إدارة قضايا الدولة (في سورية)
إدارة قضايا الدولة administration du contentieux de ľetat هي الجهة التي تنوب عن الدولة، وعن الجهات المشمولة باختصاصها، فيما يُرفع منها أو عليها من دعاوى لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وكذلك الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً.
نشأتها
كانت وزارة المالية في سورية، قبل عام 1959، تقوم بهذه المهمة عن طريق التعاقد مع المحامين الخاصين. كما كانت هناك هيئة قانونية في مصر تقوم بهذه المهمة تسمى إدارة قضايا الحكومة. وبعد قيام الوحدة بين سورية ومصر صدر القانون رقم 58 تاريخ 21/2/1958 بإحداث إدارة قضايا الحكومة التي يشمل اختصاصها القطرين الشمالي والجنوبي في الجمهورية العربية المتحدة.
وبعد ثورة الثامن من آذار لعام 1963 ازدادت وظائف الدولة في الجمهورية العربية السورية، واتسع نشاطها في القطاع الاقتصادي، مما استتبع تشعب علاقات الدولة، ونتج عن ذلك منازعات كثيرة انتقلت إلى ساحة القضاء، فازدادت مسؤولية إدارة قضايا الحكومة مما اقتضى تغييراً في هيكلها، فصدر القانون رقم 55 تاريخ 17/12/1977 بإحداث إدارة قضايا الدولة في وزارة العدل تلبية لهذه الحاجات المتزايدة.
وتختلف مهام إدارة قضايا الدولة عن كل من مجلس الدولة[ر] والنيابة العامة[ر]. فمجلس الدولة هو مجموعة المحاكم المختصة بالفصل في المنازعات الإدارية بين الدولة والأشخاص في حالات محددة في قانونه على سبيل الحصر. والنيابة العامة هي صاحبة دعوى الحق العام في الدعاوى الجزائية، وهي تنوب عن المجتمع. أما إدارة قضايا الدولة فهي محامي الدولة فيما يُرفع منها أو عليها من دعاوى.
اختصاصها
تستمد إدارة قضايا الدولة اختصاصاتها من قانون إحداثها، فهي تقوم بالمهام التالية:
ـ تتولى مهمة الوكيل بالخصومة عن الدولة، فهي محامي الدولة، لها كل الاختصاصات والصلاحيات التي يتمتع بها المحامي الخاص الوكيل عن الأشخاص بموجب أحكام قانون المحاماة، إلا أنه ليس للجهة العامة تحديد سلطة الإدارة أو الحد منها، أما سلطة المحامي الخاص فمصدرها الوكالة الممنوحة له من قبل الموكل وفي حدود هذه الوكالة[ر].
ـ تقترح على الجهة العامة التي تنوب عنها، الصلح أو التحكيم إذا رأت أن المصلحة العامة تقضي بذلك، وللجهة العامة الموافقة على الاقتراح أو رفضه مع بيان الأسباب. على أنه لا يجوز للجهة العامة إجراء أي صلح أو تحكيم أو تسوية في موضوع دعوى تباشرها إدارة قضايا الدولة إلا بعد استطلاع رأيها.
ـ تمارس حق الطعن في جميع درجات التقاضي في أي حكم ترى أنه مخالف للقانون ولا يضمن حقوق الدولة. أما إذا ارتأت أنه لا جدوى من الطعن في بعض الأحكام الصادرة على الدولة، فيجوز بقرار من رئيس الإدارة أو من يفوض إليه ذلك من نوابه، عدم الطعن في هذه الأحكام شرط موافقة الوزير الذي تتبعه الجهة العامة المختصة بالدعوى.
ـ تتولى تبلّغ استدعاءات الدعوى المرفوعة على الدولة، وكذلك الأحكام الصادرة في الدعاوى التي تكون الدولة طرفاً فيها. وقد حجب قانون الإدارة عن الجهات العامة تبلغ الأحكام، خلافاً لقانون أصول المحاكمات الذي ينص على جواز التبليغ للمدعي أو المدعى عليه أو محامي كل منهما، وهذا يزيد من مسؤولية إدارة قضايا الدولة إذ تعد هي صاحبة الدعوى.
ـ تتعاقد، عن طريق رئيس الإدارة أو من يفوض إليه ذلك من نوابه، مع محامين خاصين للترافع في الدعاوى التي تقام من الدولة أو عليها خارج القطر أمام المحاكم الأجنبية أو هيئات التحكيم الدولي. وتراقب الإدارة سير هذه الدعاوى وتشرف على أعمال المحامين المتعاقدين. ويشمل اختصاص الإدارة الجهات التالية:
ـ الوزارات والإدارات العامة والبلديات والوحدات الإدارية.
ـ الجهات العامة الأخرى والمؤسسات العامة والشركات والمنشآت العامة وباقي جهات القطاع العام أو المشترك التي تحدد بقرار من رئيس مجلس الوزراء.
تنظيمها
تتألف إدارة قضايا الدولة من رئيس وأربعة نواب للرئيس، ومن عدد من محامي الدولة يكون شأنهم، فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتب والتعويضات شأن من يساويهم في المرتبة والدرجة من القضاة، ويؤازر محامي الدولة في أداء مهامهم عدد من المساعدين القضائيين ومن المحضرين والمستخدمين، ويكون لهذه الإدارة موازنة خاصة يتولى مهمة آمر الصرف فيها رئيس الإدارة أو من يفوض إليه ذلك.
ويلتزم محامو الدولة ما نص عليه قانون المحاماة من التزام الوكيل تجاه موكله فيما يتعلق بأداء واجبات مهنته، وذلك فيما لا يتعارض وأحكام قانون إدارة قضايا الدولة. ولا يجوز الجمع بين عمل محامي الدولة وأي عمل أو مهنة أخرى باستثناء التدريس في الجامعات.
وتتكون إدارة قضايا الدولة من إدارة مركزية وفروع في مراكز المحافظات وشعب في مراكز المناطق. تتألف الإدارة المركزية من أقسام النقض والقضاء الإداري والدراسات القانونية، وتتبع هذه الأقسام مباشرة رئيس الإدارة. ويتألف فرع الإدارة في مركز المحافظة من أقسام الاستئناف، والبداية، والصلح واللجان، والتنفيذ، وشعب المناطق. وتتبع هذه الأقسام والشعب رئيس الفرع الذي له الإشراف والتوجيه، وترتبط الفروع مباشرة برئيس إدارة قضايا الدولة.
سير العمل فيها
يختلف عمل محامي الدولة عن عمل المحامي الخاص، فهذا الأخير يتولى الدعوى في درجات التقاضي كافة بداية واستئنافاً وأمام محكمة النقض، ويباشر الدعاوى أمام المحاكم كافة مدنية وجزائية وإدارية. أما محامي الدولة فيتولى دعاوى الدولة أمام محكمتين أو ثلاث محاكم فقط ومن درجة واحدة. ولهذا مزية تخصصية، وهو بذلك يتيح لزملائه الأكثر خبرة وكفاية التقاضي في المحاكم ذات الدرجات الأعلى. وبذلك يكون عمل محامي الدولة تعاونياً وجماعياً إذ يشترك في دراسة الدعوى ومتابعتها أكثر من محام واحد.
تبلّغ استدعاءات الدعاوى المرفوعة على الدولة إلى ديوان إدارة قضايا الدولة في الفرع، ويحيلها هذا فوراً على المحامي المختص بمباشرة الدعاوى أمام المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى. فيقوم محامي الدولة بدراسة استدعاء الدعوى، ويرسل صورة عنها إلى الجهة العامة المختصة مرفقة بكتاب يطلب فيه بيانات ومستندات يحددها، وبعد ورود جواب الجهة العامة يعد محامي الدولة مذكرة خطية بالرد على استدعاء الدعوى يضمنها وجهة نظر الجهة العامة مدعمة بالمستندات الرسمية وبالنصوص القانونية والاجتهادات القضائية، ثم يقدم دفاعه إلى المحكمة ويتابع سير الدعوى أمامها حتى يصدر حكم في الدعوى فيرفع الحكم مع ملف الدعوى مبيناً رأيه فيه إلى رئيس القسم الذي يرفعه إلى رئيس قسم الاستئناف مع مطالعته حول هذا الحكم، فإذا وجد هذا الأخير أن الحكم لا يتفق ومصلحة الدولة ومخالف للقانون يحيله على محامي الدولة المختص لاستئنافه، أما إذا رأى أن الحكم لمصلحة الدولة أو أنه متفق وحكم القانون فيرفعه إلى رئيس الفرع مع اقتراح بعدم استئنافه. هذا فيما يتصل بالأحكام الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى، أما الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف فترسل إلى رئيس قسم النقض في الإدارة المركزية للطعن فيها أمام محكمة النقض.
وإذا رأت إحدى الجهات العامة رفع دعوى على شخص ما، أرسلت إلى فرع إدارة قضايا الدولة في المحافظة مذكرة بموضوع الدعوى وأسباب النزاع وطلبات الجهة العامة، وترفق المذكرة بالبيانات والمستندات المؤيدة لهذه الطلبات. وتحال هذه المذكرة على محامي الدولة المختص برفع الدعاوى. ثم تسير الدعوى بالطريق نفسه الذي تسير فيه الدعوى المرفوعة على الدولة.
وفي حال صدور حكم مبرم على الدولة يبلغه الخصم عن طريق دائرة التنفيذ إلى إدارة قضايا الدولة، وهذه تحيله على الجهة العامة المختصة لتنفيذه. أما إذا كان الحكم لمصلحة الدولة فتقوم الإدارة بتبليغه للخصم. ثم تعمد الجهة العامة الصادر الحكم لمصلحتها إلى تنفيذه.
ويكون هذا التنفيذ إما عن طريق وزارة المالية وفقاً لأحكام قانون جباية الأموال العامة، أو عن طريق دائرة التنفيذ للتنفيذ على أموال المحكوم عليه وفق الإجراءات المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات المدنية.
اترك تعليقاً