الطعن 1603 لسنة 48 ق جلسة 23 / 1 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 52 ص 253
برياسة السيد المستشار/ عبد الحميد المنفلوطي/ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد د. منصور وجيه وفهمي الخياط.
————
– 1 حكم “تسبيب الحكم”. محكمة الموضوع. إثبات.
تقدير أقوال الشهود والترجيح بين البينات مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام لم يخرج بها عما يؤدي إليه مدلولها . محكمة الموضوع غير ملزمة ببيان أسباب عدم اطمئنانها إلي ما لم تأخذ به من أقوال الشهود .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا إلزام على محكمة الموضوع – إذ تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود – بأن تسوق أسباب عدم اطمئنانها إلى ما لم تأخذ به منها ، وأن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها وسلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها مما يستقل به قاضى الموضوع ما دام لم يخرج بأقوال الشاهد عما يؤدى إليه مدلولها.
– 2 إيجار “إيجار الأماكن”. محكمة الموضوع.
الضرورة الملحة لبيع المتجر . مادة 2/594 مدنى . استقلال قاضى الموضوع باستخلاصها دون معقب . شرطه . أن يكون استخلاصه سائغاً . النعي على ذلك . جدل موضوعي غير جائز أمام محكمة النقض .
تقدير الضرورة التي تشترط المادة 594/2 من القانون المدني قيامها للحكم بإبقاء عقد الإيجار في حالة بيع المتجر بالرغم من الشرط المانع من التنازل عن الإيجار ، متروك لقاضى الموضوع طبقاً لما يستخلصه من ظروف البيع مسترشداً في ذلك بالأسباب الباعثة عليه متى كان استخلاصه سائغاً ومستندًا إلى دليل قائم في الدعوى يؤدى منطقاً وعقلاً إلى ما انتهى إليه ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص قيام الضرورة مما اطمأن إليه من أقوال شهود المطعون ضده الأول من تدهور حالة المستأجر الأصلي المالية ومرضه ومما اطمأن إليه من مستندات من ثبوت ذلك المرض وهو التهاب كبدي وبائي من الشهادة الطبية المقدمة وما ثبت من الإيصالات من تأخره في سداد الأجرة بما ينبئ عن اضطرابه المالي ، وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويؤدى في مجموعه إلى ما انتهت إليه فلا يجوز مناقشة كل قرينه منها على حدة للتدليل على عدم كفايتها ويكون النعي في حقيقته مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
– 3 إيجار “بيع الجدك”.
الضمان الكافي الذى أوجبت المادة 594 مدنى أن يقدمه مشتر الجدك . خضوعه لتقدير المحكمة بما تراه محققاً لغاية المشرع . لا محل لإعمال حكم المادة 25 من القانون 49 لسنة 1977 بشأن تحديد مبلغ التأمين الذى يدفعه المستأجر . علة ذلك .
النص في المادة 25 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه لا يجوز أن يزيد مقدار ” التأمين ” الذى يدفعه المستأجر على ما يعادل أجرة شهرين لا ينصرف إلى ” الضمان الكافي ” الذى أوجبت المادة 594 من القانون المدني أن يقدمه مشترى الجدك عندما تقضى المحكمة بإبقاء الإيجار بالرغم من وجود الشرط المانع إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر عندما يكون هذا الضمان مبلغاً من المال ، لأن المادة 594 المذكورة جاءت مطلقة لم تبين نوع الضمان الكافي ولم تضع حداً له وهو يخضع لتقدير المحكمة بما تراه محققاً لغاية المشرع ، ولا محل لأن يطبق في شأنه حكم المادة 25 من القانون رقم 49 لسنة 1977 الذى جاء استثناء لا يتوسع فيه أو يقاس عليه وهو مقصور على الحالة التي ورد بشأنها وهى حالة تحديد مبلغ التأمين الذى يدفعه المستأجر للمؤجر عادة عند بدء الإيجار .
———-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 4305 لسنة 976 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإخلائهما من الدكان المبين بالصحيفة وتسليمه لها خاليا، وقالت شرحا لها أنه بموجب عقد مؤرخ 1/6/1965 استأجر المطعون ضده الثاني منها ذلك الدكان وقد تنازل عنه للمطعون ضده الأول بدون إذن كتابي منها بالمخالفة لشروط العقد ومن ثم أقامت الدعوى بطلباتها، قرر المطعون ضده الأول في دفاعه بأنه اشترى الدكان بالجدك من المطعون ضده الثاني وبتاريخ 29/3/1977 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدونه بمنطوق الحكم، وبعد أن سمعت أقوال شهود الطرفين حكمت بتاريخ 30/1/1978 بإخلاء العين وتسليمها للطاعنة. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 829 لسنة 95ق القاهرة طالبا إلغاءه وحلوله محل المطعون ضده الثاني في إجارة العين، وبتاريخ 24/6/1978 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
———-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن من بين ما أقام الحكم المطعون فيه عليه قضاءه أن أقوال شاهدي المطعون ضده الأول قد أثبتت توافر حالة الضرورة الملجئة للبيع بما دلت عليه من مرض المستأجر الأصلي وتدهور حالته المالية ولم يتضمن الحكم ما يفيد أنه رجح أقوال شاهدي المطعون ضده الأول على أقوال شاهدي الطاعنة إذ لم يورد في أسبابه ما يدل على أنه قد وازن أقوال شهود الطرفين كما وأنه أثبت في مدوناته بصدد استعراضه لوقائع النزاع أن شاهدي الطاعنة قالا بأن البيع تم بغير إذن منها مع أن مضمون الشهادة حسبما هو ثابت يتناول أمرين أولهما أن المستأجر الأصلي كان قبل التنازل في حالة مالية حسنة وأن المحل به عاملين والآخر عدم سماعهما بما يجعل المستأجر الأصلي في حالة اضطرار إلى التنازل عن الإيجار مما ينبئ عن عدم إلمام الحكم بتلك الأقوال طبقا لما هو ثابت بمحاضر التحقيق مع ما لذلك من أهمية في تقدير أقوال الشهود.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه لا إلزام على محكمة الموضوع – إذ تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود – بأن تسوق أسباب عدم اطمئنانها إلى ما لم تأخذ به منها، وأن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها وسلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام لم يخرج بأقوال الشاهد عما يؤدي إليه مدلولها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتوافر حالة الضرورة الملجئة للبيع بالجدك على ما أورده من أنها “قد توافرت توافرا يجد سنده من شهادة شاهدي المستأنف (المطعون ضده الأول) اللذين قررا بمرض المستأجر الأصلي وتدهور حالته المالية ومن الشهادة الطبية التي تفيد مرض البائع بالتهاب كبدي وبائي ومن إيصالات وفاء الأجرة للمستأنف عليها الأولى متأخرا في الوفاء بها عندما أوفى بالأجرة المستحقة عن شهر سبتمبر سنة 1975 بتاريخ 10/3/1976 بما يعني وجود اضطراب مالي” وكان هذا من الحكم يدل على أنه قد رجح أقوال شاهدي المطعون ضده الأول وأخذ بما اطمأن إليه فلا عليه إن لم يأخذ بما عداها ولم يبين سبب ذلك ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أن الحكم قد أقام قضاءه بتوافر حالة الضرورة الملجئة إلى البيع من مرض المستأجر الأصلي بالتهاب كبدي وبائي استنادا إلى الشهادة الطبية التي تفيد ذلك ومن حالة الاضطراب المالي الذي ألم به استنادا إلى تأخره في سداد الأجرة في حين أن مرض الكبد الوبائي مرض يزول بعد فترة محددة ولا يترك أثرا لدى المريض وأن التأخر في سداد الأجرة لبضعة أشهر لا يعني الاضطراب المالي الذي من مظاهره توقيع الحجز ورفع دعوى إشهار إفلاس وهو ما لم يتوافر في هذه الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن تقدير الضرورة التي تشترط المادة 594 من القانون المدني قيامها للحكم بإلغاء عقد الإيجار في حالة بيع المتجر بالرغم من الشرط المانع من التنازل عن الإيجار، متروك لقاضي الموضوع طبقاً لما يستخلصه من ظروف البيع مسترشداً في ذلك بالأسباب الباعثة عليه متى كان استخلاصه سائغاً ومستندًا إلى دليل قائم في الدعوى يؤدي منطقاً وعقلاً إلى ما انتهى إليه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص قيام الضرورة مما اطمأن إليه من أقوال شهود المطعون ضده الأول من تدهور حالة المستأجر الأصلي المالية ومرضه وما اطمأن إليه من المستندات من ثبوت ذلك المرض وهو التهاب كبدي وبائي من الشهادة الطبية المقدمة وما ثبت من الإيصالات من تأخره في سداد الأجرة بما ينبئ عن اضطرابه المالي، وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويؤدي في مجموعه إلى ما انتهت إليه فلا تجوز مناقشة كل قرينة منها على حدة للتدليل على عدم كفايتها، ويكون النعي في حقيقته مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم اعتمد للتدليل على توافر التأمينات الكافية على قيام المطعون ضده الأول بعرض ما يوازي أجرة سنة كتأمين لها رغم مخالفة ذلك للقانون رقم 49 لسنة 1977 الذي يحرم تقاضي تأمين يزيد على أجرة شهرين وقد تمسكت بذلك إلا أن رد الحكم على هذا الدفاع جاء قاصرا فضلا عن مخالفة القانون إذ أورد ما يفيد مشروعية هذا التأمين في بيع الجدك لأن القانون قد طلبه في حين أن أحكام القانون المدني سابقة على صدور القانونين رقمي – لسنة 1969، رقم 49 لسنة 1977.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 25 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه لا يجوز أن يزيد مقدار التأمين الذي يدفعه المستأجر على ما يعادل أجرة شهرين لا ينصرف إلى “الضمان الكافي” الذي أوجبت المادة 594 من القانون المدني أن يقدمه مشتري الجدك عندما تقضي المحكمة بإبقاء الإيجار بالرغم من وجود الشرط المانع إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ بمصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر عندما يكون هذا الضمان الكافي ولم تضع حداً له وهو يخضع لتقدير المحكمة بما تراه محققاً لغاية المشرع، ولا محل لأن يطبق في شأنه حكم المادة 25 من القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي جاء استثناء لا يتوسع فيه أو يقاس عليه وهو مقصور على الحالة التي ورد بشأنها وهي حالة تحديد مبلغ التأمين الذي يدفعه المستأجر للمؤجر عادة عند بدء الإيجار وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النهي يكون على غير أساس.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً