آلية الانتخابات في لبنان
نظرة عامة
رئيس الجمهورية اللبنانية يجب أن يكون مسيحيا مارونيا. ويرأس رئيس الجمهورية، الذي ينتخب بغالبية ثلثي مجلس النواب، السلطة التنفيذية. فإن لم يحصل أي مرشح على ثلثي الأصوات في الجولة الأولى من التصويت، ينتقل التصويت إلى الجولة الثانية حيث تكفي الغالبية المطلقة لانتخاب الرئيس. ويحتفظ الرئيس بالحكم لست سنوات، ولا يعاد انتخابه قبل مرور ست سنوات على انتهاء ولايته.
قوانين الانتخابات، النظم والعمليات
لبنان دولة ديمقراطية برلمانية لمواطنيها حق دستوري في تغيير حكومتهم. لكن الفترة الممتدة من منتصف السبعينات حتى الانتخابات النيابية سنة 1992 كانت فترة حرم المواطنون فيها من ممارسة حقوقهم السياسية بسبب الحرب الأهلية. ووفقا للدستور يجب إجراء انتخابات عامة مباشرة لمجلس النواب كل 4 سنوات. وينتخب مجلس النواب رئيس الجمهورية كل 6 سنوات. وجرت آخر انتخابات رئاسية سنة 1998، لكن بدلا من إجراء انتخابات رئاسية جديدة سنة2004 أقر مجلس النواب تعديلا دستوريا استنثائيا مددت بموجبه ولاية رئيس الجمهورية الحالي ثلاث سنوات إضافية. وحصل التعديل الدستوري المقترح بسهولة على أغلبية الثلثين المطلوبة لإقراره لأن رئيس الوزراء الذي عارض في وقت سابق تعديل الدستور ما لبث أن أيده وطلب من أنصاره التصويت لصالح التعديل. ولم يصوت ضد التعديل الدستوري المقترح إلا 29 نائبا من أصل 128 نائب. وغاب 3 نواب عن الجلسة. لكن 4 وزراء استقالوا لاحقا احتجاجا على ما اعتبروه تدخلا خارجيا في شؤون لبنان الداخلية. وأظهرت استطلاعات الرأي العام أن أكثرية اللبنانيين يعارضون التعديل الدستوري. وفي 2 أيلول/سبتمبر، أي قبل يوم واحد من تصويت مجلس النواب على التعديل المقترح، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1559 الذي رعته فرنسا وبريطانيا وألمانيا بموافقة 9 دول من أعضائه وامتناع 6 دول عن التصويت (الصين، روسيا، الجزائر، البرازيل، باكستان، والفلبين). وطالب القرار “احترام كامل سيادة لبنان وسلامة أراضيه ووحدته الوطنية واستقلاله السياسي”. وأعلن دعم مجلس الأمن الدولي لإجراء الانتخابات الرئاسية وفقا للقواعد الدستورية اللبنانية. كما طالب بانسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان، ونزع سلاح كافة المليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. ومن ناحية ثانية اعتبرت جامعة الدول العربية التي تأثرت بمواقف مصر والسعودية وسورية أن قرار مجلس النواب اللبناني شأن داخلي يقع في نطاق ممارسة الدولة لسيادتها. وجاء قرار الحكومة اللبنانية بعد شهور من الصراع السياسي العنيف بين معارضي التعديل الدستوري ومؤيديه. واعتبر معارضو التعديل أنه إجراء غير دستوري لأنه يتم بناء على ضغط قوة خارجية ولمصلحة فرد واحد هو رئيس الجمهورية الحالي. أما مؤيدو التعديل فقالوا ان الاعتبارات الإقليمية ومواجهة الضغوط الأمريكية على سورية لمصلحة إسرائيل تتقدم على الاعتبارات المحلية. وأضافوا أن تمديد ولاية الرئيس لحود أمر ضروري لحماية المقاومة اللبنانية في الجنوب ولتحصين العلاقات السورية اللبنانية.
يتألف المجلس التشريعي من مجلس واحد وهو مجلس النواب. وينتخب أعضاؤه الـ 128 بالاقتراع الشعبي لفترة أربع سنوات. ويجب ألا يقل عمر المرشحين عن 25 سنة. وينتخب المرشحون على أساس نظام اللائحة الحزبية في ستة دوائر انتخابية متعددة العضوية تتطابق مع المحافظات الست. ويجري ملء المقاعد الشاغرة بين انتخابات وأخرى بواسطة الانتخابات الفرعية. وتنقسم المقاعد النيابية الـ 128 بالتساوي بين الطائفتين المسيحية والإسلامية. ويجري تقسيم المقاعد المخصصة لكل طائفة بين المذاهب على أساس نسبة أصحاب كل مذهب من السكان. ويختار الجمهور من بين عدة لوائح حزبية تلتزم كل لائحة منها المقاعد النيابية الموزعة مسبقا على الطوائف. ويحق للناخبين شطب أي عدد يرتأونه من اللائحة الانتخابية. ويتم توفير المعلومات عن توزيع المقاعد النيابية على الجماعات الدينية للجمهور، كما تنشر بأشكال متعددة بما فيها عبر شبكة الإنترنت. ويصوت المواطنون لجميع المرشحين، وليس لأبناء طوائفهم فقط. وتنقسم البلاد الى 13 دائرة انتخابية، ولكل دائرة لوائح للمرشحين من مختلف الطوائف يختار الناخبون من يشاؤوا من بينهم ولكن في حدود العدد المسموح به لكل لائحة. وينتمي بعض المرشحين إلى أحزاب سياسية، ولكن معظم هذه الأحزاب، في واقع الأمر، أحزاب محلية تمثل مصالح سياسية وطائفية محلية. وتشكل هذه الجماعات تحالفات غير رسمية فيما بينها في مجلس النواب.
يقوم كل محافظ بتعيين رئيس لكل قلم اقتراع ضمن محافظته. ويشرف رؤساء الأقلام مباشرة على الانتخابات. ويراقب المجلس الدستوري المؤلف من عشرة أفراد والذي تشكل عام 1990 دستورية القوانين والمراسيم الحكومية، كما يقوم بالفصل في المنازعات الناجمة عن الانتخابات النيابية والرئاسية. ويحكم الانتخابات قانون انتخابي صدرت أحدث صيغة منه سنة 2000.
التصويت في الانتخابات النيابية ليس إجباريا، ويحق لأي مواطن لبناني ـ ذكر أم أنثى تجاوز الحادية والعشرين ـ أن يصوت في الانتخابات العامة. ويحق للمتجنسين الترشح للانتخابات النيابية بعد مرور عشر سنوات على حصولهم على الجنسية. وتخضع الأحزاب السياسية اللبنانية لأحكام قانون الجمعيات الأهلية لسنة 1909 الذي ينطبق على المنظمات السياسية وغير السياسية. وبحسب هذا القانون، على المنظمات إبلإغ الحكومة بتأسيسها وبنظمها الداخلية. وتم تعديل القانون الصادر في سنة 1909، ولكن منطقه الأساسي ما يزال ساريا.
ومن الممكن تشكيل الأحزاب السياسية ولها دور في الانتخابات البرلمانية. لكن معظم هذه الأحزاب تقوم على مصالح طائفية. ومنذ قيام دولة ما بعد عام 1943 كانت السياسة العامة أو سياسة الدولة تخضع لإرادة مجموعة مغلقة نسبيا من زعماء المناطق التقليديين وزعماء الطوائف. وخصص الميثاق الوطني لعام 1943، وهو عبارة عن اتفاقية غير مكتوبة وضعت الأسس السياسية للبنان الحديث، توزيع السلطة السياسية بناء على نظام طائفي يرتكز إلى تعداد السكان لعام 1932. وحتى سنة 1990 كانت مقاعد المجلس النيابي تقسم على أساس 6 إلى 5 بين المسيحيين والمسلمين على التوالي. وقد تغيرت هذه المعادلة وأصبحت مناصفة سنة 1990. ويتم تخصيص الوظائف في الإدارة والمؤسسات الحكومية على المنوال نفسه. وفي الواقع، يستحيل عمليا الحصول على منصب سياسي من دون الدعم القوي من جانب إحدى الجماعات الدينية أو المذهبية. كما حدد الميثاق الوطني توزيع الوظائف العامة على أسس دينية، بما في ذلك توزيع المناصب الثلاثة العليا التي تشكل الترويكا (الثلاثي) الحاكم فأعطى رئاسة الجمهورية لمسيحي ماروني ورئاسة الوزراء لمسلم سنّي ورئاسة مجلس النواب لمسلم شيعي.
السلطات الانتخابية
جرت آخر انتخابات تشريعية لبنانية في 4 مراحل خلال الفترة 29 أيار/مايو و 19 حزيران/يونيو 2005. وكانت هذه أول انتخابات تشريعية تجري منذ 30 عاما في غياب الوجود العسكري السوري مما أعطاها حيوية ملفتة للنظر. وجرت الانتخابات على أساس القانون الانتخابي لعام 2000 رغم إجماع غالبية القوى السياسية على أنه قانون غير عادل من زاوية تقسيمه للدوائر الانتخابية. وشملت الانتخابات التشريعية 5 محافظات هي: بيروت والجنوب وجبل لبنان والبقاع والشمال. ويحق لكل مواطن لبناني بلغ 21 سنة من العمر التصويت في الانتخابات. وبلغ عدد الناخبين المسجلين 2.8 مليون ناخبا وعدد الذين اقترعوا فعلا 1.2 مليون مما يجعل معدل المشاركة 42.9 بالمئة. وتراوح معدل المشاركة بين 36 بالمئة في محافظة بيروت و 55.5 بالمئة في جبل لبنان. وتنافس 432 مرشحا على شغل 111 مقعدا نيابيا من أصل 128 مقعدا نظرا لإعلان فوز 17 نائبا بالتزكية قبل بدء العملية الانتخابية في محافظات بيروت والجنوب وجبل لبنان. وخاضت الانتخابات جميع القوى السياسية والأحزاب الرئيسية والشخصيات المستقلة. وشاركت في الانتخابات القوى والأحزاب السياسية المسيحية التي سبق لها أن قاطعت انتخابات عامي 2000 و 1996، وفي مقدمها التيار الوطني الحر بزعامة ميشال عون، وتيار القوات اللبنانية الذي يتزعمه سمير جعجع. وتميزت الانتخابات بوجود تحالفات لقوى سياسية كبرى لم تترك أي أمل بالفوز للمرشحين المنفردين والمستقلين. وسيطر تيار المستقبل وحلفائه على محافظة بيروت فيما سيطر تحالف حزب الله وحركة أمل على محافظة الجنوب وعلى دائرة بعلبك – الهرمل في محافظة البقاع. وسيطر التيار الوطني الحر على دائرة كسروان في جبل لبنان. وعموما تمثلت المعركة ككل في صراع بين تحالف قوى المعارضة بزعامة “تيار المستقبل” والقوى السياسية الموالية للحكم الحالي والمتحالفة مع رئيس الجمهورية إميل لحود. وجاءت النتائج النهائية على النحو التالي: تمكن تحالف قوى المعارضة من الحصول على 72 مقعدا نيابيا الأمر الذي أعطى للمعارضة أغلبية مطلقة تتيح لها تقرير من يشغل منصبي رئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة والحصول على أصوات كافية لإقرار مشاريع القوانين التي تتبناها. ولم يتمكن التحالف الموالي للحكم من الحصول على الثلث المعطل في مجلس النواب بعد أن خسر جميع المقاعد النيابية المخصصة لمحافظة الشمال. وأدخلت الانتخابات 61 نائبا جديدا إلى البرلمان فيما غابت وجوه وزعامات تاريخية عن عضويته. وتضاعفت عضوية المرأة في المجلس النيابي إذ ارتفع عدد العضوات من 3 إلى 6 نساء يشكلن 4.7 بالمئة من أعضاء المجلس. وراقب الانتخابات التشريعية عدد من البعثات تضم مراقبين أجانب، بالإضافة إلى “الجمعية اللبنانية من أجل انتخابات ديمقراطية” ومندوبين عن جميع المرشحين. وضمت بعثة الاتحاد الأوروبي 62 مراقبا. وأنتجت الانتخابات أربع قوى سياسية رئيسية تتحكم بمجلس النواب اللبناني الحالي وهي: تيار المستقبل الذي أسسه الرئيس رفيق الحريري (يمثل الطائفة السنية أساسا)؛ حركة أمل وحزب الله (يمثلان الطائفة الشيعية أساسا)؛ الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط (يمثل الطائفة الدرزية أساسا)؛ والتيار الوطني الحر بزعامة ميشال عون (يمثل الطائفة المارونية أساسا).
الإنتخابات الرئاسية
انتخب مجلس النواب اللبناني في 25 أيار/مايو 2008 قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية لولاية مدتها 6 سنوات. ونال العماد سليمان موافقة 118 نائبا من أصل 127 نائبا حضروا جلسة الانتخاب. وشغل العماد سليمان منصب رئاسة الجمهورية الذي ظل شاغرا منذ يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2007 وذلك في أعقاب انتهاء مدة ولاية رئيس الجمهورية السابق إميل لحود التي دامت من عام 1998 إلى عام 2007، وتضمنت ولاية استثنائية مدتها ثلاث سنوات بناء على تعديل دستوري استثنائي لمرة واحدة أقره مجلس النواب اللبناني في أيلول/سبتمبر 2004.
وقد تولت الحكومة، وفقا لنص الدستور، إدارة شؤون الدولة إلى حين اتفاق القوى السياسية على مرشح جديد. وفي 21 أيار/مايو 2008 انتهت الأزمة اللبنانية التي دامت 17 شهرا حين توصل الزعماء اللبنانيين الى الاتفاق على صيغة لحل كل القضايا الخلافية وسمي هذا الاتفاق بـ “إعلان الدوحة”. واتفق الأطراف على أن يدعو رئيس مجلس النواب البرلمان اللبناني للانعقاد وفي 25 أيار/مايو 2008 طبقا للقواعد المتبعة لانتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.
الإنتخابات التشريعية
حصلت أحدث انتخابات نيابية في جولتين خلال شهري آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر 2000. وشاركت جميع الأحزاب المسيحية الرئيسية فيها، على عكس موقفها من الانتخابات النيابية عام 1996 حيث قاطعتها. وفي ظاهرة تدل على تعددية سياسية صحية، أدت الانتخابات إلى تقاسم المقاعد النيابية بين عدة أحزاب: فقد حصل تكتلان على ما بين 18 و 25 مقعدا، فيما حصلت بضعة أحزاب أصغر حجما على ما بين مقعد واحد وعشرة مقاعد. ولاحظ مراقبو الانتخابات انخفاض عدد الناخبين عن المعدل المعتاد بين الطوائف الأرمنية والمسيحية.
الإنتخابات المحلية
جرت أحدث انتخابات بلدية في أيار/مايو 2004 حيث تم انتخاب 300ر15 من المخاتير وأعضاء المجالس البلدية. وكان الإقبال على الاقتراع منخفضا إذ بلغ 20 بالمئة في بيروت نتيجة لاستياء الناخبين من القانون الانتخابي الحالي. ولم يكن الإقبال في مدينة طرابلس أفضل مما كان عليه في بيروت. لكن الإقبال كان كبيرا في محافظتي جبل لبنان والجنوب حيث فاز حزب الله بـ 87 مقعدا بلديا من أصل 142 مقعدا. وعلى الرغم من هزيمة اللائحة المدعومة من رئيس الوزراء رفيق الحريري في مدينته صيدا فان لائحته فازت في بيروت، بينما خسر منافسه التقليدي على رئاسة الحكومة عمر كرامي في طرابلس.
وكانت انتخابات بلدية سابقة حصلت خلال أيار/مايو وحزيران/يونيو 1998. كما حصلت جولة انتخابات بلدية أخرى سنة 2001 في المناطق المحررة حديثا من جنوب لبنان بعد انسحاب اسرائيل منها في أيار/مايو 2000.
اترك تعليقاً