تقليد العلامات التجارية في أحكام القانون والقضاء المصري
الطعن 543 لسنة 37 ق جلسة 15 / 5 / 1967 مكتب فني 18 ج 2 ق 123 ص 637 جلسة 15 من مايو سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمود عزيز الدين سالم، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.
————
(123)
الطعن رقم 543 لسنة 37 القضائية
(أ) حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
قضاء المحكمة ببراءة المتهم بناءً على احتمال ترجح لديها. لا يصح النعي عليها بقيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها. شرط ذلك وعلته؟
(ب) علامات تجارية.
العبرة في تقليد العلامة هي بمحاكاة شكلها العام دون تفاصيلها.
————
1 – لا يصح النعي على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم بناءً على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخر قد تصح لدى غيرها، ما دام ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه، طالما قد أقام قضاءه على أسباب تحمله.
2 – من المقرر قانونًا أن العبرة في التقليد هي بمحاكاة الشكل العام للعلامة في مجموعها والذي تدل عليه السمات البارزة فيها دون تفاصيلها الجزئية.
الوقائع
أقامت الطاعنة دعواها بالطريق المباشر ضد المطعون ضده أمام محكمة جنح قصر النيل متهمة إياه بأنه في 29 يونيه سنة 1964 قام بتقليد علامة تجارية مملوكة لها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور ووضع هذه العلامة على مبيعاته ولافتة محله الكائن بميدان طلعت حرب. وطلبت معاقبته بالمادة 33/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1939 مع إلزامه أن يدفع لها مبلغ 51 ج تعويضا مؤقتا والمصاريف. ومحكمة جنح قصر النيل الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 12 نوفمبر سنة 1964 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعية بالحق المدني مصروفاتها بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت المدعية بالحق المدني هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بتاريخ 12 ديسمبر سنة 1965 بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة بصفتها المصروفات المدنية الاستئنافية وبلا مصروفات جنائية. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ….. الخ.
المحكمة
حيث إن مما مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة تقليد العلامة التجارية المسجلة باسم الطاعنة – المدعية بالحقوق المدنية – قد شابه القصور في التسبيب، وخالف الثابت في الأوراق كما عابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه اكتفى بالأخذ بأسباب الحكم المستأنف دون أن يضيف إليها أو يرد على ما تقدمت به الطاعنة من أوجه دفاع قانونية، وبنى على تقدير المحكمة بعدم وجود تشابه بين العلامتين الصحيحة والمقلدة، ودلل على الخلاف بينهما بما لا ينتجه في الواقع، إذ أن لفظ “بامبينو” هو العنصر الأساسي في العلامة المسجلة باسم الطاعنة وهي وحدها مناط الحماية دون سائر العناصر ذات الصفة القانونية وهذا اللفظ يماثل لفظ (بامبينا) في تركيب حروفه، ومعناه وجرسه الصوتي، فضلاً عما يورده استعمال اللفظ الأخير من الخلط بين منتجات الطاعنة ومنتجات المطعون ضده خصوصا وهما يتجران في ذات السلعة في متجرين متقاربين في المكان، مما يدل على قصد المنافسة غير المشروعة – ولكي لا تعتبر العلامة تقليدا لعلامة أخرى يجب أن تتميز عنها بمميزات رئيسية واضحة تساعد المستهلك العادي على التفرقة بينهما دون أن يقع في الغلط الذي يؤدي إلى تضليله، إذ العبرة هي بالمنظر العام للعلامة في مجموعها دون عناصرها الجزئية أو الثانوية، والواقع أن العلامتين تكاد أن تكونا علامة واحدة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر في التطبيق، مع تقريره لأصله في القانون، يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ أسبابه قال تسبيباً لقضائه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله ما نصه: “ومن حيث إنه يبين من صورة واجهة محل المدعية بالحق المدني أن إسم المحل (بامبينو) قد كتب باللغة العربية ويعلو هذه الكتابة صورة طائر قد كتب أسفلها من الجهة اليمنى بخط صغير كلمة بامبينو Bambino باللغة الإفرنجية بينما صورة واجهة محله كتب اسم بامبينا باللغة العربية بشكل يختلف عما كتب بها اسم محل المدعية بالحق المدني وقد كتب أعلا هذه الكلمة كلمة شيك وعلى يمينها صورتين رمزيتين – إحداهما لحيوان والأخرى لطفل، وأسفلها حررت كلمة Bambina باللغة الأجنبية وأردفت بكلمة Chic. وحيث إن مقطع النزاع يتأدى فيما إذا كان هناك تشابه بين العلامة الخاصة بمحل المدعية بالحق المدني وهو مكون من اسم (بامبينو) Bambino وعلامة الطائر وبين الاسم الذي اتخذه المتهم عنوانا لمحله وهو بامبينا Bambina بحيث يؤدي هذا التشابه في مظهره العام إلى حدوث الخلط بين العلامتين في اعتقاد الشخص العادي من رواد هذين المحلين دون رواد المحلات التي تتجر في مثل هذه الأصناف التي تتجر فيها المدعية بالحق المدني والمتهم فإذا ثبت وجود هذا التشابه على الوجه المتقدم قامت الجريمة، وإذ انعدمت انتفت. وحيث إنه في هذا المجال ترى المحكمة بالعين المجردة وبنظرة الشخص العادي أن هناك اختلافًا بين الاسمين ولا يوجد تشابه في المظهر الخارجي ذلك أن (أولاً) أن العلامة التجارية الخاصة بالمدعية بالحق المدني تتكون من اسم ورمز طائر بينما العلامة الخاصة بالمتهم تتكون من اسم مفروق بكلمة أخرى وصورتين رمزيتين لطفل وحيوان. (ثانيًا) أن الاسم الخاص بالمدعية بالحق المدني يختلف نطقًا وكتابة ومعنى عن الاسم الذي اتخذه المتهم. (ثالثًا) أن المظهر العام والشكل الظاهري للاسمين لا يدع مجالاً للخلط بينهما. وحيث إنه لذلك تكون التهمة المنسوبة إلى المتهم غير قائمة على أساس سليم ويتعين الحكم ببراءته. وقد أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك ما نصه: “ومن حيث إن ما قررته هذه المحكمة من قواعد في جريمة التقليد فإنها تقرها طبقا لأحكام النقض التي تقرر أن الغرض من العلامة التجارية على ما يستفاد من المادة الأولى من القانون رقم 57 لسنة 1939 أن تكون العلامة وسيلة لتمييز المنتجات والسلع، ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي تستخدم في تمييز سلعة معينة بحيث يرتفع اللبس بينها ولا يقع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل ومن أجل ذلك يجب لتقدير ما إذا كانت للعلامة ذاتية خاصة متميزة عن غيرها النظر إليها في مجموعها لا إلى كل من العناصر التي تتركب منها ولا عبرة باحتواء العلامة على حروف أو رموز أو صور مما تحتوي العلامة الأخرى بل العبرة بالصورة العامة التي تنطبع في الذهب نتيجة لتركيب الصور والحروف والرموز مع بعضها، والشكل الذي تبرز به في علامة أخرى بغض النظر عن العناصر التي تركبت منها وعما إذا كانت الواحدة تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى. ومن المقرر أن وحدة التشابه بين العلامتين الذي ينخدع به جمهور المستهلكين أو عدمه هو من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة قاضي الموضوع بلا معقب عليه من محكمة النقض متى كانت الأسباب التي أقيم عليها الحكم تبرر النتيجة التي انتهى إليها (نقض جنائي 13/ 4/ 1964 طعن رقم 2388 سنة 33 ق قاعدة 56 ص 283 مجموعة أحكام النقض س 15 العدد الثاني). ومن حيث إنه تطبيقًا للقواعد سالفة البيان ومن النظرة الأولى لكل من العلامتين كل على حدة يجد الناظر إليهما اختلافا بينهما كما قررت بذلك محكمة أول درجة في أسبابها وذلك من حيث طريقة الكتابة والمظهر العام لكل منها. ولما كان ذلك، يكون الحكم المستأنف سليما في قضائه للأسباب الواردة به والتي تأخذ بها هذه المحكمة أسبابا مكملة لها مما يتعين معه رفض هذا الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف” لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد خلصت في منطق سليم إلى عدم قيام التشابه بين العلامتين وهو ما تستقل به بغير معقب، وكان من المقرر قانونًا أن العبرة في التقليد هي بمحاكات الشكل العام للعلامة في مجموعها والذي تدل عليه السمات البارزة فيها دون تفاصيلها الجزئية، وكانت المحكمة قد أخذت بهذه القاعدة أصلاً وتطبيقًا، وكان لا يصح النعي على المحكمة أنها قضت ببراءة المتهم بناءً على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات آخر قد تصح لدى غيرها، ما دام ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه طالما قد أقام قضاءه على أسباب تحمله، وكانت محكمة الموضوع قد واجهت أوجه دفاع الطاعنة كلها وردت عليها ردًا سائغًا مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً