توحيد الدعاوى هو المصطلح الاصح والاكثر انطباقا من توحيد الدعويين .
وضحت المادة 75 من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 كيفية توحيد الدعويين اذا تبين هناك ارتباطا بينهما وألية توحيدهما وكيفية الطعن بقرار رفض التوحيد .
ومن خلال اطلاعنا على الكثير من البحوث والمؤلفات الخاصة بشرح المادة المذكورة وجدنا ان موضوع الشرح منصب على حالة وجود ارتباط بين دعويين فللمحكمة بناء على طلب المدعي او المدعى عليه توحيدهما بعد الاطلاع على مضمونهما ومدى ارتباطهما وتوفر الشروط اللازمة بغية توحيدهما .
ومن خلال ممارستنا في الكثير من الدعاوى لاحظنا الكثير من التطبيقات القضائية للمادة 75 سواء كان التوحيد امام محاكم الاحوال الشخصية او البداءة او محاكم الاستئناف بصفتها الاصلية , ولكن ما يثير استغرابنا هو قيام المشرع العراقي بذكر عبارة ((توحيد دعويين)) ولم يذكر مصطلح ((توحيد الدعوى)) !!!.
لأن التوحيد لم يقتصر على توحيد دعويين فقط وانما سار القضاء العراقي على توحيد اكثر من دعويين قد يصل العدد الى توحيد 10 دعاوى او اكثر او اقل .
فجميع الشروحات الخاصة بالمادة المذكورة قد بينت التوحيد بين الدعويين المرتبطة ارتباطا وثيقا كدعاوى النفقة والمطاوعة ودعاوى زيادة النفقة وانقاصها والدعاوى المدنية الاخرى التي ترتبط ارتباطا وثيقا من حيث الموضوع والخصوم والسبب .
في حين من الممكن ان تكون هناك ثلاثة دعاوى او اكثر تنطبق عليها شروط التوحيد مما يستوجب توحيدها تطبيقا للمادة 75 مرافعات مدنية .
ولبيان ما طرحناه اعلاه يستوجب المرور بأختصار عن شروط التوحيد وكيفية تطبيق هذا النص تطبيقا سليما :-
اولا شروط التوحيد :-
يشترط لتوحيد الدعاوى ان تكون الدعاوى مرتبطة ارتباطا وثيقا ولغرض بيان مفهوم الارتباط الوثيق لا بد ان يكون هناك عناصر تتوفر في الدعاوى المراد توحيدها ومن هذه العناصر …
1 – ان تكون الدعاوى المراد توحيدها في محكمة من نفس الدرجة وذات اختصاص نوعي ووظيفي واحد , فلا يصح توحيد دعوى منظورة امام محكمة البداءة مع دعوى امام محكمة الاستئناف او مع دعوى منظورة امام محكمة الاحوال الشخصية او توحيد دعوى منظوره امام محكمة البداءة بدرجة اولى مع التي تنظرها بدرجة اخيره لأن القول خلاف ذلك يشكل خرقا ومخالفة لقواعد الاختصاص النوعي والوظيفي والذي يعتبر من النظام العام .
2 – وحدة السبب في الدعاوى المراد توحيدها كوجود عقد بين عدة اطراف وتقام عدة دعاوى للمطالبة بالحقوق الناشئة عن هذا العقد كوجود عقد اتعاب محاماة لعدة دعاوى وتقام دعوى للمطالبة بأتعاب المحاماة في كل دعوى مستقلة عن الاخرى فهنا يتوفر السبب لتوحيد الدعوى ونظرها سويا لتعلقهما بذات السبب .
3 – ان تكون الدعاوى المراد توحيدها قيد المرافعة فلا يصح توحيد دعوى قيد المرافعة مع دعوى مستأخرة او دعوى تقرر فيها ختام المرافعة لغرض أصدار الحكم فيها .
أضافة الى وجود اسباب اخرى منها وجود مصلحة للتوحيد وهذه المصلحة لا تقتصر على مصلحة الخصوم كما في شروط قبول الدعوى بل من الممكن ان تكون المصلحة لضمان سير العدالة , ومنها الحيلولة دون صدور احكام متناقضة في دعاوى متحدة في سبب او موضوع او خصوم او هناك مصلحة لتقليل الجهد والوقت على المحاكم في نظر دعاوى من الممكن ان تنظر في دعوى واحدة ومستوفية لشروط التوحيد اعلاه , وبرأينا الشخصي وحسب ما مر علينا من تطبيقات قضائية لا يشترط للتوحيد ان يكون بناء على طلب احد الخصوم بل يكفي لدفع احد الخصوم بوجود دعوى مرتبطة قيد النظر وللمحكمة توحيدها مع الدعوى المنظوره اذا رأت وجود مصلحة للتوحيد .
كذلك لا يشترط وحدة الخصوم للتوحيد بل من الممكن ان يكون خصما واحدا مشتركا في الدعاوى المراد توحيدها دون وجود الخصم الاخر ومثال ذلك اقامة دعوى لطلب تمليك عقار من قبل عدة اشخاص ولأكثر من تعهد خارجي وهنا من الممكن ان تنصرف المحكمة الى توحيد الدعاوى ونظرها سويا للحيلولة دون صدور اكثر من حكما للتمليك على ذات العقار مما يتعذر تنفيذ احدهما دون الاخر .
ثانيا/ الية التوحيد :-
اذا تبين للمحكمة وجود دعوى مقامة قبل الدعوى المنظورة وتتوفر فيها شروط التوحيد فتقرر جلب الدعوى المقامة قبلا وتطلع على محتوياتها واطرافها وموضوع الدعوى ومدى توفر شروط التوحيد فيها وتثبت اسانيدها في محضر الجلسة وتقرر اعادة الدعوى الى محكمتها وترسل أضبارة الدعوى المنظورة امامها الى الدعوى المقامة قبلا والتي أطلعت عليها وتقرر توحيدها وفي اليوم المحدد للمرافعة للدعوى المقامة قبلا يطلع القاضي على الدعوى التي وردت اليه والتي تتضمن قرارا يقضي بتوحيدها مع الدعوى التي ينظرها فله ان يقرر قبول التوحيد وينظر الدعويين سويا اذا رأى وجود اسباب كافية للتوحيد وله ان يرفض التوحيد ويعيد الدعوى الى المحكمة التي ارسلتها وقراره برفض التوحيد يكون قابلا للطعن تمييزا من قبل الخصوم استنادا لأحكام المادة 216 مرافعات مدنية وحسب جهة الطعن لكل محكمة , اما قرار قبول التوحيد فلا يجوز الطعن به الا مع الحكم الفاصل في الدعوى كذلك الحال لقرار رفض طلب التوحيد فلا يجوز الطعن به الا مع الحكم الفاصل في الدعوى لأنهما يعتبران من القرارات الاعدادية التي لم يجوز القانون الطعن بها على انفراد استنادا لأحكام المادة 170 من قانون المرافعات المدنية .
يتبين من خلال بحثنا المختصر اعلاه ان قرار التوحيد لا يقتصر على دعويين فقط بل من الممكن ان توحد المحكمة ثلاثة او اربعة دعاوى او اكثر حال وجود سببا لذلك ومثال ذلك ما مر علينا من تطبيقات قضائية :
اقام المدعي دعوى امام محكمة البداءة والذي بين في دعواه انه سبق وان تعاقد مع المدعى عليه بموجب العقد المؤرخ في 1/1/2017 على التوكل في كل دعوى تقام ضدة او كل دعوى يقيمها هو وقد ترافع عن الدعوى المرقمة (…) وامتنع عن تسديد الاتعاب له رغم صدور حكما فيها مكتسب لدرجة البتات لذا طلب دعوته للمرافعة والحكم له بأتعاب المحاماة . وكذلك اقام دعوى ثانية وثالثة امام محكمة البداءة يطالبه عن اتعاب محاماة عن دعاوى اخرى ترافع فيها , فهنا المحكمة من الممكن ان تقرر توحيدهما لتعلقهما بذات السبب والخصوم والموضوع ووجود مصلحة لتوحيدها وهنا اتجهت المحكمة لتوحيد ثلاثة دعاوى او اكثر واصبحت الدعوى بالعدد 1/2/3/14/ب/2017 مثلا .
كذلك الحال اذا اقام اكثر من شخص كلا في دعوى مستقلة على مدعى عليه يطالبوه بتمليك عقار كلا بتعهد خارجي مختلف عن الاخر فهنا للمحكمة توحيد كل الدعاوى مهما كان عددها والبحث عن ايهما الاحق بالتمليك وحسب انطباق القرار 1198 الخاص بتمليك العقارات بموجب التعهدات الخارجية .
واخيرا فأن القانون اعطى سلطة تقديرية للمحكمة في قبول او رفض طلب التوحيد وحسب ماتراه مناسبا وموافقا لأحكام القانون وللمتضرر الطعن بالحكم وسلوك طرق الطعن التي بيناها اعلاه في بحثنا .
المحامي والباحث القانوني #ابراهيم_رشيد_ابراهيم
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً