حضور المتهم مع سبق الاعتراف بالجريمة
ذ. عادل العابد
دكتور في القانون الخاص
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
مثول المتهم أمام القضاء مع سبق اعترافه بالجرم، مسطرة قضائية تنعدم ضمن الترسانة القانونية للمغرب. فهذا الإجراء الذي يستفيد منه المتهم في الولايات المتحدة الأمريكية مند القدم، والذي يسمى بالبليا باركنيك
Plea Bargaining
قد استقطب اهتمام التشريعات الأوربية حيث أخذت واحدة تلوى الأخرى تتبنى تطبيقه مع تكييف لخصوصيات ومضامين قوانينها الداخلية.
فما مضمون هذا الإجراء ؟ ولماذا أحذت به أغلب التشريعات الأوربية ؟ وما تأثيراته على حقوق المتهم وإجراءات الدعوى الجنائية؟ وهل يمكن للتشريع المغربي اقتباس هذه المسطرة الجديدة ؟
البلياباركنيك
Plea Bargaining
مسطرة انكلوساكسونية
Anglo-Saxonne
بمقتضاها يقوم ممثل النيابة العامة بمفاوضة المتهم بعقوبة مخففة مقابل اعتراف هذا الأخير بالفعل الإجرامي
فلأسباب عملية نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية مند مطلع القرن العشرين هذه المسطرة، وذلك لتبسيط الإجراءات القضائية والدعاوى الجنائية، حيث أنه من الصعب
على القاضي العام أو الشعبي
Le Jury Populaire
أن ينظر في جميع القضايا والملفات المعروضة عليه، وإلى يومنا هذا يتم الحكم في القضايا الجنائية بهذه الطريقة وبنسبة 95% من الجرائم سواء المتعلقة بالقتل العمد أو جرائم السرقة العادية
ظهور مسطرة الاعتراف هاته، استمال النظام القضائي الأوربي حيث صدر عن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان بتاريخ 27 فبراير1980 وفي قضية طرفيها السيد دويير
DEWEER
ضد الدولة البلجيكية، قرار مفاده أن “الصلح يشكل بالنسبة للأطراف والإدارة على حد سواء امتياز قاطع لا يتنافى مع مبادئ الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان
وهكذا شقت فكرة العدالة المتفاوض بشأنها طريقها داخل الجهاز القضائي الأوربي حيث قررت إسبانيا بموجب قانون 12 يناير 2000 السماح لممثل النيابة العامة التنازل عن متابعة القاصر الذي يعترف بجريمته ويقبل بالإجراءات التأديبية المتخذة في حقه وقد أطلق على هذه المسطرة اسم
La Confirmidad
وفي ايطالياLa
Pattegiamento .
أما المشرع الفرنسي، وفي إطار استحداث المزيد ن الوسائل التي تهدف إلى تبسيط الإجراءات الجنائية وسرعتها فقد أضاف للمادة 137 من القانون رقم 2004- 204 الصادر في 9 مارس 2004 بشأن العمل على ملائمة العدالة لتطور الظاهرة الإجرامية، مبحثا مستقلا هو البحث الثامن إلى الفصل الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني من قانون الإجراءات الجنائية، وجعل عنوانه : ” الحضور بناء على الاعتراف المسبق بارتكاب الجريمة “.
“De la Comparution sur reconnaissance préalable de culpabilité ”
فامتدادا لمسطرة ” التأليف الجنائي
La Composition pénale
التي أسست بمقتضى قانون23 يونيو 1999 تم تبني هذا الإجراء الجديد والذي نعته الفقيه الفرنسي جون برادل
Jean Pradel
بالبليا باركنيك على الطريقة الفرنسية
Plea Bargaining à la française
وإذا كانت هذه المقارنة مبالغ فيها إلى حد ما، فيستوجب الاعتراف على الأقل بأن هذه المسطرة القضائية تتضمن بعض الخصائص التي تجعل منها عبارة عن عدالة متفاوض بشأنها رغم بعض التميز الذي تحظى به في القانون الفرنسي كما سنرى عند حينه.
بعد هذه الفكرة التاريخية المقتضية لمسطرة المثول أو الحضور مع سبق الاعتراف بالجريمة، يتوجب إعطاء تعريف قانوني لهذه المسطرة المسماة بالبليا باركنيك (I)، بيان شروط ونطاق تطبيقها (II) ثم دراسة العناصر الأساسية والايجابية التي تمييز هذه المسطرة (III) وأخيرا بيان محدوديتها وسلبياتها (IV).
I
ـ تعريف مسطرة الحضور مع سبق الاعتراف بالجريمة
مسطرة البلياباركنيك:
ou le Plea bargaining Plea bargain
بالانـجليــزية أو
Le plaider coupable
بالفرنسية
أي “التقاضي بالإدانة”، اتفاق تفاوضي بين المدعي العام (النيابة العامة) والمدعى عليه (المتهم) بمقتضاه يعترف المتهم بالجريمة مقابل الحكم عليه بعقوبة أقل شدة من العقوبة الأصلية أو بعدم متابعته في باقي التهم الموجهة إليه، ويعد هذا الاتفاق رسمي ومختوم باتفاق مكتوب (مدون) بعد موافقة القاضي داخل جلسة علنية.
وبمعنى آخر، يقوم ممثل النيابة العامة رفقة محامي المتهم بالتفاوض على عقوبة مخففة بالمقارنة مع العقوبة المقررة للفعل المرتكب، شريطة اعتراف المتهم بالتهمة الموجهة إليه وتخليه عن إجراءات المحاكة العادية وحقوق الدفاع المرتبطة بها.
فمجرد اعتراف المتهم بالأفعال المنسوبة إليه، يتم تسريع المسطرة وإجراءات النطق بالحكم، حيث يقوم ممثل النيابة العامة، بعد قبول اقتراح العقوبة، بإحالة الملف للمصادقة عليه من طرف رئيس المحكمة أو القاضي المنتدب للتعجيل بتطبيق العقوبة .
لكن مسطرة التقاضي بالإدانة
Plea bargain
يجب أن تميز هنا، وبشكل دقيق، عن مفهوم التفاوض بشأن المتابعة
Charge bargain،
التفاوض بشأن الأفعال الجرمية
Fact bargain
، وأخيرا عن مفهوم التفاوض بشأن العقوبة
(Sentence bargain)
، مساطر كلها مطبقة في النظام الأمريكي وهي جد متداخلة فيما بينها.
فبخصوص التفاوض المتعلق بالمتابعة، فموضوعه لا يهم التفاوض الأولي أو الابتدائي بقدر ما يخص طبيعة موضوع الدعوى العمومية وتحريكها. فممثل النيابة العامة يقبل بعدم متابعة المتهم بخصوص باقي الأفعال المنسوبة إليه إذا ما رضي هذا الأخير باللجوء إلى مسطرة التقاضي بالإدانة في إحدى الأفعال، أي أنه يعترف أمام وكيل الجمهورية بفعله الجرمي ولو في إحدى الأفعال على الأقل.
والتفاوض الذي يهم الأفعال
négociation des faits
فهو تفاوض بين ممثل النيابة ومحامي المتهم حول كيفية تكييف الأفعال الجنائية والتي لن يتخذ بشأنها وكيل النيابة ملاحقات قضائية في حالة اعتراف المتهم ببعض منها.
أما التفاوض بخصوص العقوبة
négociation de la peine
فهو تفاوض يبدأ عند الإدانة وقبل النطق بالعقوبة، حيث يقوم ممثل النيابة العامة بتخفيض العقوبة عندما يتحقق من مساعدة المتهم للعدالة وبالتالي قبوله لهاته المسطرة “السريعة”.
وتجدر الإشارة إلى أنه ورغم كون مسطرة الحضور أمام النيابة مع سبق الاعتراف بالجرم مستوحاة من المساطر الانكلوساكسونية، فإنها تتميز بخصوصية هامة وهي انه إذا كانت مسطرة البلياباركنيك تسمح للنيابة العامة بعدم متابعة المتهم في باقي الأفعال الجرمية، إذا ما اعترف بواحدة منها وقبل بالتالي العقوبة المحكوم بها، فإن هذا المبدأ مستبعد في إطار الحضور مع سبق الاعتراف بالجريمة وفق النظام الفرنسي.
فمسطرة المثول أمام القاضي مع سبق الاعتراف بالجناية أو الجنحة تهم فقط اقتراح عقوبة مخففة مقابل اعتراف الشخص المتابع بالفعل أو الأفعال المنسوبة إليه، وهذه المسطرة تجرى فقط، خلال بدايتها بحضور المتهم ومحاميه حيث يتجلى موضعها الرئيسي فيما يلي:
1.
التخفيف من الجلسات الجنائية المتعلقة بالدعاوى البسيطة عند اعتراف مرتكيبها بالأفعال الإجرامية وبالتالي التخفيض من مدد المحاكمات الزجرية وتخفيف عبئ الملفات المتراكمة وبتسريع المساطر الدعوية.
2.
النطق بعقوبات أكثر فعالية، لأن قبول العقوبة من طرف الجاني، والذي اعترف مسبقا بجريمته، سيؤدي لا محالة إلى حسن تنفيذ العقوبة.
II
ـ شروط وخصوصيات تطبيق المسطرة
إن أول شرط يستلزم لتطبيق مسطرة الحضور مع سبق الاعتراف بالجريمة، والذي يميز هذه المسطرة المطبقة بفرنسا عن تلك المطبقة بالولايات المتحدة الأمريكية، هو أن هذا الإجراء يهم فقط الجرائم المعاقبة بعقوبات سالبة للحرية لا تتجاوز خمسة سنوات سجنا.
ولقد جاء في المادة 7/495 من قانون الإجراءات الجنائية بأنه في مواد الجنح التي يعاقب عليها كعقوبة أصلية، بالغرامة أو بعقوبة الحبس لمدة لا تزيد على خمس سنوات، يجوز لنائب الجمهورية، من تلقاء نفسه أو بناء على طلب المتهم أو محاميه، أن يلجأ إلى إجراء الحضور بناء على الاعتراف المسبق بالجريمة المرتكبة، وذلك تطبيقا للأحكام المبينة في البحث المذكور .
وهذا يعني أن هذه المسطرة تطبق فقط على الجرائم الأقل خطورة كالسرقة والسياقة في حالة سكر… والفقرة السادسة عشر من نفس الفصل تأتي لإزاحة العقوبات التي لا يمكن تطبيق مسطرة الحضور مع سبق الاعتراف بالجريمة عليها: “المواد المقررة في هذا الفصل لا تطبق على القاصرين… ولا على الجنح الخاصة بمهنة الصحافة وجنحة القتل غير العمد، الجنح السياسية أو الجنح التي تتم فيها المتابعة بنصوص خاصة”.
الشرط الثاني هو أن لا تكون العقوبة المحكوم بها تتجاوز ستة أشهر حبسا نافدا أو تفوق نصف العقوبة الأصلية مع الحق في الإيقاف الجزئي أو الكلي لهذه العقوبة.
أما الشرط الثالث فيخص تطبيق هذه المسطرة على الأشخاص البالغين فقط دون الأحداث ويهم بعض الجنح دون أخرى، فالفصل 16/495 يستثني صراحة تطبيق هذه المسطرة على القاصرين دون 18 سنة والجنح التي تكون فيها المتابعة مشارا إليها بنصوص خاصة.
أما الشرط الرابع، والذي يعتبر الأهم في نظرنا، فيتعلق برفض أو قبول العقوبة من طرف الشخص المعني بالأمر. لأن مرتكب الأفعال وبحضور محاميه، عندما يقبل العقوبة المقترحة من لدن ممثل النيابة العامة، يتوفر على مدة عشرة أيام لأجل الرد على الاقتراح، فإنه يقدم فورا أمام رئيس المحكمة أو القاضي المنتدب لأجل المصادقة على العقوبة المقررة.
ولأجل هذه الشروط مجتمعة فإن مسطرة الحضور بناءا على سبق الاعتراف بالجريمة، موجهة فقط لأشخاص الذين يتم استدعائهم أمام وكيل الجمهورية أو الأشخاص الماثلين أمامه تطبيقا لإجراءات الفصل 393 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي.
هذا الفصل الأخير الذي يمنح لوكيل النيابة الخيار بين فتح تحقيق أو تقديم المتهم أمام المحكمة عن طريق مسطرة الحضور الفوري
La comparution immédiate
أصبح، بمقتضى المسطرة الجديدة، يمنحه خيار ثالث والمتمثل في إمكانية تطبيق مسطرة الحضور مع سبق الاعتراف بالجريمة، فبموجب هذا الإجراء يمكن لممثل النيابة العامة أن يقترحه تلقائيا أو بناءا على طلب المتهم أو وكيله (الفصل 7/415)
وفي جميع الأحوال فإن هذه المسطرة متروكة للسلطة التقديرية لوكيل الجمهورية.
وكما اشرنا في السابق، فإن مسطرة الحضور مع سبق الاعتراف بالجريمة ثم اقتباسها من مسطرة البلياباركنيك
Plea bargain
وكذا مسطرة “التصالح أو التأليف الجنائي” والتي تأسست بموجب قانون 4 يناير 1993 وعدلت بقانون 9 مارس 2004. ويقوم وكيل الجمهورية بموجب هذه المسطرة بتقديم اقتراح للجاني المعترف بجرمه بتنفيذ إجراءات التأليف الجنائي والتي تكون عادة عبارة عن عقوبات مخففة، كالغرامات أو الحجز أو العمل للمصلحة العامة.
وإذا ما قبل المتهم مسطرة التأليف أو الصلح هذه فإن وكيل النيابة يقوم بإحالته على رئيس المحكمة لأجل المصادقة
Homologation
وبالمقابل فإن تنفيذ هذه المسطرة من قبل المتهم يجعل حدا للمتابعة.
وهكذا يتبين أن مسطرة التأليف الجنائي تشبه إلى حد كبير مسطرة الحضور المبني على سبق اعتراف المتهم، إلا أنه في المجال التطبيقي هناك اختلاف جوهري، إذ أن مسطرة الحضور المبني على سبق الاعتراف بالجريمة يتخلله تنفيذ حكم العقوبة بما فيها عقوبة السجن. وعلى الصعيد القانوني بالاختلاف أعمق من ذلك حيث أن مسطرة التأليف الجنائي تتوفر على أثر وحيد يتمثل في إيقاف وانقضاء الدعوى العمومية، أما مسطرة التقاضي بالإدانة فإنها تؤدي إلى استصدار أمر المصادقة الذي يعتبر حسب المجلس الدستوري الفرنسي قرار قضائي.
ولقد أضافت المادة 8/495 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي، أنه يجب أن تدون أقوال الشخص المعترف بالجريمة المسندة إليه والعقوبة المقترحة من نائب الجمهورية بحضور محامي المتهم الذي يختاره أو ينتدب بناء على طلبه من نقابة المحامين، ويخطر المتهم بأنه سيتحمل الأتعاب، ما لم يكن مستوفيا شروط منح المساعدة
القضائية
Aide Juridictionnelle
ولا يجوز للمتهم أن يتنازل عن حقه في حضور محاميه، ويجب تمكين المحامي فورا من الاطلاع على الأوراق، ويستطيع المتهم أن يتحدث بحرية معه من غير حضور ممثل النيابة، قبل أن يتخذ قراره بشأن الاقتراح المعروض عليه.
وعل ممثل النيابة أن ينبه المتهم إلى إمكانية طلبه الحصول على مهلة، عشرة أيام، قبل رد بما إدا كان يقبل أو يرفض العقوبة المقترحة.
وتنص المادة 10/495 على أنه: إذا طلب المتهم الاستفادة، قبل الرد على الاقتراح الصادر من نائب الجمهورية، بالمدة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 8/495 يجوز لنائب الجمهورية أن يعرض أمام قاضي الحريات والحبس
Juge de libertés et de détention
لكي يأمر بوضعه تحت المراقبة القضائية
Sous contrôle judiciaire .
ويجوز للقاضي المذكور بصفة استثنائية إذا كانت إحدى العقوبات المقترحة هي الحبس المغلق لمدة شهرين فأكثر واقترح نائب الجمهورية تنفيذ هذه العقوبة فورا، أن يأمر بحبس المتهم. احتياطيا وفقا للقواعد المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 394 وفي المادتين 395 و396، إلى أن يحضر من جديد أمام نائب الجمهورية. ويجب أن يتم هذا الحضور الجديد خلال مدة من عشرة أيام إلى عشرين يوما تحسب من تاريخ قرار قاضي الحريات والحبس. وفي حالة عدم حصوله تنتهي مدة الرقابة القضائية أو الحبس الاحتياطي إذا كان أي منهما قد تم اتخاذه.
وعندما يقبل المتهم وبحضور محاميه العقوبة أو العقوبات، فيجب أن يمثل فورا أمام رئيس المحكمة الابتدائية أو القاضي الذي يفوضه، بناء على عرض نائب الجمهورية طالبا التصديق على الاقتراح،
ويستمع رئيس المحكمة أو القاضي الذي يفوضه إلى أقوال المتهم ومحاميه، بعد الإطلاع على حقيقة الجريمة المرتكبة وتكييفها القانوني. ويجوز له التصديق على العقوبات المقترحة من نائب الجمهورية، ويصدر قراره في نفس اليوم، على أن يكون هذا القرار مسببا. وفي حالة التصديق على الاقتراح ينطق بهذا القرار في جلسة علنية(المادة 9/495 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي.
ومن باب التأكيد على وجوب تسبيب الأمر الصادر بالتصديق على اقتراح النيابة العامة، وبيان آثار هذا التصديق نصت المادة 11/495 على أن “الأمر الصادر من رئيس المحكمة الابتدائية أو القاضي الذي يفرضه بالتصديق على العقوبة أو العقوبات المقترحة يجب أن يكون مسببا من ناحية اعتراف المتهم بحضور محاميه بأنه ارتكب الجريمة المسندة إليه وأنه يقبل العقوبة أو العقوبات المقترحة”
لكن ما هو أثر عدم قبول المتهم لاقتراح النيابة العامة أو رفض التصديق على الاقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية ؟
بينت المادة 995-12 من قانون الإجراءات الجنائية هذا الأثر بقولها: “عندما يقرر المتهم عدم قبوله للعقوبة أو العقوبات المقترحة أو صدر قرار من رئيس المحكمة الابتدائية أو القاضي الذي يفوضه برفض التصديق على اقتراح النيابة العامة فإنه، ما لم توجد عناصر جديدة، يقوم نائب الجهورية بعرض الأمر على محكمة الجنح Tribunal Correctionnel
طبقا لأحد الإجراءات المنصوص عليها في المادة 388 أو أن يطلب فتح تحقيق
وعندما يكون المتهم قد أحيل أمام نائب الجمهورية تطبيقا لنص المادة 393 يجوز له، أي نائب الجمهورية، التحفظ على المتهم لحين عرضه أمام محكمة الجنح أو قاضي التحقيـق
Le Juge d’instruction
ويجب أن يتم ذلك في نفس اليوم طبقا لأحكام المادة 395. وإذا لم يكن اجتماع المحكمة ممكنا في نفس اليوم، يطبق حكم المادة 396 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي.
أما بخصوص حقوق المجني عليه في الحصول على حقه في التعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب ارتكاب الجريمة التي يطبق بشأنها إجراء حضور المتهم بناء على الاعتراف المسبق بالجريمة، فقد نصت المادة 495-13 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي على أنه: “إذا كان المجني عليه معروفا يجب أن يخطر بدون تأخير بأية وسيلة بهذا الإجراء ويدعى للحضور، ويصطحب معه محاميه عند اللزوم، في نفس الوقت الذي يحضر فيه الجاني أمام رئيس المحكمة الابتدائية أو القاضي الذي يفوضه لكي يدعى مدنيا فيطالب بتعويض ما أصابه من ضرر، ويفصل رئيس المحكمة أو القاضي الذي يفوضه في هذا الطلب حتى في حالة عدم حضور المدعى المدني الجلسة تطبيقا للمادتين 498 و 500.
وإذا لم يستعمل المجني عليه الحق المنصوص عليه في الفقرة السابقة، فيجب أن يخطر بحقه في أن يطلب حضور الجاني أمام محكمة الجنح لكي تقضى له طبقا لإحكام الفقرة الرابعة من المادة 464 وينبه بالتاريخ الذي يسمح له فيه بالادعاء المدني، وعندئذ تفصل المحكمة في طلب التعويض فقط بالإطلاع على أوراق الإجراءات التي عرضت عليها بالجلسة .
III
ـ ايجابيات مسطرة الحضور مع سبق الاعتراف بالتهمة
أ / مسطرة فعالة في طور التعميم :
مسطرة الحضور بناء على سبق الاعتراف بالجريمة أو مسطرة التقاضي بالإدانة
le plaider coupable
مسطرة ذات فعالية كبيرة، إذ أن 10302 ملف جنائي ثم البث فيه باللجوء لهذه المسطرة مند بدء العمل بها خلال سنة 2004 و 8779 ملف منه تحت المصادقة عليه لأجل قضاء العقوبة المقترحة من طرف وكيل الجمهورية الشيء الذي يشكل نسبة نجاح هائلة لهذه المسطرة الجديدة أي بنسبة 84.6%ـ
هذه النسبة الأخيرة للمصادقة شكلت استقرار نسبيا من تاريخ بدء العمل بهذا الإجراء، والجدول التالي يبرهن على ذلك:
حضور المتهم مع سبق الاعتراف بالجريمة
إن هذا التنفيذ الناجح لمسطرة الحضور مع سبق الاعتراف بالجريمة يرجع أساسا إلى الاعتماد المحكم الذي يوليه فاعلو الحقل الجنائي لهذا الإجراء، وعلى رأسهم قضاة النيابة العامة. وبالفعل فدور الادعاء العام قد تغير بشكل جوهري في إطار مسطرة التقاضي بالإدانة، فإذا كان يعتبر السلطة المكلفة بالمتابعة، فإنه يقوم أيضا باقتراح العقوبة التي من شأنها أن تطبق على المتهم بعد المصادقة وبعد تكييف حيثياتها القانونية، حتى يتم تشخيص العقوبة على الشخص الجاني.
وتظهر فعالية هذه المسطرة كذلك في كون إجراء الحضور المسبق باعتراف الجاني يوفر لجميع الأطراف (المتهم، ممثل النيابة، المحامي…) اقتصاد تكاليف إجراء الدعوى بطء مساطرها عند إتباع المسطرة العادية للدعوى، علاوة على أن الدعوى الجنائية تشكل مخاطرة وعدم اليقين بالنسبة لمجرياتها لكلا الطرفين المتهم والنيابة العامة.
فالمتهم قد يتعرض، إذ هو لم يقبل بسلوك هذه المسطرة بإدانة وعقوبة شديدة، ووكيل النيابة قد يخاطر بدعوى مكلفة كخزينة الدولة، وطويلة الأمد، لذا فإن هذه المسطرة الجديدة تمنح إمكانية الاشتراك في تحمل تبعات الدعوى بتقسيم منطقي لسلبيات الدعوى بين الأطراف لأجل هذا وصفها الفقيه
Loannis Papadopoulos
بأنها الانتصار العملي على المبادئ الدستورية.
ورغم أن مسطرة التقاضي بالإدانة ليست في حقيقة الأمر عقد
Contrat
فإنها تمثل، بالنسبة للكتاب الليبراليين عرضا مفيدا وحلا وسطا، لأنها تمنح للمتهم إمكانية “بيع” حقوقه الدفاعية، والتي كان من الممكن أن يستغلها خلال مجريات وتطور الدعوى، مقابل عرض عقوبة مغر. أما أنصار التيار الرجعي من القانون والاقتصاد فيذهبون إلى ابعد من ذلك، حيث يعتبرون أن “الحقوق التي يمكن بيعها أو التفاوض بشأنها لها قيمة أكثر من التي يمكن استهلاكها”.
ب/ مسطرة التقاضي بالإدانة مسطرة سريعة واقتصادية:
حاليا وعند الكثير من المتقاضين، تعتبر المتابعات أمام المحاكم من الإجراءات الطويلة والبطيئة والمقررات والأحكام القضائية غالبا ما تمثل عقوبة قبل استصدارها.
والاعتراف المسبق بالإدانة، الذي يمكن للمتهم أن يلجأ إليه وقت علمه بتحريك الدعوى ضده، سوف يمكنه، خلال أيام قليلة فقط من الالتجاء إلى المدعى العام عن طريق محاميه وتقديم طلب لأجل الحصول على مقترح عقوبة خلال وقت قصير.
بل يمكن له أن يتخلى عن مدة العشرة أيام المتعلقة بالتفكير قبل أخذ القرار المناسب، الشيء الذي يوفر له إمكانية إنهاء دعواه الجنائية في مدة قياسية.
ومن بين المزايا الأخرى التي تختص بها هذه المسطرة، هو كون حقوق المبني عليه تبقى مضمونه ومصونة قانونا كما سبق بيانه في المادة 495/13، وذلك عبر ثلاثة مقتضيات جوهرية. أولها ضرورة إخبار المجني عليه أو المتضرر من الفعل الجرمي إذا كان معلوما، وذلك بشكل فوري وبكل الطرق القانونية، كما يتم استدعائه لحضور جلسة المصادقة وبحضور محاميه أو بحضور هذا الأخير فقط، ويقوم أثنائها بالانتصاب كطرف مدني للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة.
وإذا لم يقم الطرف المدني المتضرر بممارسة هذا الحق فإن ممثل الجمهورية يقوم بإخباره لأجل طلب القيام بمسائلة المتهم، خلال جلسة ثانية، بما يمكنه فعله لأجل تعويض الضرر لفائدة المجني عليه. وفي جميع الأحوال فإن هذا الأخير يمكنه أن يستأنف قرار المصادقة الذي يعقب اقتراح وقبول العقوبة.
وفي حقيقة الأمر إن مسألة الحضور مع سبق الاعتراف بالتهمة تضم الكثير من العناصر الايجابية، ولربما لأجل هذه الامتيازات يكون حضور المحامي ضروريا لضمانها وتفعيلها على أرض الواقع.
ورغم أن التقاضي بالإدانة يختلف عن الأسلوب المتبع في النظام الانكلوساكسوني، وذلك بمحدودية تطبيقه، حيث يتعلق فقط بالجرائم المتابعة بعقوبة سجنية والتي لا تفوق خمسة سنوات وبالعقوبات المقترحة التي لا تتعدى سنة، فإن هذه المسطرة ذات فائدة كبيرة بالنسبة للمتقاضين حيث تجنبهم دعوى علنية أمام المحكمة وما يترتب عن ذلك من تبعات إعلامية سلبية .
ولقد أعلن المجلس الدستوري ضرورة رقابة وخضوع هذه المسطرة لإجراءات القانون الخاصة بالمداولة والحكم داخل قاعة اجتماعات مجلس الهيئة، إلا أن إجراء قبول اقتراح العقوبة أو رفضها يبقى خاضعا للسرية، ورغم أن النقاش الدائم أمام القاضي، الذي يوافق أو يرفض اتفاق الأطراف، يكون علني إلا أنه لا يتم إعلان ساعة ومكان انعقاد الجلسة بالنسبة للأغيار باستثناء بطبيعة الحال الضحية. لذلك فإنه من مصلحة الأطراف المتقاضين قبول هذه المسطرة لما تحمله من إجراءات سرية قد تلاءم طبائعهم .
IV
ـ محدودية مسطرة الحضور المبني على سبق اعتراف المتهم بالجريمة
إذا ما تأملنا مليا في مسطرة الحضور مع سبق الاعتراف بالتهمة، يتضح جليا أنها تنبني أساسا على مبدأ الاعتراف، فهذه الاعترافات بالأفعال والحقائق من لدن الشخص المتابع ما هي في الحقيقة سوى المفتاح الذي تبحث عنه العدالة الجنائية.
فالمادة الجنائية تظهر بشكل خاص ارتباطها الوثيق بمبدأ الاعتراف وتحمسها للحصول عليه، ولو أن اقتضى الحال سلوك واتخاذ أساليب غير شرعية خاصة من لدن ضباط الشرطة القضائية وبما أن الاعتراف سيد الأدلة فسيبقى دائما مبحوثا عنه. فتاريخيا كانت جميع الوسائل مشروعة للحصول عليه، فالتعسفات البوليسية وتجاوزات بعض قضاة التحقيق أدت إلى تغليط صورة الاعتراف وأدت بالتالي إلى اعترافات تلقائية ترتبت عنها أخطاء قضائية كثيرة.
ومن جانب آخر، تتوفر السلطة القضائية بالولايات المتحدة الأمريكية على جميع الوسائل لأجل إثبات إدانة المتهم، لكن هذا الأخير هو الذي يقوم بتحمل مصاريف دفاعه بل حتى مصاريف إثبات براءته، كإجراءات الخبرة، البحث عن الشهود والبث الذي يجريه ضباط البحث الخاص
Les détectives privés
وخلافا للأسلوب الأمريكي، ينبني القانون الفرنسي على النظام التنقيبي أو التحقيقي.
وخصوصية هذا النظام تتجلى في كونه يبحث في الوسائل التي قد تؤدي إلى الإدانة أو التبرئة
à charge et à décharge
لتحديد ظروف وأشخاص الجريمة، وبتعبير آخر، إلى حين عدم الإدانة، يبقى الشخص المتابع بريئا. وهذا عكس ما هو معمول به بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتم الاتفاق بين محامي المتهم وممثل النيابة لأجل إيجاد “اتفاق” يحدد طبيعة ومدة العقوبة.
وفي بعض الحالات لا يملك المتهم أو الأشخاص المتابعون، الوسائل المادية للأجل تسديد أتعاب المحامي الذي بإمكانه مجابهة ممثل النيابة في اقتراح العقوبة الملائمة لموكله، ويزيد الأمر تعقيدا إذا ما كان المتابعون متورطين في نفس الجريمة. فالبحث عن المسؤولية الجنائية لكل شخص توقف إذا ما قبل أحدهم بالتقاضي بالإدانة، حيث يطلب منه تحمل أفعال الآخرين مقابل تخفيض العقوبة وهذا يبرر اتساع نطاق جرائم القتل المرتكبة من طرف شخصين أو أكثر. ذلك أن الشخص القاتل وعند قبوله مسطرة التقاضي بالإدانة، يحاكم بعقوبة مخفضة والمتمثلة في الجزاء الواجب ضد شخص المساهم، ومن بين المقترحات التي قدمت لوزير العدل الفرنسي السابق Dominique Perben
أن يكون بإمكان المتهمون الذين يبلغون عن المساهمين في الجريمة، الاستفادة من الإعفاء من العقوبة .
أ/ مسطرة التقاضي بالإدانة، مسطرة تهدد مبدأ البراءة:
من بين أكبر سلبيات مسطرة الحضور مع سبق الاعتراف بالجريمة، هو كون نتائجها تشكل خطرا بالنسبة للأبرياء. فبعض المتهمين الأبرياء يقومون بقبول إتباع وسلوك هذه المسطرة مقابل الحكم بعقوبة مخففة وبأقصى سرعة. إن هذا السلوك من شأنه أن يؤدي إلى انعكاسات سلبية، ويترجم تخوف المتهم البريء من مخاطر المحاكمة أكثر من تخوف المتهم الحقيقي، وذلك لأن هذا الخير ليس له في نهاية الأمر ما يجعله يحاول تفادي إجراءات المحاكمة العادية.
لذلك فالشخص البريء وفي حالة متابعته، يكون أكثر قابلية للتفاوض بشأن عقوبة مخففة يقابلها اعترافه بالجريمة. وهذا ومما لا شك فيه يشكل إجراء غير مقبول أخلاقيا ومرفوض اجتماعيا.
فالكثير من الملفات الجنائية يكون فيها مبدأ الإدانة قد حسم فيه قبل بدء المحاكمات، وأن مبدأ البراءة يضمحل ويندثر بمرور مراحل الدعوى إلى أن يصير وضع قانوني ذي طبيعة مجردة.
وهكذا فقد دفعت مسطرة التقاضي بالإدانة المسبقة الكثير من الأبرياء إلى الاعتراف بجرائم لم يقترفوها خوفا من تبعات محاكمة أو إدانة أشد قسوة إن هم فضلوا سلوك
المسطرة العادية للدعوى.
وبصفة عامة، فهذه المسطرة تؤدي إلى محاكمة الأشخاص المتابعين ليس لأجل الأفعال الإجرامية التي قاموا بها لكن لأجل ما تم قبوله والاعتراف به أمام ممثل النيابة العامة.
ب/ مسطرة تروم تخفيف الملفات على حساب المحاكمة العادلة:
خلال الالتجاء إلى هذه المسطرة، يقوم ممثل النيابة بتحديد العقوبة وليس القاضي كما هو معتاد في المحاكمة العادية. حيث أن دور هذا الأخير يختزل فيما يشبه حق “
الفيتو
Vito
أي أنه إما أن يقبل جملة وتفصيلا اتفاق النيابة والمتهم حول العقوبة أو يرفضه.
لذا فهدف هذه المسطرة يتمثل بالأساس في التخفيف من أعباء القضاة والمحاكم التي تكتض بالملفات وذلك بالبث السريع في جميع القضايا الجنحية التي تسمح بتطبيق مسطرة التقاضي بالإدانة.
وهذا النوع من المساطر يمثل دائما ابزازا بالنسبة للشخص المتابع، فبغض النظر عن ارتكاب الأفعال الجرمية من قبل المتهم أم لا فإنه يكون محط مأزق الخيار، إما إمكانية استصدار حكم سريع اتجاهه أو إمكانية مواجهة الآماد وتغييرات مجريات المحاكمة العادية .
فبتأكيد أن الحضور مع سبق الاعتراف بالجريمة مسطرة تؤدي على تقليص حقوق المتهم واختزالها وتحد من ولوج عدالة ذات هيئة جماعية لأسباب تنظيمية ومالية، وبذلك تقصي المتهم من حقه في دعوى علنية تعد من ركائز العدالة والتي قد يبرع خلالها محاميه ويجنبه بالتالي حكم جائر، كما أن السرية تطال أيضا القاضي الذي لا يسعه سوى قبول أو رفض مقترح وكيل الجمهورية، والمقبول مسبقا من طرف المتهم، دونما سابق اطلاع بالملف في الغالب.
كما أن مسطرة التقاضي بالإدانة المسبقة، قد أعطت للشرطة القضائية وممثلي النيابة العامة صلاحيات واسعة لأنها تقدم العقوبة على حقوق الأشخاص، وتحت طائلة محاربة الجريمة وتخفيف أعباء ملفاتها فقد تم انتهاك حقوق الدفاع اللازم توفرها أثناء رفع الدعوى والمتابعة.
وإجمالا يمكن القول بأنه ورغم ما يمكن مؤاخذته على هذا الإجراء الجديد فإنه يضم في ثناياه إيجابيات تفوق ما يمكن اعتباره سلبيا، خصوصا وأنه يقدم تسيريا محكما للملفات القضائية المتراكمة.
إن هذه المسطرة أدت، وبدون تأكيد، إلى التخفيف من الملفات الجنحية والمتعلقة خصوصا بالحضور الفوري
Comparution immédiate
وبالتالي توفير الجهد والوقت الكافين للقضايا الأكثر تعقيدا هذا بالإضافة إلى كون هذه المسطرة تساعد على اقتحام فكرة أو مبدأ العدالة المقبولة وذلك عند قبول الجاني للعقوبة المحكوم بها بعد اعترافه المسبق بالجرم.
وإذا كانت العدالة الفرنسية قد تبنت هذه المسطرة الانكلوساكسونية مع إدخال تعديلات تلاءم خصوصيات النظام الفرنسي، فإننا لا نرى مانع من إمكانية تبني المشرع المغربي لهذه المسطرة والتي يمكنها أن تحل مشكلة طول الآماد والمساطر وكذا تراكم الملفات التي تميز محاكم المملكة.
الـمـراجــع
Loannis PAPADOPOULOS, « Plaider Coupable, la pratique américaine et le texte français », Droit et Justice, édition puf, 2005.
Journal, ” l’humanité”, article du 18 décembre 2002
Site Web de “l’assemblée national”
Elie ESCONDIDA et Danete Fimelos, “face à la police, face à la justice”, édition ALTIPANO, 2007.p.28.
أسامة حسنين عبيد، “الصلح في قانون الإجراءات الجنائية، ماهيته والنظم المرتبطة به” رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة 2004.
شريف سيد كامل، “الحق في سرعة الإجراءات القانونية”، درا النهضة العربية، الطبعة الأولى القاهرة. 2004.
اترك تعليقاً