التفتيش في القانون
هو الاطلاع على محل منحه القانون حرمة خاصة لضبط ماعسى قد يوجد فيه مما يفيد في كشف الحقيقة عن جريمة معينة وقد يكون محل التفتيش ذات الشخص او مسكنه او مكان اخر يضفي القانون عليه حماية خاصة .
فهو اذن اجراء من اجراءات التحقيق يراد به الحصول على ما له علاقة بكشف حقيقة الجريمة وفاعلها لذلك فهو يرد على الاشخاص والاماكن العامة والخاصة والمراسلات والمعدات وحسبما تمليه ضرورة التحقيق، وفي بعض الاحيان يكون التفتيش تلبية لمساعدة ممن يكون داخل المنزل او المكان عند حدوث حريق او غرق او ما شابه ذلك من حالات الضرورة كما انه قد يهدف الى البحث عن الاشخاص المحجوزين بغير وجه حق وبصورة غير قانونية.
ومن الجدير بالذكر ان التفتيش لا يهدف الى اثبات التهمة على المتهم بل قد يكون الهدف منه نفيها عنه بحسب الادلة التي يسفر عنها التي تفيد اثبات التهمة او نفيها.
و التفتيش بوصفه واحدا من اجراءات التحقيق الا انه يختلف عن بقية الاجراءات كالمعاينة وانتداب خبراء وسماع الشهود لانه ينطوي على المساس بحرية الاشخاص وانتهاك حرمة مساكنهم لذلك ذهبت اغلب التشريعات الى تشديد الشروط الواجب اتباعها عند اصدار اوامر التفتيش او تنفيذ اجراءاته .
ومن ناحية اخرى فان التفتيش كاجراء تحقيقي يختلف عن التفتيش الوقائي الذي يهدف الى التوقي من الجريمة قبل وقوعها كما انه يختلف ايضا عن التفتيش الاستثنائي الذي تخول به جهة خاصة في ظروف استثنائية كحالة الطوارئ التي تعلن ابان الازمات والحروب فضلا على اختلافه عن التفتيش الاداري الذي يهدف الى تنفيذ اوامر ونواهي السلطة الادارية.
وتحيط بالتفتيش كاجراء يمس حريات الافراد وحرمة مساكنهم مجموعة ضمانات تمنع التعسف فيه وتؤمن حقوق الافراد وتراعي بقدر الامكان حرمة الاشخاص والاماكن وهذه الضمانات هي: وقوع جريمة مع توفر دلائل كافية لتوجيه الاتهام الى شخص معين اذ انه اي التفتيش لا يمكن اجراؤه الا اذا قامت قرائن قوية واسباب واضحة تسوغ هتك حرمة المسكن او حرية الاشخاص.
ومن الجدير بالذكر ان القانون العراقي اجاز التفتيش في جميع انواع الجرائم سواء كانت جنايات ام جنح او مخالفات بينما لم يجز القانون المصري ذلك الا في الجنايات والجنح .
وينبغي ان تكون هناك فائدة مرجوة من وراء التفتيش اي ان تكون هناك قرائن قوية على وجود اشياء او آثار تتعلق بالجريمة موجودة في حيازة الشخص او المكان المراد تفتيشه وبدون ذلك لايكون هناك اي مسوغ للمساس بحرية الاشخاص وانتهاك حرمة مساكنهم فضلا على ان اجراء التفتيش لا يتم الا في الاحوال المبينة في القانون حيث يقوم قاضي التحقيق او المحقق او عضو الضبط القضائي او اي شخص يخوله القانون القيام بذلك كالهيئات الممنوحة سلطة قاضي التحقيق بموجب القوانين الخاصة وان كان من يقوم به غير قاضي التحقيق فلا بد لاجرائه من صدور امر بذلك من قاضي التحقيق .
ويجوز اجراء التفتيش بدون امر من السلطة المتخصصة باصداره في حالات الضرورة كطلب المساعدة ممن هو في داخل المكان او حدوث فيضان او حريق وكذلك في حالة القبض على متهم من قبل المحقق او عضو الضبط القضائي في الاحوال التي يجوز لهما القاء القبض عليه وكذلك في حالة الجريمة المشهودة .
كما ينبغي فضلا عن ذلك ان يتم التفتيش على وفق الغرض الذي اعد له اي ان يكون بهدف البحث عن الاشياء المراد الحصول عليها ولكن اذا ظهرت اثناء التفتيش اشياء تعد بذاتها جريمة او تؤدي الى اكتشاف جريمة اخرى فيجوز للقائم بالتفتيش ان يضبطها ويقدمها لسلطة التحقيق للتصرف فيها.
واذا كان المراد تفتيشها انثى فلا يجوز تفتيشها الا بوساطة انثى ينتدبها قاضي التحقيق لهذا الغرض بعد تدوين هويتها في المحضر.
وهناك قواعد عامة يجب مراعاتها عند اجراء التفتيش لكي يحقق الفائدة المرجوة منه منها سرعة الانتقال الى المكان المراد تفتيشه لان المجرم يحاول دائما بعد ارتكابه الجريمة طمس معالمها وكل اثر يدل عليها او يكشف شخصيته فكلما انتقل القائم بالتفتيش الى المكان المراد تفتيشه بسرعة استطاع ان يفوت الفرصة على المتهم.
ويجب ايضا ان يتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة التي تحول من دون اخفاء الاشياء التي يهدف التفتيش الى الوصول اليها ومن ذلك احاطة عملية التفتيش بسرية تامة واختيار الوقت الملائم لها ومراقبة رجال الشرطة للمكان المراد تفتيشه من الخارج ومنع الاشخاص من الدخول او الخروج من المكان وحجز الاشخاص في محل واحد تمهيدا لتفتيشهم,
كما ان على القائم بالتفتيش مراعاة اجراء ذلك بترتيب دقيق فعندما يبدأ بنقطة عليه ان ينتهي في نفس النقطة بحيث انه يجب ان يتناول كل جزء من اجزاء المكان الذي قام بتفتيشه، كما انه يجب عليه ان يكون قوي الملاحظة وان ينظر الى كل ما يقع عليه بصره نظرة فاحصة متأملة فيراقب الاشخاص الذين يرافقونه خوفا من وضع شيء في المكان الذي يتم تفتيشه للايقاع بصاحبه او ان يخفي احدهم شيئا له علاقة بالجريمة سعيا لاخفاء معالمها، ويلجأ المتهم الى اتباع طرق مبتكرة في اخفاء الاشياء المتعلقة بالجريمة مثل وضعها داخل لوحة او تحت بلاطة متحركة او غير ذلك من الاساليب الاخرى.
المحامية: ورود فخري
اترك تعليقاً