واختياره. كما لا يعد النسيان من عوارض الأهلية لأنه لا ينافي الأهلية ولا يؤثر على مناطها وإن عذراً في بعض الأمور أمام الله فالنسيان لا ينافي الأهلية بنوعيها لأن عدم الاستحضار لا يوجب عدم الأهلية كما لا يعد الحيض والنفاس من عوارض الأهلية لعدم تأثير اي منهما على مناط أهلية الأداء ( التمييز ) وإن كانا يؤخران في المطالبة بالعبادات كالصلاة والصيام لأنها تتطلب شرط الطهارة كما لا يعد الخطأ والجهل والهزل من عوارض الأهلية لعدم تأثير أي منها على مناط أهلية الأداء وإن كان كل منها يعد عذراً في بعض الأمور.
كما لا يعد مرض الموت من عوارض الأهلية ما لم يخل بالعقل ويمنع استعماله.
والراجح عندي الرأي القائل أن كلاً من الجهل والخطأ والهزل والإكراه ومرض الموت لا يعد كل منها من عوارض الأهلية لعدم تأثير أي منها على مناط أهلية الأداء “التمييز”.من ذلك يتضح أن معيار عوارض الأهلية هو كل أمر يؤثر في مناط الأهلية بنوعيها فيزيلها كالموت, أو يؤثر على مناط اهلية الأداء دون الوجوب فيعدمها كالجنون والسكر,أو ينقص منها كصغر السن أو السفه.
اترك تعليقاً