قضاء الإلغاء
تعريف دعوى الإلغاء:
دعوى الإلغاء هي دعوى قضائية ترفع إلى القضاء لإعدام قرار إداري صدر بخلاف ما يقضي به القانون وتسمى أيضاً دعوى تجاوز السلطة وتعد من أهم وسائل حماية المشروعية .
وقد كان للقضاء الفرنسي الريادة في إنشاء دعوى الإلغاء،([1]) وكان مجلس الدولة صاحب الولاية العامة بنظر الدعاوى الإدارية منذ عام 1872 وبسبب تزايد الطعون المقدمة إلى المجلس أصدر الإصلاح التشريعي في 30 سبتمبر 1953 الذي جعل مجلس الدولة صاحب الولاية العامة بنظر الدعاوى الإدارية التي لم يمنح القانون اختصاص النظر فيها إلى محاكم إدارية أخرى ويمكن استئناف أحكام المحاكم الإدارية أمام مجلس الدولة الفرنسي إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك .
ومن ثم فإن دعوى الإلغاء في فرنسا تنظر على درجتين تعرض الأولى أمام المحاكم الإدارية والدرجة الثانية تعرض أمام مجلس الدولة أمام مجلس الدولة بوصفه محكمة الاستئناف .
أما في مصر فإن دعوى الإلغاء ظهرت بنشؤ مجلس الدولة بمقتضى القانون رقم 112 لسنة 1946 وكانت محكمة القضاء الإداري تختص دون غيرها في الفصل في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية، ولما أنشأت المحاكم الإدارية والتأديبية أسهمت مع محكمة القضاء الإداري بنظر دعوى الإلغاء كلاً حسب اختصاصها وتنظر المحكمة الإدارية العليا في مصر دعوى الإلغاء عندما يقدم إليها الطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري بينما تنظر محكمة القضاء الإداري في الطعون التي ترفع إليها في الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية . ([2])
وعلى ذلك فإن دعوى الإلغاء تنظر في مصر على درجتين أيضاً الدرجة الأولى أمام محاكم القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية كل حسب اختصاصها، والدرجة الثانية عندما تفصل المحكمة الإدارية العليا في الطعون المقدمة إليها من محاكم القضاء الإداري وعندما تفصل الأخيرة في الطعون المقدمة إليها من المحاكم الإدارية .
أما في العراق فقد نشأت دعوى الالغاء بنشوء القضاء الاداري بصدور القانون رقم 106 لسنة 1989 (قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 ) لتختص بالنظر في صحة الاوامر والقرارات الادارية التي تصدر عن الموظفين والهيئات في دوائر الدولة والتعويض عنها. وكانت محكمة القضاء الاداري في محلس شورى الدولة تختص بقضاء الالغاء بصفتها قاضي اول درجه وقد اجاز القانون الطعن بقرار محكمة القضاء الاداري تمييزا لدى الهيئة العامة لمجلس شورى الدوله ( المادة 7 /ثانيا/ط) . الا انه واستنادا” للمادة 44 من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية والقسم الثاني من ملحقه وبناءا” على موافقة مجلس الرئاسة أصدر مجلس الوزراء قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2005 الذي منح المحكمة الاتحادية العليا في العراق اختصاص النظر في الطعون المقدمة على الأحكام والقرارات الصادرة من محكمة القضاء الإداري.
طبيعة دعوى الالغاء :
دعوى الالغاء دعوى موضوعية أو عينية تقوم على مخاصمة القرار الاداري غير المشروع ، وهي موجهة ضد القرار الاداري ويتعين لقبول الدعوى ان يكون القرار قائماً ومنتجاً لاثاره عند اقامة الدعوى ([3]).
وقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى أن دعوى الإلغاء ليست دعوى بين أطراف ولكنها دعوى موجهة ضد قرار وأنه إذا كان هناك مدع في إجراءات دعوى الإلغاء فأنه لا يوجد بالمعنى الدقيق للكلمة مدعى عليه، وهو كما بينا مما يميز دعوى الإلغاء من دعوى القضاء الكامل التي تتعلق بتأثير القرار في مركز قانوني شخصي فتكون الدعوى شخصية في هذه الصورة .
كما تتميز دعوى الإلغاء في أن الحكم فيها يتمتع بحجية قبل الكافة فإذا تضمن الحكم إلغاء القرار الإداري موضوع الدعوى فتعتبر جميع الإجراءات والتصرفات القانونية والإدارية التي تمت بموجبه ملغاة من تاريخ صدور ذلك القرار .
ومن الجدير بالذكر ان سلطة القاضي في دعوى الالغاء تنحصر في التحقق من صحة ومشروعية القرار الاداري ومدى موافقته للقانون فأذا رفع احد الافراد الى القضاء الاداري بطلب الغاء قرار اداري فأن هذة الدعوى تخول القاضي فحص مشروعية القرار الاداري فاذا تبين مخالفته للقانون حكم بالغائه ولكن دون ان يمتد حكمه الى أكثر من ذلك ، فليس له تعديل القرار المطعون فيه أو أستبدال غيره به . وعلى هذا الاساس يكون قضاء الالغاء على عكس القضاء الكامل الذي يخول للقاضي سلطات كاملة لحسم النزاع ، فالقاضي لايقتصر على الغاء قرار غير مشروع ، وانما يرتب على الوضع غير المشروع جميع نتائجه القانونية لانه يتعلق بالحقوق الشخصية لرافع الدعوى فله ان يحكم بالغاء القرار و التعويض عن الاضرار التي ألحقها بالمدعي ومن ذلك المنازعات المتعلقة بقضاء التعويض عن اعمال الادارة الضاره
كما يتمتع الحكم في دعوى الالغاء بحجية مطلقة في مواجهة الكافة في الوقت الذي يكون فيه الحكم في دعوى القضاء الكامل ذو حجية نسبية تقتصر على اطراف النزاع .
وقد اجاز المشرع العراقي في المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة الجمع بين دعوى الالغاء والقضاء الكامل في طلب واحد فيكون التعويض تابعاً للألغاء ان كان له مقتضى, ومن ثم لا تختص محكمة القضاء الاداري بالنظر في طلبات التعويض اذا رفعت اليها بصفه اصلية وانما يختص بها القضاء العادي.
وقد استقر العمل على أن يقدم المشرع على تحديد ميعاد يتوجب خلاله رفع دعوى الالغاء لمسوغات عملية وقانونية يمتنع على الافراد طلب الالغاء بعد انقضائها وهي شهران في القانون الفرنسي وستون يوماً في القانون المصري وستين يوما من تاريخ البت في التظلم او من تاريخ انتهاء الثلاثين يوما الواجب على الادارة البت فيه اذا امتنعت عن ذلك في العراق . في حين لايتقيد الطاعن في دعوى القضاء الكامل بهذة المواعيد القصيرة وانما يخضع لمدد التقادم العادية.
[1] – د. محسن خليل – قضاء الإلغاء – دار المطبوعات الجامعية 1998، ص 29 .
[2] – المادة الثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1972 .
([3]) د. محمد عبد السلام مخلص – نظرية المصلحة في دعوى الالغاء – دار الفكر العربي – القاهرة 0 1981 ، ص79 .
اترك تعليقاً