أثر انتهاء ميعاد الطعن
إذا ما انقضى ميعاد الطعن بالإلغاء، سقط الحق في رفع دعوى الإلغاء وأصبح القرار الإداري محصناً، فإذا رفع صاحب الشأن الدعوى بعد هذا الميعاد فلجهة الإدارة أن تدفع بعدم قبول الدعوى، إلا أن هذا المبدأ ليس مطلقاً ويجب التمييز في هذا المجال بين القرارات الفردية والقرارات التنظيمية .
أولاً- القرارات الفردية:
إذا كان القرار الإداري فردياً امتنع على الأفراد الطعن فيه بعد فوات ميعاد الطعن، وكذلك لا تستطيع الإدارة أن تسحبه أو تلغيه إذا ما رتب حقوقاً مكتسبة، حفاظاً على المصلحة العامة التي تتطلب استقرار الأوضاع الإدارية ولو كان القرار غير مشروع.
ومع ذلك فقد استقر القضاء الإداري في فرنسا ومصر على استثناء بعض القرارات وأجاز سحبها أو إلغائها برغم انقضاء مدة الطعن ومنها :
1-القرارات المقيدة للحرية: أجاز القضاء إداري الطعن بالقرارات الإدارية المقيدة للحرية رغم انقضاء مدة الطعن ([1])، فإذا أوقف شخص دون أن يكون قرار توقيفه مشروعاً يستطيع الطعن في هذا القرار دون التقيد بمدة الطعن المحددة قانوناً ما دام الشخص موقوفاً.
2-القرار المنعدم: يستثنى من التقيد بميعاد الطعن بالإلغاء الطعن بالقرارات المعدومة، فإذا أصيب القرار الإداري بعيب جوهري من شانه أن يجرد القرار من صفته كتصرف قانوني لينزل به إلى مرتبة العمل المادي، عندها يجوز لذوي الشأن الطعن في هذا القرار دون التقيد بالمواعيد والإجراءات المقررة لرفع دعوى الإلغاء.
ومن قبيل القرار المنعدم القرار الذي يصدر من فرد عادي أو من هيئة غير مختصة بإصداره أصلاً أو أن يصدر عن سلطة في أمور هي من اختصاص سلطة أخرى .
3-القرارات السلبية: القرار السلبي هو ذلك الذي لا يصدر في شكل الإفصاح الصريح عن إرادة بإنشاء المركز القانوني أو تعديله أو إنهائه، بل تتخذ الإدارة موفقاً سلبياً من التصرف في أمر كان الواجب على الإدارة أن تتخذ إجراءً فيه طبقاً للقانون واللوائح، فسكوت الإدارة عن الإفصاح عن إرادتها بشكل صريح يعد بمثابة قرار إداري مستمر لا يتقيد بمعياد معين للطعن.
4-القرارات الإدارية المبنية على سلطة مقيدة: القرارات الإدارية التي تصدر بناءً على سلطة مقيدة بحيث لا يترك المشرع للإدارة حرية التقدير فيها، يكون للإدارة أن ترجع في هذه القرارات إذا أخطأت في تطبيق القانون دون التقيد بمدة، كذلك يجوز للأفراد أن يطعنوا في مثل هذه القرارات دون التقيد بمدة الطعن بالإلغاء.
ثانياً- القرارات التنظيمية:
أطردت أحكام مجلس الدولة الفرنسي زمناً طويلاً على رفض طعون الإلغاء في القرارات التنظيمية على أساس أنها تقوم بحسب الأصل فيها على إنشاء وتعديل وإنهاء المراكز القانونية العامة غير الشخصية ولهذا فأنها لا تصلح موضوعاً لطعون الإلغاء .
غير أن منذ عام 1907 تغير موقف المجلس فقرر باطراد أنه على الرغم من الطبيعة التشريعية للوائح فأنها ما تزال بحكم مصدرها أعمالاً إدارية تصلح بذاتها للطعن بالإلغاء . ([2])
والقاعدة العامة المستقرة بالنسبة للقرارات التنظيمية أن الإدارة تملك تعديلها وإلغائها في أي وقت ومن دون التقيد بمواعيد الطعن، على اعتبار أنها تولد مراكز قانونية موضوعية عامة ولا تنشئ بذاتها حقوقاً مكتسبة يمكن أن يحتج بها على الإدارة .
أما بالنسبة للأفراد فقد استقر القضاء الإداري في فرنسا ومصر على أن انتهاء ميعاد الطعن لا يمنع من أمكان تقديم الطلب إلى الإدارة لإعادة النظر في القرار اللائحي ثم الطعن في رفض الإدارة لهذا الطلب في حالات معينة منها : صدور تشريع لاحق على اللائحة يتعارض مع اللائحة، وحالة تغير الأسباب التي صدرت اللائحة على أساسها .([3])
كما يملك الأفراد الطعن باللائحة بطريق غير مباشر ودون التقيد بميعاد الإلغاء عند تطبيقها على الحالات الفردية أي بطلب إلغاء القرارات الفردية الصادرة تطبيقاً للائحة المعيبة.
[1] – ماجد راغب الحلو ـ المصدر السابق ـ ص 332 .
2- Gean Rivero op cit P 264 .
3- Andre de laubadere Op cit P 586-587 .
اترك تعليقاً