الشيـــك في القانون السوري
اعتبر المشرّع الشيك بمثابة النقد, لذلك فإن أي خلل أو تقصير في استخدام الشيك أو في إصداره بشكل مخالف للقانون، سواء لأحكام الشيك في قانون التجارة، أو لأحكام قانون العقوبات هو جريمة يعاقب عليها، لما لهذا الفعل من تأثير على الثقة العامة بالاقتصاد وبحركات البنوك. وهو ما استدعى التشدد وعدم التسامح في ارتكاب هذا الفعل، وعوقب عليه في قانون العقوبات بالمواد (652 ـ 653 ـ 655) على جريمة إصدار شيك بلا رصيد.
فما هو تعريف الشيك وما هي الأركان المطلوبة لقيام جريمة إصدار شيك بلا رصيد في القانون السوري؟
لم يعرّف المشرّع السوري الشيك لا في قانون التجارة ولا في قانون العقوبات، وإنما حددت نصوص هذه القوانين مستلزمات الشيك، والخصائص العامة المطلوبة فيه، وطريقة التعامل به، وعن الساحب والمسحوب عليه، والمستفيد، وعن المظهّرين ومسؤولية كل من هؤلاء. وكذلك تضمنت نصوص قانون العقوبات الجزاءات المفروضة على من يقوم بإصدار شيك بلا رصيد.
“استقر الاجتهاد القضائي في سورية على اعتبار الشيك أداة وفاء وعدم جواز أن يكون أداة ائتمان”
وتقوم هذه الجريمة بمجرد إصدار الساحب له عن سوء نية وهو يعلم وقت تحريره أنه ليس له مقابل وفاء، أو له مقابل وفاء غير كافي، وبالتالي لا عبرة في جريمة سحب شيك بلا رصيد المنصوص عليها في المادة 652 لسبب تحرير الشيك أو الغرض من تحريره. والاجتهاد القضائي مستقر على أن دعوى الصورية لا تسمع ضد الشيك الصحيح، ولا عبرة للدفوع التي تثار بين الطرفين حوله، لأن الشارع أحاطه بضمانات لها صفة النظام العام، وإن وجود علاقة تجارية بين الطرفين أو إعطاء الشيك تأميناً لدين لا يمنع من قيام جريمة إصدار الشيك بلا رصيد.
واستظهار النية الجرمية أو تذرع الساحب أنه أخطأ بذلك أو نسي أو غفل أو أنه لم ينتبه.. إلى ما هنالك من ذرائع أو حجج يدعي بها، يعتبر سيء النية من تاريخ هذا السحب والإصدار. وهذا الأمر يتم افتراضه بمجرد إصدار الشيك. واعتبر القانون أن الشيك يظل محتفظاً بكيانه القانوني متى توافرت البيانات الإلزامية المنصوص عليها في المادة /514/ تجارة، وهو لا يفقد هذه الصفة إذا تضمن بيانات غير إلزامية بجانب البيانات الإلزامية التي يوجبها القانون. والمثال على ذلك خلو الشيك من تاريخ إنشائه، أو إذا أعطي على بياض وجرى إملاؤه من المستفيد، أو خلا من محل إنشائه ولم يرد ذكر لمحل بجانب اسم الساحب أو تضمن الشيك تحديداً لمدة استحقاق, فإن ذلك لا يؤثر على وقوع الجريمة، ولا يقبل سماع البيّنة الشخصية لإثبات عكس ذلك. والنيابة العامة هي التي تختص بتحريك الدعوى العامة ومباشرتها بناء على طلب المضرور بموجب ادعاء شخصي وبعد دفع السلفة المقررة قانوناً. والعقوبة التي قررها القانون على هذه الجريمة جنحية وهي ما بين ثلاثة أشهر حبس حتى السنتين والغرامة (652 ق ـ ع ).
وهذه الجريمة تبقى قائمة إذا تأخر المستفيد في عرض الشيك عن الفترة المنصوص عليها في قانون التجارة والتي هي ثمانية أيام من تاريخ إصداره، حيث تبقى الصفة الإلزامية للشيك كما هي ولا تلغى أو تزول من الناحية الجزائية. وإن تاريخ شرح المصرف على الشيك بعدم وجود مؤونة كافية هو تاريخ كاشف للجريمة المنصوص عليها في المادة /652/ وهو أول إجراء تعتمده المحكمة الجزائية لإثبات وقوع هذه الجريمة. كما أنّ تقديم الشيك إلى المصرف لا شأن له في توافر أركان الجريمة، بل هو إجراء مادي سواء عاصر هذا الإجراء وقوع الجريمة أو تراخى عنها. ولا يؤثر في جريمة سحب الشيك بلا رصيد كون المستفيد على علم بأن الشيك بلا رصيد، حيث المسؤولية الجنائية في صدد هذه الجريمة لا تتأثر بالسبب أو الباعث الذي أعطي من أجله الشيك وهو ما يعرف بمبدأ تطهير الدفوع. والركن المعنوي في هذه الجريمة يقوم على أنّ سوء النية مفترض ولا أهمية لنوع المادة التي حرر عليها أو اللغة التي كتب بها، وسواء كتب بخط الساحب أو بخط سواه أو كان مطبوعاً بالآلة الكاتبة. ولكن يتعين في جميع الأحوال أن يحمل توقيع الساحب أو ختمه أو بصمته ولا يقبل منه الدفع أن التوقيع تم تحت تأثير الإكراه أو الضغط. وإذا توفي الساحب أو فقد أهليته أو أفلس بعد إنشاء الشيك فليس لذلك أثر على الأحكام المترتبة على الشيك.
غسان الشحادة
27 فبراير، 2020 at 4:14 ص
استاذي الكريم اذا كان تاريخ استيفاء الشيك من 4 سنوات ولم يقوم المستفيد بسحبه هل يحق له برفع دعوى قضائية ام انقضت المهلة