القضاء الإداري في العراق
غازي إبراهيم الجنابي رئيس مجلس شورى الدولة
قبل صدور القانون رقم (106) لسنة 1989 قانون تعديل قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 الذي قضى بتشكيل أول محكمة (للقضاء الإداري) في بغداد كان القضاء المدني يتولى النظر في القرارات الإدارية الصادرة عن الموظفين والهيئات الرسمية في الدولة. إذ كانت المحاكم العادية تنظر جميع الدعاوى التي يطعن أمامها بقرارات الإدارة المختلفة كقرارات منع السفر وإسقاط الجنسية وإلغاء الإجازات والتراخيص وقطع الماء والكهرباء والهاتف ويعد قسماً من تلك الدعاوى من دعاوى القضاء المستعجل. أما ما قيل في شأن تخصص بعض المحاكم للنظر في الدعاوى التي تقيمها الوزارات ومؤسسات الدولة والقطاع العام على دوائر الدولة الأخرى والقطاع العام بموجب القانون رقم (140) لسنة 1977 فلم يعد ذلك من القرارات الإدارية التي تنضوي تحت اسم القضاء الإداري وإنما قد يكون قسم منها ينضوي تحت مفهوم العقود الإدارية لان معظم الدعاوى التي كانت تقام أمام المحاكم الإدارية ليست من قبيل الطعن بقرارات إدارية وإنما تتعلق بقضايا الأضرار والتعويض والنقل والتامين وما إليها ولعدم نجاح هذه التجربة اضطر المشرع إلى إلغاء تلك المحاكم والعودة بتلك الدعاوى لأن تنظر من قبل محاكم البداءة حسب الاختصاص المكاني وفقاً لما قرره القانون رقم (20) لسنة 1988.
ولما كان القضاء الإداري احد ركائز سيادة القانون وهو الجناح الثاني لمجلس شورى الدولة فلا يمكن لهذا المجلس ان يكون رقيباً على تطبيق الإدارة للقانون إلا من خلال استكمال اختصاصه بضم القضاء الإداري له إضافة الى اختصاصه الأصلي في تدقيق وتدوين وصياغة مشروعات التشريعات والافتاء والمشورة لذلك اهتم المعنيون بهذا الجانب من خلال ايجاد تشريع باستحداث محكمة القضاء الإداري تختص بالنظر في الطعون المقدمة من الأشخاص ضد القرارات الصادرة عن الموظفين والهيئات الحكومية في الدولة. وبعد جهد واضح من المستشارين والقضاة والمحامين ورجال القانون بزغ التشريع الى عالم الوجود فأنشأت محكمة القضاء الإداري في بغداد وباشرت أعمالها في 7/1/1990 وبذلك عرف العراق (القضاء الاداري) وهو قضاء متخصص بالنظر في صحة الأوامر والقرارات التي تصدرها الإدارات الحكومية. فنصت المادة (7) من قانون مجلس شورى الدولة على (يمارس المجلس في مجال القضاء الإداري الاختصاصات التالي ذكرها:
أولاً: وظائف مجلس الانضباط العام.
ثانياً: تشكل محكمة تسمى (محكمة القضاء الإداري) في مجلس شورى الدولة). ولما كان الجناح الثاني لمجلس شورى الدولة يتحقق بقيامه بوظيفة النظر في الطعن بالقرارات الإدارية لذلك كان من اللازم ان ينظر في كل القرارات الصادرة عن الإدارة سواء تلك التي تتعلق بالموظفين وأمور خدمتهم وانضباطهم وتلك التي تتعلق بمصالح المواطنين الآخرين من خلال:
أولاً: مجلس الانضباط العام: فنص البند (أولاً) من المادة (7) من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 على (وظائف مجلس الانضباط العام ويكون رئيس مجلس شورى الدولة رئيساً لع وأعضاؤه أعضاء طبيعيين فيه ويكون العمل فيه على النحو الآتي:
أ- ينعقد مجلس الانضباط العام برئاسة الرئيس وعضوين من أعضاء مجلس شورى الدولة، وللرئيس ان ينيب عنه أحد نوابه أو أحد أعضاء المجلس.
ب- يجوز انتداب القضاة من الصنف الأول أو الثاني لعضوية مجلس الانضباط العام من غير المنتدبين لعضوية مجلس شورى الدولة.
ج- يجوز الطعن تمييزاً بقرارات مجلس الانضباط العام المشار اليها في قرار مجلس قيادة الثورة المرقم (105) في 27/1/1988 الصادرة بعد نفاذ هذا القانون لدى الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ التبليغ بها.
د- يكون قرار مجلس الانضباط العام غير المطعون به وقرار الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة الصادر بنتيجة الطعن باتاً وملزماً.
هـ- تمارس الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة اختصاصات محكمة التمييز المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية، عند النظر في الطعن في القرارات. ومن خلال هذا النص ينظر مجلس الانضباط العام في الدعاوى التي يقيمها موظفو الدولة على الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة للاعتراض على القرارات الصادرة عن تلك الجهات فيما يتعلق بالأمور الناشئة عن الوظيفة العامة كالتعيين والتسكين والترفيع ومنح العلاوة والإجازات والنقل..
على ان يتم الاعتراض على تلك القرارات أمام المجلس خلال (30) ثلاثين يوماً من تاريخ صدور القرار أو من يوم التبليغ به حكماً، وينظر المجلس في الدعوى وفقاً للإجراءات المرسومة في قانون المرافعات المدنية بأن يجمع طرفي الدعوى ويطلع على المستندات التي يقدمها الطرفان ومن ثم يصدر قراره في الدعوى وفقاً لما يتراءى له من أسباب بإلغاء القرار الإداري أو تعديله أو رد دعوى المدعي، ويكون القرار الصادر نتيجة الاعتراض خاضعاً للطعن تمييزاً أمام الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة خلال (30) ثلاثين يوماً من تاريخ التبليغ به وقرار الهيئة العامة للمجلس نتيجة الطعن باتاً وملزماً للجهة الإدارية التي أصدرته، الا ان مجلس الانضباط العام لا تنحصر مهمته بالنظر في القضايا الناشئة عن قانون الخدمة المدنية، بل يختص أيضاً بالنظر في العقوبات الانضباطية والتأديبية وهي تلك العقوبات التي يفرضها الوزير أو رئيس الدائرة على الموظفين وفقاً لأحكام قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991. فمن المعلوم ان الموظف العام له حقوق وعليه واجبات وتلك المهمتين قد ضمنتها القوانين، فالحقوق التي تترتب للموظف كرسها قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 وقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام وقانون رواتب الموظفين رقم (22) لسنة 2008، إضافة الى القوانين الأخرى فالموظف الذي يؤدي واجباته الوظيفة ويلتزم بما عهد اليه من واجب يتمتع بالمزايا التي منحتها تلك القوانين له، اما اذا ارتكب جريمة أو مخالفة لا تأتلف وشرف الوظيفة العامة فللإدارة ان تفرض عليه العقوبة المناسبة اذا لم تكن قد شكلت تلك المخالفة جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات او القوانين الجزائية الأخرى. لذلك فأن قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 حدد واجبات الموظف كما حدد الأفعال المحظور عليه ارتكابها ورتب جزاء لكل فعل لا يتناسب وواجبات الموظف وحدد لكل عقوبة أثر، والعقوبات التي تفرض على موظف الخدمة المدنية هي:
1- لفت النظر
2- الإنذار
3- قطع الراتب
4- التوبيخ
5- إنقاص الراتب
6- تنزيل الدرجة
7- الفصل
8- العزل
الا ان الإدارة ليست مطلقة اليد في فرض العقوبة من دون اتخاذ إجراء أصولي تتحقق بموجبه تلك العقوبة، فألزم الإدارة على تشكيل لجنة تحقيقية من ثلاثة أعضاء وفقاً لمستوى الوظيفة التي يشغلها الموظف فالتحقيق مع المدير العام أو أصحاب الدرجات الخاصة لا يجوز ان يكون أعضاء اللجنة التحقيقية بوظيفة يقع مستواها أدنى من مستوى الموظف الذي يتم التحقيق معه وعلى ان يكون أحد الأعضاء من حملة الشهادة الجامعية الأولية في القانون، وتقوم اللجنة بالتحقيق مع الموظف فإذا ثبت لها ارتكابه فعلاً لا يأتلف وشرف الوظيفة العامة عليها تقديم توصية الى الوزير المختص أو رئيس الدائرة بفرض العقوبة المناسبة وليس لرئيس الدائرة الحق في فرض جميع العقوبات المنصوص عليها في المادة الثامنة من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام، إذ له الحق في فرض إحدى العقوبات الأربعة الأولى المذكورة آنفاً فإذا ما رأت اللجنة ان الموظف المحال عليها يستحق عقوبة أشد فعلى رئيس الدائرة التوصية الى الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة بفرض العقوبات المشار اليها في التسلسلات (5 و6 و7 و8) وإذا ما وجدت اللجنة التحقيقية ان الفعل المرتكب يشكل جريمة فيجب عليها التوصية بإحالة الموظف على المحكمة المختصة ولا يمنع براءة الموظف أو الإفراج عنه من معاقبته انضباطياً وعليها تبليغ الموظف المخالف بالعقوبة المفروضة.عندها أباح القانون للموظف بالتظلم من تلك العقوبة أمام الرئيس الإداري الذي فرض العقوبة خلال (30) ثلاثين يوماً من تاريخ تبلغه بالأمر الإداري القاضي بفرض العقوبة وعلى الإدارة البت في التظلم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلمها للتظلم، فأن رأت ان العقوبة مناسبة قررت رفض التظلم وفي هذه الحالة يلجأ الموظف الى الاعتراض على قرار فرض العقوبة أمام مجلس الانضباط العام من تاريخ رفض التظلم أو من التاريخ الذي تبلغ به بقرار الرفض، ويعد سكوت الإدارة عن الإجابة على التظلم رفضاً له عندها يقوم المجلس وفي جلسة سرية بالتحقيق في الطلب ويستمع الى أقوال الموظف (المعترض) وأقــوال ممثل الجهة التي فرضت العقوبة بحضور أحد اعضاء الادعاء العام أثناء المحاكمة وبعد الاستماع الى أقوال المعترض وممثل المعترض عليه والادعاء العام يصدر المجلس قراره في الدعوى بعد ان يستكمل إجراءات المحاكمة وفقاً لقانون أصول المحاكمات الجزائية وبما يتلاءم وقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام وله ان يلغي العقوبة أو يخفضها الى الحد الذي يراه مناسباً مع الفعل المرتكب أو يؤيد قرار فرض العقوبة برد الدعوى ويكون قراره هذا خاضعاً للطعن به تمييزاً أمام الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة خلال (30) ثلاثين يوماً من تاريخ التبليغ به أو اعتباره مبلغاً، وقرار الهيئة العامة الصادر بنتيجة الطعن يكون باتاً وملزماً ومن ذلك يظهر ان الإدارة لها الحق في إصدار العديد من القرارات التي تراها مناسبة لتسيير المرافق العامة في الدولة ومنها ما يتعلق بالوظيفة العامة مراعية أحكام القوانين والأنظمة والتعليمات فأن تجاوزت قراراتها السلطة الممنوحة لها في تسيير المرافق العامة عد ذلك مخالفة لتلك السلطة الممنوحة لها ويكون قرارها معيباً. لذلك يرى فقهاء القانون الإداري بأن على الإدارة ان تزاول نشاطها المتعلق بالاعمال والمهام والواجبات المناطة بها بما يتفق وأحكام القانون ولا يجوز لها تجاوز تلك الأحكام، ولغرض مزاولة هذا النشاط تستخدم الإدارة لتنظيم عمل المؤسسات الرسمية أسلوبين من العمل القانوني هما القرار الإداري الذي يصدر من جانب الإدارة أو ذلك الذي يتم بموافقة الادارة وطرف آخر وهي العقود الإدارية، ومن الطبيعي ان للقرار الإداري والعقد الإداري نهاية إذ ان الحياة محكومة بالزوال فلا توجد ديمومة لكل عمل وقد ينتهي القرار الإداري بانتهاء الغرض الذي صدر من أجله وبالتالي تضع حداً لأثاره، فالقرار الإداري ينتهي أما من جانب الإدارة التي أصدرته أو عن طريق القضاء بأن يلجأ صاحب الشأن الى محكمة القضاء الإداري طالباً إلغاؤه للأسباب التي يعتقد انها عيوب أصابته، والقرار الإداري له أركان هي:
1- الاختصاص
2- الشكل
3- عدم مخالفة القانون (المشروعية)
4- المحل
5- السبب
فأن أصاب أحد هذه الأركان عيب وجب على الإدارة إصلاحه فأن لم تقم بالإصلاح أو كان العيب جسيماً يقوم القضاء بإلغائه من خلال طلب ممن له مصلحة ظاهرة ومعلومة وحالة في طلب الإلغاء، فالقرار الإداري كما عرفه القضاء هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين والأنظمة بقصد إحداث أثر قانوني معين حتى وان كان ذلك ممكناً أو جائزاً قانوناً على ان يكون الباعث على إصداره تحقيق مصلحة عامة، والقرار الإداري أما يتعلق بموظف واحد أو مجموعة موظفين بذاتهم وليس بصفاتهم كمنح العلاوة السنوية لأحد الموظفين او مجموعة من الموظفين استحقتها في تاريخ معين ويسمى هذا بالقرار الفردي، او يتضمن قواعد عامة مجردة لا يتعلق بها حقوق مكتسبة للأفراد وتطبق على عدد غير محدد من الأفراد ولا يهم ذلك عدد الذين ينطبق عليهم القرار ما دام قد احتوى على قاعدة عامة موضوعية تطبق على أشخاص معينين بأوصافهم لا بذواتهم وتسمى تلك القواعد القرار الإداري التنظيمي كالتعليمات والأنظمة الداخلية والمنشورات والإجراءات الداخلية، أو تقوم الإدارة بإصدار قرار إداري مضاد للقرار الإداري الفردي ليحل محل القرار الأول لإنهاء أو تعديل المركز القانوني الذي أنشأه القرار الأول فأن رأت الإدارة ان الموظف الذي تم تعيينه وفقاً للقرار الأول جاء خلافاً للقانون وان أوراق التعيين المقدمة شابها نوع من التزوير او التحريف فبإمكانها إصدار قرار آخر يلغي القرار الأول بأن تقصي ذلك الموظف عن الخدمة بقرار مضاد.
وتستخدم الإدارة جميع صلاحياتها القانونية في إصدار القرارات الإدارية لتحقيق المصلحة العامة وتنظيم سير المرفق العام، الا ان العمل الإداري اليومي يقتضي ان تستقر فيه المعاملات اليومية لأن استقرار التعامل اليومي يهدف الى استقرار الحقوق. كما ان استقرار الحق يقتضي ان يكون وفقاً للقانون فأن كان القرار قد أعطى لشخص حقاً دون تطبيق حكم القانون فلا يقتضي للإدارة إضفاء الشرعية على عمل مخالف لحكم القانون وان لا تتجاوز الإدارة اختصاصها في إصدار القرارات الإدارية وان تكون غاية تلك القرارات تحقيق المصلحة العامة فأن تجاوزت هذه الحدود عد خرقاً للقانون وبالتالي يكون القرار الإداري عرضة للطعن به. ولما كان القانون الإداري غير مكتوب ولم تدون أحكامه وتتجاذبه العديد من الآراء والأفكار وتختلف في تطبيقه الإدارات في الدولة ولعلاقة تلك القواعد بشرائح عديدة من الناس واختلاف وجهات النظر لذلك التجأت الدول الى استحداث قضاء متخصص للبت في هذا الاختلاف وعملت على فصل القضاء الإداري عن القضاء العادي، لأن القضاء الإداري يعتمد على تحقيق المصلحة العامة دون هدر حقوق الأفراد مع لزوم انسيابية عمل المرافق الإدارية في الدولة لان تلك المرافق هي عجلة التقدم وان توقفها يؤثر على سير الدولة عموماً لذلك يقول الفقهاء ان القضاء الإداري هو قضاء إنشائي أي ان القاضي هو الذي يستنبط من خلال الوقائع قواعد يمكن ان تضمن سلامة المرافق العامة وحسن سيرها لتحقيق المصلحة العامة مع ضمان حقوق الأفراد موظفين ام ليسوا كذلك الا ان القرار الإداري يقتضي ان يكون محصناً خلال فترة محددة ولا يجوز ان تبتعد مدة حصانته على مدى طويل لضمان حقوق الدولة والمواطن، الا اذا كان القرار الإداري مبنياً على عدم المشروعية (سيادة القانون) وقد ذهب الفقهاء الى اتجاهين في هذا المجال منهم من ذهب الى ان مخالفة القرار الإداري للقانون بمعناه العام يشمل التشريعات الفرعية كالأنظمة والتعليمات والأنظمة الداخلية مهما كان مصدرها.
اما الآخرون فذهبوا الى ان القرار الإداري يقتضي ان يستند في إحداث الأثر الى القانون بمعناه المحدد وهو مجموعة القواعد التي تشرع من البرلمان لان الهدف من مبدأ المشروعية هو قيام دولة القانون لا دولة الحق. لذلك اتجهت نية المشرع العراقي الى ضرورة إيجاد قضاء إداري مستقل عن القضاء العادي لما للقضاء الإداري من خصوصية في حماية مصالح الدولة والمرافق العامة وحسن سيرها مع تأمين حماية للمواطن من قرارات الإدارة التعسفية او المخالفة للقانون او تلك التي ليس لها غاية او محل. فنص البند ثانياً من المادة (7) من قانون مجلس شورى الدولة على:
أ- تشكل محكمة تسمى (محكمة القضاء الإداري) في مجلس شورى الدولة، ويجوز عند الاقتضاء تشكيل محاكم أخرى للقضاء الإداري في مراكز المناطق الاستئنافية ببيان يصدره وزير العدل بناء على اقتراح من هيئة الرئاسة في مجلس شورى الدولة ينشر في الجريدة الرسمية.
ب- تتألف محكمة القضاء الإداري برئاسة قاض من الصنف الأول أو مستشار في مجلس شورى الدولة وعضوين من القضاة لا يقل صنفهما عن الصنف الثاني من صنوف القضاة أو من المستشارين المساعدين في مجلس شورى الدولة.
ج- يجوز انتداب القضاة من الصنف الأول أو الثاني الى محكمة القضاء الإداري من غير المنتدبين لعضوية مجلس شورى الدولة.
وقد شكلت محكمة القضاء الإداري في بغداد ببيان وزير العدل رقم (4) في 7/1/1990 ونشر في الجريدة الرسمية بعددها المرقم (3291) والصادر في 22/1/1990.
يقوم أحد القضاة برئاسة المحكمة وعضوين من المستشارين المساعدين وهي تختص (بالنظر في صحة الأوامر والقرارات الإدارية التي تصدر من الموظفين والهيئات في دوائر الدولة والقطاع العام التي لم يعين مــرجع للطعن فيها، بناء على طعن من ذي مصلحة معلومة وحالة وممكنة، ومع ذلك فالمصلحة المحتملة تكفي ان كان هناك ما يدعو الى التخوف من إلحاق الضرر بذوي الشأن)، أي أن المحكمة تنظر في أي قرار صدر من أي موظف في الدولة (له حق إصدار القرار ويختص بإصداره)، وكذلك (دوائر الدولة والشركات العامة التي لم تحدد القوانين طريقاً للطعن بالقرارات الصادرة عنها فإذا طلب أحد المواطنين (الجنسية العراقية) أو (إجازة فتح مطعم) أو (جواز سفر) وقررت الجهة المعنية رفض طلبه فله الحق في ان يلجأ الى محكمة القضاء الإداري لطلب إلغاء قرارها، الا ان المحكمة تقرر رد الدعوى اذا كان القرار الإداري الصادر له طريقاً للطعن به كما هو الحال في القرارات الخاصة بتضمين الموظف عن الضرر الحاصل في الأموال العامة التي بعهدته او تلك القرارات المتعلقة بترقية الأساتذة في الجامعات أو القرارات الصادرة عن الضريبة أو القرارات الصادرة عن أمانة بغداد أو القرارات الصادرة بحق المتعاقدين أو العمال وقرارات هيئة التقاعد الوطنية كل تلك القرارات لها مرجع محدد قانوناً يمكن اللجوء اليه للطعن به أو إحالة الدعوى على المحكمة المختصة بنظر الطلب ولا يجوز لها إحالة الدعوى على اللجان والهيئات التي يرأسها قاضي لان الإحالة تتحقق بين المحاكم من ذات الدرجة أو المتماثلة في الاختصاص، كما لا يجوز لمحكمة البداءة إحالة الدعوى على محكمة التمييز أو محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية لأن المحكمتين ليستا متماثلتين في الاختصاص ولا يجوز لمحكمة التحقيق إحالة الدعوى على محكمة مدنية وبالعكس. وحدد القانون بعضاً من أسباب الطعن فنصت الفقرة (هـ) من البند (ثانياً) من المادة (7) على (هـ- يعتبر من أسباب الطعن ما يأتي:
1- ان يتضمن الأمر أو القرار خرقاً أو مخالفة للقانون أو الأنظمة أو التعليمات.
2- ان يكون الأمر أو القرار قد صدر خلافاً لقواعد الاختصاص أو معيباً في شكله.
3- ان يتضمن الأمر أو القرار خطأ في تطبيق القوانين أو الأنظمة أو التعليمات أو في تفسيرها أو فيه إساءة أو تعسف في استعمال السلطة ويعتبر في حكم القرارات أو الأوامر التي يجوز الطعن فيها رفض أو امتناع الموظف أو الهيئات في دوائر الدولة والقطاع العام عن اتخاذ قرار أو أمر كان من الواجب عليها اتخاذه قانوناً.
كما أسلفنا ان القرار الإداري يقتضي ان يتضمن أركانه الخمسة فأن شاب احد هذه الأركان عيب فعلى الإدارة ان تلجأ الى تعديله او إلغائه فأن كان العيب بسيطاً سارعت الى تعديله، اما إذا كان العيب جسيماً كأن تكون غير مختصة في إصداره أو تجاوزت حدود صلاحيتها في إصداره فعليها سحب القرار الإداري، لان عدم الاختصاص وتجاوز الصلاحية يجعل القرار الإداري معدوماً والعدم لا ينتج أثراً، حتى وان مضت المدة القانونية على الطعن به، لان الباطل لا ينتج شيئاً، ولذلك نرى ان المشرع العراقي نص على ان أسباب الطعن في القرار الإداري، هي تلك التي لا تستند إلى أي ركن من أركانه الخمسة، كما ان امتناع الموظف أو الهيئة في دوائر الدولة عن اتخاذ أي قرار أو أمر كان من الواجب عليها اتخاذه قانوناً يعد قراراً إدارياً يستوجب الطعن به ومن ثم إجبارها على إفصاح إرادتها في إصدار القرار.
وقد ذهب البعض إلى ان عدم الاختصاص يعد أهم عيوب القرار الإداري وأباحوا إلى ان أي شخص يمكن ان يطعن به على سبيل وجود مصلحة له”، وهي المصلحة العامة، إلا إنهم اختلفوا في المصلحة المحتملة فهل يجوز لبائع المواد المنزلية القريب من المطعم الذي قررت وزارة الصحة إغلاقه وسحب الإجازة عنه الطعن بهذا القرار باعتبار ان معيشة بائع المواد المنزلية قد تضررت من غلق المطعم الذي كان سبباً في عيشه باعتبار ان جميع مشتريات المطعم منه، وهل هذه مصلحة محتملة ام لا؟ وهل يجوز لصاحب الصيدلية الطعن بقرار وزارة الصحة في غلق عيادة الطبيب المجاور للصيدلة باعتبار ان مشتريات المرضى المراجعين هم سبب وجود الصيدلة وهل هذه مصلحة محتملة يمكن ان تقام الدعوى على أساسها.
كما ان مصلحة مجموعة من الموظفين الطعن بالتعليمات الصادرة عن الوزارة بخصوص النقاط المحددة لتوزيع قطع الأراضــي التي تنوي الوزارة توزيعها على الموظفين باعتبار ان توزيع النقاط كان غير عادل ويقصد به مجموعة من الموظفين الذين تنطبق عليهم مواصفات محددة دون غيرهم، وهل هناك مصلحة محتملة؟ وهل يجوز الطعن بالقرار الإداري المتخذ من الوزير بتدخله في صلاحيات إحدى الهيئات المحددة قانوناً بأن يكون رئيس الهيئة هو من يتولى اختصاص محدد. وهل للوزير إصدار تعليمات هي من اختصاص مجلس الوزراء؟ وهل للسلطة الاتحادية الحق في تحديد صلاحيات الإدارات اللامركزية دون سند من القانون. وهل لمجلس الوزراء إصدار قرارات تفسيرية تمنح بموجبها مزايا لمجموعة من الأشخاص دون ان تستند الى قانون أو ان القانون لا يبيح منح تلك المزايا.
ان القرارات الإدارية المعيبة كثيرة ومعقدة والإدارة بحاجة الى من ينشأ قواعد تحقق المصلحة العامة وتسهل تنظيم المرافق العامة دون ان تهدر حقوق الأفراد، على ان صدور الأمر الإداري واللجوء الى القضاء الإداري للطعن به ليس مفتوحاً بما يرغب به الطاعن وإنما عليه ان يتظلم أمام من أصدره أو الرئيس الأعلى للجهة الإدارية التابع لها ذلك الرئيس بعريضة تتضمن أسباب التظلم وأسانيده وان يسجل التظلم في سجلات الجهة المختصة، وعلى تلك الجهة ان تبت في التظلم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسجيل التظلم لديها وعلى الجهة التي قدم اليها التظلم الإجابة تحريرياً على عريضة التظلم أو بكتاب يوجه الى المتظلم أو شرحاً على عريضة بما يفيد برفض التظلم فإذا رفضت الإدارة التظلم، أو لم تبت في الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسجيل التظلم لديها فله في هذه الحالة اللجوء الى محكمة القضاء الإداري التي تقوم بتسجيل الطعن بعد استيفاء الرسم القانوني البالغ (1000) الف دينار باعتبار ان الدعوى غير مقدرة الثمن. فإذا رفضت الإدارة التظلم أو انها لم تبت فيه (أي انها سكتت عن الإجابة) فيقدم طعنه الى المحكمة خلاله ستين يوماً من تاريخ انتهاء مدة الثلاثين يوماً المذكورة آنفاً، فإذا لم يقدمه خلال تلك المدة سقط حقه في الطعن، وتقوم المحكمة برد دعواه شكلاً، الا ان ذلك لا يمنعه من مراجعة المحاكم العادية للمطالبة بحقوقه في التعويض عن الأضرار الناشئة عن المخالفة أو خرق القانون أي يمكن للمتظلم الذي ردت دعواه اللجوء الى المحاكم المدنية للمطالبة بأي تعويض يراه عن الأضرار التي تكبدها نتيجة قيام الإدارة بإصدار قرار إداري ضده، ومن ذلك قيام وزير الداخلية بفصل ضابط الشرطة خلافاً للقانون أو قيام وزير العدل بحجز أحد الأشخاص أو منعه عن السفر خلافاً للقانون.
خاصة وان دستور جمهورية العراق نص في المادة (100) منه على (يحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من الطعن). كما صدر القانون رقم (17) لسنة 2005 الذي ألغى النصوص القانونية التي تمنع المحاكم من سماع الدعاوى الناشئة من تطبيق القوانين وقرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) عدا دعاوى محددة، لما لها من خصوصية ورسمت تلك القوانين طريقاً للتظلم من القرارات الصادرة عن الإدارة في شانها كدعاوى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التربية في ما يتعلق بالدرجات وترقية الأساتذة والضرائب وقرارات منع التجاوز على أراضي الدولة. لذلك أصبح المجال واسعاً للطعن في أي قرار أو أمر أو فعل تتخذه الادارة والهيئات الرسمية وهي تقوم بنشاطها القانوني أمام محكمة القضاء الإداري ويقصد بالقرار أو الأمر الإداري الذي يجوز الطعن به هو القرار أو الأمر الذي يرتب أثراً قانونياً، أما تلك القرارات والأوامر والتوجيهات التي ليس لها اثر قانوني كإرسال الموظف للفحص الطبي أو الاستماع الى شهادة شاهد أو طلب معلومات من الجهات المختصة أو طلب اضبارة شخصية أو تحديد موعد للحضور أو إحالة موضوع الى خبير فتلك هي إجراءات لا يجوز الطعن بها لأنها قرارات إعدادية تتخذ تمهيداً للوصول الى قرار حاسم، إضافة الى ان الإدارات اللامركزية لمجالس المحافظات غير المنتظمة في اقليم والصلاحيات الواسعة التي منحت لها في إدارة المحافظات من الممكن ان تتخذ العديد من الأوامر والقرارات التي تتعلق بحقوق الأفراد، وقد تكون تلك القرارات لها مساس مباشر بالمواطنين وحقوقهم وتصبح عند ذلك مجالاً للطعن بها.
وقد يثار موضوع الفصل بين ما هو من اختصاص القضاء الإداري وما هو من اختصاص القضاء المدني لذلك نص البند (رابعاً) من المادة (7) من قانون مجلس شورى الدولة على (إذا تنازع اختصاص محكمة القضاء الإداري ومحكمة مدنية فيعين المرجع هيئة قوامها ستة أعضاء ثلاثة يختارهم رئيس محكمة التمييز من بين أعضاء المحكمة، وثلاثة آخرون يختارهم رئيس مجلس شورى الدولة من بين أعضاء المجلس، وتجتمع برئاسة رئيس محكمة التمييز وقرارها الصادر بالاتفاق أو الأكثرية يعتبر باتاً وملزماً).
وبذلك فأن الفصل بين اختصاص محكمة القضاء الإداري وأية محكمة بداءة في العراق يكون بقرار من (هيئة تعيين المرجع) التي نص على تشكيلها البند (رابعاً) من المادة (7) المذكور آنفاً، وقد تولت هيئة تعيين المرجع الفصل في العديد من الدعاوى، إذ ان محكمة القضاء الإداري أحالت العديد من الدعاوى المتعلقة باختصاص محاكم البداءة كدعاوى التعويض عن التأمين ودعاوى تقدير قيمة الأضرار التي أحدثتها البلدية أو المحافظة في أملاك الغير ورفضت محاكم البداءة الإحالة وإعادتها الى محكمة القضاء الإداري لذلك تقوم المحكمة بإحالة الموضوع على هيئة تعيين المرجع للبت في تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى. وقد يثار تساؤل عن الجهة التي تفصل في النزاع المثار بين اختصاص محكمة القضاء الإداري ومجلس الانضباط العام باعتبار ان مجلس الانضباط العام ليس بمحكمة مدنية وإنما (محكمة) إدارية لذلك ذهبت الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة الى ان الفصل في الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري ومجلس الانضباط العام هي الهيئة العامة للمجلس باعتبار ان كلا المحكمتين هما من تشكيلات مجلس شورى الدولة وان قراراتها بالأصل تخضع للطعن تمييزاً أمام الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة.
ومن الجدير بالاهتمام ان قرارات محكمة القضاء الإداري وفقاً لقانون مجلس شورى الدولة تخضع للطعن تمييزاً أمام الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ التبليغ بها أو اعتبارها مبلغة وقرار المحكمة غير المطعون به وقرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة الصادر نتيجة الطعن باتاً وملزماً.
الا ان صدور قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 نقل اختصاص الطعن بقرارات محكمة القضاء الإداري الى المحكمة الاتحادية العليا مستنداً في ذلك الى نص المادة (الرابعة والأربعين) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الذي قضى بـ(تشكيل المحكمة الاتحادية العليا وتحديد اختصاصها). غير ان دستور جمهورية العراق الذي عد نافذاً في 23/5/2006 حدد في المادة (92) منه اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا ولم يكن من بين تلك الاختصاصات النظر في الطعون المقدمة على قرارات محكمة القضاء الإداري الأمر الذي يجعل من النظر في تلك الطعون من قبل المحكمة الاتحادية العليا محل نظر في ظل نفاذ النصوص الحالية. ولعدم وجود نصوص إجرائية للقضاء الإداري في الوقت الحاضر فأن محكمة القضاء الإداري تتبع الإجراءات المقررة في قانون المرافعات المدنية. كما ان القانون قضى بأن تمارس الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة الاختصاصات التي تمارسها محكمة التمييز المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية عند النظر في قرارات محكمة القضاء الإداري، وبالتالي فأن لها الحق في الفصل في الدعوى وفقاً لأحكام المادة (214) من قانون المرافعات المدنية إذا وجدت ان هناك حالة تستدعي نقض القرار والفصل فيه، ولا يزال نص البند (خامساً) من المادة (7) من القانون سارياً والذي قضى بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بالنظر في الطعون المتعلقة بما يأتي:
أ- اعمال السيادة وتعتبر من اعمال السيادة المراسيم والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية.
ب- القرارات الإدارية التي تتخذ تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية وفقاً لصلاحياته الدستورية.
ج- القرارات الإدارية التي رسم القانون طريقاً للتظلم منها أو الاعتراض عليها أو الطعن بها.
ونجد ان القرارات المذكورة في الفقرتين (أ) و(ب) المشار اليها أعلاه يمكن الطعن بها باعتبار ان المادة (100) من الدستور لم تحصن أي عمل أو قرار إداري من الطعن والمراسيم والقرارات والتوجيهات التي يصدرها رئيس الجمهورية هي قرارات إدارية، لذلك يمكن التظلم منها ومن ثم الطعن بالقرار الصادر نتيجة التظلم لعدم جواز منع المحاكم من النظر في أية دعوى يقيمها المواطن إذا لم يكن هناك طريقاً للاعتراض عليها أو التظلم منها. ومن خلال هذا العرض البسيط نستنبط ان محكمة القضاء الاداري ومجلس الانضباط العام يمكن ان يقدما للإدارة العراقية سوابق وشواهد تحقق المصلحة الوطنية وتؤمن للإدارة الحكومية سياقات عمل واضحة على أسس إدارية سليمة لما للاجتهادات والتفسيرات القانونية التي تصدرها (المحكمتان) من خلال الدعاوى المنظورة أمامها من أساس يمكن ان تبني عليه الإدارة قراراتها وأفعالها المستقبلية، إذ ان مجلس الانضباط العام والهيئة العامة لمجلس شورى الدولة أرسيا مبادئ يمكن ان تقتدي بها الإدارات العراقية في كيفية تنظيم الهيكل الإداري والوظيفي للدولة مقياساً على ما سارت عليه الإدارات الراقية في العالم المتمدن، مراعية حقوق المواطن وحمايتها من تعسف السلطة الإدارية مع لزوم قيامهما بواجباتهما بما يأتلف والمصلحة الوطنية وحجب كل المساعي للإثراء على حسابها ممن لا يستحقون ان ينالوا ما تقدمه الإدارات الحكومية والوظيفية العامة لهم من مزايا، إذ ان الوظيفة العامة هي تكليف وطني وخدمة اجتماعية يستهدف القائمون بها المصلحة العليا للوطن وليس للإثراء على حسابه، ورغم ان التقاضي يحتاج الى وقت طويل الا انه (لا ينبغي ان يضار التقاضي بسبب بطء التقاضي)
اترك تعليقاً