الإلتزامات المترتبة عن الصفقة
أقر المشرع للمصلحة المتعاقدة بعض السلطات لم يقررها للمتعاقد معها، بسبب ارتباطها الدائم بمفهوم المرفق العام، باعتباره نشاطا يضمن المصلحة العامة، لذا لا يمكن للمصلحة المتعاقدة في هذا الإطار التملص من الإلتزامات التي يفرضها عليها العقد إلا عند ممارستها لبعض الإمتيازات التي قررها لها القانون [1]، وضمن الشروط التي رسمها لها في ذلك، والقول بالحرية المطلقة للمصلحة المتعاقدة في التملص من التزاماتها التعاقدية فيه إنكار لفكرة العقد ذاته، صحيح أن في الصفقة العمومية لا تكون مراكز الطرفين متساوية غير أنها تبقى ملزمة لطرفيها.
هذه الحدود هي التي دفعت مجلس الدولة في فرنسا وفي مصر إلى عدم التسليم بهذه السلطة الخطيرة إلا بقصد التمكين من تحوير العقد ليصبح ملائما للصالح العام l’adaptation du contrat aux exigences de l’intérêt général ، وهو ما يعني أن العقد يبقى ملزما دائما.
ولذلك فأول التزام هو العمل على تنفيذ الصفقة بمجرد إبرامها من السلطة المختصة، مع مراعاة الإجراءات الواجب احترامها في هذا المجال، لاسيما إخضاع الصفقة للرقابة الخارجية المسبقة من أجل الحصول على تأشيرة اللجنة المختصة في أقرب الآجال حسب ما تقتضيه المادة 143 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، والسعي إلى الشروع في تنفيذ الصفقة في أجل 6 أشهر المقررة في المادة 144 فقرة 8 من ذات المرسوم.
كما أن على المصلحة المتعاقدة تنفيذ الشروط الأصلية المتفق عليها وبطريقة سليمة، والسعي إلى عدم القيام بأعمال من شأنها إعاقة المتعاقد معها على تنفيذ التزاماته، بل عليها مده بيد العون في تنفيذها، ومن أمثلة ذلك:
– تمكينه من المستندات الضرورية لحسن التنفيذ، كالمخططات مثلا.
– حمايته من أي تصرف قد يعيقه عند أداء التزاماته، بمنحه ما تستطيع من تسهيلات.
– إحترام الآجال المقررة في الصفقة أو تلك التي يقررها المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، فإن سكتت الصفقة عن تحديد مدة معينة، فيمكن اللجوء إلى تطبيق نظرية المدد المعقولة لتنفيذ العقد [2].
– الإلتزام بعدم القيام بأي عمل يتعارض مع صفتها كمتعاقدة أو يعرض المتعاقد معها لأعباء ومتاعب في تنفيذ الصفقة، كعدم تسليمه المخططات من أجل إنشاء بناية هي موضوع الصفقة.
– احترام كل التزاماتها المالية، لاسيما دفع الثمن حسب الشكل المتفق عليه، مع الأخذ بعين الإعتبار تطور الظروف الإقتصادية، طبق النظام الذي تنص عليه المواد من 51 إلى 79 من المرسوم الرئاسي 02-250 المعدل والمتمم، التي عالجت كل النقاط المتعلقة بدفع ثمن الصفقة.
[1] جورج فودال وبيار ديلفولفي، المرجع السابق ، ص 347.
[2] هذه النظرية كرسها قضاء مجلس الدولة الفرنسي الذي قضى في 7 فبراير 1951، في قضية Ville de Paris بأنه :
” Si le marché ne fixe expressément aucune date pour l’achèvement des travaux, ses disposition n’est pas eu pour effet de conférer audit marché une durée indéfinie; des lors c’est à bon droit que le Conseil de préfecture a estimé que les parties avaient envisagé une date limite pour l’achèvement des travaux, correspondant à leur durée normale d’exécution; la durée normale d’exécution des travaux, déterminée au égard aux capacité de cette société e à la durée d’exécution d’ouvrage analogues impliquait leur achèvement avant le mois de juin 1936… dans ces conditions la prolongation des travaux est entièrement imputable a l’administration”.
د/ سليمان محمد الطماوي، المرجع السابق، ص 571.
اترك تعليقاً