السلطة التي يصدر باسمها حكم المحكمين
يرى الكثير من الفقهاء ضرورة صدور حكم التحكيم باسم السلطة العليا في البلاد شأنه في ذلك شأن الحكم الذي يصدره القاضي .
ويقول الدكتور أحمد أبو الوفا في هذه المسألة : وإذ يفرض الحكم على المحتكمين فيلتزمون بتنفيذه ، ويفرض على السلطات الأخرى فتعمل على
تنفيذه واحترامه يجب أن يصدر باسم السلطة العليا في البلاد(4) .
ويرى آخرون خلاف ذلك لأن الحكم التحكيمي يختلف تماماً عن الحكم القضائي الذي يصدر عن قاض أو عن هيئة قضائية والتي تمثل السلطة العامة
وهي مخولة بإصدار تلك الأحكام بموجب دستور البلاد أو بموجب القوانين الخاصة بالسلطة القضائية(5) فأساس السلطة في القضاء هي الدولة وأساس
السلطة في التحكيم هي إرادة الأطراف المتنازعة . كذلك لو أن الحكم التحكيمي كان بمستوى الحكم القضائي لتم تنفيذه مباشرة
ودون حاجة لإكسائه صيغة التنفيذ .
غير أننا نجد أن القرارات التحكيمية وبصورة عامة لا يمكن تنفيذها إلا بعد إضفاء الصفة التنفيذية عليها ولا يتم ذلك إلا من قبل القضاء وهو المخول
باسم السلطة العليا لكي يأمر بتنفيذ الأحكام . وهذا الإجراء لا يقتصر على تنفيذ القرارات الأجنبية أو الدولية بل القرارات المحلية أيضاً(6) .
وإننا نؤيد أن يوشح الحكم في التحكيم الداخلي باسم السلطة التي اصدرته ولكننا نرى خلاف ذلك في التحكيم الدولي لأن أياً من
قواعد التحكيم الدولية التي تحدد إجراءات التحكيم ومشتملات حكم التحكيم لم تتطرق إلى وجوب إصدار القرار من قبل المحكم
أو المحكمين باسم السلطة العليا في البلاد التي تعتبر مكاناً للتحكيم . ولقد أوجب الدستور السوري أن تصدر الأحكام القضائية
باسم الشعب العربي في سورية وبما أن حكم التحكيم له طابع رسمي بعد إكسائه صيغة التنفيذ فلا بد أن يصدر حكم المحكمين
في سورية باسم الشعب العربي في سورية وإلا كان باطلاً ، وهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض في قرارها رقم 109/824 الصادر
في 23/2/1969 ، ولكن الوضع يختلف إذا كان الحكم يتعلق بالتجارة الدولية . فالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة السوري
وفي قرار صدر حديثاً ذهبت في غير هذا الاتجاه معتبرة أن الحكم التحكيمي وإن لم يوشح باسم الشعب العربي في سورية
ليس من شأنه أن يجعل هذا الحكم معدوماً وإن تم إصداره بدمشق ، على اعتبار أن الحكم صدر تحت مظلة محكمة التحكيم لدى غرفة التجارة
الدولية بباريس وبالتالي يعتبر صادراً عن جهة قضائية غير سورية ولا يتعين تبعاً لذلك توشيحه باسم الشعب العربي في سورية(7)
اترك تعليقاً