التمييز بين البيع المدني والبيع التجاري
التمييز بين البيع المدني والبيع التجاري من تعريف عقد البيع يتضح لنا أنه ينعقد بين طرفين هما البائع والمشتري . وهذا العقد قد يكون مدنيا إذا كان طرفيه مدنيين ويخضع بذلك لأحكام القانون المدني دون غيره من القوانين، والبيع في هذه الحالة بيع مدني .
أما بالنسبة للبيع التجاري فالمفروض هو البيع الذي يخضع لأحكام القانون التجاري.
إلا أن القانون التجاري الجزائري لم ينظم أحكام البيع التجاري ما عدا بيع المحل التجاري إلا من خلال مادة واحدة هي المادة 30 الخاصة بالإثبات، وبناء على ذلك فإن قواعد القانون المدني والعرف التجاري عند الاقتضاء هي التي تسري على البيع التجاري إذا لم يقم طرفي العقد بتضمينه التفاصيل الناتجة عنه 27 المؤرخ في 9 – وهذا ما قررته المادة الأولى مكرر من القانون التجاري الجزائري ( الأمر 96 ديسمبر 1996 ) بنصها على ما يلي (( يسري القانون التجاري على العلاقات بين التجار، وفي حالة عدم وجود نص فيه يطبق القانون المدني وأعراف المهنة عند الاقتضاء )) .
وتختلف العقود التجارية عموما عن العقود المدنية فيما يخص موضوع البيع وأشخاصه و الاختصاص القضائي والإثبات . 1.2 الموضوع : حددت المادة الثانية من القانون التجاري الجزائري الأعمال التي تعتبر أعمالا تجارية بحسب الموضوع وهي الأعمال التي تعتبر تجارية دون النظر إلى صفة الشخص الذي يمارسها سواء كان تاجرا أو غير تاجر وقد نصت المادة 2 على ما يلي :
يعد عملا تجاريا بحسب موضوعه : – كل شراء للمنقولات لإعادة بيعها بعينها أو بعد تحويلها وشغلها – كل شراء للعقارات لإعادة بيعها – كل مقاولة لتأجير المنقولات أو العقارات – كل مقاولة للإنتاج أو التحويل أو الإصلاح – كل مقاولة للبناء أو الحفر أو لتمهيد الأرض – كل مقاولة للتوريد أو الخدمات – كل مقاولة لاستغلال المناجم أو المناجم السطحية أو مقالع الحجارة أو منتوجات الأرض الأخرى – كل مقاولة لاستغلال النقل أو الانتقال – كل مقاولة لاستغلال الملاهي العمومية أو الإنتاج الفكري – كل مقاولات التأمينات – كل مقاولة لاستغلال المخازن العمومية – كل مقاولة لبيع السلع الجديدة بالمزاد العلني بالجملة أو الأشياء المستعملة بالتجزئة – كل عملية مصرفية أو عملية صرف أو سمسرة أو خاصة بالعمولة – كل عملية توسط لشراء وبيع العقارات أو المحلات التجارية والقيم العقارية – (الأمر رقم 96 27 المؤرخ في 9 ديسمبر 1996 ) كل مقاولة لصنع أو شراء أو بيع وإعادة بيع السفن للملاحة البحرية – كل شراء وبيع لعتاد أو مؤن للسفن – كل تأجير أو اقتراض أو قرض بحري بالمغامرة – كل عقود التأمين والعقود الأخرى المتعلقة بالتجارة البحرية ))
ما يمكن استنتاجه من هذه المادة من خلال الفقرات المتعلقة بالبيع هو أن البيع التجاري بحسب الموضوع حتى يكون كذلك يجب أن تتوفر فيه شروط ثلاثة هي : –
الشرط الأول عملية الشراء : وهي الحصول على الشيء بمقابل نقدي أو عيني وهكذا فالحصول على الشيء دون مقابل لا يعتبر شراء مثال ذلك اكتساب الشيء عن طريق الميراث أو الهبة أو الوصية. – الشرط الثاني أن يكون الشيء المبيع عقارا أو منقولا :
وهذا ما نصت عليه المادة الثانية من القانون التجاري الجزائري السابق ذكرها. وهكذا يعتبر البيع تجاريا إذا كان مسبوقا بعملية شراء لعقار أو منقول، وقد ورد نص المادة مطلقا فالعقار هو كل شيء مستقر بحيز ثابت فيه لا يمكن نقله وتحويله من مكان إلى آخر دون تلف أو تغيير في هيئته أما المنقول فهو كل شيء مادي يمكن نقله مثل البضائع والحيوانات أو كل شيء معنوي مثل المحل التجاري والديون والأسهم والسندات وبراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية، أما المنقول بحسب المآل فهو كل عقار تقرر هدمه بحيث ينظر عند بيعه إلى النتيجة التي يصير إليها مثال ذلك شراء الأشجار بقصد قطعها وبيعها أخشابا .
الشرط الثالث قصد البيع وتحقيق الربح :
إن شراء العقار أو المنقول قد يكون بقصد البيع وتحقيق الربح أو بقصد الاستعمال الشخصي، ففي الحالة الأولى يعتبر البيع تجاريا بالنظر إلى القصد منه وهو البيع وتحقيق الربح، أما في الحالة الثانية إذا عدل الشخص عن الاستعمال وقرر البيع فلا يعتبر البيع في هذه الحالة تجاريا لأن القصد كان الاستعمال الشخصي ولم يكن البيع . ويعتبر البيع تجاريا بالنسبة للمنقول المحول مادام القصد من شرائه تحويله لإعادة بيعه وتحقيق الربح من وراء ذلك مثال ذلك شراء القماش من أجل صناعة الثياب أو شراء الليمون والبرتقال والسكر لصناعة العصير …الخ . وبالإضافة إلى ذلك فإن الغاية النهائية من كل بيع هي تحقيق الربح الوفير ، فإذا انتفت هذه الغاية لم يصبح البيع تجاريا . إلا أن البيع يبقى تجاريا حتى ولو تم بخسارة مادامت الغاية هي تحقيق الربح والخسارة حصلت نتيجة لظروف استثنائية مثال ذلك من يبيع المنتج بتكلفة الإنتاج أو بأقل من ذلك لتفادي تلف هذا المنتج . 2.2 الأشخاص : نصت المادة الرابعة من القانون التجاري على ما يلي: ( يعد عملا تجاريا بالتبعية : – الأعمال التي يقوم بها التاجر والمتعلقة بممارسة تجارته أو حاجات متجره. – الالتزامات بين التجار) وهكذا فالبيع إذا كان متعلقا بالأعمال الخاصة بالتجارة أو المتجر أو كان بين تاجرين اعتبر بيعا تجاريا وفي هذه الحالة يطبق عليه القانون التجاري أساسا فإن لم يوجد نص طبق عليه القانون المدني وإلا فالأعراف التجارية كما نصت على ذلك المادة الأولى مكرر من القانون التجاري الجزائري ( الأمر 96 27 المؤرخ في 9 ديسمبر 1996 ) على مايلي : ( يسري القانون التجاري على العلاقات بين التجار، وفي حالة عدم وجود نص فيه يطبق القانون المدني وأعراف المهنة عند الاقتضاء ) 3.2 الاختصاص القضائي : تأخذ بعض الدول بتنظيم قضائي يأخذ بالفصل بين المحاكم المدنية والمحاكم التجارية هذه الأخيرة التي لا تعرض عليها القضايا التي تنشأ عن المعاملات التجارية. غير أن الجزائر مثل باقي الدول العربية الأخرى لم تأخذ بهذا التنظيم المتخصص، وإنما أخذت بوحدة الاختصاص القضائي في الأمر رقم 54 لسنة 1966 . حيث أن المنازعات التجارية تعرض على نفس المحاكم التي تعرض عليها المنازعات المدنية، إلا أن كل محكمة وكل مجلس يحتوي على غرف : متخصصة، حيث تتخصص غرفة بالنظر في القضايا التجارية (انظر دروس السنة الثانية /الوحدة 4 التنظيم القضائي الجزائري).
ويعتبر هذا التقسيم تقسيما إداريا فقط لا يترتب عليه الحق في الدفع بعدم الاختصاص و إمكانية دخول النزاع في اختصاص محكمة أخرى. – 4.2 الإثبات : وضع المشرع قيودا على الإثبات في المسائل المدنية حيث لا يصح إثبات الالتزام أو انقضائه إذا كانت قيمته تزيد عن 100000 دج أو كان غير محدد القيمة وكذلك إذا كان المطلوب مخالفة دليل كتابي حيث نصت المادة 333 مدني جزائري (القانون رقم 5 10 المؤرخ في 20 يونيو 2005 ) على ما يلي (( في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته عن 100000 دينار جزائري أو كان غير محدد القيمة فلا يجوز الإثبات بالشهود في وجوده أو انقضائه ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك …))، وكما هو واضح من المادة فإنها لا تسري على المسائل التجارية حيث يمكن إتباع كل طرق الإثبات حتى ولو تجاوز المبلغ 100000 دج.