ملاءمة القرار الإداري
يقصد بملاءمة القرار الاداري هي كون هذا القرار مناسبا أو موافقا أو صالحا من حيث الزمان والمكان والظروف والاعتبارات المحيطة ،اي بمعنى اخر هي إجراء موازنة بين ما يحققه القرار الإداري من منافع وما ينتج عنه مــن أضرار للتوصل إلى معرفة ما أذا كان هـذا القرار يحقق الصالح العام أم لا, وفيما إذا كانت المنافع التي تترتب من جراء تنفيذ القرار تفوق الأضرار التي يمكن إن تترتب عليه فيكون هــــذا القرار ملائما لمقتضيات الصالح العام,
أما إذا كانت الأضرار المترتبة على تنفيذ القرار تفــوق منافعه فهنا يكون القرار غـــير ملائم لمقتضيات الصالح العام.
ومن خلال ماصدر من أحكام كل مـــن القضاء الاداري الفرنسي والمصري نجد أن القاعدة مستقره على انـه لا يجوز للادارة ســحب ما يصدر عنها مـن قرارات بحجة أنـــها معيبة بعيب عــــدم الملاءمة , وان ســلطة الادارة مقتصرة علــــى ســحب القرارات المخالفة للقانون أي المعيبة بعيب عــدم المشروعية, وتكن مقيده في ممارسة هذه السلطة بالقيـــود التي يفرضها القانون بشأن المواعيد ،
كما أن الفقــه الفرنسـي والمصري يكونان شـبـه إجماع, على انــه لا يجوز للادارة سحب قراراتها لأنها غير ملاءمة مؤيدين بذلك مـا عليه القضاء .
ولكن وعلى الرغـم من توافر هذا الإجماع مـــن قبل القضاء والفقه المصري والفرنسي إلا أن هنـاك أراء خالفته, ويرى أصحاب تلك الآراء انــه يجــوز للادارة أن تسـحب قراراتها الادارية المعيبة بعيب عدم الملاءمة،
ومن هذه الاراء المخالفة هو راي الدكتور حسني درويش عبد الحميد حيث يقول : أن للادارة سـحب هذا النوع من القرارات إذا اتضح لها أنها أخطأت فـي تقدير مناسبة إصدارها , ولا غرابة في ذلك فالادارة التي منحت سلطة تقديرية في إصدار القرار يجب إن تكون لها نفس السلطة في سحبه والقيد الذي يرد عليها في هذه الحالة هــــو إلا تتعسف فــــــي استعمال السلطة وتميل مع الهوى في سحب قراراتها, وان يتم السحب خلال المدة المقررة قانونا, والتي بفواتها يتحصن القرار ســواء أكان القرار غير مشروع أم غير ملائم, وللقضاء مراقبة تصرفات الادارة إذا شابها تعسـف أو انحراف, كما أن الادارة في هذا الخصوص ملزمة بتسبيب قرارات السحب ، كما يرى الدكتور كامل ليلة : أن للادارة الحق فــي سحب قراراتها غير الملائمة بشرط إلا يكون فــي ذلك تعسف وإساءة استخدام سلطتها ويمكن أن يكون الفرد الذي يضار مـــن جراء السحب في هـــذه الحالة حق التعويض عن الحقوق التي اكتسبها والتي ألغيت بسبب السحب وهذا يعتبر قيدا على الادارة وضمانا كافيا فــــي مواجهتها ويمكن فوق ذلك الطعن في القرار الساحب إذا شابه عيب الانحراف بالسلطة
اذ انـه يجب إعطاء الادارة الحق فــــي ســـحب قراراتها إذا كانت غير ملائمة , وذلك لان
القضاء المصري لا يملك أن يراقب ملاءمة القرارات الادارية , فهو حتى الآن يقف عــــند حــــدود المشـروعية علـى عكس نظرية الفرنســي, الـذي بـــدا يراقب الملاءمة إلى جانب المشروعية, والقول بغير ذلك يؤدي إلى خروج تلك القرارات مـــــن الرقابـة الاداريـة والقضائية, فتصبح حصينة مـن الإلغاء والسحب برغم ما بها من عيوب وهذا بالتأكيد ليس في مصلحة الصالح العام, فيجب إعطاء الادارة هذا الحق حتى يحين الوقت الذي يتبنى فيــه القضاء المصري بحث ملاءمة القرارات الإدارية كما فعل نظيره الفرنسي, وحتى لا تصبح هناك قرارات إدارية بمنأى عن الرقابة بدعوى أن كل من الاداره والقضاء لا يملكان إلغاء القرار الاداري غير الملائم اذ لا يجوز أن تكون هناك قـــرارات إدارية حصينة من الإلغاء طبقا لنص المادة 68 مـن الدستور المصري النافذ ،
ويحظر النص فـــي القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء. كما يجب أن تكون الادارة أثناء ممارستها لتلك السلطة مقيدة بثلاثة قيــود, الأول ألا يشوب قرارها الســاحب اساءة استعمال السلطة كقيد أول, وان يكون السـحب هنا فـي حدود المدة المقررة للسحب, وان يكون هــدف الادارة مـــن السحب هـــو تحقيق احترام القانون ومبدأ المشروعية والمصلحة العامة.
المحامية: ورود فخري
اترك تعليقاً