جريمة إرتداد الشيك
جريمة ارتداد الشيك المادة 179 من القانون الجنائي لعام 1991م
تعريف الشيك جاء في المادة 76 من قانون الكمبيالات لسنة 1917م علي النحو التالي :
“الصك هو كمبيالة مسحوبة علي مصرف ومستحقة الدفع عند الطلب ، وفيما عدا ما نص علي خلافه فيما يلي تسري علي الشيك أحكام هذا القانون السارية علي الكمبيالة الواجبة الدفع عند الطلب”.
و معرفة القانون المتعلق بالشيكات تحتاج لمعرفة القواعد التي لم تكن أصلاً تختص بالشيكات فحسب إنما تختص بالوثائق القابلة للتحويل عموماً فالوثيقة القابلة للتداول وثيقة تحمل في طياتها التزاماً من شخص لدفع مبلغ من المال لآخر ، ويحمل الأخير الوثيقة دائماً ثم يستلم المبلغ الوارد فيها عندما يحـل الأجل . وقد يرغب في دفع مبلغ ما لطرف ثالث ، فإذا كانت الورقة التي يحملها قابلة للتداول فيمكنه تحويلهـا للطرف الثالث بطريقة تسمح للأخير مطالبة المبلغ من الشخص الملتزم بالدفع أساساً . والطرف الثالث يمكنه بدوره تحويل الوثيقة لطرف رابع الخ…
فالعلاقة القانونية بين الشخص الملتزم أولاً والشخص المستحق بالوثيقة أولاً علاقة عقدية و هناك قاعدة أساسية تقول بخصوصية العقــد (Privacy of contract) ، وذلك أن أطراف العقد الأصليين هم الملتزمون والمستحقون بموجب العقد ، ولهذه القاعدة إستثناءات منها “التداول” أي أن الأوراق القابلة للتداول مستثناة من هذه القاعدة.
طبيعة الصك وخاصيته أمر مسلم به إلا أن الشيك قد يختلط بغيره من الصكوك ، لا سيما الكمبيالة الفورية ، بل أن بعض البيانات الإلزامية في الشيك هي وبذات درجة الأهمية التي لغيره من الأوراق كما هو الحال بالنسبة إلي توقيع الساحب وبيان المسحوب عليه . ونسبة لعدم وجود قواعد خاصة بالشيكات وعملاً بنص المادة 76 من قانون الكمبيالات لسنة 1917م (والتي تنص علي تطبيق القواعد ذاتها الواردة بشأن الكمبيالات علي الشيكات) يتعين الرجوع إلي أحكام الكمبيالة باعتبارها الشريعة العامة للأوراق المالية . هذا إلا إذا كانت تلك القواعد تتنافى مع طبيعة الشيك كما هو الحال بالنسبة إلي الضمان لأن التضامن لا يكون إلا باتفاق المتعاقدين أي بمقتضى نص صريح بالقانون.
وترجع أهمية الشيك في المعاملات إلى الآتي :-
1- التقليل من مخاطر حمل النقود والتنقل بها من جهة لأخرى حيث يمكن التعامل في ملايين الدنانير وتحويلها من جهة لأخرى عن طريق الشيكات دون المخاطر التي قد يتعرض لها الشخص في حالة نقلـه وتحويله لمبالغ نقدية طائلة من جهة لأخرى .
2- تشجيع المواطنين علي إيداع أموالهم في المصارف ومن ثم تزيد فرص استثمار هذه الأموال في مشروعات اقتصادية وتمويل مشاريع الاستثمار والتنمية في البلاد.
3- المساهمة في تحجيم كمية النقود المتداولة خارج المصارف.
ولكي يقوم الشيك بأداء هذه المهمة لا بد أن يكون محل ثقة كاملة من المتعاقدين فيه بحيث تكون نظرة المستفيدين من الشيك إليه ، وكذلك جميع من يتداولونه في أيديهم هي ذات نظرتهم إلي المبلغ النقدي المدون في الشيك.
الشيك عبارة عن علاقة ثلاثية الأطراف : الساحب والمسحوب عليه (البنك) والمستفيد . وقد جري العمل علي أن يكتب الشيك علي نموذج معد سلفاً من البنوك يسلم للعملاء (دفتر شيكات) تتضمن كل ورقة منه اسم البنك واسم العميل ورقم الحساب . أما البيانات الأخرى كاسم المستفيد والتاريخ بالإضافة إلي المبلغ النقدي المراد دفعه والتوقيع فيكتبها الساحب عند إصداره للشيك . ومع ذلك يجوز كتابة الشيك علي ورقة عادية موقعاً عليها من الساحب.
ولأن الشيك كالنقد تماماً – وهذا ما يجب أن يكون قانوناً على الأقل – فهو أداة وفاء وسداد ، وهو واجب الدفع فور الطلب ، ويجب توافر الرصيد لدي البنك المسحوب عليه بمجرد تحرير الشيك ، فيكون لحامله الحق في تقديمه للبنك بمجرد تسلمه إياه.
إثبات تاريخ في الشيك :
ليس ما يوجب تحرير تاريخ للشيك علي أن هذا لا يعني إطلاقاً انعدام أهمية البيان ، بل أن الواقع هو العكس ، فعلي أساسه يتحدد الوقت الذي كان ينبغي أن يوجد فيه الرصيد الكافي لمقابلة المبلغ الوارد في الشيك بافتراض أنه حرر في التاريخ الثابت في الشيك لتحديد المسئولية الجنائية . إن إعطاء الشيك للمستفيد بغير تاريخ يفيد أن الساحب قد فوض المستفيد في وضع التاريخ قبل تقديمه إلي المسحوب عليه ، وينحسر عنه عبء إثبات وجود هذا التفويض ، وينتقل هذا العبء إلي من يرعى خلاف هذا الظاهر.
إثبات تاريخين للشيك :
عادة ما يحمل الشيك تاريخاً واحداً ، وهو تاريخ تحريره ، ويكون واجب الدفع بمجرد الطلب ، أي أن يكون غير معلق علي شرط ، أو مضافاً إلي أجل ، إذ الغرض من الشيك هو أن يكون مماثلاً للنقود ، أي أن يكون ممكناً للمستفيد منه أن يحوله علي الفور إلي مبلغ نقد ، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان المسحوب عليه (البنك) ملتزماً بدفع كل مبلغه في أي وقت يقدم إليه بدءاً من لحظة تحريره . ولكن إذا كان الشيك معلقاً على شرط أو كان مؤجلاً كأن يكتب فيه تاريخان ، تاريخ تحرير وتاريخ استحقاق ، تحول إلي كمبيالة أي أداة ائتمان ويعتبر التاريخ الموضوع علي الشيك هو نفسه تاريخ اليوم الذي أعطي فيه ، فلا يقبل من الساحب إثبات صورية التاريخ لأن العبرة هنا بالحالة الظاهرة وحدها وبغض النظر عن حقيقة الدافع ما دام الشيك يصلح كأداة وفاء في اليوم المبين فيه.
إذا كانت الورقة قد صدرت في تاريخ معين علي أن تكون مستحقة الدفع في تاريخ آخر ، وكانت تحمل التاريخين فلا يصبح عندها شيكاً معاقباً على إصداره وذلك لأنها ليست أداة وفاء وإنما هي زيادة ائتمان ، فيها ذاتها ما يحول دون التعامل بها ، فإذا كانت الورقة قد صدرت في تاريخ معين علي أن تكون مستحقة الدفع في تاريخ آخر فلا يمكن عدها شيكاً بالمعني المقصود ، وذلك لأنها ليست إلا زيادة ائتمان ، فإذا لم تحرر علي أن تكون مستحقة الدفع لدي الطلب بل صدرت علي أن تكون مستحقة الوفاء في غير تاريخ إصدارها فلم تكن الورقة إلا أداة ائتمان لا أداة وفاء.
الشيك للوفاء أو للضمان :
الأصل أن الشيك دائماً أداة وفاء ولا يعرف القانون ما يسمي بشيكات الضمان ، ومع ذلك فهناك أراء تقول بأن الشيك يجوز أن يكون أداة ضمان وائتمان أيضاً ، ويستندون في ذلك علي ما جري عليه العمل مؤخراً في الوسط التجاري باستعمال الشيك مؤخر التاريخ (مؤجل الدفع) في المعاملات التجارية فيما بين التجار وكذلك بين البنوك وعملائها في عقوداتهم كوسيلة لتأجيل الوفاء بمنح المدين مهلة محددة سلفاً حتي يتمكن من تبرير ما عليه لدي البنك في التاريخ المؤجل ، وبذلك يمكن اعتبار الورقة أداة ائتمان تخرج عن وظيفة الشيك المحددة له قانوناً وعرفاً وهي كونه أداة وفاء واجب الدفع بمجرد الطلب لأنه في هذه الحالة أعطي للمدين آجلاً للسداد ، وبالتالي خرجت عن وظيفة الشيك ، ويترتب علي تأخير تاريخ إصدار الشيك التزام المستفيد بعدم تقديمه للبنك المسحوب عليه قبل هذا التاريخ حيث قبل مختاراً هذا الأجل. يرفض آخرون هذا الرأي بدعوى أن القانون لا يعرف شيئاً اسمه شيكات الضمان لأن الشيك هو أداة دفع ووفاء والمقصود من الحماية التي يقررها له القانون هو مماثلته للنقود في المعاملات سواء بسواء ، وأن يكون بديلاً لها تماماً ، والقول بغير ذلك يتعارض مع النظام القانوني للشيك باعتباره زيادة دفع ووفاء فضلاً عن افتقاده لأي أساس قانوني يمكن أن يستند إليه وإذا استوفي الشيك شكله القانوني وكان مستحق الأداء بمجرد الطلب فإن الساحب لا يستطيع أن يغير من كونه أداة وفاء ، كما لا يستطع تجريده من الميزات التي خصها القانون بها ولا من الحماية القانونية التي يسبغها عليه حيث أن المادة 179 من القانون الجنائي لسنة 1991م قد نصت علي أن الشيك الذي عنته المادة بالحماية هو الشيك الذي أعطي “وفاءً لالتزام أو بمقابل” فوجود المقابل – وليست كفايته – أمر ضروري للإدانة تحت المادة 179 من القانون الجنائي لسنة 1991م
الشيك متأخر التاريخ :
قد يحرر الساحب الشيك في يوم معين ولكن يثبت فيه تاريخ يوم لاحق فقط ليكون يوم الاستحقاق ، فما دام الثابت به تاريخ واحد فهذا يجعل منه أداة وفاء لا أداة ائتمان . فهو شيك بالمعني القانوني ولو كان تاريخ إصداره قد تأخر واثبت فيه علي غير الواقع . فمتي كان الشيك يحمل تاريخاً واحداً فإنه يعتبر صادراً في التاريخ المثبت فيه . فإذا قدم الشيك المتأخر التاريخ في اليوم الثابت فيه أو في يوم لاحق حينئذ إن كان له رصيد فلن يثير الأمر أشكالا بعد أن تقبض قيمته . وكذلك إن لم يكن له رصيد لأن المقابل ينبغي أن يكون موجوداً حتي قبض قيمة الشيك ، ولا ينفع الساحب دفعه بأنه كان لديه الرصيد الكافي وقت إعطاء الشيك في يوم سابق علي التاريخ الثابت في الشيك.
تتم جريمة إصدار شيك بدون رصيد بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلي المستفيد مع علمه بعدم وجود رصيد قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق ، إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول ، فتنعطف عليه الحماية القانونية . ولا يغير من جريمة إعطاء شيك بدون رصيد أن يكون تاريخ استحقاق الشيك مغايراً لتاريخ إصداره الحقيقي طالما أنه لا يحمل إلا تاريخاً واحداً ، إذ أن تأخير تاريخ الاستحقاق ليس من شأنه في هذه الحالة أن يغير من طبيعة الشيك ومن قابليته للتداول واستحقاقه للدفــع في تاريـخ السحــب بمجــرد الطلـب . وبذلك يندمج ميعاد الإصدار في ميعاد الاستحقاق ، وتنتقل ملكية المبلغ الوارد في الشيك إلي المستفيد بمجرد إصدار الشيك وتسليمه إليه وبذلك تصبح إفادة البنك بعدم وجود الرصيد إجراء كاشفاً للجريمة التي تحققت بإصدار الشيك وإعطائه للمستفيد مع قيام القصد الجنائي .
مقابل الوفاء في الشيك :
مقابل الوفاء في الشيك هو عبارة عن المبلغ النقدي المبين في الشيك ، ويري البعض وجوب توفر هذا المبلغ وقت إعطاء الشيك لا وقت تقديمه فقط لأن الشيك أمر بالدفع مستوجب الوفاء لدي الطلب في أي وقت، ولا تتحقق هذه الخاصية بغير هذا الوجود المبكر ويتوفر سوء النية بمجرد علم ساحب الشيك بعدم وجود رصيد له في تاريخ إصداره . فلا عبرة بما يدفع به الساحب من عدم استطاعته الوفاء بقيمة الشيك بسبب إشهار إفلاسه مثلاِ إذا كان من المتعين أن يكون هذا المقابل موجوداً بالفعل وقت إصدار الشيك . فدفاعه بفشله في توفير المبلغ بسبب إشهار إفلاسه دفاع غير مقبول
متي يعد التظهير إعطاءً :
يعاقب القانون علي فعل إعطاء الشيك أي طرحه للتداول حيث نصت المادة 179(1) من القانون الجنائي لسنة 1991م على ما يلي :
يعد مرتكباً جريمة اعطاء صك مردود من يعطي شخصا صكاً مصرفيا وفاء لالتزام او بمقابل ويرده المسحوب عليه لأى من الدواعي الآتية:
(أ) عدم وجوب حساب للساحب لدى المسحوب عليه وقت تقديم الصك ،
(ب) عدم وجود رصيد للساحب كاف او قابل للسحب مع علمه بذلك،
(ج) وقف الساحب صرف قيمة الصك بأمر منه او ممن ينوب عنه دون سبب معقول ،
(د) تحرير الساحب للصك بصورة غير معقولة مع علمه بذلك.
(2) من يرتكب جريمة اعطاء صك مردود يعاقب بالغرامة او بالسجن مدة لا تجاوز خمس سنوات او بالعقوبتين معا .
(3) من يظهر صكا مصرفيا ويسلمه لغيره ويرد بالوجه الوارد فى البند (1) وكان يعلم بما يدعو لرده يعاقب بالغرامة او بالسجن مدة لا تجاوز ثلاث سنوات او بالعقوبتين معا .
(4) من يرتكب للمرة الثالثة جريمة اعطاء صك مردود او تظهيره، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز سبع سنوات وبالغرامة.
اترك تعليقاً