نظام الادعاء العام الاشتراكي المصري
أخذت مصر بهذا النظام كأسلوب للرقابة على الجهاز الإداري فيها فقد نص الدستور المصري لعام 1971 في المادة 179 منه على ان ( يكون المدعي العام الاشتراكي مسؤول عن اتخاذ الإجراءات التي تكفل تأمين حقوق الشعب وسلامة المجتمع ونظامه السياسي والحفاظ على المكاسب الاشتراكية والتزام السلوك الاشتراكي ويحدد القانون الاختصاصات الأخرى ويكون خاضع لرقابة مجلس الشعب).
اولاً : اختصاصات المدعي العام الاشتراكي :
صدر القانون رقم 95 لسنة 1980 ليحدد اختصاصات المدعي العام الاشتراكي ومن الاختصاصات في هذا القانون ( حماية القيم السياسية للمجتمع وتطبيق المبادئ المقررة في الدستور والقانون والتي تهدف الى حماية حقوق الشعب وقيمه الدينية والمقومات الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية والحفاظ على الطابع الاصيل للاسرة المصرية ، وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد حماية الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي ). كما نصت المادة 15 من القانون المذكور على ان يقدم المدعي العام الاشتراكي الى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب تقريراً سنوياً عما قام به من اعمال ، وما اجراه من تحقيق وما اتخذ من اجراءات ، وله ان يشير في التقرير الى ما يراه من اقتراحات لحماية النظام السياسي بالدولة او لمعالجة اي ثغرات في القوانين او النظم الخاصة بحماية الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي .
كما يتولى المدعي العام الاشتراكي سلطة التحقيق والادعاء امام محكمة القيم بالنسبة للمسؤولية الناشئة من الانفعال المنصوص عليها في هذا القانون بناء على ما يصل الى عمله او بناء على ابلاغ احد المواطنين او احد ماموري الضبط .
كما يتمتع باختصاص التحقيق بالموضوعات التي تمس مصلحة عامة للمواطنين بناء على تكليف من رئيس الجمهورية او مجلس الشعب او بناء على طلب من رئيس الوزراء .
ويبدو ان هذا النظام يتمتع بالكثير من اختصاصات المفوض البرلماني فهو انشأ ليكون اداة للمحافظة على الحرية والمبادئ الأساسية التي يقدمها الأفراد دينياً وسياسياً واجتماعياً وتوجيه السلطة لما يساعد في سد الثغرات التشريعية في النظم القائمة لما فيه من حماية لحقوق وحريات المواطنين .
إلا إنه يختلف عن المفوض البرلماني في صبغته السياسية من خلال سعيه إلى تطبيق النظام السياسي في الدولة وضمانه لتنفيذ السياسة العامة لها ، ولا أدل على ذلك انه يعين بقرار من رئيس السلطة التنفيذية ، الأمر الذي قاد في النهاية إلى توسيع اختصاصاته ليكون أداة في يد النظام السياسي في مواجهة والأفراد بدلاً من ان يكون عوناً لهم لاسيما اختصاصه بإصدار قرارات المنع من التصرف والتداعي أمام محكمة الحراسة لغرض الحراسة والتحفظ على الأشخاص المفروضة عليهم . مما استدعى إعادة النظر في القانون رقم 95 لسنة 1980 الذي عرف بقانون حماية القيم والذي تم إلغائه وبالقانون رقم 221 لسنة 1994 .
وبصدور القرار بقانون رقم 221 لسنة 1994 لم يبق للمدعي الاشتراكي إلا ثلاثة اختصاصات هي :
1- الحراسة على الأموال : كان المدعي العام الاشتراكي يختص بالاستناد إلى القانون رقم 34 لسنة 1971 بأجراء التحقيقات المتعلقة بالأموال والتحفظ على الأشخاص إلا إن هذه المادة ألغيت وأصبحت الحراسة تلاحق المال فقط .
2- التحقيق في تخلف او زوال شرط من شروط تأسيس الأحزاب وفقاً للمادة 17 من قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 .
3- التحقيق فيما يكلف به من موضوعات من رئيس الجمهورية أو مجلس الشعب او بناء على طلب من رئيس مجلس الوزراء وفقاً للقانون رقم 95 لسنة 1980 ولائحة مجلس الشعب .
ثانياً : الطبيعة القانونية لاختصاصات المدعي العام الاشتراكي .
أثارت مسألة تحديد الطبيعة القانونية لاختصاصات المدعي العام الاشتراكي في مصر اختلافاً في الفقه والقضاء ، فقد ذهب البعض الى ان هذا الجهاز جزء من السلطة القضائية في حين ذهب آخرون الى انه جزء من السلطة التنفيذية بينما ذهب البعض إلى انه جزء من السلطة التشريعية .
اعتمد الاتجاه الأول على أساس ممارسة المدعي العام جانباً من اختصاصات السلطة القضائية كالادعاء والتحقيق في الدعاوي التي تختص بها محكمة القيم وقد لاقى هذا الاتجاه بعض التأييد في أحكام القضاء.
غير ان هذا القول محل نظر من حيث ان المدعي العام الاشتراكي يتمتع بالكثير من الاختصاصات غير القضائية كما انه يختار من أعضاء السلطة القضائية مثلما يمكن أن يختار من غيرها . كما انه لا يتمتع بالضمانات التي يتمتع بها أعضاء السلطة القضائية فهو يعين ويعزل بقرار من مجلس الشعب وبناء على اقتراح من رئيس بالجمهورية.
من جهة أخرى لا يمكن اعتبار المدعي العام الاشتراكي جزء من السلطة التنفيذية بحكم خضوعه لمجلس الشعب على النحو الذي نظمه الدستور والقانون . مثلما لا يمكن اعتباره جزء من السلطة التشريعية لعدم ممارسته للوظيفة التشريعية .
ومن ذلك يتبين ان المدعي العام الاشتراكي جهاز يتمتع باختصاصات متنوعة منها ما هو ذي طبيعة قضائية ومنها ما هو ذو طبيعة سياسية ومنها ما هو ذو طبيعة إدارية ، وهو جهاز يتبع مجلس الشعب ويخضع له ولا يمكن القول باستقلاليته عنه مثلما لا يمكن القول باستقلاليته عن السلطة التنفيذية ومن ثم هو يقترب من نظام الامبودسمان السويدي.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً