تفاصيل هامة عن نـطـاق تـطـبـيـق الـقـانـون الأجـنـبـي
لا تثار مسالة تطبيق القانون الأجنبي إلا إذا كنا أمام علاقة قانونية ذات عنصر أجنبي، هذا الأخير قد يتمثل في أشخاص العلاقة أو في موضوعها أو السبب المنشئ لها، أما إذا لم يظهر العنصر الأجنبي في العلاقة فان القاضي يطبق مباشرة قانونه الوطني.
تثير العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي مشكل تنازع القوانين، لاختيار القانون الأنسب لحكم هذه العلاقة، غير أن التنازع يكون محددا من جهة أخرى بالأنظمة القانونية و القوانين التي تصلح لان تكون محلا للتنازع.
و على هذا الاساس سوف نتناول كل هذه النقاط في مطلبين، نخصص المطلب الأول إلى العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي و نشأة تنازع القوانين، و نتطرق في المطلب الثاني إلى الأنظمة القانونية و القوانين محل التنازع.
الـمـطـلـب الأول: الـعـلاقة القانونية ذات العنـصـر الأجنـبي و نـشـأة تنازع القوانين
العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي، هي التي تثير إمكانية تطبيق القاضي للقانون الأجنبي على هذه العلاقة، غير أن هذا التطبيق لا يكون بصفة مباشرة بل بعد إعمال قاعدة التنازع الوطنية التي ترشد القاضي للقانون الواجب التطبيق على هذه العلاقة. غير أن الأمر لم يكن كذلك مع النظم التشريعية القديمة التي تعاملت مع هذه العلاقات بشكل مختلف ، فنظرية التنازع حديثة النشأة لم تعرف إلا مع نهاية القرون الوسطى مع مدرسة الأحوال (المدرسة الايطالية القديمة )، و لم تعرف بمفهومها الحالي إلا في القرن التاسع عشر مع مدرسة “سافيني ” و الفقه الحديث .
الـفـرع الأول: مـفـهـوم الـعـلاقـة الـقـانـونـيـة ذات الـعـنـصـر الأجـنـبـي
لا تثور مسألة ” تنازع القوانين ” و بالتالي إمكانية أن يطبق القاضي الوطني قانونا أجنبيا غير قانونه الوطني، فيما لو كان المركز أو العلاقة القانونية المطروحة أمام القاضي وطنية العناصر ، فإذا تعلق النزاع بعقد أبرم في الجزائر بين جزائريين، و تعلق بمال موجود في الجزائر، فلا إشكال هنا في تطبيق القانون الجزائري لكون العلاقة القانونية محل النزاع جزائرية في جميع عناصرها.
أما إذا دخل على العلاقة القانونية السالفة الذكر عنصر أجنبي سواء من حيث أشخاصها، كأن يبرم العقد بين جزائري و إسباني، أو من حيث محلها كأن يتعلق العقد بعقار موجود في دولة أجنبية، أو من حيث سبب هذه العلاقة كأن يبرم عقد بين جزائريين في دولة أجنبية على مال موجود في الجزائر، فان القاضي يلجأ لقواعد الإسناد لتحديد القانون الواجب التطبيق، لأن هذه العلاقة تثير تنازعا في القوانين لكونها مرتبطة بأكثر من قانون واحد.
غير أنه يشترط في العنصر الأجنبي إن يكون مؤثرا في العلاقة، وهذا الأمر يتوقف على طبيعة كل علاقة، فإذا أبرم جزائري عقد زواج مع أجنبية فان هذه العلاقة تثير تنازعا في القوانين لكون عنصر الأشخاص مؤثر فيها، أما إذا اشترى سائح أجنبي بضاعة من السوق المحلية في الجزائر، فإن العنصر الأجنبي هنا غير مؤثر و بالتالي فان هذه العلاقة لا تثير تنازعا في القوانين ، بخلاف الأمر لو تعلق العقد بصفقة كبيرة تتضمن انتقال الأموال خارج الحدود الوطنية.
الـفـرع الـثاني:الـنظم القانونية القديمة و نظريتها إلى العلاقة القانـونـية ذات العـنصـر الأجـنبي
كانت نظرة المجتمعات القديمة للأجنبي عدائية، لذلك لم يكن هناك اتصال كبير بين الوطنيين و الأجانب كما لم يكن للأجنبي أي شخصية قانونية، أو أية حقوق إذا خرج من دولته، وهذا النفور من كل ما هو أجنبي فسر بأن المدنيات القديمة كانت قائمة على الدين و بما إن الأجنبي لم يكن يشارك في الطقوس الدينية فلا يحق له إذن المشاركة في القوانين
و مع تقدم الفكر الإنساني و الإحساس بتماثل البشر، و نشأة علاقات مختلفة بين الكيانات السياسية المتجاورة ، بدأت النظرة للأجنبي بالتغير بعض الشيء و مما ساهم في تحسينها المبادلات التجارية، و الحاجة للسلع و الخدمات التي تؤديها الأجانب، كل هذا أدى إلى تحسن الوضع القانوني للأجانب.
1- الـشـريعـة الـيـونـانـيـة:
لم تكن المدن اليونانية القديمة تعرف تنازع القوانين، بل كانت كل مدينة تطبق قانونها الخاص على المنازعات التي تعرض أمام قضاءها ، غير أن الجوانب الإجرائية أما هذه المحاكم كانت منظمة بمعاهدات بين هذه المدن، كما أن الأجنبي كان يمكنه الحصول على جزء من الحماية القانونية الممنوحة للوطني عن طريق نظام الضيافة الذي يدخل بموجبه الأجنبي تحت حماية احد الوطنيين.
2- الـشـريـعـة الـرومـانـيـة :
لم تكن الشريعة الرومانية القديمة تعرف تنازع القوانين ، و لم يكن للأجنبي في روما القديمة أي شخصية قانونية أو أية حقوق،و كان القانون المدني الروماني يطبق فقط على الرومانيين غير أن توسع الإمبراطورية الرومانية دخول العديد من الشعوب تحت سلطتها واتساع المعاملات بين الرومانيين و الأجانب أو بين الأجانب فيما بينهم دفع الرومان إلى إصدار قانون يحكم هذه العلاقات و كان هـذا القانون هو قانون الشعوب « Jus gentium »الذي كان يحكم العلاقات القائمة فيما بين الأجانب و كان لهذا القانون قضاء خاص به، و الملاحظ أن الرومان و إن كانوا قد عرفوا ظاهرة التنازع إلا أن حلها لم يكن يتضمن إمكانية تطبيق قانون أجنبي، بل كان عن طريق وضع قواعد قانونية موضوعية مسبقة تنظم هذه العلاقات.
الـفـرع الـثـالـث : تـنـازع الـقـوانـيـن فـي الـشـريـعـة الإسـلامـيـة
لم يطرح الفقهاء المسلمون مسالة تطبيق القانون الأجنبي في صيغة تنازعية مع الشريعة الإسلامية لأن ذلك يقتضي الاعتراف بمساواة الشريعة الإسلامية مع الشرائع الأجنبية الأخرى، و هذا يتعارض في نظرهم مع دور الإسلام الريادي بوصفه الدين الذي يعلوا على جميع الديانات ، لذلك لم يكن هناك خلاف بين الفقهاء على أن القاضي المسلم إذا عرض عليه النزاع فانه لا يحكم إلا بأحكام الشريعة الإسلامية، سواء كان النزاع بين مسلمين، أو بين غير مسلمين، سواء كانوا رعايا و هم أهل الذمة أو كانوا أجانب و هم المعاهدون أو المستأمنون ، فالجنسية في الإسلام لا تقوم إلا على الديانة, و ليس على أي رابطة أخرى.
لكن هذا لا يعني أن الشريعة الإسلامية تعتنق مبدأ الإقليمية المطلقة ، حيث كان الأجانب يتركون لما يعتقدون في قضاياهم الخاصة خصوصا تلك القضايا المتعلقة خصوصا بالأحوال الشخصية كالأنكحة وما يتعلق بها، ففي هذه القضايا كان يطبق على الأجنبي قانونه الشخصي، غير أن القاضي المسلم لا يطبقها بل يرفع النزاع إلى رؤسائهم في الملة أو الدين،و هذا ما يعني وجود تلازم مطلق بين الاختصاص التشريعي و القضائي، فإذا انعقد الاختصاص للقاضي المسلم أو ترافع أمامه الأجانب برضاهم حتى في القضايا الخاصة بهم، فإنه يطبق الشريعة الإسلامية و لا تثور مسألة التنازع أمامه مطلقا.
الـمـطـلـب الـثـانـي :الأنـظـمـة الـقـانـونـيـة و الـقـوانـيـن مـوضـوع الـتـنـازع
انتهينا في المطلب الأول إلى أن العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي تثير تنازعا في القوانين، بشأن تحديد القانون الأنسب الذي يحكم هذه العلاقة، و رأينا أن حل هذا التنازع يتم عن طريق قواعد التنازع التي نشأت تدريجيا، و اكتملت مع الفقيه الألماني “سافيني”، غير أن هذا لا يعني أن التنازع يثور أمام القاضي إزاء كل نزاع يحتوي على عنصر أجنبي، فيشترط لقيام التنازع أن يكون القانون الأجنبي صادر عن دولة أجنبية ذات سيادة هذا من جهة، و من جهة أخرى فإن التنازع لا يكون إلا بين القوانين الخاصة و تستبعد قواعد القانون العام.
الــفـــرع الأول: الأنــظـمـة الـقـانـونـيـة الـمـتـنـازعـة
يشترط لقيام التنازع أن يكون القانون الأجنبي صادر عن دولة أجنبية ذات سيادة، و تتمتع بهذا الوصف وفقا لقواعد القانون الدولي العام، و منه يستبعد التنازع الداخلي في الدول المتعددة الشرائع و تستبعد أيضا القوانين الصادرة عن كيانات لا تتمتع بوصف الدولة، كما أن الاعتراف بالدولة و الإعتراف بالحكومة يطرح مشكلا في هذا المجال في مدى اشتراطه لقيام التنازع بين قانون دولة القاضي و القانون الصادر عن دولة أو حكومة غير معترف بها.
1- الـصـفـة الـدولـيـة لـلـتـنازع :
يقصد بالصفة الدولية للتنازع أن تكون القوانين محل التنازع صادرة عن دول ذات سيادة، وتتمتع بوصف الدولة طبقا لقواعد القانون الدولي العام، و من هنا ينبغي استبعاد القوانين الصادرة عن كيانات لا تمتع بوصف الدولة.
و قد أقر القضاء الإنجليزي هذا المبدأ في قضية تتلخص وقائعها، في أن موطنا انجليزيا تزوج بامرأة تنتمي إلى إحدى القبائل الإفريقية و أنجب منها ولدا، ولما توفي طالبت المرأة بنصيبها و نصيب ابنها من الميراث، على أساس أن عقد الزواج كان صحيحا وفقا لعادات القبيلة الإفريقية و هو ما يتفق مع قاعدة الإسناد التي تخضع شكل الزواج إلى قانون بلد إبرامه، غير أن المحكمة العليا في انجلترا طبقت القانون
2- الإعـتـراف بـالـدولـة :
إذا كانت الدولة تكتسب وجودا واقعيا على الصعيد الدولي عندما تجتمع جميع عناصرها (الإقليم، الشعب، السلطة ذات السيادة ) فأن هذا الوجود لا يسري تجاه الدول الأخرى إلا بالاعتراف(. و على أساس هذا المبدأ يميل الاتجاه الغالب فقها و قضاءا إلى أن القاضي لا يمكنه أن يطبق قانون دولة أجنبية لا تعترف بها دولته، و تعتبر غير موجودة في نظرها، و إلا وقع في تناقض مع الموقف السياسي الذي تتخذه حكومته.
غير أن بعض الفقه يرى أن القاضي يمكنه أن يطبق قانون دولة لا تعترف بها حكومته، معللا ذلك باختلاف الرسالة التي يؤديها القاضي عن الموقف الذي يمكن أن تتخذه حكومته، فالقاضي يستطيع فقط لتطبيق القانون الأنسب على النزاع المطروح أمامه حتى و لو كان قانون دولة غير معترف بها، و هذا لا يـتناقـض مـع موقف حـكومـته التي ترفض الاعتـراف بالـدولة الأجنبية لأسـباب سياسـية تراها
3- الإعـتـراف بـالـحـكـومـة :
أثارت مسألة الإعتراف بالحكومة الأجنبية كشرط لتطبيق القانون الأجنبي جدلا واسعا في الفقه و القضاء, و طرحت هذه القضية لأول مرة عام 1917 بعد قيام الثورة البلشفية في روسيا, و وصول حكومة شيوعية إلى الحكم لم تعترف بها الكثير من الدول الغربية إلا بعد مرور مدة طويلة، وقد ألقى هذا الموقف بظله على القضاء فرفضت المحاكم الفرنسية والبلجيكية و الإنجليزية تطبيق القوانين الصادرة عن هذه الحكومة بدعوى أنها صدرت عن حكومة غير معترف بها، وطبقت بالمقابل القانون الوطني للقاضي أو القانون الذي كان ساريا قبل قيام الثورة في بعض الأحكام.
وبالمقابل فقد طبق القضاء الألماني و النمساوي القانون الصادر عن الحكومة الجديدة غير المعترف بها, على أساس أنه القانون المطبق فعلا في روسيا، ويميل الفقه الحديث إلى هذا الرأي معتبرا أن عدم الإعتراف بالحكومة أو بالسلطة القائمة في دولة ما هي إلا مسألة سياسة, لا أثر لها على العلاقات الخاصة بالأفراد, معتبرا فضلا عن ذلك أن تطبيق القوانين التي كان معمولا بها في ظل السلطة القديمة كما قضت بذلك بعض الأحكام يتنافى مع حكمة قاعدة الإسناد الوطنية, التي تفترض أن يكون القانون الأجنبي الذي أشارت إليه هو المطبق فعلا في تلك الدولة.
و إلى هذا الرأي أصبح يميل الاجتهاد القضائي الفرنسي، إذ أن محكمة النقض الفرنسية اعتبرت في قرار لها صادر بتاريخ 03 ماي 1973 أن ” عدم الإعتراف بحكومة أجنبية لا يمنع القاضي من تطبيق القانون الصادر عن هذه الحكومة قبل الاعتراف بها باعتباره القانون المطبق فعليا على هذا الإقليم
الـــفــرع الــثــانـــي:الـقـوانـيـن مـوضــوع الـتـنـازع
لا يثور التنازع كقاعدة عامة إلا بين فروع القانون الخاص التي تنظم العلاقات الخاصة بين الأفراد في المجتمع، أما قواعد القانون العام التي تستهدف تنظيم المصالح العليا للمجتمع و حمايتها، فهي لا تثير مبدئيا إلا مسألة تحديد مجال تطبيقها من حيث المكان، غير أن الأمر ليس كذلك في كل الحالات فقد يضطر القاضي إلى الرجوع إلى أحكام القانون العام الأجنبي و مراعاتها في بعض الحالات.
1- الـصـفـة الـخـاصـة للـقـوانـيـن مـحل الـتنـازع :
لا يثور التنازع إلا في نطاق العلاقات القانونية الخاضعة للقانون الخاص، حتى و لو كان أحد أطرافها شخص معنوي عام، و على هذا الأساس فالتنازع يكون بين القوانين المتعلقة بالحالة الشخصية أو المعاملات المالية كقانون الأسرة, القانون المدني، والقانون التجاري.
أما المراكز القانونية الخاضعة للقانون العام فهي لا تثير أمام القاضي إلا مسألة تحديد نطاق تطبيقها من حيث المكان، فقانون العقوبات الجزائري حدد مجال تطبيقه بموجب نصوص خاصة ( المادة 03 من قانون العقوبات) و (المواد من 582 إلى 589 من قانون الإجراءات )، فإذا رأى القاضي الجزائري أن الجريمة المرتكبة لا تدخل في نطاق اختصاصه بموجب النصوص السالفة الذكر، فإنه يقضي بعدم الإختصاص دون أن تثار مسألة التنازع أمامه.
و يجد هذا الفرق بين القوانين الخاصة و العامة تفسيره، في أن القوانين العامة تهتم بحماية المصلحة العليا للمجتمع الذي صدرت فيه و بالتالي فإن هذه القوانين تبقى محصورة في نطاق إقليم الدولة الذي صدرت فيه، و لا يمكن أن يناط الإختصاص لقاض أجنبي لحماية المصلحة العليا لمجتمع آخر فهو أمر منوط فقط بالقضاء الوطني لكل دولة، بينما تنظم القوانين الخاصة مصالح الأفراد و لا تمس مصلحة المجتمع إلا بطريقة غير مباشرة، ومنه فإن المشرع فتح بخصوصها المجال لتنازع القوانين، فالتلازم بين الإختصاص القضائي و التشريعي لم يعد قائما في المجالات الخاضعة لقانون الخاص، بينما هذا التلازم لا يزال قائما في مجال القوانين العامة، فالقاضي الوطني لا يطبق إلا قانونه العام.
2- تـطـبـيـق الـقـانـون الـعـام الأجـنـبـي فـي بـعـض الـحالات :
بالرغم من أن التنازع يكون كما قلنا محصور بين القوانين الخاصة، إلا أن القاضي يجد نفسه في بعض الحالات مضطرا إلى الرجوع إلى أحكام القانون العام الأجنبي بصفة تبعية لتطبيقه القانون الخاص فعلى سبيل المثال: إذا تصدى القاضي إلى دعوى إبطال زواج تم في دولة أجنبية بسبب خروج الموثق عن اختصاصه، فسوف يضطر إلى الرجوع إلى أحكام القانون العام الأجنبي التي تحدد سلطات الموثق و اختصاصه.
كما أن القضاء الفرنسي طبق في بعض أحكامه القوانين الأجنبية الخاصة بالحماية الإجتماعية للعمال كالقوانين المتعلقة بحوادث العمل و التأمينات الإجتماعية، على الرغم من أن الاتجاه الفقهي الأغلب يعتبرها من فروع القانون العام و قد أدت هذه التطبيقات القضائية، بجانب من الفقه الحديث إلى القول بأن تنازع القوانين قد يكون بين القوانين العامة مثل القوانين الخاصة تماما، غير أنه ما يمكن قوله هو أن حالات رجوع القاضي إلى القانون العام الأجنبي غير بعيدة الحدوث، لكن قيام التنازع بين القوانين العامة أمر غير مطروح، نظرا لارتباط القانون العام بفكرة السيادة التي تشكل عقبة تحول دون إدماجه في القانون الدولي الخاص
3- تـطـبـيـق قـوانـيـن الأمـن و الـسـلامـة الـعامـة الأجـنـبيـة:
قوانين الأمن و السلامة العامة هي قوانين إقليمية التطبيق، و هذا ما نصت عليه المادة 05 من القانون المدني الجزائري: “يخضع كل سكان الإقليم الجزائري لقوانين الشرطة و الأمن ” و تقابلها المادة 03 من القانون المدني الفرنسي، و هو ما يعني استبعاد قوانين الشرطة و الأمن الأجنبية من التطبيق على الإقليم الجزائري، إذ أن هذه الأخيرة شرعت لحماية النظام السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي في كل دولة.
كما أن القاضي الجزائري لا يطبق من جهة أخرى القانون الأجنبي إذا ما تعارض مع قوانين الأمن الوطنية، فهذه الأخيرة تدخل ضمن ما يسمى بالقواعد ذات التطبيق المباشر التي تطبق مباشرة على النزاع المطروح، و لا تقبل التنازع مع أي قوانين أجنبية أخرى، و تحديد ما إذا كان القانون المرتبط بالعلاقة القانونية المعروضة على القاضي هو قانون يدخل ضمن قوانين الأمن و السلامة العامة يعود إلى القاضي، و معياره في ذلك، أن هذه الأخيرة تهدف عادة إلى حماية النظام العام في الدولة و تكون في مجالات تغلب فيها المصلحة العامة على المصلحة الخاصة .
اترك تعليقاً