بحث قانوني متعمق عن توزيع الاختصاص بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال
كان قضاء الاستعجال يتم عن طريق القاضي الفرد – وهو رئيس الغرفة الإدارية المعنية([1])([2])([3]) بينما يتم قضاء الموضوع بتشكيلة جماعية تضم أعضاء الغرفة، غير أن قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد عدل عن هذه القاعدة عندما نص صراحة على أنه “يفصل في مادة الاستعجال بالتشكيلة الجماعية المنوط بها البت في دعوى الموضوع” (م. 917 ق.إ.م.إ)([4]).
يندرج توزيع الاختصاص بين قاضي الموضوع وقاضي الأمور المستعجلة في فقه المرافعات ضمن الاختصاص النوعي([5]) وقد كان الأمر كذلك في القانون الجزائري القديم للإجراءات المدنية، غير أنه بصدور القانون الجديد للإجراءات المدنية والإدارية المؤرخ في 25 فبراير 2008 تغيـر الأمر شيئـا مـا، ذلك أن هذا القانون وحد جهة التقاضي في دعاوى الموضوع والدعاوى الاستعجالية، فالتشكيلة الجماعية التي تفصل في الدعوى الاستعجالية هي التي تفصل في دعوى الموضـوع، وبمعنى آخر فإنه إذا ظهر للتشكيلة الجالسة للنظر في القضايـا الاستعجاليـة أن شروط الاستعجال غير متوفرة، فإنها لا تحكم بعدم الاختصاص النوعي كما كان الأمر سابقا على اعتبار أن الاختصاص يعود لقاضي الموضوع، بل عليها وفقا للقانون الجديد أن تحكم “برفض الطلب” ونحن نعرف أن الحكم برفض الطلب هو حكم في الموضوع لا يصدر إلا عن قاضي الموضوع، الذي هو نفسه قاضي الاستعجال هنا. إن الحكم بعدم الاختصـاص لا يكون إلا في حالة واحدة وهي الحالـة التي تكون الدعوى الاستعجاليـة من اختصاص القضاء العادي.
لقد نصت على ذلك صراحة المادة (924) ق.إ..م.إ بقولها: “عندما لا يتوفر الاستعجال في الطلب أو يكون غير مؤسس يرفض قاضي الاستعجال هذا الطلب بأمر مسبب.
وعندما يظهر أن الطلب لا يدخل ضمن اختصاص الجهة القضائية الإدارية، يحكم القاضي بعدم الاختصاص النوعي” ([6]) .
إن مسلك المشرع هنا أيضا غير مبرر ولا يخلو من تناقضات ويخالف المفاهيم القانونية المعروفة في فقه المرافعات، لقد انساق وراء هدف تبسيط الإجراءات وإعفاء المتقاضين من أعباء الأحكام بعدم الاختصاص وتحميلهم أعباء دعاوى أخرى أمام قاضي الموضوع.
إننا وإن كنا لا ننكر ميزة تبسيط الإجراءات وتخفيف الأعباء، غير أننا نعتقـد أنـه لا ينبغي المبالغة في ذلك إلى درجة الخروج على مفاهيم فقـه المرافعـات، لاسيما وان الدعاوى القضائيـة أمام المحاكم الإداريـة ومجلس الدولـة تباشر من قبل محامين، ومن ثمة فإن احتمالات الدفوع بعيوب عدم الاختصاص ستتناقص، من جهة، ومن جهة ثانية فإن مثل هذا النص يكاد يهدم أصلا نظرية القضـاء الاستعجالي ويقضي على خصوصياتها، ويكاد يقتصر الأمـر في هذه الحالـة كفارق بين القضـاء الاستعجالي وقضاء الموضوع على تقليص الإجراءات والمهل لا غير.
ومهمـا يكن من أمر، ولتيسير الفهم فإننا سنتولى دراسـة شروط انعقـاد الخصومـة الاستعجاليـة في مبحث أول، ثم تطبيقـات القضـاء الاستعجالي في مبحث ثـاني، وأخيرا نعرض في مبحث ثالث لأهم خصائـص القضـاء الاستعجـالي.
المبحث الأول
شروط انعقاد الخصومة الاستعجالية
قد تطرأ أثناء سير الدعوى الإدارية مشاكل تتطلب حلولا استعجالية في شكل تدابير مؤقتة يتعين اتخاذها قبل الفصل في موضوع النزاع نهائيا. وأحيانا أخرى قد تحدث أمورا يخشى لو اتبعت بشأنها إجراءات دعوى الموضوع الطويلة أن تنمحي آثارها ويصعب بالتالي تدارك الأضرار الناتجة عنها، الأمر الذي يفرض اتخاذ إجراءات سريعة في انتظار رفع دعوى الموضوع.
إن هذه الإجراءات السريعة والتدابير المؤقتة لا تعود لاختصاص قاضي الموضوع، وإنما إلى اختصاص قاضي الأمور المستعجلة، الذي يلجأ إليه الأطراف في هذه الحالة بموجب دعوى استعجالية.
إن الدعوى الاستعجاليـة هي إذن إجراء يطلب بموجبـه أحـد الأطـراف – في الغالب فردا – اتخاذ إجراء مؤقت وسريع لحماية مصالحه قبل أن تتعرض لنتائج يصعب تداركها([7]) .
إنه بغض النظر عن ضرورة توفر الدعوى الاستعجالية على شروط قبول الدعوى وعلى شروط العريضة([8]) ،فإنه يتعين توفر شروط معينة ليحكم القاضي بالتدبير المطلوب، وهي الشروط التي إذا تخلفت حكم القاضي برفض دعوى الاستعجال([9])، بعض هذه الشروط نص عليها القانون صراحة وبعضها أقره الاجتهاد القضائي.
المطلب الأول: الشروط المقررة بحكم القانون
تستنبط الشروط المقررة بنص القانون من جملة من المواد الواردة في قانون الإجراءات المدنية والإدارية([10])، وهكذا نصت المادة (918 ق.إ.م.إ) على ما يلي: “يأمر قاضي الاستعجال بالتدابير المؤقتة، لا ينظر في أصل الحق، ويفصل في أقرب الآجال”.
ونستخلص من هذه المادة شرط تعلق الطلب الاستعجالي بتدبير مؤقت وليس دائم، وشرط ألا يتعلق النزاع بأصل الحق.
ونصت المادة (920 ق.إ.م.إ) على ما يلي: ” يمكن لقاضي الاستعجال عندما يفصل في الطلب المشار إليه في المادة (919) أعلاه ([11])، إذا كانت ظروف الاستعجال قائمة، أن يأمر بكل التدابير الضرورية للمحافظة على الحريات الأساسية المنتهكة …”.
ونستخلص من هذه المادة شرط وجود حالة الاستعجال.
ونستخلص من المادة (921 ق.إ.م.إ) شرط حالة الاستعجال القصوى،وشرطعدم عرقلة التدبير الاستعجالي المطلوبتنفيذ القرار الإداري([12]).
ويظهر من مقارنة نص المادة (171) مكرر من القانون القديم للإجراءات مع النصوص الجديدة أن المشرع – على غرار فرنسا – تنازل عن شرط عدم مساس النزاع بالنظام العام، واحتفظ بباقي الشروط.
الفــرع الأول وجود حالـة استعجـال ETAT D’URGENCE
لقد أشارت المواد 920، 921، 924 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية إلى “حالة الاستعجال” دون أن تعرفها تاركة المجال مفسوحا للاجتهاد القضائي ليحدد مفهوم “الاستعجال” حالة بحالة([13]) .
وفيالحقيقةإنأية محاولة من المشرع لتعريف حالة الاستعجال أو صياغة قائمة حصرية لها يعني تقييد القاضي. إن القاضي هو أقرب لمعايشة الواقع من المشرع الذي لن يستطيع مهما تنبأ أن يحصر جميع حالات الاستعجال.
مبدئيا يمكن أن نقول أن حالة الاستعجال تقوم بمجرد وجود “وضعية يخشى أن تصبح غير قابلة للإصلاح” ([14]) ، كما هو الحال في زوال أو تغير الوقائع التي سببت الضرر (تسرب المياه مثلا)، وكما هو حالة البضائع القابلة للتلف المحجوزة بمصالح الجمارك…إلخ”.
وفي مفهوم المحكمة العليا فإننا نكون أمام حالة استعجال كلما “كنا أمام حالة يستحيل حلها”فيما بعد([15]). وكذلك نكون أمام حالة استعجال كلما كنا بصدد الإجراءات المتعلقة بهدم المباني الآيلة للسقوط([16]).
ونكون أمام حالة استعجال أيضا في المسائل المرتبطة بالحراسة القضائية، وهكذا فإن تحديد الأتعاب المستحقة للحارس القضائي تدخل ضمن اختصاصالقضاءالاستعجاليلكونههوالمختص أصلا بتعيينالحارس القضائي([17]).
وعلى العكس لا وجود لحالة استعجال في مفهوم المحكمة العليا كلما كانت المدة الفاصلة بين الوقائع وبين تاريخ رفع الدعوى طويلة، وهكذا فلا وجود”لحالةالاستعجال” طالما أن الطاعن لم يلجأ إلى القضاء بدعوى استعجالية إلا بعد مرور ثلاث سنوات من صدور القرار المطلوب وقف تنفيذه ([18]).
ودائما تطبيقا لمعيار “الزمن” فإنه لا وجود لحالة استعجال طالما أن الشركة الطاعنة لم تلجأ إلى القضاء الاستعجالي لتعيين خبير من أجل “معاينة حالة الأشغال التي أنجزتها لصالح ولاية… وتقييمها” إلا بعد مرور شهرين من فسخ الصفقة معها من قبل الإدارة وإسنادها إلى مقاول آخر.
إن معالم الوقائع المادية المراد معاينتها وتقييمها تكون قد تغيرت بفعل الأشغال التي انطلقت فيها خلال شهرين كاملين([19]) . إن معيار الزمن نسبي، فهنا يأخذ مدى قصيرا إذ كان على الطاعنة أن ترفع الدعوى الاستعجالية قبل أن يتسلم المقاول الجديد الأشغال وتضيع معالم الأشغال التي أنجزتها الطاعنة وتختلط مع الأشغال الجديدة.
وأخيرا فإنه لا وجود لحالة الاستعجال في الدعوى الرامية إلى وقف الأشغال التي شرعت فيها الإدارة على قطعة أرض ملكية للمدعين طالما أن هذه الأشغال تنصب على جزء فقط من الأراضي، وليس على كل الأراضي الأمر الذي يعني إمكانية تمكين المدعين من احتياجاتهم العائلية([20]) ([21]) .
إذا كانت القاعدة، هي أن تحديد مدى توفر حالة الاستعجال متروك للاجتهاد القضائي، فإن ذلك لا يعني أن المشرع لا يتدخل نهائيا، فهناك إلى جانب حالات الاستعجال التي كرسها القضاء، كما هو الحال في الأمثلة السابقة هناك حالات كرسها القانون، حيث يتدخل المشرع من حين لآخر للنص على الطابع الاستعجالي لبعض المنازعات نذكر منها بعض هذه الحالات التي أشار إليها قانون الإجراءات المدنية والإدارية، وبعضها جاءت الإشارة إليها في نصوص متفرقة.
أولا: حـالات الاستعجـال بنص قانـون الإجـراءات المدنيــة والإداريـة
1- حالة الاستعجال في مادة إثبات الحالة وتدابير التحقيق
· في مادة إثبـات الحالـة
· بدأ المشرع الجزائري على غرار المشرع الفرنسي يتسامح بخصوص شرط الاستعجال، وهكذا أجاز للقاضي الاستعجالي أن يأمر بمجرد أمر على عريضة، – ولو في غياب قرار إداري مسبق – بتعيين خبير ليقوم بإثبات “الوقائع” التي من شأنها أن تؤدي إلى قيام نزاع (م. 939 ق.إ.م.إ).
إن الشرط الوحيد للأمر بتعيين خبير هنا هو ألا يتجاوز موضوع الطلب إثبات وقائع مادية لا غير، ففي هذه الحالة يأمر القاضي الاستعجالي على ذيل عريضة بسيطة بتعيين خبير دون التشدد والتأكد من وجود حالة استعجالية حقيقية، وكأن المشرع اعتبر ذلك حالة استعجالية بقوة القانون، طالما أن الأمر لا يتجاوز مجرد إثبات وقائع مادية، ويكون الأمر هنا دون مناقشة وجاهية بين الأطراف، إذ نصت المادة (939 ق.إ.م.إ) على أنه “يتم إشعار المدعى عليه المحتمل اختصامه من قبل الخبير المعين على الفور” ومن ثمة فإن هذا الأمر غير قضائي وهو مجرد عمل ولائي غير خاضع للاستئناف.
يبدو أن المشرع الجزائري تأثر هنا بالمشرع الفرنسي، حيث تخلى مرسوم 2 سبتمبر 1988 في فرنسا عن شرط “الاستعجال” الذي كان لازما من أجل تعيين أو الأمر بأي إجراء من إجراءات التحقيق، فلم يعد منذ ذلك التاريخفيفرنسا من اللازم وجود حالة استعجال “حقيقية” ليأمر القاضي الاستعجالي بتعيين خبير أو بأي إجراء من إجراءات التحقيق (م. 2) من المرسوم([22]) .
· في تدابير التحقيق
أجازت المادة (940 ق.إ.م.إ) لقاضي الاستعجال – ولو في غياب قرار إداري مسبق – أن “يأمر بكل تدبير ضروري للخبرة أو التحقيق، ويتعلق الأمر هنا بالخبرة التي يتجاوز موضوعها مجرد إثبات وقائع مادية إلى التحقيق في النزاع، كما قد يتعلق الأمر بباقي تدابير التحقيق، مثلا أمر بأداء اليمين أو سماع شهود…الخ.
يصدر الأمر هنا بناء على عريضة يتم “التبليغ الرسمي لها حالا إلى المدعى عليه مع تحديد أجل للرد من قبل المحكمة” المادة (941 ق.إ.م.إ) .
يعني هذا النص أن الإجراءات هنا وجاهية بين الأطراف وهذه خاصية من خصائص الأوامر القضائية – وليس الولائية – القابلة للطعن.([23])،
غير أن هذه المادة لا تتحدث عن إمكانية الطعن كما فعلته في حالات استعجال أخرى سنأتي على ذكرها، ومن جهة ثانية فإن المشرع قد أشار في المادة (937 ق.إ.م.إ) إلى أن الأوامر المتعلقة بقمع الاعتداء على الحريات الأساسية المنصوص عليهـا في المـادة (920 ق.إ.م.إ) قابلة للاستئناف وكذلك أشار في المادة (938 ق.إ.م.إ) إلى إمكانية استئناف الأوامر القاضية برفض دعوى الاستعجال أو بعدم الاختصاص النوعي، وهو ما يثير الغموض حول مدى جواز استئناف الأوامر المتضمنة مثلا تعيين خبير للتحقيق في القضية أو أي تدبير آخر للتحقيق وفقا لمضمون المادة (940 ق.إ.م.إ) في غياب النص صراحة على جواز الاستئناف، أما إذا كان الأمر بالرفض فيمكن أن نطبق عليـه المـادة (938 ق.إ.م.إ) ويزداد هذا الغموض أكثر عندما نعلم أن المادة (936 ق.إ.م.إ) الواردة ضمن القسم الخاص بطرق الطعن في الأوامر الاستعجالية، نصت على أن الأوامر الصادرة تطبيقا للمواد (919) المتعلقة بوقف تنفيذ القرارات الإدارية، و(921) المتعلقة بالأوامر على العرائض المتعلقة بأي “تدبير ضروري” في حالة الاستعجال القصوى وفي حالة التعدي أو الاستيلاء أو الغلق، الإداري، و(922) المتعلقة بتعديل التدابير التي سبق أن أمر بها القاضي في حالة ظهور مقتضيات جديدة وبناء على طلب الأطراف ، إن جميع هذه الأوامر غير قابلـة لأي طعـن، فهل يمكن أن نعتبر الأوامر الصادرة وفقا للمادة (940 ق.إ.م.إ) – ولو أنها بناء على عريضة وجاهية – غير قابلـة لأي طعن كونها تتعلـق بتدابير الاستعجال المنصوص عليها في المادة (921) ؟ إن الجواب بالنفي لأن هذه المادة تتعلق بالأوامر على العرائض.
2- حالة الاستعجال في مادة التسبيق المالي
نصتالمادة(942ق.إ.م.إ)صراحةعلىحالةالاستعجالالخاصةبالتسبيق المالي بقولها: “يجوز لقاضي الاستعجال أن يمنح تسبيقا ماليا إلى الدائن الذي رفع دعوىفيالموضوعأمامالمحكمةالإدارية،مالمينازع فيوجود الدين بصفةجدية.
ويجوز ولو تلقائيا أن يخضع هذا التسبيق لتقديم ضمان”.
تتجلى من الصياغة المباشرة لهذه المادة الشروط التي تبناها المشرع للأمر بالتسبيق المالي من قبل القاضي الاستعجالي وهي شروط شبيهة بالشروط التي أقرها التشريع الفرنسي، ويتعلق الأمر بما يلي:
– وجود دين ثابت غير منازع فيه بصفة جدية.
– أن تكون دعوى الموضوع بخصوص الدين قد نشرت.
– وأخيرا هنـاك شرط اختيـاري إذ يجـوز للقـاضي أن يشترط تقديم ضمان ليأمر بالتسبيق([24]) .
ويجوز كذلك لمجلس الدولة بمناسبة الاستئناف المرفوع أمامه أن يمنح تسبيقا ماليا متى طلبه الدائن، وكان هذا الدين ثابتا غير منازع فيه، أي بنفس الشروط المطلوبة أمام المحكمة الإدارية المادة (944 ق.إ.م.إ).
إن هذه الحالات تقودنا إلى المقارنة مع فرنسا أين أصبح معروفا منذ 1988 نوع من القضاء الاستعجالي في مجال “التسبيقات المالية” كان من قبل يعتبر من قضاء الموضوع لتعلقه بأصل الحق .
وهكذا فقد أنشأ المرسوم رقم 88/907 بتاريخ 2 سبتمبر 1988 المتعلق بمختلف الإجراءات الإدارية القضائية ، أنشأ حالة استعجال جديدة هي الاستعجال الخاص بالتسبيق”REFERE- PROVISION” كما هو الحال في الاستعجال المدني([25]).
والمقصود بهذه الحالة أنه عندما يلاحظ القاضي – (مجلس الدولة، أو المحاكم الإدارية، أو محاكم الاستئناف) – “وجود التزام غير مشكوك فيه” في ذمة المدعى عليه حكم للمدعي على سبيل الاستعجال بتسبيق مالي .
كان مجلس الدولة الفرنسي قبل هذا التاريخ يرفض هذا النوع من القضاء الاستعجالي لأنه ينطوي على مساس بأصل الحق ، فهو يتعلق في حقيقته بفحص مدى الالتزام غير المشكوك فيه ليحكم بالتسبيق .
إن القضاء الاستعجالي في مجال التسبيق المالي مفيد في بعض الحالات، مثل حالة المسؤولية دون خطإ، أين يكون الالتزام فيها ثابتا وغير مشكوك فيه، ومثل حالة الديون الثابتة بسند رسمي، ومن ثمة فانه من المعقول الأمر على وجه الاستعجال بالتسبيق المالي على ذمة هذا الالتزام([26]) ، ولو أن المادة (129/القسم التنظيمي) من قانون المحاكم الإدارية الجديد في فرنسا تربط هذا التسبيق بضمان.
أما الفقرة الأولى من المادة (4) من مرسوم 2 سبتمبر 1988 المذكور فإنها تسمح لرئيس قسم المنازعات بمجلس الدولة الفرنسي بالأمر بأي إجراء يؤدي إلى حل النزاع دون اشتراط حالة استعجال .
وخلاصة القول فان النصوص التشريعية في فرنسا و الجزائر تتسامح بخصوص “شروط حالة الاستعجال” لقبول الدعوى الاستعجالية، بينما تتشدد أحكام القضاء في الجزائر كثيرا بخصوص هذا الشرط. إن نسبة كبيرة من القضايا الاستعجالية تتوج بصدور أمر بعدم الاختصاص لانعدام الطابع الاستعجالي (وبمفهوم قانون الإجراءات المدنية والإدارية يجب أن تتوج بالرفض).
3- حالة الاستعجال في مادة الصفقات العمومية
نصت المادة (946 ق.إ.م.إ) على هذه الحالة واضعة المبدأ في فقرتها الأولى بقولها: “يجوز إخطار المحكمة الإدارية بعريضة، وذلك في حالة الإخلال بالتزامات الإشهار أو المنافسة التي تخضع لها عمليات إبرام العقود الإدارية والصفقات” ([27]).
تتعلق هذه الحالة بمخالفة الإجراءات المسبقة لإبرام الصفقات العمومية والعقود الإدارية بصفة عامة، ولاسيما قواعد الإشهار التي تضمن الشفافية ومساواة المتنافسين، فلكل من له مصلحة أن يرفع دعوى استعجالية يلتمس فيها أمر المتسبب في الإخـلال بالتزامـات الإشهار أو المنافسة بالامتثال لالتزاماته في أجل معين، وللمحكمة الإدارية أن تحكم بذلك كما لها أن تحكم بغرامة تهديدية تسري ابتداء من انتهاء الأجل، كما يمكن لها أن تأمر فور تسجيل الدعوى بتأجيل إمضاء العقد إلى نهاية الإجراءات (م. 946 الفقرات 2، 3، 4، 5 ق.إ.م.إ) ويفصـل القاضي الاستعجالي في الدعـوى في أجل أقصـاه عشرون (20) يوما من تاريخ رفع الدعوى (م.947 ق.إ.م.إ) .
مرة أخرى يترك المشرع الغموض حول مدى قابلية الأوامر الصادرة تطبيقا لهذه المادة للطعن بالاستئناف، ومصدر هذا الغموض نابع من أنه في حالات أخرى نص صراحة على القابلية للطعن (مثلا في حالة التسبيق المالي) وفي الحالات الأخرى ومنها هذه الحالة فإنه لم ينص عليه، وأكثر من ذلك فإنه نص في المادتين (936) و(937) على الأوامر القابلة للاستئناف، وعلى تلك غير القابلة للاستئناف، ولا توجد مادة الصفقات العمومية المنصوص عليها بالـمادة (946 ق.إ.م.إ) ضمن أي من الفئتين. إننا نعتقد بأن الأوامر الصادرة في مادة الصفقات العمومية بموجب المادة (946 ق.إ.م.إ) تكون قابلة للطعن بالاستئناف طالما نصت المادة الموالية على أجل للفصل في الدعوى، وبطبيعة الحال فإن ميعاد الاستئناف وإجراءاته يخضع للقواعد العامة المقررة للطعن في الأوامر الاستعجالية، طالما لم ينص المشرع على أحكام خاصة.
إننا نعيب على المشرع هذه المنهجية غير الموحدة، إذ كان عليه أن يتبع منهجية واحدة سواء بالنص فقط على الأوامر غير القابلة للطعن، وما عداها فهو قابل للطعن، أو العكس فينص على أن الأوامر الاستعجالية قابلة للطعن إلا في حالات أو مواد معينة (ويذكرها) وكل ذلك مع مراعاة النصوص الخاصة.
4- حالة الاستعجال في مادة الضرائب
نصت على هذه الحالة المادة (948 ق.إ.م.إ) وأحالت في إجراءاتها على قانون الإجراءات الجبائية.
وبالرجوع إلى هذه الأخيرة نلاحظ أنه يشير إلى حالة الاستعجال المتعلقة بالغرامة التهديدية، حيث نصت المادة (103 ق.إ.ج) على اختصاص “المحكمة الإدارية التي تبت في القضايـا الاستعجالية” بتوقيع الغرامة التهديدية على أساس عريضة يقدمها مدير الضرائب بالولاية ضد كل شخص أو شركة منع حق الاطلاع على الدفاتر والمستندات والوثائق التي يتعين عليها تقديمها لأعوان إدارة الضرائب وفقا للتشريع، أو تقوم بإتلافها هذه الوثائق قبل انقضاء الآجال المقررة لحفظها.
كما استقر الاجتهاد القضائي على حالة استعجالية أخرى تتعلق بوقف تحصيل الضريبة، حيث اعتبرها من اختصاص القضاء الاستعجالي طالما كانت دعوى الموضوع منشورة([28])، ولو أن قانون الإجراءات الجبائية لا يشير إلى حالة استعجال خاصة بوقف التحصيل الضريبي مكتفيا بالنص على إمكانية إفادة الإدارة المدعي بإرجاء دفع المبلغ المتنازع فيه إذا طلب في عريضة افتتاح دعواه الاستفادة من ذلك، وكانت له ضمانات (م. 114، 198. ق.إ.ج).
ثانيا : حالات الاستعجال بموجب نصوص متفرقة (أمثلة)
1- حالة إبعاد الأجانب المقيمين بطريقة غير شرعية.
لقد نص القانون رقم 08-11 المؤرخ في 25 يوينو سنة 2008 المتعلق بشروط دخول الأجانب إلى الجزائر وإقامتهم بها وتنقلهم فيها، على جواز إبعاد الأجنبي خارج الإقليم الجزائري، ويكون الإبعاد في حالات معينة وبموجب قرار من وزير الداخلية (م 30) ([29]).
على سبيل الحماية القانونية لحقوق الأجانب نص القانـون في مادتـه (31/2) على حق الطعن في قرار الإبعاد أمام القاضي الاستعجالي المختص في المواد الإدارية في أجل خمسة أيام ابتداء من تاريخ تبليغ القرار([30])، وقيدت الفقرة الثانية من نفس المادة، القاضي بأجل للفصل في الدعوى وهو عشرون يوما ابتداء من تسجيل الطعن والحكمة واضحة من تقصير الآجال هنا.
يبـدو أن موضوع الطعن هنـا يتعلق بأصل الحق، أي بإلغاء القـرار رغم أن الأمر يتعلق بدعوى استعجاليـة بنص القانون وبمجرد تسجيـل الطعن يوقف تنفيـذ القـرار.
وأخيرا يجوز بنص القانون الأمر بوقف تنفيذ قرار الإبعاد من قبل القاضي الاستعجالي في حالة الضرورة القصوى ولاسيما في حالات إنسانية([31]).
2- منازعات الطرد من المساكن والمحلات التجارية بسبب غلق الأماكن و عدم استغلالها أو عدم تسديد مستحقات الإيجار، و يختص بنظرها القضاء الاستعجالي الفاصل في المواد المدنية والتجارية. لقد نصت على هذا الاختصاص صراحة أحكام المادة (9) من المرسوم رقم 63/65 المؤرخ في 18 فيفري 1963 والمتعلق بالإيجارات وذلك بعد معاينة حالة الغلق و إنذار المعني بإعادة فتح الأماكن خلال شهر، وكذلك بعد إنذار المستأجر بتسديد مستحقات الإيجار خلال شهر .
3- المنازعات المتعلقة بالأحزاب السياسية ([32]).
ويختص بها قضاء الموضوع بإجراءات سريعة، بسبب وجود حالة استعجالية مشار إليها في المادة (36) من قانون الأحزاب السياسية، وذلك عندما يتعلق الأمر بقرار وزير الداخلية المتضمن تعليق أو منع الأنشطة الحزبية للأعضـاء المؤسسين وغلق المقار([33])، حيث تفصل الجهة القضائيـة الإداريـة في الدعوى في أجل قصير وهو شهر واحد من تاريخ تسجيل الدعوى، وحتى في حالة الاستئناف فإن مجلس الدولة كذلك مقيد بهذا الأجل القصير، نحن هنا أمام قضاء موضوع كون النزاع يتعلق بأصل الحق، ولكن الفصل فيه يتم بإجراءات سريعة نظرا لتوفر حالة استعجال بنص القانون([34]) .
وعندما يتعلق الأمر بمخالفات مرتكبة من قبل حزب سياسي معتمد فإن توقيفه أو حله أو غلق مقاره، يكون بحكم قضائي تصدره المحكمة الإدارية لمدينةالجزائرخلالشهرواحدمنرفعالدعوى(م.37)وتستمر هذه المهلةكذلك بالنسبةللاستئناف.
إن تقصير المهلف يدعوى موضوعه وبسبب الحالة الاستعجالية ولابد من الإشارة كذلك إلى استمرار هذا المسلك في منازعات الاعتماد([35]) .
إن تقصير المهل واستعمال إجراءات سريعة هو من خصائص القضاء المستعجل وليس قضاء الموضوع. إن هذا النوع من القضاء هو في رأينا قضاء من نوع خاص، قضاء وسط، بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال، ولنقل أنه قضاء موضوع بإجراءات سريعة تستجيب لحالة الاستعجال.
4- إن هذا النمط هو مسلك ثابت للمشرع الجزائري في عدة نصوص، وهكذا يتكرر تقصير المهل في منازعات التصريح بعدم قانونية إنشاء الجمعيات غير السياسية، حيث يتعين على المحكمة الإدارية أن تفصل في النزاع خلال شهر من رفع الدعوى إليها، و هذه الأخيرة مقيدة هي الأخرى بميعاد قصير و هي ثمانية أيام من يوم انتهاء مهلة الدراسة (وهي شهرين)([36]). فالنزاع يتعلق هنا بأصل الحق وليس بمجرد إجراء تحفظي مؤقت، لكنه يتم وفق إجراءات سريعة، بسبب وجود حالة الاستعجال .
5- إن نفس المسلك كذلك نلاحظه في قانون نزع الملكية([37])، حيث تقيد المادة (14) الجهة القضائية بالفصل في دعوى إلغاء قرار التصريح بالمنفعة العمومية بمهلة شهر من تاريخ رفع الأمر إليها، ويستمر تقصير المهل والإجراءات على مستوى الاستئناف حيث تصبح المهلة شهرين ( المادة 14) .
فالدعوى هنا تتعلق بأصل الحق وهو مدى مشروعية قرار التصريح بالمنفعة العمومية، ولكنه بسبب وجود حالة الاستعجال فان المشرع يقرر الفصل في الدعوى على وجه السرعة، يكمن وجه الاستعجال هنا في وجود مشروع للمنفعة العامة معلق على الفصل في الدعوى.
إن نفس القانون ينص في مكان آخر على حالة استعجال أخرى ولكن هذه المرة بالإعلان صراحة على اختصاص القاضي الاستعجالي . إن الأمر يتعلق بالدعوى التي ترفعها السلطة الإدارية والرامية إلى الإشهاد لها بحيازة الأموال المنزوعة “ويصدر القرار القضائي حينها حسب إجراء الاستعجال”([38]). وبالفعل فان الأمر هنا يتعلق بمجرد إجراء تحفظي و هو معاينة و جرد و ربما تقييم هذه الأموال ، من صميم الإجراءات الاستعجالية و ليس إجراء الموضوع.
6- و أخيرا فإن هذا المسلك “قضاء موضوع بإجراءات سريعة” قديم نسبيا في عرف المشرع الجزائري، وكنا قد عرفناه في المنازعات الانتخابية المحلية عندما كانت من اختصاص اللجان الانتخابية منذ صدور قانون البلدية وقانون الولاية (في 1967 و1969على التوالي)، ثم قانون الانتخابات سنة 1980 وأخيرا في القانون العضوي رقم 04-01 المؤرخ في 7 فبراير 2004 المعدل والمتمم للأمر رقم 97-07 عندما جعل الاختصاص في مجال منازعات العمليات التحضيرية، للترشح للانتخابات المحلية والتشريعية للمحاكم الإدارية التي تفصل فيها بإجراءات سريعة ومهل قصيرة جدا، مما جعلنا نقرر أننا بصدد قضاء وسط بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال([39]) ، أو أن المشرع يتخلى ضمنا عن شرط من الشروط التقليدية للدعوى الاستعجالية وهو ألا تتعلق بأصل الحق، فيقرر إجراءات استعجالية لنزاع يتعلق بأصل الحق كما سيتضح لنا بعد قليل عند دراسة هذا الشرط.
لقد كرس التطبيق العملي في الجزائر نوعين من حالات الاستعجال: حالة استعجال بسيطة وتسمح بنشر دعوى استعجالية تنظر أسبوعيا ضمن جلسات القسم الاستعجالي، وحالة استعجال قصوى تسمح بنشر دعوى استعجالية تنظر “من ساعة إلى ساعة” حيث تعرض العريضة المتعلقة بحالة الاستعجال القصوى على رئيس المحكمة الإدارية الذي إذا ما اقتنع بوجود حالة الاستعجال القصوى يأمر بتسجيلها ونظرها “ساعة بساعة “أي يأمر بتقصير آجال الرد فيها إلى أقصى حد.
ويجب أن نلاحظ إن لهذا العرف القضائي أساس في نصوص القانون الخاصة بالدعوى الاستعجالية في المواد المدنية خلافا للنصوص الإدارية([40]).
الفرع الثاني
ألا يتعلق النزاع بأصل الحق
SANS FAIRE PREJUDICE AU PRINCIPAL
المفروض أنه إذا تعلقت الطلبات الواردة في الدعوى الاستعجالية بأصل الحق، حكم القاضي الاستعجالي بعدم الاختصاص، لأن النزاع الخاص بموضوع الحق هو من اختصاص قاضي الموضوع، هذا هو المستقر عليه في فقه المرافعات، ولكن التطبيق الحرفي للمادة (924 ق.إ.م.إ) يؤدي إلى الحكم برفض الطلب.
يفصل قاضي الاستعجال في الدعوى الاستعجالية دون أن يتعرض للموضوع، أي أصل الحق، فمهمة القاضي الاستعجالي هي تسوية حالة مستعجلة عن طريق الأمر بتدبير تحفظي، أما الفصل في موضوع الحق فمن اختصاص قاضي الموضوع، غير أن الحدود بين قاضي الاستعجال وقاضي الموضوع قد ضاقت بفعل المادة (917 ق.إ.م.إ) التي تنص على وحدة تشكيلة قضاء الاستعجال وقضاء الموضوع.
أوامر القضاء الاستعجالي تكون ذات حجية مؤقتة، تنتهي مبدئيا بصدور حكم الموضوع ، إلا إذا قرر هذا الأخير تبني ما ذهب إليه الأمر الاستعجالي الذي يستمد في هذه الحالة استمرار حجيته ليس من ذاته ولكن من حكم الموضوع([41])، وترتيبا على فكرة الحجية المؤقتة للأوامر الاستعجالية، يجوز للقاضي الرجوع عن الأمر المتخذ بناء على طلب كل من له مصلحة، متى ظهرت مقتضيات جديدة (م.922 ق.إ.م.إ)، ويكون الأمر الصادر تطبيقا لهذه المادة غير قابل لأي طعن (م. 936 ق.إ.م.إ).
نصت على شرط عدم تعلق النزاع بأصل الحق، المادة (918 .ق.إ.م.إ)، وهو الشرط الذي كان القانون القديم ينص عليه صراحة في المادة (171 مكرر.ق.إ.م).
لقد سنحت الفرصة للمحكمة العليا لتكرس بصرامة شرط ” عدم تعلق النزاع بأصل الحق”.
وهكذا قررت المحكمة العليا أن المطالبة بالديون الناتجة عن تنفيذ الأشغال المنجزة في إطار صفقة عمومية، تتعلق بأصل الحق، ومن ثمة تخرج عن اختصاص القضاء الاستعجالي([42]).
كما أن طلب المدعي اعتبار الإنذار الموجه إليه من الإدارة لإخلاء الأماكن يعد تعديا، وبالتالي الحكم “ببطلانه”، طلب يتعلق بأصل الحق، ويخص “منازعـة جـادة” وليس مجـرد إجـراء تحفظي ومن ثمـة وجب القضـاء بعدم الاختصاص([43]) .
كذلك قرر قضاء المحكمة العليا أن طلب تأجيل بيع الإدارة العقار للغير إلى غاية الفصل في النزاع الدائر معها أمام قضاء الموضوع هو طلب يمس أصل الحق ، ومن ثمة وجب القضاء بعدم الاختصاص .
وفي نفس السياق قررت المحكمة العليا، إن طلب إلغاء التكليف بتسديد الضريبة، هو طلب في الموضوع، وليس مجرد إجراء تحفظي، ومن ثمة “فالنزاع جدي” ويستوجب القضاء بعدم الاختصاص([44]) .
الفرع الثالث
ألا يكون الهدف من الدعوى عرقلة تنفيذ قرار إداري
فإذا كانت الدعوى الاستعجالية ترمي إلى وقف تنفيذ القرار الإداري حكم القاضي برفض الطلب، ونستثني من هذه القاعدة حالة القرارات التي تشكل تعدياوحالة قرارات الاستيلاء وغلق المحلات أين يجوز طلب وقفتنفيذ القرار، وفي الحالات التي نص فيها قانون الإجراءات المدنية والإدارية أو أية نصوص خاصة، على خلاف ذلك (أي على جواز وقف التنفيذ).
لقد ورد هذا الشرط في المادة (921 ق.إ.م.إ)، وفي حقيقة الأمر فانه بفضل تكامل وتطور نظرية التعدي، أصبحنا نعرف قضاءا استعجاليا غزيرا في مجال وقف تنفيذ القرارات. فقد توسع القضاء في ربط عدم مشروعية القرارات بنظرية التعدي ، حيث استقر القضاء على اعتبار القرارات المشوبة بلا شرعية صارخة بمثابة تعدي يتعين وقفه([45]) كلما وصل مرحلة التنفيذ المادي .
الفرع الرابع
أن تكون دعوى الموضوع قد نشرت
لقـد قنن المشرع هذا الشرط الذي كان قد كرسـه الاجتهاد القضائـي.([46]) وهذا الشرط ليس مطلقا فهو يخص وقف التنفيذ فقط، ففي بعض الأحيان يكون من اللازم نشر دعوى الموضوع بالموازاة مع الدعوى الاستعجاليـة، كما هو الـحال في دعاوى وقف تنفيذ القـرارات. إذ ليس من المنطقي قبول الدعوى “الاستعجاليـة” الراميـة إلى وقف تنفيذ قرار إداري، وقبول طلب المدعي بوقف تنفيذ قرار لم ينازع في عدم مشروعيته أمام قضاء الموضوع، لقد قرر قضاء المحكمة العليا المبدأ بشكل عام. وعندما تكون دعوى الموضوع من الدعاوى التي يشترط فيها التظلم، فانه يكفي أن يقدم المدعي ما يثبت انه شرع في إجراءات الدعوى (أي ما يثبت قيامه بالتظلـم)([47])، ووسع المبدأ إلى دعاوى القانون الخـاص ([48]).
وفي بعض الأحيان الأخرى لا يكون من الضروري نشر دعوى الموضوع، كما هو الحال في الدعاوى الاستعجالية الرامية إلى إثبات التعدي، وقد تكون الدعوى الاستعجالية تمهيدا وتحضيرا لدعوى الموضوع (التعويض) التي لا يمكن إقامتها إلا بعد الدعوى الاستعجالية، فالمدعي يعتمد هنا على الحكم الاستعجالي (الخبرة) ليقيم دعوى الموضوع، وفي المقابل فإن الدعوى الاستعجالية تبقى مقبولة أيضا حتى إذا كانت دعوى الموضوع قد نشرت أمام قضاء الموضوع، لأن الدعويين ليستا متداخلتين ولكنهما متكاملتين. فإذا كانت الثانية تهدف إلى وضع حد للنزاع ، فان الأولى تهدف إلى تفادي الضرر الناشئ عن عدم تدارك الوقت.
المطلب الثاني
الشروط المقررة بحكم الاجتهاد القضائي
لقد أقر الاجتهاد القضائي شرطين إضافيين لتقرير اختصاص القاضي الاستعجالي، يتعلق الشرط الأول بنشر دعوى الموضوع بالموازاة مع الدعوى الاستعجالية، وقد قنن المشرع هذا الشرط الأخير بموجب قانون الإجراءات المدنية والإدارية المؤرخ في 25- 2- 2008، ويتعلق الشرط الثاني بوجوب رفع الدعوى الاستعجالية في آجال معقولة.
وقد سبق عرض هذا الشرط باعتباره معيارا لتقرير مدى وجود الحالة الاستعجالية ، فقد سبق أن بينا أن الاجتهاد القضائي لا يعتبر النزاع ذو طابع استعجالي كلما طالت المدة بين تاريخ الوقائع و تاريخ رفع الدعوى ، و لذلك نحيل على ما سبق عرضه في شرط “حالة الاستعجال” قبل قليل .
المبحث الثاني
تطبيقات القضاء الاستعجالي في مجال التعدي ووقف تنفيذ القرارات
المطلب الأول
في مـجــال التعـدي
كقاعدة عامة، يعود الاختصاص بنظر منازعات التعدي إلى القضاء الاستعجالي ، لما ينطوي عليه التعدي من عنصر الاستعجال، لقد نصت على ذلك صراحة الفقرة (2) من المادة (921 ق.إ.م.إ)([49]) .
إن اختصاص القضاء الاستعجالي بنظر منازعات التعدي لا يعني إطلاقا عدم اختصاص قضاء الموضوع به إذا اختاره المدعي لعرض النزاع عليه .
لقد توسع اختصاص القاضي الاستعجالي في مجال التعدي بسبب توسع الاجتهاد في مفهوم التعدي. وهكذا فان قيام الوالي بطرد مستأجرة من الشقة التي تشغلها بصفة قانونية ومنحها إلى شخص آخر بموجب قرار صادر عنه يشكل تعديا يستوجب رفعه، لان الطرد من المساكن لا يكون إلا بموجب حكم قضائي([50]).
يرتبط مفهوم التعدي في هذا الحكم بوجود وتنفيذ قرار غير مشروع (بسبب عدم الاختصاص الوظيفي) وهو بذلك يتطابق أيضا مع ما سبق أن اقره الاجتهاد القضائي في فرنسا من أن القرار المشوب بلا مشروعية صارخة يشكل عند تنفيذه تعديا ([51]).
وكذلك إن عدم احترام إجراءات التعويض الخاص بنزع الملكية من أجل المنفعة العمومية يشكل تعديا و يستوجب بالتالي الأمر بوقف حيازة الإدارة ملكية المدعي إلى ما بعد انقضاء شهر من إيداع مبلغ التعويض([52]) .
وكذلك يكون القاضي الاستعجالي مختصا في مجال نزع الملكية، كلما شكلت الوقائع”تعديا” مهما كانت المبررات المقدمة من قبل الإدارة لتسبيب شرط المنفعة العامة ([53]).
إن الإجـراء المتخذ بالاعتمـاد على القـرار الإداري لا يكون البتـة تعديـا، إلا إذا ترتب على تنفيـذه نتائج غير قابلـة للإصـلاح([54]). وهكذا يختلط مفهوم التعدي هذا بمفهوم “الاستعجال” نفسه، الذي يتجلى من استعمـال الحكم مصطلح “نتائج يصعب تداركها”.
وفي مجال الحريات العامة- وهو المجال الحقيقي لنظرية التعدي- يعتبر الاجتهـاد، المساس بحرية التنقل المنصوص عليها دستوريا بمثابة تعدي يستوجب رفعه من قبل القضاء الاستعجالي، وعليه يتعين أمر الإدارة – (وزارة الداخلية) – بتسليم المدعي جواز سفره.
إن صلاحيات الإدارة في مجال النظام العام (الأمن العام) لا ينبغي أن تمارس إلا في إطار القوانين واللوائح ودون المساس بالحريات الفردية. إن تصرف الإدارة – بسحبها جواز السفر من المدعي- في غياب قرار يمنعه من تحريك دعوى الإلغاء لا يمكن أن يكيف إلا على أنه تعديا. إن التعدي هو من اختصاص القاضي الاستعجالي ([55]).
وفي مجال العقود فإن لجوء الإدارة إلى “إخراج الأشياء الشخصية للمدعي وإدخال الغير إلى الأمكنة بهدف الحلول محله، بدون وضع حد بالطريق الإداري أو القضائي للعقد القائم بينه وبين الولاية، يشكل بما لا يدع مجالا للنقاش تعديا…” ([56]) .
وفي مجال القرارات فإن القرار الصادر عن الإدارة خارج أي إطار شرعي و بالتالي غير مرتبط بتطبيق أي نص قانوني، يشكل تعديا، وخاصة أنه اتخذ دون مراعاة لقرار قضائي في طريق التنفيذ([57]) .
وكذلكفإنالتنفيذغيرالقانونيL’EXECUTIONIRREGULIERE
لنص قانوني يشكل تعديا، يستوجب رفعه من قبل القاضي الاستعجالي([58]) .
ودائما بصياغة متقاربة وفي نفس الاتجاه يتأكد نفس المبدأ، إن الحيازة التيمارستهاالإدارةعلى أرض المدعي لا يمكن أن تنتج إلا عن قرار بنزع الملكية أو عن قرار إدماج ضمن الاحتياطات العقارية، وبما أن عمل الإدارة لم يندرج ضمنأيمنهذين الإجراءين القانونيين،ومن ثم لايندرجفي أي إطار تشريعي أو تنظيمي، فإنه يشكل تعديا ويستوجب رفعه من قبل القاضي الاستعجالي([59] ) .
إن هذا المفهوم الواسع للتعدي، الذي لا يشمل فقط العمل المادي للإدارة،وإنماأيضاكلتنفيذلقرارإداري غير مشروع.هو المسلك العاملاجتهاد المحكمة العليا، المتطابق مع اجتهاد القضاء الفرنسي حول مفهوم التعدي.
غير أن المحكمة العليا في حالات نادرة خرجت عن هذا المسلك العام وجنحت نحو تضييق مفهوم التعدي، وبالتالي تضييق اختصاص القاضي الاستعجالي. ففي قرارين منعزلين ذهبت إلى “أنه لا يمكن التمسك بالتعدي عندما تقوم الإدارة بتنفيـذ عمل بالقوة، غير مرتبط بتطبيق نص تشريعي أو تنظيمي و من شأنه أن يمس بحرية أساسية أو بحق الملكية([60])
ويؤكد قرار ثان صادر في نفس الفترة الزمنية هذا الاجتهاد المنعزل، ويقرر أنه لا مجال لاختصاص القضاء المستعجل في القضايا التي تتخذ فيها الإدارةقرارات إدارية ([61])([62]) غير أن هذا الاجتهاد معيب لأنه لا يمكن قصر التعدي على العملالمادي للإدارة فقط دون القرارات غير المشروعة (فيحالةتنفيذها).
المطلب الثاني
في مجال وقف تنفيذ القرارات
المقصود هنا وقف تنفيذ القرارات الإدارية والقرارات القضائية على السواء، وفي الحالتين فإن “وقف التنفيذ” هو إجراء استثنائي لا يتم اللجوء إليه إلا بشروط ضيقة. وذلك بسبب خاصية التنفيذ المباشر للقرارات الإدارية، وبسبب خاصية الأثر غير الواقف لطرق الطعن في المواد الإدارية([63]).
في فرنسا لا تندرج إجراءات “وقف التنفيذ” ضمن القضاء الاستعجالي فهي واردة في قانون المحاكم الإدارية ضمن الفصل الأول المتعلق” بتسجيل العريضة” وقد خصص لها المشرع القسم الثالث والأخير من هذا الفصل بعنوان “وقف التنفيذ LE SURSIS A EXCUTION” وتنص عليه المواد من (118 إلى 127 من القسم التنظيمي)([64])، وتتبنى هذه المواد إجراءات سريعة للفصـل في الدعوى (خاصة بفضل تقصير المواعيد). بينما وردت إجراءات الاستعجـال “PROCEDURES D’ URGENCE” بالفصل الثاني، الذي يضم قسمين الأول حول القضاء الاستعجالي”LE REFERE” والثاني حول معاينة الاستعجال”LE CONSTAT D’ URGENCE” .
أما في الجزائر فقد كرس القضاء تطبيقات “وقف التنفيذ” ضمن القضاء الاستعجالي، وهو مصيب في ذلك([65])، بينما أحكام القانون ورد بعضها ضمن الأحكام الاستعجالية وبعضها ورد ضمن القسم الخاص برفع دعوى الموضوع، هذا بالنسبة لوقف تنفيذ القرارات الإدارية([66])، مما يعني أن المشرع وضع الأحكام العامة لوقف التنفيذ ضمن دعوى الموضوع مع النص على الفصل فيها بإجراءات سريعة “وبصفة استعجالية”ومن جهة أخرى نص على تطبيقات وحالات لوقف التنفيذ في مجال الدعوى الاستعجالية([67]) .
أما بالنسبة لوقف تنفيذ القرارات القضائية فهي واردة ضمن الأحكام المتعلقة بدعوى الموضوع، حيث جاءت ضمن قسم من أقسام الفصل الثاني المتعلق “برفع الدعوى” وليس ضمن أحكام القضاء الاستعجالي (م.م. 913، 914 ق.إ.م.إ).
الفرع الأول
وقف تنفيذ القرارات الإدارية
بسبب خاصية التنفيذ المباشر للقرارات الإدارية، فإن القاعدة العامة هي أن رفع الدعوى لا يوقف تنفيذ القرار الإداري، والاستثناء هو جواز وقف التنفيـذ إذا وجـد نص خاص يقضي بذلك([68])، أو قرر القضـاء ذلك بنـاء على طلب من المدعي([69]) .
نعرض فيما يلي أمثلة عن حالات وتطبيقات وقف تنفيذ القرارات الإدارية كما وردت في القانون (أولا) ثم شروط وقف تنفيذ القرارات الإدارية (ثانيا) وأخيرا إجراءات وقف تنفيذ القرارات الإدارية.
أولا- أمثلة عن حالات وقف تنفيذ القرارات الإدارية.
1- وقف تنفيذ القرارات الإدارية في حالات التعدي أو الاستيلاء أو الغلق الإداري.
لقد نصت على ذلك صراحة الفقرة الأخيرة من المادة (921 ق.إ.م.إ) بقولها: “…وفي حالة التعدي أو الاستيلاء أو الغلق الإداري يمكن أيضا لقاضي الاستعجال أن يأمر بوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه”([70]).
وقبل ذلك كان الاجتهاد القضائي، قد كرس قضاء استعجاليا غزيرا في مادة التعدي، وبشكل أقل بروزا في مادتي الاستيلاء والغلق، وهكذا فالقرار الإداري الذي لم يكن تطبيقا لنص قانوني و يصدر على سبيل الازدراء لقرار قضائي في طريق التنفيذ يشكل تعديا، الأمر الذي يستوجب وقف تنفيذه([71])، وقد بينا من قبل أن القرار المشوب بلا مشروعيـة صارخـة هو الذي يشكل عند تنفيذه تعديا أما بالنسبة إلى الاستيلاء فتطبيقاته القضائية قليلة. وقد نظمه المشرع في أحكام القانون المدني، كما سبق بيانه([72]).
ويمكن أن ندرج ضمن حالات التعدي ما نصت عليه المادة (920 ق.إ.م.إ) من أنه يجوز لقاضي الاستعجال أن يأمر بأي تدبير من شأنه حماية الحريات الأساسية وقمع تعدي الإدارة عليها: “يمكن لقاضي الاستعجال عندما يفصل في الطلب المشار إليه في المادة (919 ق.إ.م.إ) أعلاه إذا كانت ظروف الاستعجال قائمة، أن يأمر بكل التدابير الضرورية للمحافظة على الحريات الأساسية المنتهكة من الأشخاص المعنوية العامة أو الهيئات التي تخضع في مقاضاتها لاختصاص الجهات القضائية الإدارية أثناء ممارسة سلطاتها، متى كانت هذه الانتهاكات تشكل مساسا خطيرا وغير مشروع بتلك الحريات.
ويفصل قاضي الاستعجال في هذه الحالة في أجل ثمان وأربعين (48) ساعة …”، وهكذا يتضح أن المشرع الجزائري ربط بقوة بين وقف التنفيذ وبين الاستيلاء والغلق والتعدي، فالقرار الإداري الذي يشكل تعديا أو استيلاء أو يتعلق بغلق الأماكن، قابل لوقف تنفيذه ( استثناء من القاعدة العامة).
2- وقف تنفيذ القرارات الإدارية في حالة وجود قرار إداري موضوع طلب إلغاء كلي أو جزئي.
نصت على هذه الحالة العامة المادة (919 ق.إ.م.إ) بقولها: “عندما يتعلق الأمر بقرار إداري ولو بالرفض، ويكون موضوع طلب إلغاء كلي أو جزئي يجوز لقاضي الاستعجال أن يأمر بوقف تنفيذ هذا القرار أو وقف آثار معينة منه، متى كانت ظروف الاستعجال تبرر ذلك، ومتى ظهر له من التحقيق وجود وجه خاص من شأنه إحداث شك جدي حول مشروعية القرار.
عندمايقضيبوقفالتنفيذ،يفصلفيطلبإلغاءالقرار في أقرب الآجال.
ينتهي وقف التنفيذ عند الفصل في موضوع الطلب”.
تنص هذه المادة كذلك على الحالة وعلى شروط تطبيقها وهي ذات الشروط المقررة لوقف التنفيذ وللقضاء الاستعجالي بصفة عامة.
وردت هذه الحالات جميعها ضمن القضاء الاستعجالي إلى جانب الحـالات الأخـرى التي وردت ضمن أحكام دعوى الموضوع([73])، وهي المذكـورة أدنـاه.
3- وقف تنفيذ القرارات الإدارية في الحالات الأخرى
بصفة عامة فإنه يجوز للمحكمة الإدارية أن تأمر بوقف تنفيذ القرار الإداري كلما توفرت شروط وقف التنفيذ، وكانت دعوى الموضوع منشورة (أي دعوى الإلغاء)، نصت على فكرة وقف تنفيذ القرارات الإدارية على سبيل الاستثناء من القاعدة العامة المتمثلة في نفاذ القرار الإداري، نصت على ذلك (المـادة 833/1 ق.إ.م.إ).
وعلى الرغم من أن النص هنا على وقف تنفيذ القرارات الإدارية وارد ضمن أحكام قضاء الموضوع([74]) وليس أحكام قضاء الاستعجال([75])، على الرغم من ذلك فإننا نعتقد أن دعوى وقف التنفيذ ينبغي أن تكون دعوى استعجالية، لأن المادة (835 ق.إ.م.إ) نصت صراحة على وجوب التحقيق في طلب وقف التنفيذ “بصفة عاجلة” ويتم “تقليص الآجال”.
كما نصت المادة (836) على أن الفصل في وقف التنفيذ يكون “بأمر” مسببكمانصتالفقرة(2)منالمادة(834/2)علىأنتكوندعوى وقف التنفيذ متزامنة مع دعوى الموضوع، وهذه جميعها خصائص للقضاء الاستعجالي.
– وكذلك ينص القانون على حالة أخرى لوقف التنفيذ وهي الحالة التي يتم استئناف حكم صادر عن المحكمة الإدارية قضى برفض دعوى إلغاء قرار إداري، فإنه في هذه الحالة يجوز لمجلس الدولة أن يأمر بوقف التنفيذ بطلب من المستأنف، بشروط وقف التنفيذ التي نعرضها لاحقا (م. 912 ق.إ.م.إ) وبطبيعة الحال فإن طلب وقف التنفيذ هنا يجب أن يتم بعريضة مستقلة ولكن بالموازاة مع عريضة الاستئناف، فالمبدأ العام أن طلب وقف التنفيذ يتم بموجب عريضة مستقلة (م. 834 ق.إ.م.إ)
ثانيا: شروط وقف تنفيذ القرارات الإدارية
1- ألا يمس وقف التنفيذ بحقوق الأطراف (في الموضوع)
من اختصاص قاضي الأمور المستعجلة الأمر بوقف تنفيذ القرار الإداري طالما كان وقف التنفيذ لا يمس بحقوق الأطراف، ويشكل مجرد إجراء تحفظي. وهكذا فإن قرار وزارة المالية (المديرية العامة للضرائب) المتضمن بيع الأموال في المزاد العلني، يكون من هذا القبيل، ويجوز وقف تنفيذه في انتظار البت في دعوى الموضوع المقامة بين المدعي وإدارة الضرائب المتعلقة بدعوى البطلان ([76]). إن هذا الشرط هو شرط من شروط الدعوى الاستعجالية بوجه عام، وهو شرط عدم المساس بأصل الحق (م.918 ق.إ.م.إ).
2 – أن يكون القـرار المطلوب وقف تنفيـذه مولـدا لأضـرار يصعـب إصـلاحهــا لو نفــذ
لا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة الأمر بوقف تنفيذ القرارات الإدارية إلا إذا أدت إلى نشوء ضرر يصعب إصلاحه من جراء تنفيذ القرار الإداري موضوع طلب التأجيل([77]) . لقد عبر عن ذلك مفوض الحكومة الفرنسية السيـد “LAURANT” بقوله:
« UN DOMMAGE DOIT ETRE CONCIDERE COMME IRREPARBLE LORSQUE LES CONSEQUECNCES ENTRAINEES PAR L’ EXECUTION IMMEDIATE DE LA DECISION NE PEUT ETRE EFFACEE. REPAREES OU COMPENSEES PAR UN PROCES QUELCONQUE » )[78]( .
لقد أشار المشرع إلى هذا الشرط في العديد من المواد المتعلقة بوقف التنفيذ منها (م.912.ق.إ.م.إ).
3- أن يقدم المدعي دفوعا جدية ومؤسسة في الموضوع
لكي يأمر قاضي الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ القرار الإداري، ينبغي أن يدرس الدفوع المتعلقة بموضوع الدعوى الأصلية(دعوى البطلان) ليس للفصـل في هذه الأخـيرة فهي تخرج عن موضوع وقف التنفيـذ، ولكن حتى لا يقـع في تناقض فيأمر بوقف تنفيذ قرار لن يلغيه كقاضي موضـوع فيما بعـد([79]) ([80])، ولو أن هذا الاختلاف قد يقع أحيانا ولو بصفة قليلة([81])، نصت على ذلك (م.م. 912، 919.ق.إ.م.إ).
4 – أن تكون دعوى الإلغاء منشورة أمام قضاء الموضوع.
لا يقبل طلب وقف تنفيذ القرار الإداري إلا إذا كان المدعي قد نشر دعوى الموضوع، لقد ألغت المحكمة العليا الأوامر الاستعجالية التي أجازت وقف تنفيذ القرار في غياب نشر دعوى الموضوع، إنه”من المستقر عليه قضاء أن القاضي الإداري لا يمنح وقف تنفيذ قرار إداري ما لم يكن مسبوقا بدعوى مرفوعة ضده في الموضوع”([82]). وهو شرط منطقي، فلا يعقل الاستجابة لطلب المدعي بوقف تنفيذ قرار لم يعارض في مدى مشروعيته أمام قضاء الإلغاء. ومن ثمة فلا جدوى من وقف تنفيذ قرار لن يلغى بسبب عدم تحريك المدعي دعوى الإلغاء. لقد قنن المشرع هذا الاجتهاد في نصوص القانون (م.م.834/2)، بل ونصت المادة (926 ق.إ.م.إ) على وجوب إرفاق نسخة من عريضة دعوى الموضوع مع دعوى وقف التنفيذ.
ثالثا: إجراءات وقف تنفيذ القرارات الإدارية
نصت المادة (834 ق.إ.م.إ) صراحة على أن “تقدم الطلبات الرامية إلى وقف التنفيذ بدعوى مستقلة”.
وتتطابق النصوص الجزائرية مع النصوص الفرنسية في هذا المجال، مع فارق بسيط ولكنه مهم فبينما تتحدث النصوص الجزائرية عن “دعوى مستقلة”، تتحدث النصوص الفرنسية عن عريضة متميزة “UNE REQUETE DISTINCTE “([83]) .
إن المقصود إذن هو عريضة متميزة عن عريضة دعوى الموضوع، بمعنى آخر يجب أن تكون عريضة وقف التنفيذ مستقلة عن عريضة دعوى الإلغاء ولو أنه يشترط أن تكون متزامنة معها، ويمكن فهم النص الفرنسي عندما نعرف أن إجراءات وقف التنفيذ من اختصاص (رئيس المحكمة الإدارية أو رئيس قسم المنازعات بمجلس الدولة) الذي يفصل فيه على وجه السرعة، وبصفة انفرادية، ودون انتظار انتهاء إجراءات التحقيق في دعوى الموضوع(الإلغاء) التي تفصل فيها التشكيلة الجماعية كاملة، بينما نلحظ شيئا من الغموض في النص الجزائري الذي يتبنى نفس الخصائص والإجراءات ولكنه يجعل التشكيلة الجماعية التي تفصل في دعوى الموضوع هي التي تفصل في وقف التنفيذ، مما نخشى أن ينعكس سلبا على سرعة الإجراءات بسبب الطابع الجماعي للتشكيلة.
على القـاضي أن يفصل في وقف التنفيـذ على وجه السرعة بمجرد إيـداع العريضـة وقبل انتهـاء التحقيق في طلب الإلغاء والحكم فيه (المواد من 833 إلى 837 ق.إ.م.إ).
وفي فرنسا، فإنه بسبب استقلال عريضة وقف التنفيذ عن عريضة الإلغاء، يجوز رفع الأولى خارج مهلة شهرين، شريطة أن تكون عريضة الإلغاء قد قدمت في هذا الميعاد([84]) .
وبطبيعة الحال فإن التحقيق في الدعوى يتم حسب إجراءات القضاء الاستعجالي، باعتبارها دعوى استعجالية، وحتى في فرنسا- التي ورد تنظيمها بشكل مستقل عن القضاء المستعجل- فإنه يتم التحقيق في الدعوى على وجه السرعة وحسب إجراءات ومهل سريعة([85]).
وأخيرا فإن الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية بوقف تنفيذ القرارات الإدارية تكون قابلة للطعن فيها بالاستئناف أمام مجلس الدولة في نفس ميعاد استئناف الأوامر الاستعجالية الأخـرى، وهو (15) خمسة عشر يوما([86]).
ويفصل مجلس الدولة بالدرجة النهائية في الاستئناف([87]).
أما الأوامر الصادرة عن مجلس الدولة بخصوص وقف تنفيذ القرارات الإدارية المركزية فهي تصدر بالدرجة الأولى والأخيرة وهذه نقطة تمايز مع النظام الفرنسي حيث تخضع أحكام وقف تنفيذ القرارات الإدارية إلى الاستئناف خلال (15) يوما من تبليغها أمام محاكم الاستئناف الإدارية، ثم بالنقض أمام مجلس الدولة خلال نفس المدة.
الفرع الثاني
وقف تنفيذ القرارات القضائية
خلافا لما هو معروف في الدعـاوى المدنيـة، فإنه في الدعاوى الإداريـة ليس للاستئنـاف أثر موقف (المـادة 908 من قانون الإجراءات المدنيـة والإداريـة) ([88])([89]) ([90]).
بسبب الأثر غير الموقف للاستئناف تثور مشكلة، ألا وهي الحاجة في حالات معينة إلى ضرورة وقف تنفيذ القرار القضائي، وتصطدم هذه الضرورة بالقاعدة المذكورة، فما العمل في مثل هذه الحالة؟
أولا: وقف تنفيذ القرارات القضائية في مرحلة القانون القديم للإجراءات المدنية
لقد أهمل قانون الإجراءات المدنية القديم هذه القضية، مكتفيا بنص وحيد أوردته الفقرة الأخيرة من المادة (171 مكرر.ق.إ.م) التي سمحت لرئيس الغرفة الإدارية لدى المحكمة العليا أن” يوقف فورا وبصفة مؤقتة تنفيذ القرار” الاستعجالي المتضمن تدبيرا استعجاليا ما.
ويستفاد من قضاء المحكمة العليا المواكب للتشريع القديم، أن الاجتهاد القضـائي لا يستبعد هو الآخر نهائيا إجراء وقف التنفيذ، ولكنه يضيـق تطبيقـه في حدود معينـة.
وهكذا فإن قرارات الغرفة الإدارية للمحكمة العليا مبدئيا مستبعدة من نطاق إجراءات وقف التنفيذ، لأنها قرارات ذات حجية([91]) .
وكذلك الشأن بالنسبة للقرارات القضائية المعروضة على المحكمة العليا على سبيل الاستئناف، حيث لا يجوز وقف تنفيذها طالما كانت الدعوى الأصليةمطروحة على المحكمة العليا في نفس الوقت([92]).إن هذا الاجتهاد في رأينا غامض وغير مقبول لأنه يمكن لرئيس الغرفة الإدارية، إذا وجد ضرورة ملحة أن يأمر بوقف تنفيذ القرار على وجه السرعة ريثما تفصل التشكيلة الجماعية للغرفة الإدارية في موضوع الاستئناف الذي يأخذ التحقيق فيه وقتا طويلا.
إن وقف تنفيذ القرارات القضائية هو كذلك حسب الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا هو اختصاص حصري للمحكمة العليا (رئيس الغرفة الإدارية) ولا تشاركها فيه المجالس القضائية([93])، وعلى الرغم من أن هذه القاعدة مقبولة جدا باعتبار المحكمة العليا هنا هي جهة استئناف، فمن المعقول أن يكون قاضي الموضوع (الاستئناف) هو قاضي وقف التنفيذ. على الرغم من ذلك فإن تأسيس هذه القاعدة لم يكن موفقا في الاجتهاد، لأنه اعتمد على المادة (283/2 ق.إ.م القديم) ونحن نعلم أن هذا النص يتعلق بوقف تنفيذ القرارات الإدارية وليس القرارات القضائية.
وأخيرا على مستوى الموضوع فإنه لا يجوز الأمر بوقف تنفيذ القرارات القضائية في حالة عدم وجود ضرر من جراء تنفيذ القرار أو في حالة عدم تقديم المدعي “أوجها جدية” تستدعي الاستجابة لطلبه
ثانيا: وقف تنفيذ القرارات القضائية في مرحلة القانون الجديد للإجراءات المدنية والإدارية ( ابتداء من 2008)
لقد قنن القانون الجديد للإجراءات المدنية والإدارية وقف تنفيذ القرارات القضائية، حيث حاول المشرع سد الفراغ الكبير الذي كان سائدا في القانون القديم، وعمل في نفس الوقت على تبني وتنقيح ما وصل إليه الاجتهاد الإداري للمحكمة العليا ([95]) ([96]).
وهكذا نص قانون الإجراءات المدنية والإدارية على خمس حالات:
الحالة الأولى: نصت عليها المادة (913 ق.إ.م.إ) ، وتتعلق بجواز وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية وذلك بموجب “أمر” صادر عن مجلس الدولة متى توفرت شروط معينة، ويفهم من صياغة المادة واستعمالها مصطلح ” أمر” أن الفصل في وقف التنفيذ هنا يتم وفق إجراءات الاستعجال ومن ثمة فإنه يقع بناء على عريضة استعجالية بوقف التنفيذ([97])، كما يفهم منها أن الأمر هنا يتعلق بالأحكام ذات المضمون المالي، فهي قابلة لطلب وقف تنفيذها أمام مجلس الدولة الذي يأمر به إذا توفرت شروط معينة حددتها المادة، كما يلي:
– إذا كان تنفيذ الحكم من شأنه أن يعرض المستأنف لخسارة مالية مؤكدة، لا يمكن تداركها.
– إذا قدم الطاعن في عريضة الاستئناف أوجها جدية تجعل احتمالات إلغاء الحكم المستأنف كبيرة.
– أن يكون المعني قد رفع استئنافا ضد الحكم المطلوب وقف تنفيذه (وهو من تحصيل حاصل).
إن هذه الشروط المطلوبة للأمر بوقف التنفيذ، هي ذاتها الشروط المعروفة في فرنسا.
الحالة الثانية: وتخص الحالة التي يكون موضوع الحكم المستأنف هو التصريح بإلغاء قرار إداري، في هذه الحالة يجوز كذلك لمجلس الدولة بناء على طلب المستأنف أن يأمر بوقف تنفيذ الحكم “متى كانت أوجه الاستئناف تبدو جدية ومن شأنها أن تؤدي فضلا عن إلغاء الحكم المطعون فيه أو تعديله إلى رفض الطلبات الرامية إلى الإلغاء من أجل تجاوز السلطة “.
نصت على هذه الحالة المادة (914 ق.إ.م.إ) وإذا كانت هذه الحالة تشترك مع الحالة الأولى في شروط الأمر بوقف التنفيذ، فإن الفرق بينهما يكمن في أن الحالة الأولى تتعلق بطلب وقف حكم ذي مضمون مالي “يعرض المستأنف لخسارة مؤكدة يصعب تداركها”، فإن الحالة الثانية تتعلق بطلب وقف حكم يتضمن إلغاء قرار إداري.
الحالة الثالثة: وتتعلق بجواز أن يأمر مجلس الدولة برفع الأمر بوقف التنفيذ المأمور به وفقا للمادتين (912، 914 ق.إ.م.إ)، وذلك “بناء على طلب من يهمه الأمر”، أي في حالـة ظهـور مقتضيات جديدة تتطلب رفع وقف التنفيذ، نصت على هذه الحالة الفقرة الثانية من المادة (914 ق.إ.م.إ ).
الحالةالرابعة:وقفتنفيذالأوامر الاستعجالية المتعلقة بالتسبيقالمالي.
نصت على هذه الحالة المادة (945 ق.إ.م.إ) بقولها: “يجوز لمجلس الدولة أن يأمر بوقف تنفيذ الأمر القاضي بمنح التسبيق، إذا كان تنفيذه من شأنه أن يؤدي إلى نتائج لا يمكن تداركها، وإذا كانت الأوجه المثارة تبدو من خلال التحقيق جدية، ومن طبيعتها أن تبرر إلغاءه ورفض الطلب”.
الحالة الخامسة: وهي حكم عام أورده المشرع خطأ ضمن حالات وقف تنفيذ القرارات الإدارية، وهو في حقيقته يتعلق بوقف تنفيذ القرارات القضائية، حيث يجوز لمجلس الدولة وفقا لأحكام المادة (911 ق.إ.م.إ) أن يأمر برفع وقف التنفيذ الصادر عن المحكمة الإدارية حالا متى توفرت الشروط التالية:
– إذا كان من شـأن هذا الأمر القضائي الإضرار بمصلحـة عامة أو بحقوق المستأنف.
– أن يكون رفع وقف التنفيذ مؤقتا إلى غاية الفصل في موضوع الاستئناف، وبمعنى آخر يجب أن يكون الاستئناف في دعوى الموضوع منشور أيضا ليقبل مجلس الدولة رفع وقف التنفيذ المأمور به من قبل المحكمة الإدارية.
و في فرنسـا، فإن وقف تنفيـذ القرارات القضائيـة منظم بالمـواد (125-127/القسم الثاني) من قانون المحاكم الإدارية([98])، ويتم طلب وقف تنفيذ القرارات القضائية بنفس إجراءات وقف تنفيذ القرارات الإدارية، وهكذا فإن دعوى وقف التنفيذ تقدم خلال (15) يوما من تاريخ التبليغ ،أمام محكمة الاستئناف الإدارية، وأحكام هذه الأخيرة قابلة للطعن بالنقض أمام مجلس الدولة في نفس الميعاد (أي 15 يوما).
ويميز في فرنسا بين ثلاث حالات:
الحالة الأولى :عندما يرفع الاستئناف في الحكم أمام محكمة الاستئناف الإدارية من قبل شخص آخر غير المدعي في الدعوى الابتدائية فالمحكمة الاستئنافية تستطيع أن تأمر بناء على طلب المستأنف بوقف تنفيذ الحكم المستأنف، إذا كان تنفيذ الحكم يعرض المستأنف نهائيا لخسارة مبلغ مالي لن يبقى ملزما بها لو قبل استئنافه (مرسوم 92-245 بتاريخ 17 مارس 1992، المدمج في المادة (125/ق.ت) من قانون المحاكم الإدارية.
الحالة الثانية : عندما يكون موضوع الاستئناف هو حكم يتضمن التصريح بإلغاء قرار إداري، فإن المحكمة تستطيع بناء على طلب المستأنف أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم إذا ظهرت دفوع المستأنف في الدعوى “جدية ومن طبيعتها أن تبرر إلغاء الحكم” .
الحالة الثالثة: في غير الحالتين السابقتين ،فإنه يجوز الأمر بوقف تنفيذ قرار قضائي بناء على طلب المدعي إذا ما كان تنفيذ الحكم سيؤدي إلى نتائج يصعب إصلاحها ،و إذا كانت الدفوع المقدمة في الدعوى “جدية ومن طبيعتها أن تؤدي إلى إلغاء الحكم” .
المبحث الثالث خصائص القضاء الاستعجالي
المطلب الأول
الخصائص المتعلقة بالعريضة
يشترط في جميع إجراءات الاستعجال (سواء توجيه إنذار ، أو إثبات وقائع أو غيرها من الأوامر) أن تتم بناء على عريضة يرفعها المدعي إلى رئيس المحكمة الإدارية المختصة .
غير أنه يتعين التمييز بين نوعين من العرائض :
الفرع الأول
العريضـة ” المـذيلــة ” بأمر
وهي العرائض التي ترمي إلى استصـدار أمر إثبات حالة أو توجيه إنـذار([99]) و هي عرائض بسيطة ، مصحوبة في ذيلها بأمر من رئيس المحكمة الإدارية. وتقدم هذه العرائض مباشرة إلى رئيس المحكمة الإدارية، الذي يأمر في ذيلها – عند اقتناعه بالطلب – بالقيام بإثبات الحالة أو بالإنذار…، ومن ثمة فان هذا النوع من العرائض لا تحدد له جلسات ولا تمنح فيه للمدعى عليه المحتمل اختصامه آجال للرد([100]) .
الفرع الثاني
العـرائـض الأخـرى
وهي عرائض افتتاح دعوى بأتم معنى الكلمة حيث تسجل كدعاوى الموضوع لدى كتابة الضبط (ولا تقدم مباشرة إلى رئيس المحكمة) تنظر في جلسات القضاء الاستعجالي، ويمنح المدعى عليه فيها حق الرد([101]). يمكن إجمال هذه المسائل في خاصية واحدة يعبر عنها بالطابع الحضوري للإجراءات.
المطلب الثاني
خاصية إعفاء المدعي من شرط التظلم
حتى عندما يكون التظلم شرطا لازما لقبول دعوى الموضوع، فإنالدعوى الاستعجالية لا تكون مشروطة بتقديم تظلم، لأن عنصـر الاستعجال في الدعوى يفرض استبعاد مثل هذا الشرط، و هو ما نص عليه المشرع صراحة في عدة مواد([102])، وطبقه القضاء في العديد من أحكامه([103]) .
المطلب الثالث
خاصية تقصير الآجال إلى النصف
ينص القانون صراحة على وجوب الفصل في الدعوى في أقرب الآجال (م 918 ق . إ . م . إ)، كما ينص على تقصير آجال الرد (م 928 ق.إ.م.إ) وقد درج التطبيق العملي على تقصيرها إلى نصف الآجال الممنوحة للخصوم في دعاوى الموضوع، وهكذا فإن آجال الرد تصبح بتطبيق هذه القاعدة أسبوعا واحدا، وتطبق ذات القاعدة بالنسبة لآجال الاستئناف، ولكن هذه المرة بنص التشريع، وهكذا نصت (م 937 ق.إ.م.إ) على أن ميعاد الاستئناف هو (15) يوما من تاريخ تبليغ الأمر([104]). لا يوقف الاستئناف تنفيذ الحكم ليس فقط تطبيقا للقاعدة العامة المعروفة في المواد الإدارية، ولكن أيضا لأن الأوامر الاستعجالية تكون مشمولة بالنفاذ المعجل، فقد نصت الفقرة الأخيرة من (م. 935 ق.إ.م.إ) على ما يلي: “يبلغ أمين الضبط، بأمر من القاضي، منطوق الأمر ممهورا بالصيغة التنفيذية في الحال إلى الخصوم مقابل وصل استلام، إذا اقتضت ظروف الاستعجال ذلك”.
([1])- ولو أن النصـوص تشير إلى رئيس المجلس أو العضو الذي ينتدبه بالنسبة لدعاوى المجـالس (المادة 171 مكرر ق.إ.م القديم) بينما يسند في الواقع رئيس المجلس هذه المهمة إلى رئيس الغرفـة.
([2])- لكل غرفة من الأنواع الثلاثة (المحلية، الجهوية، المحكمة العليا) اختصاص في مجال القضاء المستعجل.
([3])- بالنسبة للمحكمة العليا، فإن القرارات الصادرة عن غرفتها الإدارية في المواد المستعجلة تصدر عن التشكيلة الجماعية للغرفة، يظهر ذلك من مطالعة الأحكام المنشورة وغير المنشورة، على الرغم من أن النصوص تشير في غموض إلى الاختصاص الانفرادي لرئيس الغرفة الإدارية (مثلا: المادة 170 الفقرة الأخيرة ق.إ.م وكذلك المادة 171 الفقرة الأخيرة ق. إ. م) وأيضا (المادة 283/2. ق.إ.م). غير أن هذا الاختصاص الانفرادي لرئيس الغرفة المشار إليه في هذه النصوص يتعلق “بوقف تنفيذ القرارات” فهل معنى ذلك أن رئيس الغرفة خارج موضوع “وقف التنفيذ” لا يتمتع بصلاحيات انفرادية ؟ الواقع أن وقف التنفيذ من موضوعات القضاء المستعجل. في فرنسا أيضا فإن رئيس قسم المنازعات بمجلس الدولة يتمتع بصلاحيات انفرادية في مسائل وقف تنفيذ القضاء المستعجل، وتوزيع الاختصاص، وكذلك رئيس المحكمة الإدارية.
([4])- لقد تبنى المشرع في قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد (في 25-2-2008) ما كان الاجتهاد القضائي قد كرسه سابقا من أن التشكيلة الجماعية في الغالب هي التي تفصل في الدعوى الاستعجالية خلافا للنصوص الصريحة للقانون القديم للإجراءات الذي كان ينص على الصلاحيات الانفرادية لرئيس الجهة القضائية بالمسائل الاستعجالية. إن مسلك المشرع هنا جاء بدون بيان أسباب، ومخالفا لما هو متعارف عليه في الأنظمة المقارنة (مثلا فرنسا) ؟! .
([5])- أنظر الفصل الثاني من الباب الأول من الجزء الأول من هذا المؤلف.
([6])- ومع ذلك نصت المادة (938 ق.إ.م.إ) على أن مجلس الدولة يفصل في حالة استئناف هذا الأمر في مهلة شهر، مما يعني أن الأمر الصادر بالرفض هو أمر استعجالي وليس حكم في الموضوع مما يجعلنا نتساءل عن جدوى هذا الخلط في المفاهيم ؟ !
)[7] (- CHarles debbasch. Institutions et droit administratifs. Op.cit. p.452. 453.
وأنظر كذلك:
– أحمد مسلم، أصول المرافعات، المرجع السابق، ص 347 وما بعدها.
([8])- السابق عرضها في الباب الثاني من الجزء الأول من هذا المؤلف (الفصل الخاص بالإجراءات).
([9])-م.924ق.إ.م.إوقدسبقأنعلقناعلىالمسألة وقلنا إن الصحيح هو الحكم بعدم الاختصاص النوعي حسب ما هو متعارف عليه في فقه المرافعات، ولكن المشرع أراد ذلك لأسباب شرحناها قبل قليل.
([10])- وكانت من قبل واردة في مادة واحدة هي المادة (171) مكرر من قانون الإجراءات المدنية، الذي حل محله قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد المؤرخ في 25 أفريل 2008.
([11])- وتتعلق هذه المادة بطلب إلغاء كلي أو جزئي لقرار إداري بالرفض.
([12])- ولو أن هذه المادة تتعلق بتدابير الاستعجال التي تتم بموجب أمر على ذيل عريضة وليس عريضة حضورية للقضاء الاستعجالي، وسنبين لاحقا الفرق بين العريضة القضائية والعريضة المذيلة بأمر، الأولى تتوج بأمر قضائي قابل للاستئناف يصدر بعد مناقشات حضورية، بينما تتوج الثانية بأمر في ذيلها يصدر دون مناقشات حضورية وهو غير قابل للاستئناف، لأنه مجرد عمل إداري ولائي وليس عمل قضائي.
-كان المشرع في قانون الإجراءات المدنية والإدارية في الشق الخاص بالإجراءات المدنية أكثر منهجية منه في الشق الخاص بالإجراءات الإدارية بصدد التمييز بين الأوامر على العرائض (الأعمال الولائية) وبين الأوامر الاستعجالية ذات الطابع القضائي، وهكذا نص على الأولى في المواد 310 إلى 312 مبينا خصائصها وعدم خضوعها للاستئناف إلا في حالة رفض العريضة ونص على الثانية في المواد 299 إلى 305، بينما لم يتبع ذات المنهجية في الشق الإداري فجمع النوعين في مواد متداخلة دون فصلها.
ويبدو أن المشرع الجزائري حاول تقليد المشرع الفرنسي دون أن يوفق، ففي فرنسا نظم المشرع إجراءات الاستعجال في عدة مواد موزعة في قانون المحاكم الإدارية الجديد كالتالي: القضاء الاستعجالي (المادتان 128 و135من القسم التنظيمي)، معاينة حالة الاستعجال عن طريق الخبرة (المادتان 136، 137 القسم التنظيمي)، ثم تناول وقف التنفيذ بشكل مستقل عن القضاء الاستعجالي.
([13])- كانت المادة (171 مكرر ق. إ. م القديم) تشكل النظام الأساسي للدعوى الاستعجالية وهي لم تتمكن على طولها من أن تغطي كل جوانب القضاء المستعجل في المواد الإدارية، ولذلك عمد المشرع إلى تقنين الموضوع الآن بعدة مواد، يجب أن نلاحظ أن هذه المادة كانت تتضمن أوجه تشابه وأوجه اختلاف مع المادة (130/ القسم التنظيمي) من قانون المحاكم الإدارية الجديد في فرنسا ونصها كالتالي:
« EN CAS D’URGENCE. LE PRISIDENT DU TRIBUNAL ADMINISTRATIF OU DE LA COUR ADMINISTRATIVE D’APPEL OU LE MAGISTRAT QUE L’UN D’EUX DELEGUE PEUT. SUR SIMPLE REQUETE. QUI DEVANT LE TRIBUNAL ADMINISTRATIF. SERA RECEVABLE MEME EN L’ABSENCE D’UNE DECISION ADMINISTRATIVE PREALABLE. ORDONNER TOUTES MESURES UTILES SANS FAIRE PREJUDICE AU PRINCIPAL ET SANS FAIRE OBSTACLE A L’EXECUTION D’ AUCUNE DECISION ADMINISTRATIVE ».
يظهر التشابه خاصة في عدم اشتراط التظلم، وفي منح الاختصاص لرئيس الجهة القضائية المعنية أو العضو الذي ينتدبه، ويظهر الاختلاف في استبعاد التشريع الفرنسي شرط النظام العام، أما في القانون الجديد للإجراءات المدنية والإدارية فالمشرع الجزائري هو الآخر تنازل عن شرط النظام العام، أما التظلم فلم يعد شرطا إلزاميا للدعوى الإدارية أصلا، حتى ولو كانت دعوى موضوع، ومع ذلك فقد أشار المشرع إلى عدم اشتراطه في الأوامر على العرائض في المادة (921 ق.إ.م.إ) وفي المادة (834 ق.إ.م.إ) حول تقديم ما يثبت القيام بإجراء التظلم في حالة التظلم الوجوبي في المنازعات الخاصة أو في حالة اللجوء إليه اختياريا، وذلك في دعوى وقف تنفيذ القرار الإداري لأنها لا تكون مقبولة إلا إذا نشر المدعي دعوى في الموضوع، أو ما يثبت أنه شرع في التحضير لها من خلال (القيام بالتظلم).
)[14] (- CHARLES DEBBASCH. INSTITUTIONS ET DROIT ADMINISTRATIFS. OP.CIT. P. 453.
([15]) – تدعى الإدارة – (الولاية والبلدية)- ملكية الأرض محل النزاع عن طريق نظام الإدماج في الاحتياطات العقارية البلدية، ويدعي الخصم ملكية نفس الأرض عن طريق عقد شراء من الغير، ترفع الإدارة دعوى استعجالية لوقف الأشغال التي شرع فيها الغير على الأرض، في انتظار انتهاء إجراءات دعوى الموضوع. ويحكم القضاء بقبول الدعوى الاستعجاليـة مقررا وجود حالة استعجال بقوله: ” إنه طبقا لمقتضيات المادة (171 مكـرر/3 ق.إ.م) أمر قاضي الدرجة الأولى بإيقاف الأشغال. إن هذا الإجراء مبرر ولو لم يكن كذلك لكنا أمام حالة يستحيل حلها..(وعليه) يتعين تأييد الأمر المطعون فيه “.
المحكمة العليا استئناف رقم 92189 بتاريخ 22 مارس 1992 (قضية ح.ح ضد/ والي ولاية…ومن معه)- غير منشور.
([16])- ينص قانون البلدية على صلاحيات البلدية بهدم العقارات الآيلة للسقوط (المادة 71. ق.ب) وهو اختصاص منبثق عن صلاحياتها في مجال الضبط الإداري – (الأمر هنا يتعلق بالأمن العمومي للمارة)- وتحدد النصوص التطبيقية لقانون التهيئة العمرانية وخاصة منها النصوص المتعلقة برخصة البناء والهدم، إجراءات هدم العقارات الآيلة للسقوط (المادة. 75 وما بعدها من المرسوم التنفيذي رقم 91- 176 المؤرخ في 28 ماي 1991). لقد سنحت الفرصة للمحكمة العليا لتعلن اختصاص القضاء المستعجل بالنزاعات المتعلقة بهذا الموضوع: “… حيث أن هذه القضية تتعلق بإجراءات خاصة في الاستعجال ذات صلةبالبناياتالآيلةللسقوطوأنهيتعينعلىالقاضيالإداري–عكسماجاءفيالقرارالمستأنففيه–ال
فحص والبت في مدى سداد الطلب المعروض عليه …(وعليه)… إلغاء القرار المستأنف فيه “. المحكمة العليا، استئناف إداري رقم 85181 بتاريخ 26 نوفمبر 1984 (قضية ن. م ضد/ بلدية…ولاية..) غير منشور.
([17])- هذا الاجتهاد في الحقيقة مبني على القياس على القضاء الاستعجالي في المواد المدنية حيث كانت المادة (183 ق.إ.م القديم) تنص صراحة على الحراسة القضائية كتدبير استعجالي، وقد تبنت المادة (299ق.إ.م.إ) التي حلت محلها نفس الحكم، بينما لا وجود لهذا الحكم في المواد الإدارية الخاصة بالاستعجال الإداري، والقياس هنا في محله لتوافر الطابع الاستعجالي في الحراسة القضائية في الحالتين.
“…حيث تخضع هذه الحقوق (الأتعاب) لتقدير رئيس الجهة القضائية الذي عين الحارس القضائي. يستخلص مما سبق أن قاضي الدرجة الأولى لم يأخذ بعين الاعتبار هذه المقتضيات …(وعليه) القضاء بإلغاء الأمر المستأنف”.=
= المحكمة العليا استئناف إداري رقم 38070 بتاريخ 20 أكتوبر 1984 (قضية والي ولاية …ضد/ب.ر ومن معه) غير منشور.
([18])- على الرغم من أنه ليس من شروط الدعوى الاستعجالية ميعاد معين، ولكن منطقيا يجب ألا تتجاوز ميعاد دعوى الموضوع كحد أقصى، وإلا فإن ذلك يعني عدم وجود حالة استعجال. من هذا المنطق، فإن المحكمة العليا تعتد بعامل الوقت في تقدير حالة الاستعجال، كما جاء في قرار المحكمة العليا رقم 18614 بتاريخ 16 ماي 1981 (قضية والي ولاية…ضد فريق ج .س) – غير منشور.
“…. حيث أن دعوى الاستعجال لا يمكن إذن رفعها إلا في حالة الاستعجال، أو في حالة وجود خطر يهدد المسكن.
حيث أنه من الثابت أن المدعين ( المستأنف عليهم) قد انتظروا قرابة الثلاث سنوات لرفع دعواهم الرامية إلى إيقاف تنفيذ القرار الإداري . حيث أن ظرف الاستعجال غير قائم إذن في هذه القضية، وأن دعوى الاستعجال بالتالي غير مقبولة…( وعليه) القضاء بإلغاء القرار المستأنف “. والصحيح أن تقضي المحكمة بعدم الاختصاص وليس بعدم قبول الدعوى، على الأقل في ظل النصوص القديمة أما النصوص الجديدة فقد رتبت رفض الدعوى الاستعجالية أو الطلب (م 924 ق.إ.م.إ).
([19])- المحكمة العليا، استئناف إداري رقم 23763 بتاريخ 16 ماي 1981 (قضية مؤسسة أ.ع. ب ضد / والي ولاية..ووزير الداخلية) – غير منشور.
([20])- المحكمة العليا، استئناف إداري رقم 41630بتاريخ 18 ماي 1985 (قضية والي ولاية…ورئيس بلدية…ضد/ فريق:) – غير منشور.
([21])- ينص التشريع السابق (الأمر المتضمن الاحتياطات العقارية، المؤرخ في 20 مارس 1974 في مادته السادسة) على حق الملاك الذين أدمجت أراضيهم ضمن الاحتياطات العقارية البلدية في الاحتفاظ بجزء من الأرض قصد سد احتياجاتهم العائلية في مجال البناء، فطالما أن الأرض انتزعت منهم لصالح البلدية قصد توزيعها على المواطنين للبناء، فإنهم أولى من غيرهم بحق البناء)، لقد ألغي هذا الأمر بقانون التوجيه العقاري الصادر في 18 نوفمبر 1990.
([22])- وهي التي نصت على تعديل المادة (102) من قانون المحاكم الإدارية القديمة في هذا الاتجاه، وأصبحت في قانون المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الجديدة المادة (128/ القسم التنظيمي)، وهي أول مادة في الفصل الخاص بالقضاء الاستعجالي ونصها كالتالي:
« LE PRESIDENT DU TRIBUNAL ADMINISTRATIF OU DE LA COUR ADMINISTRATIVE D’APPEL OU LE MAGISTRAT QUE L’UN D’EUX DE LEGUE SERA RECEVABLE MEME EN L’ ABSENCE D’UNE DECISION ADMINISTRATIVE PREABLE, PRESCRITE TOUTES MESURES UTILES D’ EXPERTISE OU D INSTRUCTION »
ولم تمنع هذه المادة “التي لاتشترط وجود حالة استعجال” من وجود المادة (136) من القسم التنظيمي من قانون المحاكم الإدارية الجديد، المتعلقة بمعانية الاستعجال والتي تسمح في “حالات الاستعجال” بتعيين خبير “لمعاينة الوقائع”.
([23])- أما حالة اثبات الوقائع المادية بواسطة خبرة، فلا تتطلب دعوى حقيقية بل يكفي فيها عريضة وأمر وفقا للمادة (939 ق.إ.م.إ).المذكورة قبل قليل.
بينما إذا تجاوز موضوع الخبرة مجرد اثبات وقائع فيتعين تطبيق أحكام المادة (940 ق.إ.م.إ) بما تتطلب من إجراءات العريضة الوجاهية والأمر القضائي.
([24])- الأمر الاستعجالي بالتسبيق المالي هو أمر قضائي يصدر بعد استنفاذ إجراءات الدعوى الوجاهية، ولذلكنصتالمادة(943 ق.إ.م.إ) على أنه قابل للاستئناف أمام مجلس الدولة خلال (15) يوما من تاريخ التبليغ الرسمي (التبليغ الرسمي هو الذي يتم بموجب محضر يعده المحضر القضائي المادة (406 ق.إ.م.إ).
([25])- وقد ادمج قانون المحاكم الإدارية الجديد في فرنسا أحكام الاستعجال المتعلقة بالتسبيق الواردة بالمرسوم أعلاه ، في المواد 132 إلى 135 من القسم التنظيمي .
)[26])- BERNARD STIRNE .FRAIS IRREPETIBLE, ET REFERE-PROVISION, DEVANT LE JUGE ADMINISTRATIF . A PROPOS DU DECRT N° 88/907 DU 02/09/1988. IN. REV. FR . DROIT ADM . N° 4 . 1988 . P .787.
– ROBERT VIARGUES . LE REFERE-PROVISION, DEVANT LE JUGE ADMINISTRATIF, BILAN DE LA PREMIERE ANNEE . IN . REV . FR . DROIT ADM . N° 6 . 1990 . P . 345.
([27])- تظهر صياغة المادة من الناحية الشكلية غير دقيقة، فهي تتحدث عن جواز إخطار المحكمة الإدارية، والصحيحجوازرفعالدعوىأمامالمحكمةالإداريةمنجهة،ومنجهة أخرى فإنها لم تحدد طبيعة العريضة==التي نصت على أن المحكمة الإدارية تخطر بها، فلا ندري هل المقصود هو عريضة قضائية ترفع وفقا للإجراءات المقررة للعرائض الاستعجالية وهذا هو الأرجح، رغم أن المادة لا توضح ذلك مما يثير اللبس مع العريضة البسيطة المذيلة بأمر .
([28])- “إن طلب تأجيل التنفيذ كان يهدف إلى السماح للمدعية بالبت في نزاعها مع المدعى عليه أمام الجهة القضائية في الموضوع، وأن هذه الدعوى كانت بالفعل من اختصاص قاضي الأمور المستعجلة” ويشترط هذا الحكم تقديم ضمانات للحفاظ على حقوق إدارة الضرائب – المحكمة العليا (الغرفة الإدارية)، استئناف استعجالي رقم 43995 بتاريخ 11 أكتوبر 1985، قضية المدير الفرعي للضرائب ضد شركة طوطال/الجزائر (قرار منشور).
– وأنظر كذلك قرار المحكمة العليا (غ.إدارية)، استئناف استعجالي رقم 37108 بتاريخ 14 جويلية 1984 (قضية رئيس المجلس الشعبي البلدي… ولاية … ضد/م.ع (غير منشور)، وقد جاء فيه “حيث من جهة أخرى يتضح من عناصر الملف أن المدعي (المستأنف عليه) قد رفع طعنا إداريا تدرجيا ضد القرار الإداري المتضمن إدراج قطعته الأرضية المتنازع عليها في الاحتياطات العقارية البلدية، حيث أن أشغال الهدم التي شرع فيها بالتالي كفيلة بالإضرار بحقوق المدعي، وأنه يتعين تأييد الأمر المستأنف بخصوص هذه القطعة في انتظار الفصل في الدعوى المرفوعة في الموضوع”.
([29])- هذه الحالات هي:
1- إذا تبين للسلطات الإدارية أن وجوده في الجزائر يشكل تهديدا للنظام العام و/أو لأمن الدولة.
2- إذا صدر في حقه حكم أو قرار قضائي نهائي يتضمن عقوبة سالية للحرية بسبب ارتكابه جناية أو جنحة.
3- إذا لم يغادر الإقليم الجزائري في المواعيد المحددة له ما لم يثبت أن تأخره يعود لقوة قاهرة.
([30])- يمدد هذا الميعاد في حالات معينة إلى شهر، هذه الحالات هي حالات إنسانية تتعلق حسب المادة (32) بالأشخاص المكورين أدناه وهم:
– الأجنبي الذي يقيم مع أبويه اللذين لهم صفة مقيم.
– الأجنبي الحائز لبطاقة مقيم ذات صلاحية (10) سنوات.
– الأجنبي المتزوج(ة) منذ سنتين على الأقل مع جزائري (ه) ويعيشان معا.
وفي هذه الحالة يكون للطعن أثر موقف.
([31])- هذه الحالات حسب المادة (32) هي:
– أحد الوالدين الذين يرعى طفل جزائري قاصر مقيم في الجزائر.
– الأجنبي القاصر.
– الأجنبي اليتيم القاصر.
– المرأة الحامل.
([32])- الأمر رقم 97-09 المؤرخ في 6-3-1997 المتعلق بالأحزاب.
([33])- فيما يلي نص المادة “في حالة قيام الأعضاء المؤسسين للحزب السياسي بخرق القوانين المعمول بها أو لالتزاماتهم قبل عقد المؤتمر التأسيسي، وفي حالة استعجال أو خطر يوشك أن يخل بالنظام العام، يجوز==للوزير المكلف بالداخلية أن يعلق بقرار نهائي ومعلل أو يمنع كل الأنشطة الحزبية للأعضاء المؤسسين، ويأمر بغلق المقار التي يستعملوها لممارسة هذه الأنشطة…
يمكن الطعن فيه أمام الجهة القضائية الإدارية التي يتبعها مقر الحزب، والتي عليها أن تفصل خلال الشهر الموالي لتاريخ رفع الدعوى…”.
([34])- أنظر، في التفاصيل، مسعود شيهوب، القوانين المؤطرة للنشاط السياسي، مقال منشور بمجلة الوسيط، الصادرة عن وزارة العلاقات مع البرلمان، عدد (6)- سنة 2008.
([35])- تنص المادة (22) من قانون الأحزاب على أن قرار رفض اعتماد حزب سياسي والصادر عن وزير الداخلية يكون قابلا للطعن بالإلغاء أمام المحكمة الإدارية لمدينة الجزائر خلال شهر واحد من تاريخ تسجيل الطعن، ويستمر هذا الأجل القصير أمام مجلس الدولة في حالة الاستئناف.
([36])- المادة (8) من قانون الجمعيات غير السياسية رقم 90/31 المؤرخ في 4 ديسمبر 1990.
([37])- الصادر في 27 افريل 1991 تحت رقم 91/11 .
([38])- المادة (28).
([39])- أنظر في التفاصيل ما تم عرضه في الباب الأول من هذا الجزء (تطبيقات المعيار العضوي).
– أنظر كذلك، مسعود شيهوب، القوانين المؤطرة للنشاط السياسي في الجزائر، مقال منشور بمجلة الوسيط الصادرة عن وزارة العلاقات مع البرلمان، عدد 6-2008.
([40])- فالمادة (918 ق.إ.م.إ) تكتفي بالنص على القاعدة العامة في مادة الاستعجال الإداري، وهي وجوب الفصل في “آجال معقولة” بينما تنص المادة (921 ق.إ.م.إ) على “حالة الاستعجال القصوى” التي تسمح في هذه الحالة للقاضي أن “يأمر بكل التدابير الضرورية” والفصل في مهلة 48 ساعة كما الأمر في حالة المساس الخطير وغير المشروع بالحريات (م.920 ق.إ.م.إ) بالنسبة للمحكمة الإدارية، والمادة (937 ق.إ.م.إ) بالنسبة لمجلس الدولة، وفي حالات أخرى مدد المشرع هذه المهلة إلى عشرين (20) يوما كما هو الأمر في حالة الاستعجال الخاصة بالصفقات العمومية المادة (947 ق.إ.م.إ).
لقد ميز المشرع في المواد الإدارية بين ما اسماه “الاستعجال الفوري (Le référé d’urgence) وبين الاستعجال(Le référé)ويتعلق الأول بحالات الاستعجالالقصوىويشمل المواد(919، 920، 921،==922 ق.إ.م.إ) وتخص هذه المواد على التوالي وقف تنفيذ القرارات الإدارية والتدابير الرامية إلى حماية الحريات الأساسية وقمع الاعتداء عليها، ولا سيما في مجال التعدي والاستيلاء والغلق ومراجعة الأوامر الاستعجالية متى ظهرت معطيات جديدة.
ويتعلق الثاني بحالات الاستعجال البسيطة بنص القانون التي أقرها قانون الإجراءات المدنية والإدارية، ويشمل المواد من 939 إلى 948 وتخص على التوالي الاستعجال في: مادة إثبات الحالة والتحقيق، وفي مادة التسبيق المالي، وفي مادة الصفقات العمومية، وفي مادة الضرائب.
بينما عمد المشرع في مادة الاستعجال المدني إلى تكريس ما استقر عليه الاجتهاد القضائي بخصوص الاستعجال من ساعة إلى ساعة فنص عليه صراحة في المادتين (301، 302 ق.إ.م.إ) وترك حالة الاستعجال البسيطة إلى القاعدة العامة القاضية بوجوب الفصل فيالدعوى الاستعجالية في أقرب الآجال (المادة 299 ق.إ.م.إ).
([41])- الأحكام الصادرة في المواد الاستعجالية تسمى أوامر.
([42])- وتستعمل المحكمة العليا بكثرة للتعبير عن ذلك مصطلح “النزاع الجدي” الذي يخرج عن اختصاص القاضي المستعجل.
« ATTENDU EN CONSEQUENCE QUE LES CONTESTATIONS SERIEUSES SOULEVEES PAR L’ENTREPRISE REQUISE . ET L’ABSENCE D’URGENCE (EXCLURE) TOUTE COMPETENCE AU JUGE DU REFERE ».
COUR SUPREME (CH.ADM)1763/85 . (Ste….C/LE DIRECTEUR DE L’ENTREPRISE…° DU 22/02/1986 (NON PUBLIE) .
([43])- “….حيث أن فحص أوجه وانتقادات الطرفين يظهر بان المنازعة منازعة جادة ولا يمكن البت فيها بطريق الاستعجال …”.
المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) استئناف في المواد الاستعجالية، رقم 38745 بتاريخ 23 فيفري (قضية ش.ا.ب ضد/والي ولاية …ومصلحة السكن) غير منشور.
([44])- “…حيث أن القاضي الاستعجالي لا يستطيع البت قانونا في طلب تأجيل التنازل عن هذه القطعة الأرضية ، قبل القيام مسبقا بتقدير قانونية هذا المستند .
حيث أن هذا القرار لا يمس زيادة على ذلك بحقوق المدعين في اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة للبت نهائيا في النزاع و في المقرر الذي هو خلفيته الأساسية …. (وعليه يتعين القضاء) بقبول الاستئناف وبالتصريح بعدم سداد العريضة”.
– المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) استئناف استعجالي رقم 55869 بتاريخ16 جويلية 1988 (قضية ح.ع.و/ح.م ضد/رئيس بلدية …) غير منشور .
– “حيث انه بالرجوع إلى مستندات الملف ، فانه نزاع جدي بين الطرفين خاصة فيما يتعلق بالسنة المعنية بالضريبة، لذا ترى المحكمة العليا، أن الأمر المعاد فيه سليم و يتعين الموافقة عليه”.
– المحكمة العليا ( الغرفة الإدارية ) استئناف استعجالي رقم 71964 بتاريخ 28 جويلية 1991 (قضية خ.م ضد/ مدير الضرائب لولاية …) غير منشور.
([45])- انظر المبحث الثاني من هذا الفصل الخاص بتطبيقات القضاء الاستعجالي في مجال التعدي …
([46])- م. 926 ق.إ.م.إ، التي تشترط بخصوص عريضة وقف تنفيذ القرار الإداري أن تكون دعوى الموضوع منشورة.
([47])- أنظر، المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) استئناف استعجالي رقم 37108 بتاريخ 14 جويلية 1984 (قضية رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية…وولاية…ضد/م.ع) غير منشور . وقد جاء فيه :
“حيث من جهة أخرى يتضح من عناصر الملف أن المدعي (المستأنف عليه) قد رفع طعنا إداريا تدريجيا ضد القرار الإداري المتضمن إدراج قطعته الأرضية المتنازع عليها في الاحتياطات العقارية البلدية .
حيث أن أشغال الهدم التي شرع فيها بالتالي كفيلة بالإضرار بحقوق المدعي، وانه يتعين بالتالي تأييد الأمر المستأنف بخصوص هذه القطعة في انتظار الفصل في الدعوى المرفوعة في الموضوع” .
([48])- المحكمة العليا (الغرفة التجارية و البحرية) نقض تجاري رقم 75443 بتاريخ 10 مارس 1991، (قضية ن.ع ضد/غ)، المجلة القضائية، 2، 1993، ص 102، وقد جاء فيه:=
=”من المقرر قانونا انه لا يمكن عرض النزاع على قاضي الأمور المستعجلة وفقا لأحكام المادة (194 فقرة 1 من ق.ت) إلا إذا كانت دعوى سابقة مرفوعة في الموضوع، وطالب المستأجر بتعويض الإخلاء … ولما كان من الثابت – في قضية الحال- أن قضاة المجلس برفضهم لدعوى الطاعن في الحال لكونها رفعت قبل انتهاء مدة التنبيه بالإخلاء، ولعدم وجود دعوى في أصل الحق طبقوا صحيح القانون…(و عليه يتعين) رفض الطعن” ؟
([49])- لقد جعلت المادة (936) ق.إ.م.إ الأوامـر الصـادرة في هـذه المادة غير قابلـة لأي طعن، ويكون الهدف من هذا النص هو حماية الحريات الأساسية التي ينصب عليها التعدي، وذلك بجعل الأوامر التي تقضي برفع التعدي غير قابلة لأي طعن، ولكننا نعتقد أنها حماية مبالغ فيها، وكان من العدل منح المجال لتصحيح ما قد يرتكب من أخطاء، نظرا لأهمية الموضوع وتعقده، وخاصة مع غموض المادة حول طبيعة العريضة المرفوعة في هذا الشأن، وما إذا كانت من نفس العرائض المذيلة بأمر المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة التي تكون غير وجاهية وهي التي تكون الأوامر الصادرة بناء عليها- (أي على الفقرة الثانية)- غير قابلة للطعن. إن الفقرة الثانية غير واضحة، فهل تقصد عريضة وجاهية أم عريضة غير وجاهية من مثل ما نصت عليه في الفقرة الأولى ؟ !
([50])- المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) قرار 28 فيفري 1970 (الدولة ضد/ عباس ليلى)- مجموعة الأحكام لخلوفي وبوشحدة، المرجع السابق ، ص 43 .
([51])- انظر الجزء الأول من مؤلفنا ( الفصل الخاص بنظام القضاء المزدوج في فرنسا) .
([52])- المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) قرار4/2/1978 (قضية والي عنابة ضد/ زراوي بوجمعة)، مجموعة الأحكام….لبوحشدة وخلوفي، المرجع السابق، ص137.
([53])- “الأصل قانونا هو تحريم اعتداء الإدارة على الملكية الخاصة، إلا أنه يجوز لها بموجب القانون وطبقا لإجراءات و شروط معينة، أن تلجأ إلى الاستيلاء على الملكية أو نزعها جبرا من صاحبها للمنفعة العامة.
إن صاحب الملكية الذي يرى في عملها ذلك عدم الشرعية المنطوية على الاعتداء يجوز له الاتجاه للقضاء المستعجل للمطالبة أمام القاضي الإداري بتعيين خبير، و يكون القاضي المذكور مختصا بالأمر بصفة مستعجلة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة إذا ما ثبت له من خلال الدعوى أن تصرف الإدارة يحتمل وصف حالة تعد أو استيلاء و أن قاضي الدرجة الأولى الذي صرح بعدم اختصاصه يكون قد خالف مقتضيات المادة (171 مكرر3) القديمة التي بموجبها يحق له ذلك مهما كانت تبريرات الإدارة المقدمة بخصوص سبب المنفعة العامة التي أسست عليه تصرفها مما يتعين معه إلغاء القرار المذكور”.
المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) قرار رقم 41543 بتاريخ 18 ماي 1985 (قضية س.م ومن معه ضد/بلدية) المجلة الجزائرية، 1 ،1989 ، ص262.
([54])- المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) قرار رقم19335 بتاريخ 01 ديسمبر 1981 (قضية والي ولاية….ضد/ب، ع،ك) غير منشور.
([55]) – cour de constantine (ch. Adm) ordonnance du 30/11/1983 affaire n° 1374/83 (ch.m.c/ministre de l.interieure)- non publie.
([56])- المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) قرار رقم 44945 لعام 1985 ” اليوم والشهر غير مقروءين) (قضية والي ولاية، و رئيس دائرة أميزور ضد / م.س- غير منشور.
)[57](- cour de constantine (ch.adm.) ordonnance du 21/01/1987 affaire n° 1924/86 (m.b c/le wali de-) non publie.
)[58] (- cour de constantine (ch.adm) ordonnance du 22/01/1986 affaire n 1660/85 (entreprise…c/wilaya-) non publie
)[59] (- cour de constantine(ch. Adm.) ordonnance du 10/09/1986. Affaire n° 1181/86 (a.ch et a.a c/commune de- et wilaya de.) – non publie.
([60])- المحكمة العليا( الغرفة الإدارية)، استئناف رقم50/420 فهرس 1984 ” اليوم والشهر غير مقروءين”، قضية رئيس بلدية القصر ضد/د.ب،ع.أ)- غير منشور.
([61]) – يستبعد هذا الرأي حالة من حالات التعدي استقر عليها الاجتهاد في كل من الجزائر وفرنسا، ومفاد هذه الحالة، أن القرارات المشوبة بلا مشروعية صارخة عندما تنفذ تشكل تعديا.
([62])- “…حيث يتعين على القاضي الأول إذا تراءى له إنكار حقيقة وجود الاعتداء المادي آخذا في اعتباره وجود مداولة…..وقرار والي…المدمج لقطعة الأرض المتنازع عليها أن يرفض الطلب و يصرح بعدم اختصاصه”. =
= المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) استئناف استعجالي رقم 35152 بتاريخ 21 جانفي 1984 (قضية فريق ط.ضد/ رئيس بلدية …. ووالي ولاية…)- غير منشور.
([63])- فقد نصت المادة (833/1 – ق.إ.م.إ) على المبدأ العام بقولها: “لا توقف الدعوى المرفوعة أمام المحكمة الإدارية تنفيذ القرار الإداري المتنازع فيه، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”.
([64])- وقد أحالت المادة (121/القسم التنظيمي) صراحة في كيفية صدور الحكم المتعلق بوقف تنفيذ قرار إداري على الأحكام المتعلقة بدعاوى الموضوع (المادة 190 وما بعدها/القسم التنظيمي).
([65])- إلى درجة أن وقف تنفيذ القرارات الإدارية أصبح يشكل في الحقيقة صورة من صور التعدي، إذ لا يجوز الأمر به إلا إذا شكل القرار تعديا، كما سنوضحه بعد قليل في شروط وقف تنفيذ القرارات الإدارية.
([66])- أنظر المواد من (833) إلى 837 ق.إ.م.إ) بالنسبة لوقف تنفيذ القرارات الإدارية أمام المحكمة الإدارية وهي واردة تحت عنوان “الفرع الثاني/ وقف التنفيذ الوارد تحت عنوان (القسم الأول/في رفع الدعوى).
وانظر المادة (910 ق.إ.م.إ) التي تحيل على المواد أعلاه بخصوص وقد تنفيذ القرارات الإدارية أمام مجلس الدولة والواردة تحت عنوان (القسم الثاني/أحكام عامة) وهو وارد بدوره تحت (الفصل الثاني/في افتتاح الدعوى) وهذا يعني أن وقف تنفيذ القرارات الإدارية من حيث أحكامه العامة وارد ضمن قضاء الموضوع، كما يبينه تبويب القانون، وفضلا عن ذلك، فقد نصت المادة (836 ق.إ.م.إ) على أنه في جميع الأحوال فإن التشكيلة التي تنظر في الموضوع هي التي تنظر في الطلبات الرامية إلى وقف التنفيذ، ولكن تقدم الطلبات بدعوى مستقلة (م 834 ق.إ.م.إ)، وينظر فيها “بصفة عاجلة، ووفق آجال مقصرة” (م 835 ق.إ.م.إ).
([67])- م.م (919 ق.إ.م.إ)، م(921 ق.إ.م.إ)، م (945 ق.إ.م.إ)، وتتعلق الأولى بوقف تنفيذ القرارات الإدارية في حالة التعدي والاستيلاء وغلق المحلات، وتتعلق الثالثة بوقف تنفيذ القرارات الإدارية في حالة التسبيق المالي.
([68])- فعلى سبيل المثال نصت المادة (13) من قانون نزع الملكية في فقرتها الأخيرة على “وقف تنفيذ قرار التصريح بالمنفعة العمومية بمجرد تسجيل دعوى الإلغاء” غير أنه إذا تعلق قرار نزع الملكية “بعمليات إنجاز البنى التحتية ذات البعد الوطني والاستراتيجي” فإن تسجيل الدعوى لا يوقف تنفيذ القرار (م.12 مكرر) المنشأة بالمادة 65 من قانون المالية لسنة 2005.
([69])- لقد نصت على القاعدة وعلى الاستثناء في نفس الوقت المادة (833.ق.إ.م.إ) بقولها: “لا توقف الدعوى المرفوعة أمام المحكمة الإدارية تنفيذ القرار المتنازع فيه، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. غير أنه يمكن للمحكمة الإدارية أن تأمر بناء على طلب الطرف المعني بوقف تنفيذ القرار الإداري”.
([70])- أنظر النقاش الذي أجرينـاه قبل قليل بصدد طبيعة الأمر الصادر في هذه الحالة، حيث تنص المـادة (936 ق.إ.م.إ) على أنه غير قابل لأي طعن، فهل يعني ذلك أنه مجرد أمر على ذيل عريضة مثله مثل الأوامر على العرائض المنصوص عليها في الفقرة الأولى من نفس المادة (921 ق.إ.م.إ)؟ أم أن الأمر==يتعلق بعريضة وجاهية كأي عريضة استعجالية ولكن فقط الأمر الصادر بناء عليها غير قابل للطعن؟ إن الاجتهاد القضائي هو الذي سيفسر المادة.
)[71](- ATTENDU QU’IL NE RESULTE QUE LE DEUXIEME ARRETE D’ATTRUBUTION DE MONSIEUR LE WALI NE N’ INSSSCRIT DANS AUCUN CADRE LEGAL ET NE PEUT DE CE FAIT SE RATTACHE A L’ APPLICATION D’AUCUN TEXTE LEGAL.
QUE CET ARRETE CONSTITUE UNE VOIE DE FAIT MANIFESTE ET CE D’AUTANT PLUS QU’ IL A ETE PRIS AU MEPRIS DE DECISION JUDICIAIRE
ORDONNANCE DE LA COUR DE CONSTANTINE)CH.ADM(. DU 21/01/1987 N°1924/86. PRECITEE.
([72])-أنظر الباب الثاني من الجزء الأول من هذا المؤلف ( الفصل الخاص بنظام القضاء المزدوج في الجزائر).
([73])- ولكن حتى هذه الحالات فإنه يتم الفصل فيها بصفة استعجالية أي وفق آجال مقلصة.
([74])- في الفرع الثاني من القسم الأول المتعلق برفع دعوى الموضوع.
([75])- الذي يبدأ من المادة (917 ق.إ.م.إ).
([76])- المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) قرار رقم 37167 بتلريخ07 جويلية 1984 (قضية المؤسسة الوطنية الصناعية للتنظيف ومعالجة الأوبئة ضد/مدير الضرائب لولاية..)-غير منشور.
([77])- المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) قرار رقم 29170 بتاريخ 10 جويلية 1982 (قضية ف.ش ضد/وزير الداخلية ووالي ولاية.. ورئيس بلدية..) المجلة القضائية،2. 1989،ص193.
وفي نفس السياق كان قرار سابق للمحكمة العليا قد أكد شرط نشوء “نتائج غير قابلة للإصلاح” لاعتباره القرار تعديا، و بالتالي يستوجب وقف تنفيذه.
وفي هذا السياق كان قرار المحكمة العليا قد أكد شرط ” نتائج غير قابلة للإصلاح” لاعتبار القرار تعديا و بالتالي يستوجب وقف تنفيذه.
قرار رقم 19335 بتاريخ 01 ديسمبر 1981 ( قضية والي ولاية…ضد / ب.ع.ك) مشار إليه سابقا. وعلى العكس تصرح المحكمة العليا بأنه “لا مجال لتأجيل تنفيذ القرار” أنه ليس هناك ما يفيد بأن القرار “من شأنه التسبب في حدوث ضرر صعب الإصلاح”. المحكمة العليا، قرار رقم33122 بتاريخ 15 فيفرى 1983 (قضية ط. ح.ع ضد/ المدير العام للأمن الوطني ووزير الداخلية) – غير منشور.
)[78]( – CHARLES DEBBASCH .INSTITUTION-OP.CIT.P.462.
([79])- فقاضي الموضوع هو قاضي وقف التنفيذ (م.836 ق.إ.م.إ).
([80])- “حيث أن الطاعن أودع عريضة طعن في الموضوع بتاريخ 09 ماي 1993 ، الملف رقم 117335 يطلب فيها إبطال المداولة المشار إليها أعلاه، ويثير فيها انتقادات ذات صلة بشكل وموضوع المداولة المذكورة، حيث أنه هذه الانتقادات تبدو جادة وأنه يتعين وعلى سبيل المثال الاستثناء الاستجابة لطلب وزير العدل الرامي إلى تأجيل تنفيذ المداولة الآنفة الذكر”.
المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) قرار رقم 117938 بتاريخ 10 ماي 1993(قضية وزير العدل ضد المنظمة الجهوية للمحاميين لناحية قسنطينة)- غير منشور.
([81])- كما هو الحال في قرار الغرفة الإدارية لدى المحكمة العليا بتاريخ 02 أفربل 1977 (قضية شندري رابح ضد/والي ولاية تيزي وزو) منشور بمجموعة الأحكام لخلوفي وبوشحدة، المرجع السابق، ص 100.
([82])- المحكمة العليا(الغرفة الإدارية) قرار رقم 72400 بتاريخ 16 جوان 1990 (قضية بلدية عين أزال ضد/ ب.س)، المجلة القضائية،1. 1993، ص 131.
([83])- المادة (119) من القسم التنظيمي من قانون المحاكم الإدارية في فرنسا.
)[84]- ( CHARLES DEBBASCH . INSTITUTIONS ET DROIT ADMINISTRATIFS. T2 .OP.CIT.P.462.
([85])- يظهر ذلك في المـواد التي تحكم “وقف تنفيذ القـرارات” في قانون المحاكم الإداريـة، المشار إليها قبل قليل.
([86])- نصت على ذلك الفقرة الأخيرة من المادة (837 ق.إ.م.إ).
([87])- فليست جميع الأوامر الاستعجالية قابلة للاستئناف، إنه حسب المادة (936 ق.إ.م.إ) لا يجوز الطعن في الأوامر الصادرة تطبيقا للمواد (919، 921، 922، قإ.م.إ ) – علما أن المادة (921) تتعلق بوقف التنفيذ، بينما تنص المادة (937 ق.إ.م.إ) على أن الأوامر الصادرة بوقف التنفيذ تخضع للاستئناف في مهلة 15 يوما ؟ !
([88])- أما المعارضة فلها أثر موقف (م.955. ق.إ.م.إ)، هذا في القانون الجزائري أما في القانون الفرنسي، فإنه ليس لطرق الطعن العادية أن توقـف تنفيذ الحكم المطعـون، المادة (127، 123/ القسم التنظيمي) من قانون المحاكم الإدارية.
([89])- بينما في المواد المدنيـة فإن طرق الطعن العادية (الاستئنـاف والمعارضـة) لها أثر موقف (م323 ق.إ.م.إ).
([90])- بينما معروف أنه ليس لطرق الطعن غير العادية (النقض، الالتماس، اعتراض الغير الخارج عن الخصومة) أي أثر موقف سواء في المواد المدنية أو الإدارية (م 348 ق.إ.م.إ) التي تنص على أنه “ليس لطرق الطعن غير العادية ولا لآجال ممارسته أثر موقف ما لم ينص القانون على خلاف ذلك” وقد وردت هذه المادة ضمن باب من أبواب الكتاب الأول المتعلق “بالأحكام المشتركة لجميع الجهات القضائية”، ولم يتضمن الكتاب الرابع الخاص بالإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية الإدارية – بما فيها الباب الرابع الخاص بطرق الطعن – بخصوص أثر الطعون سوى مادتان اثنتان، واحدة حول الأثر الموقف للاستئناف (م.908) والثانية حول الأثر غير الموقف للنقض (م.909). وفيما عدا ذلك فإنه يتضمن الرجوع إلى الأحكام العامة المشتركة في غياب النص الخاص.
وأخيرا فإنه يتعين الإشارة إلى أن المادة (361) الخاصة بالأثر غير الموقف للطعن بالنقض تستثني من القاعدة حالة الأشخاص أو أهليتهم ودعوى التزوير.
([91])- “…متى صدر قرار عن الغرفة الإدارية (للمحكمة العليا) واكتسى الحجية المطلقة للشيء المحكوم فيه ، فإن طلب إيقاف تنفيذ غير جدير بالقبول، لعدم إمكانية الغرفة الإدارية ( للمحكمة العليا) الأمر بإيقاف تنفيذ قرار صادر عن قضائها ذاتيا”.
المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) قرار رقم 26236 بتاريخ 10 جويلية 1982 (قضية م.ز ضد/ وزير الداخلية ووالي…) المجلة القضائية، 2 1989 ، ص190 .
([92])- “…وما دام هذا القرار المطلوب وقف تنفيذه مطروح على رقابة المحكمة العليا للنظر في الاستئناف المرفوع في الولاية، لذا تقضي(المحكمة العليا) في نفس الوقت، لذا يعد طلب وقف التنفيذ هذا دون جدوى”.
المحكمة العليا (الغرفة الإدارية) قرار رقم 94698 بتاريخ 08 مارس 1992 (قضية والي ولاية…ضد/ب.عم ومن معه)- غير منشور.
([93])- رفعت ولاية قسنطينة دعوى أمام رئيس الغرفة الإدارية الفاصلة في المواد الاستعجالية ملتمسة الأمر بوقف تنفيذ قرار صادر عن الغرفة الإدارية في 07 ماي 1986 ويتضمن الحكم على الولاية بأن تدفع مبلغا ماليا لمالك الأرض، كتعويض عن حرمانه من الانتفاع بها، وقد استجابت الغرفة للطلب وأمرت في 08 جويلية 1987 بوقف تنفيذ القرار القضائي، استؤنف الأمر أمام المحكمة العليا فألغته، مصرحة بأن الاختصاص بهذه المسائل لا يعود للمجالس وإنما للمحكمة العليا، وأسست قضاءها على المادة (283/2 ق.إ.م)، وهو تأسيس غير موفق.
“من المقرر قانونا أنه يسوغ لرئيس الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا أن يأمر بصفة استثنائية وبناء على طلب صريح من المدعي بإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه، بحضور الأطراف أو من أبلغ قانونا بالحضور، ومن ثم فإن مخالفة هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون. ولما كان من الثابت في قضية الحال، أن قضاة الغرفة الإدارية بمجلس قضاء قسنطينة باستجابتهم لطلب والي ولاية قسنطينة الرامي إلى إيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه”. المجلة القضائية، 3.1991، ص 177.
([94])- “…حيث أن المدعي لا يثير أي وجه جدي لتدعيم طلبه المتعلق بتأجيل تنفيذ القرار الآنف الذكر، وهذا زيادة على أن القرار المطعون فيه ليحلل على أساس أنه قرار يستهدف تعيين خبير مكلف بتقويم مبلغ الضرر الذي يكون قد لحق بأحد المتعاقدين حيث أن الأمر بإجراء خبرة لا يلحق البتة أي ضرر بحقوق==ونشاط الطرفين، حيث أنه يتعين بالتالي رفض طلب التأجيل المقدم”. المحكمة العليا(الغرفة الإدارية) قرار رقم 31529 بتاريخ 11 أوت 1982( قضية والي ولاية…..ضد/ت.ط) غير منشور.
([95])- وننتظر مرحلة جديدة من الوضوح والإبداع في ظل مجلس الدولة ومحاكمه الإدارية، وفي إطار تطبيق القانون الجديد.
([96])- تضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد “في القسم الرابع” بعنوان “في وقف تنفيذ القرارات القضائية” مادتان مهمتان في تقنين وقف التنفيذ، وضعتا الأرضية الأساسية لنظرية وقف تنفيذ القرارات القضائية، وأضاف – (أي القانون) – حالات أخرى في نصوص متفرقة.
([97])- ولو أن المادة لا تشير إلى “العريضة” ولكن هذا الإغفال وقع لبداهة المسألة في رأينا، فلا يمكن أن يفصل مجلس الدولة من تلقاء نفسه في وقف التنفيذ دون أن يطلبه من لـه الصفة والمصلحة عن طريق عريضة، وفيما يلي نص المادة:
“يجوز لمجلس الدولة أن يأمر بوقف تنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية إذا كان تنفيذه من شأنه أن يعرض المستأنف لخسارة مالية مؤكدة لا يمكن تداركها، وعندما تبدو الأوجه المثارة في الاستئناف من شأنها تبرير إلغاء القرار المستأنف”.
)[98](- code administratif, DALLOZ 1994 , P.529.
([99])- وكذلك قد يكون الأمر بالنسبة لاستصدار أي إجراء من إجراءات التحقيق، بل وحتى تعيين خبير إذا كانت مهمته لا تتعدى إثبات الوقائع وغيرها…
([100])- حيث تتم الإجراءات في غياب الخصم ابتداء و انتهاء.
([101])- ولكن يتم الرد في آجال قصيرة تحددها المحكمة (م.928 ق.إ.م.إ).
[102]- منها (م.939)، (م.940)، من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
[103]- المحكمةالعليا (الغرفة الإدارية قرار رقم 44299 بتاريخ 28 ديسمبر1985،المجلة القضائية،3،1989، ص 210.
وقد جاء فيه: “متى كان التدبير الاستعجالي يمتاز بطابع السرعة التي يتطلبها الإجراء وجب عدم إخضاع الدعوى الاستعجالية للطعن الإداري المسبق، ومن ثم إعفاؤها منه دون التقيد بالأجل المنصوص عليه تحت طائلة البطلان بالمادة (445) من قانون الضرائب المباشرة التي توجب في هذا المجال عرض الطلب مسبقا على نائب مدير الضرائب للولاية…”، وقد حلت محل هذه المادة، المادة (337) من قانون الضرائب المباشرة الحالي.
([104])- وكذلك نصت المادة (950 ق.إ.م.إ) على أن ميعاد الاستئناف في أحكام الموضوع هو شهران اثنان ويخفض إلى خمسة عشرة (15) يوما في المواد الاستعجالية. وكان ميعاد الاستئناف في القانون القديم شهر واحد
اترك تعليقاً