الفكرة التي يقوم عليها مذهب أوستن
هي أن القانون هو إرادة أو مشيئة الحاكم ينفذها جبرا على الأفراد عند الاقتضاء , إذ هي ليست فكرة جديدة وإنما هي قديمة حيث كان فلاسفة اليونان يعتبرن أن أصل القانون هو إرادة الحاكم , وقد اخذ به في العصر الحديث فيلسوف انجليزي هو: هوبز . وهذا الأخير حاول تبرير سلطة الحاكم بنظرية العقد الاجتماعي , وهذه الأخيرة تقوم على أساس اتفاق الرعية على تعين شخص يخضعون له فما يصدره من أوامر فيصبح حاكما بأمره .
– وعلى ذلك فان أوستن لم يبتكر الفكرة التي أقام عليها مذهبه , ولكن يرجع إليه الفضل في صياغة الفكرة و تمهيدها في شكل نظرية عامة .فحدد معلمها وبين أحكامها وفصل نتائجها .
– ولقد تأثر أوستن عند وضع مذهبه بإرادة الفلاسفة و الفقهاء القدماء عندما اخذ هذه الآراء ومذهبها وأقام عليها مذهبا متكاملا أو نظرية عامة فكان لها الصدى الكبير لدى الكثير من الفقهاء .
– وتتلخص هذه النظرية أن أساس القانون هو أمر توجهه هيئة حاكمة إلى المحكومين و ترفقه بجزاء , فأوستن يعرف القانون بأنه :« أمر أو نهي يصدره الحاكـم استنادا إلى السلطة السياسية و يوجهه إلى المحكومــين و يتبعه بجزاء ».
– ومن خلال هذا التعريف لأوستن لكي يوجد القانون في نظره لابد من توفر 03 شروط : وقسمنا إلى ثلاث مطالب وهي كالتالي :
المطلب الاول : وجود حاكم سياسي :
لكي نكون بصدد قانون طبقا لمذهب أوستن يجب أن يوجد حاكم سياسي أي حاكم يخضع له جميع الناس و يتمتع إزاءها بالسيادة السياسية .
* فالقانـون لا يقوم إلا في مجتمع سياسي و يستند في تنظيمه إلى وجود طبقتين :
1- الطبقة الأولى :
طبقة حاكمة بيدها السلطة , و لها الحق الأمر و النهي و هنا قد يكون الحاكم فردا او هيئة ( البرلمان ) او نظام سياسي ديمقراطي او استبدادي ملكية او جمهورية مطلقة او مقيدة و هذه الهيئة هي التي تتولى تنظيم العلاقات في المجتمع من خلال قوانين تصدرها.
2- أما بالنسبة للطبقة الثانية :
فهي الطبقة المحكومة و يقتصر دورها على تطبيق الأوامر او النهي الصادر عن الهيئة الحاكمة التي تتولى أيضا توقيع الجزاء الدنيوي على من يخالفها نظرا لقدرتها و لما تملكه من قوة و أيضا المهتم وجود حاكم سياسي له السلطة السياسية و بيده زمام الحكم , و يسيطر على كل القوى داخل الجماعة و يدين له الجميع بالطاعة و الولاء .
وعلى ذلك لا يعتبر قانوننا ما يصدر من قرارات او أوامر من هيئات ليست السيادة السياسية كالنقابات و الجمعيات و الأحزاب فالقانون هو تعبير عن إرادة الطبقة الحاكمة التي لها السلطة و السيادة السياسية في المجتمع .
المطلب الثاني : وجود أمر او نهي :
ويقصد بالأمر او النهي او التكليف : أن ما تريده الهيئة الحاكمة إنما يكون أمرا او نهيا يصدر من الحاكم او المحكومين الذين يجب عليهم الطاعة . فالقانون ليست ومجرد نصيحة تقدم للناس و تترك لهم حرية الطاعة , ولكن ينبغي أن يرتبط ذلك بجزاء دنيوي يوقع على من يخالفه .والذي يتولى توقيع الجزاء هو الهيئة الحاكمة نظرا لقدرتها في تحقيق ذلك من خلال القوة التي تملكها , فالقانون يمكن أن يصدر صريح او ضمنيا صريحا في أمرا او نهي و ضمنيا عندما يكون الاكتفاء بيان الحكم الواجب التطبيق متى توفرت شروط معينة .
– أن من أهداف الفكر الوضعي هو توطيد استقلال القانون باعتباره مبادئ و أحكام وضعية تستمد شرعيتها ضمن إطار النظام القانوني نفسه دون اللجوء إلى نظام أخد سواء كان الدين او الأخلاق , او غير ذلك و فكرة القانون الوضعي تستتبع فكرة حكم و ضعي من قبل مشرع بشري يمكن تعينه .
– وقد أنارت الطريقة فكرة وان كل دولة مستقلة دون حاجة اللجوء إلى سلطة خارجية . و قد تداول بالنقاش هذا الاتجاه الفكري الكثير مثل :
بودان – بنتام و لكن هذا الموضوع استوفى حقه و مفهومه على يد جون أوستن الذي هو تلميذ بينتام و قد أصبحت نظرية القانون الناهي و الوضعية القانونية مرتبطة باسمه أي ( بأوستن) .
– و هذا الأخير ليست مرتبطة بنظرية القواعد الآمر بالضرورة إذا كان من المؤكد أن الوضعية القانونية تؤكد على الشرعية القانونية متميزة عن النظام الأخلاقي على سبيل المثال : يمكن أن نتمسك بالمبدأ الأساسي للوضعية و نرفض في نفس الوقت النظرية الآمرة . و من هنا يمكن القول بأن الشريعة القانونية يمكن تحديدها بسهولة من جهة النظر كما يقول أوستن إذ يجب علينا أن نتعرف من هو الحاكم , و بهذا نجد أنفسنا أمام مشكلة مستعصية الحل .
– ذلك انه إذا كانت السيادة مفهوما قانونيا فإنها يجب أن تكون محكومة بقواعد القانون و طبقا لذلك فان علينا الاسترشاد بالقواعد القانونية لتعريف من هو الحاكم .
– إذ أن هذه الأخيرة هي التي تحدد مكان السيادة في الدولة المعنية و هذا مل به بنيام , إذ فسر السيادة بمعنى السلطة في الدولة التي تأمر و لا تتخلى عن الخضوع لها بأية سلطة أخرى أي تدين لها كل القوات الأخرى بالخضوع .
– و عموما أوستن أمن بان القانون أمر او نهي او تكليف الهيئة الحاكمة ( المحكومة ) و ذلك بان القانون هو القاعدة وضعتها الهيئة الحاكمة ليكون مطاعا و يكون المنتهك له عرضة لعقاب منصوص عليه ووصفها بالجزاء القانوني.
– ويوقع هذا الجزاء من طرف سلطة عامة مختصة في المجتمع لا يتخذ صورة واحدة بل تختلف صورة المكان وتتفاوت صورة بتفاوت الزمان و يتنوع بتنوع فروع القانون و مع ذلك تجتمع في معنى واحد صفة الجزاء الذي توقعه الهيئة الحاكمة التي وضعت القانون .
المطلب الثالث : وجــود جــزاء :
وهي تعني كفالة احترام القانون عن طريق احتكار توقيع الجزاء على المخالف .
و ذلك بقهر الإرادات العاصية عن طريق القوة المادية خدمة للعدل و لهذا يميز الجزاء القانوني عن الجزاء الديني الذي توقعه القدرة الإلهية في الآخرة و عن ما يعرف بالجزاء الأخلاقي الذي ينحصر في تأديب الضمير و استهان الجماعة
و بذلك معنى الجزاء في القانون يتضمن معنى واسعا فهو كل إجراء فيسري بواسطته القانون في فرض إرادته كاملا او حل أخيرا على المعتدي الذي يرفض الامتثال لأمر قانوني او قضائي .
– ويرى أوستن أن وظيفة السلطة كاملا ذو مصدر أخير هو توفير الشرعية القانونية .
اترك تعليقاً